في الوقت الذي أمهلت “بينانس” التي تعد الأولى في تداول العملات الرقمية عالميا، فرصة للمتداولين السوريين بسحب أموالهم أو تحويلها إلى منصات أخرى خلال مدة أقصاها سبعة أيام بدءا من تاريخ 28 من نيسان/أبريل الفائت، كشف مدير تقانة المعلومات في مصرف سوريا المركزي فراس عيسى اليوم الأربعاء، أن موضوع العملات المشفرة في سوريا مؤجل حاليا بحسب ترتيب الأولويات.

العملة الرقمية السورية غير مطروحة

صحيفة “البعث” المحلية، أكدت في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، نقلا عن مدير تقانة المعلومات في مصرف سوريا المركزي فراس عيسى أن “العملات المشفرة في سوريا مؤجلة وليست ملغاة على الإطلاق، بل هي فكرة موجودة تنتظر الوقت الأمثل لاعتمادها”.

وأوضح عيسى أن “العملة الرقمية الخاصة بمصرف سوريا المركزي ليست قيد الدراسة في الوقت الحالي، لأسباب تتعلق بالأولويات، والانشغال بمشروعات محلية سيتم العمل لاستكمالها”.

ونوّه عيسى إلى أن إطلاق العملات المشفرة مشروع ضخم ويتطلب دراسة عميقة للواقع، وتحليلا دقيقا للسوق المالية، ورصد مختلف المخاطر القائمة، لاعتماد نموذج يلبي الحاجة المحلية ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد السوري ولا يكون نقمة عليه، على حد وصفه للصحيفة المحلية.

وانتشرت الدعاية بالجيل الجديد من العملات الرقمية في جميع أنحاء العالم منذ تفشي وباء “كورونا”، مما يعني أن المستخدمين نظروا إليها أيضا على أنها وسيلة للهروب من أسواق الأوراق المالية واستثمارات الملاذ الآمن في الذهب والممتلكات، ولكن في الوضع السوري، كان الأمر يعتريه صعوبات بسبب العقوبات الدولية المفروضة على حكومة دمشق.

تظهر البيانات، أن الناس في مناطق الصراع الرئيسية في العالم يتجهون إلى العملات المشفرة مثل “البيتكوين”؛ لأن القيم المرتفعة للعملة ودعم المستثمرين فاحشي الثراء يجعلها أكثر جاذبية، حيث ازدادت عمليات البحث عبر الإنترنت عن العملات الرقمية كـ “البيتكوين” و”الإيثيريوم” و”الدوجكوين” في ليبيا وسوريا وفلسطين، مما دفع للتساؤل حول الأسباب والتسهيلات التي تدفع السوريين لغزو سوق العملات الأجنبية.

قد يهمك: العقاب الجماعي في ذروته.. إغلاق حسابات حاملي الجنسية السورية في منصات تداول العملات الرقمية

البيئة الاقتصادية حفزت الانتقال؟

في السياق السوري، كان وضع الاقتصاد الكلي حافزا للعديد من الجهات الفاعلة في البلاد للسعي وراء حلول مالية بديلة، بما في ذلك العملات الرقمية، حيث يعد النظام المالي المتهالك والنمو الاقتصادي الضئيل في سوريا، وثيق الصلة بالموضوع، وفقا للخبير في الاقتصاد الرقمي، محمد أبازيد في حديث سابق لـ”الحل نت”.

ويشير أبازيد، في حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن تأثير الاقتصاد الداخلي في سوريا على المجتمع كان قويا بعد أعوام من الحرب، حيث تساوي الليرة السورية نحو أربعمائة ضعف مما كانت عليه مقابل الدولار في عام 2010، كما أن العقوبات الاقتصادية التي تخنق المعاملات المالية للعديد من الجهات الفاعلة في سوريا، أدت إلى الكساد الاقتصادي وتعطيل كل الخدمات والصناعات في سوريا.

في تقرير دولي، أظهرت أرقام عدد مستخدمي العملات الرقمية بحسب بلدان الولوج، أن 177 ألف شخص من سوريا يملكون ويتداولون في سوق العملات المشفرة، متجاوزين بذلك دول عديدة، منها النمسا والإمارات، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات عن ماهية هذه الأسواق وأسباب ارتفاع نسبة السوريين المتداولين بها.

وطبقا لحديث الخبير الرقمي، فإن هذا الرقم وبالنسبة لعدد السكان في سوريا، يعد قليل جدا، كما أن التقرير لم يظهر جنسية المتداولين من سوريا، إذ ركز التقرير على منطقة الولوج ولم يتطرق إلى جنسية المتداول، لذا لا يمكن الجزم بأن العدد المذكور هو لمتداولين سوريين الأصل، لا سيما وأن مناطق شمال غربي سوريا تحتضن العديد من الجنسيات الأجنبية.

من جهته، يعتقد الباحث والمحاضر في مجال الاقتصاد في مركز “جسور للدراسات”، الدكتور خالد التركاوي، خلال حديثه السابق مع “الحل نت”، أن من جملة الأسباب أوجدت سوق الاستثمار بالعملات الرقمية في سوريا، باعتبارها نوع جديد من الاستثمار الناشئ تدر أرباحا كبيرة، لا سيما وأن المناطق السورية تشهد ارتفاعا في معدلات البطالة، والبحث عن المكسب السريع هو نافذة لهذه الفئة.

ثانيا، توجه البعض بعد أن روجت شركات الوساطة لسوق العملات الرقمية، التي بدأت تنتشر بشكل كبير في شمال سوريا، نحو تعويض الخسارة التي تعرضوا لها في الحرب، فمعظم العائلات السورية خسرت أملاكها وبيوتها، وسوق العملات الرقمية أتاح جزئيا تعويض هذه الخسائر.

على الرغم من التنبؤات الجيدة للعملات الرقمية عالميا، إلا أن الخبير الاقتصادي أبازيد، قلل من إمكانية حدوث طفرة اقتصادية في سوريا، لا سيما وأن المنطقة لا تزال في معترك سياسي حاد لم يصل إلى حل، كما أن العقوبات المفروضة على سوريا تحد من إمكانية التداول بشكل أوسع، وخصوصا أن دمشق لم تقونن التداول بالعملات الرقمية، وفق حديثه لموقع “الحل نت”.

يذكر أن المسؤولون بقسم الدعم في “بينانس”، قالوا في وقت سابق، إن المنصة وضعت قوانين صارمة لإغلاق حسابات جميع حاملي الجنسية السورية في مختلف دول العالم، وأن القرار جاء “استنادا إلى توصيات واردة من العديد من الجهات، أبرزها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية”.

ولم تكن “بينانس” الوحيدة التي اتخذت مثل هذا القرار، ضمن سياسة الحظر على مواطني الدول المدرجة في القائمة السوداء في الولايات المتحدة، مثل كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وإيران، فأيضا، قامت شركة البورصة الرقمية “بتركس”، بتحديث شروط خدمتها، بمنع أي “مواطن أو مقيم في أي ولاية أو بلد أو إقليم أو ولاية قضائية أخرى تحظرها الولايات المتحدة”، من إجراء معاملات داخل منصتها ومن ضمنهم السوريين.

كما أغلق موقع “باي بال” – هو موقع ويب تجاري يسمح للمستخدم بتحويل المال عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني لعناوين مختلفة – حسابات العديد من المواطنين السوريين، والذين يعيشون خارج البلاد، دون إشعار مسبق.

قد يهمك: سوق العملات الرقمية يجذب السوريين.. ما هي الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.