وسط استمرار أزمة الكهرباء لسنوات في سوريا، وساعات تقنين الكهرباء الطويلة، تقدّم العديد من الخبراء، وذوي الخبرات من دول أخرى بعدّة مقترحات إلى حكومة دمشق من أجل حل هذه الأزمة التي تعتمد عليها الحياة بشكل شبه كامل. وقد لوحظ أثر غياب الكهرباء بشكل كبير على العمل اليومي، وتكاليف الإنتاج الأولية للعديد من المنتجات مما كان له آثار سلبية، وبالتالي تضاعف للأسعار. من هذا المنطلق، قدّم رجل أعمال سوري مقترحا للحكومة السورية لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام تقنية تركيز الطاقة الشمسية من خلال الملح، والتي كانت الصين قد طبقتها سابقا، وحققت العديد من المزايا ووفرت الكهرباء بمعدل أكبر من ألواح الطاقة الشمسية وحدها. فهل تأخذ دمشق هذا الاقتراح مثالا جادا للتطبيق، وهل هذه التقنية ناجحة في بلد متهالك على عدة مستويات، مثل سوريا.

الاعتماد على طاقة الرياح

رجل الأعمال السوري، فيصل العطري، قال عبر حسابه الشخصي في منصة “فيسبوك“، إن استخدام ألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، غير قادر على تأمين الطاقة بعد غياب الشمس أو في الأيام الغائمة، معتبرا أن تلك الطريقة يمكن أن تكون مفيدة كدعم للشبكة ولكن لا يمكنها أن تكون هي المصدر.

وانتقد العطري حلول الطاقة البديلة المتوفرة حاليا في سوريا (الألواح الشمسية) واعتبرها “فخا”. وأضاف: “الحقيقة هي أن محاولة تغذية بلد بأكمله بالطاقة من خلال الألواح الشمسية اشبه بنقل مياه البحر بجردل، فهذه التقنية مفيدة كدعم للشبكة، لكنها لا يمكن أن تكون المصدر”.

واقترح العطري التوجه للاعتماد على طاقة الرياح، وقال إنها مصدر هام جدا خاصة أن سوريا بلد يحوي عددا مقبولا من الفتحات الهوائية ،التي يمكن أن توضع بطريقها مزارع ريحية تولد الطاقة بطريقة منتظمة.

وتابع العطري في مقترحه، يمكن استخدام الطاقة الشمسية ولكن بتقنية تركيز الطاقة الشمسية، التي تتميز بأنها تؤمن طاقة مستمرة بمختلف الظروف ليلا ونهارا، وبمختلف ظروف العمل.

وتتألف هذه التقنية من عدد كبير من المرايا المقعرة يتم تركيبها بطريقة معينة، وعلى محركات خاصة بحيث تشكل دائرة يوجد بمركزها برج يحوي بأعلاه خزان من الملح يتم تسليط المرايا على هذه الخزان فترتفع حرارته لتصل لـ800 درجة مئوية حيث تقوم هذه الحرارة بتحريك توربينات بخارية تتصل بمولدات كهربائية.

وتبقى حرارة الملح المنصهر مختزنة، على حد قول العطري، الذي أكد أنها كافية لاستمرار عمل العنفات البخارية بعد غياب الشمس.

قد يهمك: ما مصير الحقول الشمسية في سوريا.. دمشق عاجزة؟

كيفية الحصول على التقنية؟

وضمن إطار كيفية الحصول على هذه التقنية، أوضح العطري عبر منشوره على منصة “فيسبوك”، إن الصين طوّرت هذه التقنية وتميزت بها، وبالتالي يمكن للحكومة السورية أن تستدرج عروضا من إحدى الشركات الصينية لبناء، وتشغيل واستثمار هذه المحطات لمدة 25 سنة لقاء نسبة من الأرباح.

ووفق تقدير رجل الأعمال السوري والمقيم في الصين، أن هذا المشروع يحقق ميزات، منها كهرباء مستمرة وثابتة، تؤمن أحد أهم لبنات الصناعة والسياحة والتجارة، تحويل قطاع الكهرباء من خاسر تدعمه الدولة لرابح تحصل الدولة على جزء من أرباحه وتستعيده بعد فترة زمنية، التخلص من التلوث البيئي الذي تسببه العنفات الحالية والمولدات والبطاريات.

ولفت عطري إن هذه التقنية تسهم في الحفاظ على مئات الملايين من الدولارات التي تُهدر سنويا لاستيراد حلول “ترقيعية” لا تثمّن ولا تغني عن جوع، فضلا عن إمكانية بيع الفائض من الطاقة إلى بلاد الجوار، على حد وصفه.

وهذا الاقتراح قدمه رجل الأعمال السوري العام الماضي، وأعاد نشر هذا الاقتراح اليوم الثلاثاء، على حسابه الشخصي عبر منصة “فيسبوك”، ربما يجد أذنا صاغية من حكومة دمشق، التي لم تضع حلولا حتى الآن، ولو بنسب متفاوتة حول أزمة الكهرباء وكيفية تحسين واقع الكهرباء، الذي يعد من أهم مفاصل الحياة اليوم في العالم ككل.

ما مصير الحقول الشمسية؟

أزمة الكهرباء التي تفاقمت بشكل كبير في سوريا، مؤخرا، الأمر الذي دفع الكثير من السوريين إلى استخدام مصادر طاقة بديلة. وفي الآونة الأخيرة، وضعت حكومة دمشق شروطا لتمويل مشاريع الطاقة البديلة، من خلال صندوق استثماري، والتي ستشمل الطاقة الشمسية بشكل أساسي. إلا أن مبادرة وزارة الكهرباء بهذا الصدد لم تنفّذ، والسبب الرئيسي، هو عدم توافر الاعتمادات المالية لمثل هذه المشاريع خلال المرحلة الحالية، أي عجز حكومة دمشق في هذا الأمر، بحسب تصريحات حكومية، مؤخرا.

معاون وزير الكهرباء نضال قرموشة، ردا على سؤال صحيفة “الوطن” المحلية، في وقت سابق، عن فشل وزارة الكهرباء بتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة الشمسية، بدلا من تشجيع الأفراد على تنفيذ وتركيب أنظمة الطاقة المتجددة. على نطاق مصغر وبسيط. فأجاب: “السبب الرئيسي، هو قلة التمويل لمثل هذه المشاريع خلال المرحلة الحالية، ومن الأنسب إنشاء محطات طاقة حرارية، كهروحرارية، لأنها أكثر كفاءة، وأقل تأثرا بالظروف الجوية وتغيراتها”.

وأردف قرموشة في حديثه للصحيفة المحلية، أن “كل الدول تسعى لتنفيذ حقول للطاقات الشمسية، عندما تكون قد حققت اكتفاء في الطاقة الكهربائية عبر محطات التوليد التقليدية، الكهروحرارية، بحيث تكون مصادر الطاقات المتجددة، هي رديف ومساهم للطاقات التقليدية، ومثال على ذلك دولة مصر التي تملك 25 بالمئة من الطاقة الكهربائية، الكهروحرارية، فوق حجم الطلب العام على الكهرباء، وبعدها تم التوجه نحو الطاقات المتجددة، لتوفير حوامل الطاقات”.

من جانبه، مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة في وزارة الكهرباء، يونس علي تحدث لموقع “أثر برس” المحلي، في وقت سابق، حول واقع الطاقات المتجددة في سوريا، أنه من خلال الجولات، والدراسات والمسوحات تبيّن أنه وحتى نهاية عام 2021 قام المواطنون بتركيب ما لا يقل عن 200 ميغا واط وهي مشاريع متفرقة منزلية، أو لمضخات مياه أو لمشاريع زراعية أو لمحلات تجارية”.

وأردف علي، إذا افترضنا أن إنتاج وزارة الكهرباء اليوم 2000 ميغا واط، وإنتاجية مشاريع الطاقة في سوريا 230 ميغا واط نجد أن المواطنين استطاعوا أن يساهموا بإنتاج طاقة كهربائية، تعادل 11.5 من إجمالي إنتاج وزارة الكهرباء حاليا.

وانتشرت في الفترة القليلة الماضية إعلانات لتركيب منظومات الطاقة الشمسية، بالتزامن مع زيادة تقنين الكهرباء، وبأسعار تتراوح بين 3.5 مليون ليرة سورية كحد أدنى وصولا إلى 38.6 مليون ليرة سورية، وسط تحذيرات من رداءة الأنواع المستخدمة حاليا.

قد يهمك: ما نسبة إنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية في سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.