يعتبر سوق العملات المشفرة سوقا غامضا في ظل غياب القوانين، حتى الآن، التي تحمي المستثمرين، خصوصا الشباب والمبتدئين، في حال تعرضهم لعمليات احتيال.

وقالت مجلة “موي نيغثيوس إي إيكونوميا” الإسبانية إن تزايد الاستثمار في الأصول المالية الرقمية ينطوي على مخاطر قانونية جديدة. وهي تفترض أن يكون رواد الأعمال والمستثمرون والمستشارون على دراية دائمة بالأنظمة الجديدة، وأن يأخذوا بعين الاعتبار جميع السوابق القضائية السارية في هذا الشأن.

مخاطر متعددة

إن عدم امتلاك مهارات رقمية عالية يمكن أن يعرض المستثمر لهجمات البرامج الضارة، حيث يقوم أحدهم باستهداف حاسوبك، وسرقة بياناتك، وما تملكه من عملات رقمية. ولا يقتصر هذا الخطر على اختراق المتسللين للحسابات الفردية لكل مستخدم فحسب؛ بل إن نظام البلوكتشين معرّض بدوره لخطر الاختراق، مما يؤثر على قيمة العملات، ويسبب اضطراب السوق وخسائر مالية جمّة.

في حين يمكن الاستثمار والقيام بأعمال تجارية باستخدام العملات المشفرة عن طريق العديد من المنصات عبر الإنترنت، أو من خلال موفري الخدمات الخارجيين، أو إجراء معاملات مباشرة بين مختلف المستثمرين. لكن من المهم توخي الحذر خلال هذه العملية، إذ إن العديد من أسواق العملات الرقمية تعمل ببساطة على تسهيل الاتصال بين المستثمرين بدون تنظيم أو تقديم أي خدمات تعويض أو وساطة فيما بينهم. في هذه الحالات، لا يكون للمشاكل المحتملة التي تنشأ بين المستثمرين منصة أو هيئة تشرف على حلها.

بينما لا تخضع منصات تداول العملات الرقمية لأي قوانين تنظيمية تقريبا، وتفتقر عملياتها للشفافية؛ لذلك، يعد الاحتيال وانتهاكات الخصوصية أمرا شائعا، ولا يتمتع المستثمرون بالحماية الكاملة من عمليات الاحتيال أو الخسائر.

فيما تشكل العملات الرقمية جزءا من صناعة جديدة سريعة التطور؛ لكنها تخضع لدرجة عالية من عدم اليقين. بالنظر إلى محدودية نطاق استخدام العملات الرقمية في أسواق البيع بالتجزئة، أنشأت المنصات عبر الإنترنت أنشطة تجارية موجهة للمضاربين، الذين يتطلعون إلى الربح قصير المدى.

لا يتم دعم معظم العملات المشفرة من بنك مركزي أو منظمة وطنية أو دولية، وإنما يتم تحديد قيمتها بدقة من السوق. قد يعني هذا أن فقدان الثقة يمكن أن يؤدي إلى انهيار الأنشطة التجارية وانخفاض حاد في قيمة استثماراتك في العملة الرقمية.

إن وجهات نظر المشرعين متباينة فيما يتعلق بالوضع القانوني للعملات الرقمية. ومن بين الأسباب، التي تفسر ذلك الخوف، استخدام المجرمين والتنظيمات الإرهابية العملات الرقمية مثل بتكوين لتوفير التمويل. كما يزيد احتمال قيام الدول بتقييد الحق في الحصول على العملات الرقمية أو حيازتها أو بيعها أو استخدامها.

كيف يتم الاستثمار؟

اكتسب قطاع العملات الرقمية زخما شديدا، وهذا ما يكشف أن العالم يتجه نحو الرقمنة بشكل متزايد. مع ذلك، لا تزال وجهة النظر السائدة بشأن هذا القطاع مرتبطة في الغالب بتقلب سعر “بتكوين”، العملة الرقمية الأكثر شيوعا.

في تقرير نشره موقع “مودرن دبلوماسي” الأميركي، ذكر بأنه ومع تزايد عدد الراغبين في الاستثمار في هذه الفئة من الأصول، فإنه لا بد من اكتساب معارف أساسية بشأن هذا المجال الذي يتسم باللامركزية والتقلب الشديد.

غالبية المستثمرين لا يزالون في حيرة من أمرهم بشأن الفرق بين تقنية “بلوكشين” والتمويل اللامركزي. ومع أن المصطلحين مترابطان، إلا أن نقطة الاختلاف الرئيسية بينهما تكمن في نطاق التطبيق في العالم الحقيقي.

تعتبر تقنية البلوكشين نظاما يعمل كدفتر أستاذ رقمي يُسهّل المعاملات الموزعة عبر شبكة متنوعة من أجهزة الحاسوب.

كما أنها تشكل نظام تشفير رقميا لتسجيل المعلومات المكررة عبر شبكة موسعة من المستحيل اختراق البيانات فيها أو تغييرها أو إتلافها أثناء معالجتها أو تخزينها. وتُستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في الخدمات اللوجستية وخدمات الأصول المالية التشفيرية.

أما التمويل اللامركزي فيُستخدم في مجموعة معقدة من المنتجات الرقمية، من العملات الرقمية إلى الرموز غير قابلة للاستبدال. ويتضمن التمويل اللامركزي هيكلًا قائما على “البلوكشين” لتشغيل شبكة ضخمة من دفاتر الأستاذ المشتركة. ومع غياب هيئة مركزية للتحقق من المعاملات وإدارة الإمداد، يُستخدم مجال خوارزميات معقدة لإجراء عملية التحقق والتخزين بين المستخدمين أنفسهم. ويعتبر التمويل اللامركزي أحد الابتكارات المالية والتكنولوجية الواعدة في مجال الخدمات المالية.

من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعا في أوساط مستثمري العملات الرقمية المبتدئين، الاعتقاد أن البلوكشين والبتكوين هما الشيء نفسه. البلوكشين تقنية تستخدمها الكثير من الصناعات المختلفة مثل الصناعة المالية بما في ذلك البتكوين، في حين أن البتكوين عملة رقمية يتم تبادلها كرمز رقمي عبر نظام من دفاتر الأستاذ المشتركة تسمى الكتل.

وأنشئت هذه العملة في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008 من قبل كيان مجهول تحت الاسم المستعار “ساتوشي ناكاموتو”. ويقع تداول هذه العملة الرقمية عبر منصة معقدة منظمة بشكل متماسك، وهي نظام دفتر الأستاذ الموزع، مما يجعل من المستحيل التحكم في هذه العملة.

عندما بدأ تداول “البيتكوين” لأول مرة في عام 2009، كانت تقلبات الأسعار محدودة. خلال العام الماضي، تجاوزت القيمة السوقية لعملة البتكوين حاجز تريليوني دولار، مما جعلها أول كيان غير مؤسسي يسجل مثل هذه القيمة المرتفعة. وقد بدأت الحكومات في تبني هذه العملة الرقمية كوسيلة رسمية لتبادل السلع، وحتى البنوك الاستثمارية الشهيرة وصناديق التحوط باتت تقبل الدفع بواسطة العملات رقمية.

رغم تراجع قيمتها بنسبة 40 بالمئة عن السعر القياسي 69 ألف دولار الذي بلغته خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، فإن عملة البتكوين يتم تداولها حاليا بـ42 ألف دولار، وهو أكثر بنسبة 500 بالمئة عما كانت عليه قيمتها منذ نهاية عام 2019.

تمكن المستثمرون من كسب عائدات مهمة، رغم تراجع قيمة هذه العملة في السوق سواء عام 2017 عندما هبطت قيمتها بنسبة 80 بالمئة، أو خلال 2021 عندما أطلقت الصين حملة ضد العملات الرقمية دفعت السوق إلى التوقف عن استخدامها في المبادلات التجارية.

كان عام 2021 أكثر الأعوام اضطرابا في عالم العملات الرقمية. فقد اكتسبت الرموز غير القابلة للاستبدال شعبية أكبر، بينما تراجعت قيمة مجموعة كبيرة من العملات الرقمية إلى أكثر من النصف. ومن المحتمل أن تتغير القواعد الديناميكية لهذا السوق خلال 2022.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.