زيارات وُصفت بالمهمة، شهدها الأردن يوم أمس الثلاثاء، من ناحية توقيتها وشخصياتها، والظروف التي تشهدها المنطقة، إذ زار الأردن قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا، تلاها بساعات زيارة رسمية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهي زيارته الأولى للأردن منذ توليه منصب ولي العهد قبل خمس سنوات.

الزيارات تزامنت مع تزايد لافت للنفوذ الإيراني مؤخرا خاصة على الحدود الأردنية، بالإضافة لدعم إيران للحوثيين في اليمن، والتصعيد الإيراني المستمر ضد دول الخليج، ما أعاد إلى الواجهة مجددا، فكرة مشروع “الناتو العربي”، الذي طرح قبل نحو ثلاث سنوات من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وإمكانية إحيائه، أو العمل على تحالفات من نوع آخر.

ما هي أهداف الزيارات للأردن؟

العديد من القضايا العسكرية والأمنية، نوقشت في الاجتماعات التي جرت يوم أمس في الأردن، سواء بين الأردن والولايات المتحدة، أو بين الأردن والسعودية، ومن أبرز هذه القضايا النفوذ الإيراني المتنامي، وأمن المنطقة بشكل عام.

الدكتور بدر الماضي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في “الجامعة الألمانية الأردنية”، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هذه الزيارات للأردن تشهد ترتيبات عسكرية وسياسية، مشيرا إلى أنها تسبق قمة الرئيس الأميركي جو بايدن، مع دول الخليج والأردن ومصر والعراق في السعودية، وهي قمة مهمة، حيث سيتم إعادة تشكيل بعض الأمور ضمن رؤية استراتيجية جديدة للمنطقة، مع استبعاد أن يكون العراق جزءا من هذه الترتيبات بسبب ظروفه الداخلية، ولكن من المؤكد أن هناك أمور جديدة ستظهر بعد القمة.

وأشار الماضي، إلى أن زيارة بن سلمان للأردن أمس، ناقشت هذه القضايا والتعاون الأمني والعسكري، مؤكدا تطابق الرؤى بين الأردن والسعودية حول الدور الإيراني، الذي يقلق السعودية أولا، وحاليا يقلق الدولة الأردنية.

من جهته، أشار الدكتور خالد الشنيكات، رئيس “الجمعية الأردنية للعلوم السياسية”، خلال حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن هناك صراعا بين وجهتي نظر لدى الدول العربية، الأولى تستهدف بشكل خاص تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في حماية أمن المنطقة، والثانية تتحدث عن المواجهة مع إيران، وهو مما تم نقاشه خلال هذه الزيارات.

إقرأ:حلف “شرق أوسطي” لمواجهة النفوذ الإيراني؟

“الناتو العربي” هل يتشكل؟

قبل نحو ثلاث سنوات، طرحت الإدارة الأميركية السابقة، المشروع بهدف التخلص من تكاليف وأعباء قيام الولايات المتحدة بحماية أمن المنطقة، وخاصة دول الخليج، ونص على أنه لا بد من توزيع هذه الأعباء على هذه الدول وإشراك قواتها لحماية نفسها، ولكن لم ينتج عن الفكرة آنذاك وحتى الآن تشكيل أي قيادة مشتركة أو نواة للعمل على المشروع.

الماضي، يرى أن موضوع تشكيل تحالفات عسكرية عربية، على شكل “الناتو” أو بأشكال أخرى مطروحة منذ مدة، ولكن لحساسية المسمى ولحساسية التوقعات المستقبلية بأن تكون إسرائيل جزءا من هذه التركيبة العسكرية في المنطقة، فإن دولا عربية لن توافق على مثل هذه المسميات، أوقيامها، لأسباب عديدة أبرزها أن الدول العربية ما زالت لا تملك رؤية واحدة تجاه قضايا المنطقة والشرق الأوسط بشكل عام.

ومن جهته، يرى الشنيكات أن هذه الطروحات تطورت الآن بالنسبة لهذا المشروع، وخاصة الطروحات الإسرائيلية التي تقول بأنه لا بد من تشكيل قوة دفاع مشتركة في المنطقة، وتنسيق السياسات الدفاعية وخاصة في الدفاع الجوي، بعدما أعلنت أنها نصبت منظومة دفاعية مضادة للصواريخ.

وأضاف الشنيكات، أن الهدف الإسرائيلي هو تحديدا إيران، ففي السنوات القليلة الماضية نشأت حالة من العداء والحرب غير المباشرة من خلال الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، وبشكل أقل في العراق، مبينا أن إيران ردت على بعض هذه الهجمات، ما شكل قناعة لدى إسرائيل أن أمنهم في خطر وأن العدو الذي يهدد المنطقة ويهز استقرارها إيران.

قد يهمك:الأردن على خط مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.. ما الذي سيحصل؟

النفوذ الإيراني يوحد وجهات النظر

بدر الماضي، بين أن إيران أصبحت تهديدا استراتيجيا لا يمكن تجاهله، بالنسبة للأمن القومي العربي، من خلال النفوذ التي تسعى إيران لتوسيعه أو تثبيته في عدة دول عربية، كسوريا والعراق واليمن ولبنان، وهذا التهديد لم يعد بالإمكان التغاضي عنه، والتصعيد الإيراني لا بد من أن يواجهه رفع للتكلفة السياسية والأمنية والعسكرية العربية لمواجهة إيران، حتى تنسحب من هذه الدول.

كما أوضح الماضي أن هناك تكاملا في وجهات النظر بين السعودية والأردن فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني، فإيران أصبحت جارا على الحدود الأردنية بعد سيطرتها شبه الكاملة على الجنوب السوري، مضيفا أن الخيارات الأردنية كانت دائما قريبة من التوجهات السعودية، لذلك لا مانع لدى الأردن من تحركات مشتركة وتعاون عسكري في المستقبل، شهدت علاقات البلدين تعاونا مماثلا له سابقا في اليمن وقضايا أمنية أخرى.

كما بين الشنيكات، أن للسعودية ودول الخليج مخاوفها، من التمدد الإيراني، وخاصة في الدعم الإيراني للحوثيين في حرب اليمن، والتوسع في عموم المنطقة، وهناك مواقف عربية تريد أن تحترم إيران مبدأ السيادة الداخلية للدول وحدود الجوار الجغرافي.

والأردن لا يرغب بالتدخل في سوريا أو غيرها، لكن في الآونة الأخيرة ازدادت عمليات تهريب المخدرات وهو إضرار مباشر بالأردن، لذلك ما يطرح الآن مشروع دفاعي لدرء التهديد الإيراني الوشيك للدول العربية، أما مسألة تشكيل قوات دفاع مشترك أو تحالف كبير تحتاج للكثير من الوقت لإنجازها، بحسب الشنيكات.

إقرأ:المخدرات تمول النفوذ الإيراني في سوريا.. آلية جديدة لمواجهة طهران؟

القمة الأميركية العربية في الشهر المقبل، والمشورات الإقليمية الحالية، في ظل التهديدات الإيرانية باتت تعطي مؤشرا على تحرك ما في مواجهة هذه التهديدات خاصة مع التمادي الإيراني في سوريا، واليمن وغيرها من الدول.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.