الموظفون في القطاع الحكومي منذ سنوات عديدة يتقاضون رواتبهم ومعاشاتهم من خلال ماكينات الصراف الآلي (أي تي إم)، لكن الموظفين في الآونة الأخيرة باتوا يعانون من الوقوف لفترة طويلة حتى يتمكنوا من سحب المبالغ من أجهزة الصراف الآلي، كون معظم الصرافات المالية الآلية معطلة أو تعمل ببطء. في بداية كل شهر تبدأ رحلة بحث الموظفين عن صراف آلي تابع للمصرف التجاري السوري للحصول على رواتبهم، ليتفاجؤوا أن معظم الصرافات خارجة عن الخدمة، مما يضطرهم للبحث عن أجهزة صراف آلي تعمل، وهذا يكلفهم حتما أجور مادية إضافية للنقل، خاصة وأن أجور المواصلات مرتفعة مقارنة برواتب الموظفين.

نصف الراتب أجورا للمواصلات

وخلال جولة لموقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس الاثنين، في العاصمة دمشق تبين أن معظم الصرافات الآلية في المزة والقصاع والعباسيين والبرامكة كانت خارج الخدمة، فيما أكد مواطنون للموقع المحلي أن معظم الصرافات في دمشق خارج الخدمة، وأنهم يدفعون نصف الراتب مقابل المواصلات بحثا عن صراف يعمل.

وفي حديث لأحد الموظفين ممن حاول جاهدا العثور على صراف آلي لاستلام راتبه: “مشكلة الصرافات الخارجة عن الخدمة ليست جديدة، لكن نستغرب كيف تخرج معظمها عن الخدمة بوقت واحد دون أن يتم إصلاح الأعطال، فمثلا هناك صرافات في المزة فيلات غربية متوقفة عن العمل منذ ما يقارب السنة”، وفق قوله للموقع المحلي.

من جانبه، عزا مصدر في المصرف التجاري السوري للموقع المحلي، أن هذه المشكلة تتكرر منذ 10 أعوام تقريبا وتعود لنفس الأسباب القديمة والتي هي انقطاع التيار الكهربائي الذي يتسبب في خروج كثير من الصرافات عن العمل، والشبكة التي يتم تغذيتها عبر خط مباشر من المقسم أو عبر “جي3”.

وأردف في حديثه، في حال انقطاع التيار الكهربائي بأحد النقاط المغذية تُفقد الشبكة، لذلك يمكن أن يكون الصراف مُغذّى بالكهرباء دون توفر الشبكة.

وعزا المصدر في المصرف التجاري السوري أيضا، إلى “عدم وجود قطع تبديل للصرافات المعطلة بسبب العقوبات الدولية المفروضة على حكومة دمشق، وعدم قبول الشركة لصيانتها، علما أنه تتم تغذية الصرافات بشكل مستمر”.

وفي وقت سابق، قال مدير أحد البنوك لصحيفة “الوطن” المحلية، إنه بسبب تقنين الطاقة، يتم إغلاق العديد من أجهزة الصراف الآلي، مما يدفع بعض البنوك إلى إعادة توزيع أجهزة الصراف الآلي الخاصة بها وتجميعها في مناطق محددة، مثل البنك العقاري ركب 33 صرافا في صالة المصرف بمقر الإدارة في ساحة المحافظة.

وكذلك قضية ندرة المركبات لنقل الأموال، ويتم استبدالها بطريقة محفوفة بالمخاطر للأموال من خلال السيارات العامة أو سيارات بعض المديرين، وأحيانا بالدراجات النارية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشكلة الأخيرة هي قلة الكوادر البشرية العاملة في تغذية وصيانة وتشغيل أجهزة الصراف الآلي.

قد يهمك: سوريا.. الصرافات الآلية خارج الخدمة والدفع الالكتروني وهم

مشكلة منذ سنوات

في سوريا يعد أول الشهر موعد لسباق ماراثوني، إذ يندفع الموظفون في شوارع دمشق بحثا عن ماكينة صراف آلي تعمل، حيث إن أجهزة الصراف الآلي المتوقفة عن العمل أصبحت مشكلة تقليدية تظهر في مقدمة كل شهر.

رغم أنه يمكن التعامل مع العديد من مشاكل عمل الصرافات أو التخفيف من حدتها، إلا أن العاملين في البنوك أكدوا أن الحكومة ليست لديها رغبة جادة في حل هذا الملف، وأن كل ما يتم في هذا الشأن هو التأجيل حتى يتحقق حلم الدفع الإلكتروني.

مدير أحد البنوك، أكد لصحيفة “الوطن” المحلية قبل نحو شهرين، دون الكشف عن اسمه، انخفاض عدد أجهزة الصرافات مقارنة بالخدمة المطلوبة في سوريا غير كافية، فحاليا لا يتجاوز عدد الصرافات العاملة في كل من التجاري السوري والعقاري 500 صراف بشكل فعلي، في حين أن المطلوب حوالي 5 آلاف صراف لتحسين هذه الخدمة.

وتابع في شرحه، أن أحد المشاكل هو حجم التضخم وضرورة سحب حوالي 100 ورقة نقدية من فئة ألفي ليرة. أما عالميا، إذا كنت تريد سحب ألف دولار، فما عليك سوى سحب عشرة أوراق نقدية من فئة 100 دولار.

وعلاوة على ذلك، حددت معظم الدول التعامل مع النقد تقريبا، حيث انخفض معدل التعامل معه في بعض البلدان إلى 2 بالمئة، في حين ما يزال التعامل بالكاش في سوريا قائما، ويقوم معظم السكان بسحب المبلغ بالكامل نقدا من أجهزة الصراف الآلي.

يشار إلى أن حجم سحوبات المتعاملين مع المصرف التجاري السوري من الصرافات الآلية في كل المحافظات تجاوز 23 مليار ليرة سورية بعدد حركات كلية تقدر بنحو 350 ألف حركة وذلك خلال عطلة عيد الفطر الفائت.

قد يهمك: رفع سقف سحب رواتب الموظفين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.