تواردت أنباء عن نية بعقد تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران، فقد أفادت القناة الإسرائيلية الثانية عشرة، الأسبوع الفائت، أن “إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسعى إلى عقد اتفاقية أمنية للدفاع المشترك بين إسرائيل والدول العربية السّت في الخليج، إضافة إلى مصر والأردن والعراق، لمواجهة التهديدات الإيرانية”.

وجاء تقرير القناة الإسرائيلية بعد تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في أعقاب إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي سيزور إسرائيل والضفة الغربية والسعودية، بين الثالث عشر والسادس عشر من تموز/يوليو المقبل.

وذكر بينيت في تصريحاته أن “زيارة الرئيس بايدن لإسرائيل ستساهم في تعميق العلاقات الخاصة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وكذلك التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار إسرائيل والمنطقة”.

وكشف تقرير القناة الثانية عشرة أن “الجيش الإسرائيلي نشر منظومة رادارية في مناطق بالشرق الأوسط، بما فيها الإمارات والبحرين، ضمن رؤية للتعاون المشترك، في مواجهة تهديدات إيران الصاروخية، ولخلق منظومة للإنذار المبكر”.

وأكدت القناة أن “منظومة الرادار الإسرائيلية نجحت في توفير إنذار مبكر قبل أشهر عدة، عندما أطلقت إيران طائرات مسيرة ملغمة باتجاه إسرائيل، تم إسقاطها فوق العراق”. مشددة على أن “الإدارة الأميركية تسعى لإقامة تحالف أمني يضم إسرائيل وعددا من دول الخليج، بما في ذلك دولا لا تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية”.

وفي السياق نفسه، طرح أعضاء في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يقضي بأن تسعى وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إلى دمج الدفاعات الجوية لإسرائيل مع دفاعات دول عربية. وقالت السيناتورة الجمهورية جوني إرنست إن “التشريع، الذي يدعمه الحزبان الديمقراطي والجمهوري، يسلّط الضوء على دول مجلس التعاون الخليجي والعراق وإسرائيل والأردن ومصر ودول أخرى، يحددها وزير الدفاع الأميركي. كما أنه يطلب من البنتاغون وضع إستراتيجية لتنفيذ التعاون الأمني، وصياغة وتقييم بيئة التهديدات الحالية”.

ما يعني أن الولايات المتحدة قد تسعى لإنشاء تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران، لتعويض تقليص قواتها على الأرض، ما يمكنها من الحفاظ على مصالحها الحيوية في المنطقة. فهل سينجح مثل هذا التحالف؟ وما المحاور التي سيقوم عليها؟ وما رد الفعل الإيراني المتوقع تجاهه؟

“التحالف العربي-الإسرائيلي ضد إيران سيفرض منطقة حظر جوي”

د.عمر عبد الستار محمود، البرلماني العراقي السابق وخبير العلاقات الدولية، يرى أن “التحالف العربي-الإسرائيلي ضد إيران أصبح مسألة وقت. بانتظار تصويت مجلس الشيوخ الأميركي على المشروع، مما يمنح البنتاغون قدرة على جمع الدول العشر المذكورة”.

معتبرا أن “التحالف المرتقب ضروري، وتفتقده المنطقة. لذا لابد من تشكيله، لمنع ايران من تعزيز محورها، المرتكز على هدم الدول بواسطة الميليشيات الطائفية الداخلية”، حسب تعبيره.

ويضيف محمود، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “مولد التحالف العربي-الإسرائيلي ضد إيران سيكون بداية العام 2023، بعد تخطيه الإجراءات الروتينية لإقراره، وقد ينتج عنه حالة حظر جوي للطائرات الإيرانية، نظرا لضرورة مواجهة الطائرات المسيرة التي ترسلها طهران في أجواء المنطقة، مما قد يوّلد حالة شبيه بحالة القرار 3436 الخاص بالعراق، الذي فرض حظرا جويا على نظام صدام حسين، بعد عملية تحرير الكويت”.

مؤكدا أن “التحالف العربي-الإسرائيلي سيكون مظلة لحظر جوي، يمنع الطائرات الإيرانية من التحليق ضمن الخطوط اللي يفرضها هذا التحالف، الذي لن ينحصر مجاله بأجواء الدول العشر فقط، بل سيشمل أجزاء من سوريا ولبنان”.

“إسرائيل ستحلّ محل الولايات المتحدة في المنطقة”

تأتي التطورات، التي قد تؤدي إلى قيام تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران، بالتزامن مع زيارة أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى الإمارات، تلبية لدعوة من رئيسها الشيخ محمد بن زايد.

سارة شريف، الباحثة والمحللة في الشؤون الإسرائيلية، تربط الزيارة بالاستراتيجية الأميركية: “بعد الانسحاب الأميركي التدريجي من دول عديدة، مثل أفغانستان والعراق، تسعى واشنطن لإحلال حلفائها بدلا منها في المناطق التي انسحبت منها، وعلى رأسهم إسرائيل، بالتعاون مع دول عربية عديدة”.


وتضيف شريف، في حديثها لموقع “الحل نت”، أن “واشنطن تخشى من أن تقوم التنظيمات الجهادية أو الميليشيات الإيرانية بملء الفراغ، الذي سيحدث نتيجة انسحابها من المنطقة، ما ولّد فكرة إعطاء إسرائيل دفة القيادة فيها، نظرا للوعود التي قدمتها واشنطن للدول العربية/الخليجية بأنها لن تتركها تواجه ايران وحدها، لاسيما وأن إيران تشكل تهديدا مشتركا، يربط الدول الخليجية مع إسرائيل”.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت، مطلع العام 2021، عن إجراء تغيير في خطة القيادة الموحدة للقوات الأميركية، يقضي بنقل إسرائيل من منطقة عمليات القيادة الأميركية الأوروبية (يوكوم) إلى منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم). وفي إعلانه عن مجالات المسؤولية العسكرية الجديدة، أشار البنتاغون إلى “اتفاقيات إبراهيم” الأخيرة بين إسرائيل ودول العربية باعتبارها “فرصة استراتيجية لتوحيد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة، في مواجهة التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط”.

يذكر أن “اتفاقيات إبراهيم”، أو الاتفاق الإبراهيمي، هو اسم يُطلق على مجموعة من اتفاقيات السلام، التي عُقدت بين إسرائيل ودول عربية، برعاية الولايات المتحدة. واستخدم الاسم لأول مرة في بيان مشترك لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، صدر في الثالث عشر من آب/أغسطس 2020، واستخدم لاحقا للإشارة بشكل عام إلى اتفاقيات السلام الموقعة بين إسرائيل والإمارات والبحرين. ويعتبر معظم المراقبين أن هذه الاتفاقيات ستكون أساس تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران.

“التحالف العربي-الإسرائيلي سيستهدف النظام في طهران”

د.عمر عبد الستار محمود يرى أن “التوقيت مناسب للغاية لتشكيل تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران. خاصة في ظل الحكومة العراقية الحالية، القادرة على التعامل مع مجلس التعاون الخليجي. فضلا عن مساهمتها بتأسيس محور الشام الجديد، المناهض للمشروع الإيراني”.

يذكر أن “محور شام الجديد” هو تحالف بين مصر والأردن والعراق، تم الإعلان عنه في بغداد، يهدف للتعاون بين البلدان الثلاثة في مجالات عدة، أبرزها تزويد العراق لمصر والأردن بالنفط، مقابل مشاركة الشركات المصرية والأردنية في عملية إعادة إعمار العراق، وتزويده بالكهرباء، فيما يعرف بـ”النفط مقابل الإعمار”، إضافة إلى استفادة مصر من فائض قدرات التكرير لديها، لتكرير النفط العراقي وتصديره لأوروبا، فيما ستلعب الأردن دور الممر في أغلب هذه المشروعات.

وعلى الرغم من إقرار مجلس النواب العراقي قانونا يجرّم التعامل مع إسرائيل، يعتبر محمود أن “التطورات في المنطقة هي العامل الأهم، ولذلك لن يشكل القانون المذكور عائقا كبيرا أمام الحكومة العراقية للدخول في التحالف المرتقب”.

ويرى محمود أن “تداعيات التحالف العربي-الإسرائيلي ضد إيران لن توقف التمدد الإيراني وحسب، بل ستستهدف النظام الإيراني نفسه، الذي بدأت بوادر الضعف تظهر عليه. إذ نرى إسرائيل تضرب في العمق الإيراني، وطهران عاجزة عن الرد، مما يشكل فرصة ذهبية لخصوم إيران للنيل منها. ومع تشكيل هذا التحالف فقد يكون على النظام الإيراني إيثار السلامة، والتراجع عن كثير من مخططاته للهيمنة على المنطقة”.

“ليس هذا وقت المواجهات المفتوحة ضد إيران”

إلا أن سارة الشريف لا تعتقد أن “التحالف العربي-الإسرائيلي ضد إيران سيكون بوابة للحرب ضد النظام الإيراني، بقدر ما يسعى لإقامة نوع من توازن الردع في المنطقة، وإبقاء الدول المشاركة فيه في حالة جاهزية، تجاه أية معركة محتملة ضد إيران”.

وتعتبر شريف أن “فكرة المواجهة المباشرة مع إيران غير مطروحة حاليا، لا سيما ضمن الجو الدولي المتوتر، الذي أدى إليه الغزو الروسي لأوكرانيا، لذا فإن الوقت ليس وقت المواجهات”.

 لكن الباحثة في الشؤون الإسرائيلية ترى أن “التحالف المرتقب قادر على تنفيذ المهمات التي ستوكل إليه، على اعتبار أن أميركا ستبقى في الصورة، بوصفها الطرف الذي يحدد الاستراتيجيات، دون أن تستمر بوصفها قوة عسكرية على الأرض، ما يمكّنها من الضغط عن بعد، من خلال الأدوات التي تملكها، للتحكم في كل الفاعلين في المنطقة”.

وتضيف شريف أن “التحالف العربي-الإسرائيلي ضد إيران سيكتب له النجاح، نظرا لامتلاكه آليات السياسة الأميركية، والأموال الخليجية، والاستخبارات الإسرائيلية القوية، على اعتبار أن إسرائيل أكتر دولة واجهت إيران بشكل مباشر، في اطار عمليات استخباراتية في العمق الإيراني. ما يعني أن هناك من يضع السياسة؛ ومن يأتي بالمعلومات الاستخباراتية؛ ومن ينفق الأموال، وهي مقومات النجاح. وفي المقابل تعاني طهران من مشاكل اقتصادية، وقواتها متورطة وموزعة في أكثر من منطقة، وتواجه ضغطا شديدا جدا، سواء في سوريا أو لبنان أو اليمن أو العراق”.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد عملت على تأسيس تحالف استراتيجي شرق أوسطي، يضم الدول الخليجية ومصر والأردن، عرف باسم “مينا”، بين عامي 2018 و2019، لمجابهة المخاطر الأمنية في المنطقة، ولتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد. إلا أن التحالف المذكور لم يكتب له النجاح. ويبدو أن إدارة بايدن ستسعى هذه المرة لإقامة تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران أكثر متانة من كل المحاولات السابقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.