باتت الاستثمارات التي تسعى إليها روسيا للعمل عليها في سوريا تأخذ نطاقا أوسع، لا سيما مع دخول عدة استثمارات سابقة في القطاعات حيز التنفيذ مؤخرا، ويبدو أن هذه الاستثمارات تأتي أو تندرج ضمن إطار مطامع موسكو للحصول على حصة في الاقتصاد السوري.

وصادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية رسميا قبل يومين على تأسيس شركة جديدة ساهم في استثمارها بنسبة 50 بالمئة، رجل أعمال روسي، وفق المعلن عنه، لكن ما يكمن ورا الخفايا والكواليس ربما غير ذلك.

شركة متعددة المجال

وفق مصادر لموقع “أثر برس” المحلي، أول أمس، حيث أوضحت أنه تمت المصادقة رسميا على تأسيس شركة “طراف وكونياخين أرس”، وسيتم السماح لها بالعمل في مجال الاستيراد والتصدير، وتجارة مواد البناء والديكور والإكساء، والطاقة البديلة وأجهزة الإنارة، وتجارة مواد الدعاية والإعلان.

وأضافت المصادر للموقع المحلي، “تعود ملكية الشركة لكل من “أ ك” وهو مستثمر روسي ويمتلك حصة بنسبة 50 بالمئة و”د ط” وهو مستثمر سوري يمتلك أيضا حصة بنسبة 50 بالمئة، وتم تعيينهما مدراء للشركة التي اتخذت من العاصمة السورية دمشق مقرا لها. ولم يتطرق الموقع المحلي، إلى تفاصيل أوسع حول عمل وسير هذه الشركة.

بدوره، أشار خبير اقتصادي من العاصمة دمشق لموقع “الحل نت”، إلى أن مثل هذه الشركات يديرها مستثمرون روس فقط، وأن مسألة الشراكة مع المستثمرين السوريين هو أمر “شكلي” فقط من أجل عدم الكشف عن أطماع الروس للاستثمار والهيمنة على اقتصاد البلاد.

وأردف في حديثه لـ”الحل نت”، خاصة وأن الاستثمارات الروسية تتوسع مع الأيام في سوريا وقد تشهد البلاد استثمارات وهيمنة روسية على بعض القطاعات الأخرى في الأيام المقبلة، نظرا لأن حكومة دمشق تفتح وتسهل الأمور على مصراعيها لهم.

في حين كشفت بداية شهر نيسان/أبريل الفائت، عن وجود رجال أعمال روس مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقومون عبر شركات تابعة لهم بالهيمنة بشكل غير مباشر على جزء كبير من الاقتصاد السوري.

وحصلت مجلة “نيو لاينز” الأميركية على مستندات مسربة تفيد بأن روسيا قدمت قرضين إجماليهما مليار دولار أمريكي إلى سوريا، شرط أن تستخدم الأموال بشكل حصري لتدفع لشركات روسية خلال فترة ستة أشهر.

وبحسب الوثائق المسربة، فإن الشركات ستستفيد بشكل كبير من القروض، ما يشير إلى أنه ربما تم تصميمها من الجانب الروسي كمخطط للتهرب من العقوبات الدولية وربما تم استخدامها بالفعل لهذا الغرض، وفقا للمجلة الأمريكية.

قد يهمك: استثمارات روسية تنشط في الساحل السوري.. ماذا بعد ذلك؟

استثمارات روسية متعددة

وفي وقت سابق، أعلنت شركة روسية مؤخرا عن تنفيذ مشروع لتصفية مياه بحيرة “16 تشرين“، وذلك بتكلفة وصلت إلى 170 مليار ليرة سورية. كما وصرح وزير السياحة السوري، رامي مارتيني منتصف الشهر الفائت، عن عودة عمل الاستثمارات الروسية في الساحل السوري، وأنها قد دخلت حيز الإنشاء.

وأكدت صحيفة “تشرين” المحلية نقلا عن وزير السياحة السوري منتصف أيار/مايو الفائت، “عودة عمل الاستثمارات الروسية في الساحل السوري والبالغ عددها ثلاثة، اثنان منها في اللاذقية وواحد في طرطوس، وهي مجمعات سياحية وتجارية وترفيهية دخلت حيز الإنشاء”.

ومنتصف شهر شباط/فبراير الفائت، قال المكتب الصحفي في محافظة اللاذقية إن شركة “فود ستروي” الروسية تنفذ أعمال تجهيز محطة تصفية مياه بحيرة 16″ تشرين” بطاقة واحد متر مكعب بالثانية لتؤمن نحو 85 ألف متر مكعب يوميا لأغراض الشرب.

وبحسب ما ذكر المكتب الصحفي فإنه “تم إنجاز معظم أعمال الحفريات في موقع المحطة بالقرب من أوتوستراد اللاذقية-كسب على مخرج نفق قناة تصل من بحيرة “16 تشرين” في الموقع الذي قدمته مديرية الموارد المائية لتنفيذ المشروع“.

كما وبدأت روسيا مؤخرا باختراق المؤسسات الاقتصادية الصغيرة في المحافظات السورية، حيث جاء ذلك عبر إرسال وفود تجارية واستثمارية إلى مدن سورية قامت بإبرام اتفاقات “خاصة” مع مجالس هذه المدن ومنظمات غير حكومية.
ومن بين هذه الاتفاقيات توقيع عقد في مدينة حمص، لتنظيم التصدير المباشر لزيت الزيتون السوري إلى الأسواق الروسية، وفق ما ذكرت تقارير صحفية.

ووقعت شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية، في نيسان/أبريل من عام 2017، عقد استثمار وإدارة الشركة العامة للأسمدة بحمص، وذلك في إطار العقود الاقتصادية التي وقعتها روسيا في سوريا، والتي استحوذت بموجبها على مناجم الفوسفات.

كما استولت الشركة الروسية ذاتها بموجب العقد مع “المؤسسة العامة للجيولوجيا” التابعة لوزارة النفط والثروات المعدنية على حق استخراج الفوسفات من مناجم “الشرقية” في تدمر شرق حمص، لمدة 50 عاما وبحجم إنتاج 2.2 مليون طن سنويا، وتبلغ الحصة السورية 30 بالمئة من حجم الإنتاج الذي بدأ مطلع 2018.

كما أن الحكومة السورية قد صادقت العام الماضي على عقد مع شركة روسية للتنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط مقابل ساحل طرطوس.

العقد وقعته وزارة النفط وشـركة “كابيتال” محدودة المسؤولية الروسية، وبموجبه تمنح الدولة السورية الشركة حقا حصريا في التنقيب عن البترول وتنميته في البلوك البحري رقم 1 في المنطقة الاقتصادية لسوريا في البحر الأبيض المتوسط مقابل ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحرية الجنوبية السورية اللبنانية بمساحة 2250 كيلومتر مربع، وفق موقع “أثر برس” المحلي.

وحسب العقد الموقع فإن مدته تقسم إلى فترتين، الأولى فترة الاستكشاف ومدتها 48 شهرا تبدأ بتوقيع العقد، ويمكن تمديدها لـ36 شهرا إضافيا، أما الفترة الثانية فهي مرحلة التنمية ومدتها 25 عاما قابلة للتمديد لمدة خمس سنوات إضافية. وفيما يخص تقاسم الحصص، فالأمر مرتبط بسعر النفط والكميات المنتجة، وكذلك الأمر فيما لو كان المنتج غازا طبيعيا.

قد يهمك: خصخصة القطاع الصناعي في سوريا.. الاحتمالات والمستفيدين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.