بعد رفع الدعم عن طلاب الجامعات والعازبين والعسكريين، وجميع الموافقات، وكذلك الجمعيات الخيرية، بما في ذلك الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، امتدت قرارات الحكومة السورية غير المدروسة مرة أخرى إلى رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة، والهيئات الطبية الأخرى المرتبطة. وبالتالي، أصبحت المستشفيات ملزمة الآن بدفع 1250 ليرة سورية لشراء ربطة خبز بدلا من 200 ليرة سورية.

دمشق لا تلتزم بواجباتها؟

في سياق الرفع التدريجي للدعم الحكومي خلال هذه الفترة عن عدد من شرائح وفئات معينة في البلاد، استفاقت المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة، والهيئات الطبية المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء في حلب، على “مبادرة” غير متوقعة قدمتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، من خلال احتساب ربطة الخبز التي تستجرها من الأفران العمومية بالسعر الحر، أي بـ 1250 ليرة سورية للربطة الواحدة بدلا من السعر المدعوم المحدد بـ 200 ليرة، وفق ما أوردته صحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الجمعة.

واعتبر مديرو مشافي المفاجأة التي كشفتْ التجارة الداخلية وحماية المستهلك النقاب عنها مع أول أيام عيد الأضحى الفائت، “معايدة” من نوع خاص لها وقعها غير السار على موازنة تلك المشافي، التي تعاني الأمرين للوفاء بالتزاماتها تجاه مرضاها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية الضاغطة على كل مؤسسات الدولة.

ووفق التقرير المحلي، فإن ما سرى على الجمعيات الخيرية في حلب طبق على مشافيها العامة، التي لم تحط إداراتها علما بما سمته التجارة الداخلية وحماية المستهلك بـ بطاقة فعالية، التي عليهم الحصول عليها أو إعادة تفعيلها لدى الشركة المصدرة للبطاقة الذكية للحصول على الخبز المدعوم للموجودين في تلك المشافي.

10أضعاف سعره!

من جانبه، بيّن مدير أحد المشافي العامة للصحيفة المحلية، أن حصة المشافي من الخبز بالسعر المدعوم أوقفت أيضا، بالتزامن مع إيقافها للجمعيات الخيرية، مضيفا “الآن، بات علينا دفع سعر ربطة الخبز لمرضانا المقيمين في المشفى بحوالي 10 أضعاف سعرها الرسمي ومن دون سابق إخطار، أو إنذار من الجهات الوصائية أو الجهات المعنية صاحبة العلاقة ببيع الخبز”، ونوّه إلى أنه لم يسبق وأن تعامل بما يسمى “بطاقة فعالية”، التي بررتها الوزارة من جانبها، لإيقاف مخصصات الخبز المدعوم.

وقال آخر: “لا مشكلة لدينا، فالأمر لا يتعدى دفع فرق قيمة الخبز من جيب الحكومة إلى جيبها الآخر، على الرغم من تحميلنا تكاليف إضافية نحن في غنى عنها، ستنعكس سلبا على قيمة وجودة الوجبات المقدمة للمرضى المقيمين لدينا”.

وبحسب التقرير المحلي، ثمة تفاوت واختلاف في آلية حصول مشافي الصحة على الخبز المدعوم، إذ يكتفي بعضها بمخاطبة مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حلب عن حاجتها من الخبز لنزلائها من المرضى، والتي تخاطب مديرية المخابز بالأمر، بينما على الهيئات الطبية المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء توجيه كتاب بذلك إلى وزارة الصحة، مع تجديد الطلب عند تغيير مدير المخابز في محافظتها، من دون اللجوء لاستصدار “بطاقة فعالية” خاصة بكل واحدة منها.

قد يهمك: أيتام سوريا خارج قائمة الدعم الحكومي

قرار العيد

كان قرار لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، صدر بحسب تقرير سابق لصحيفة “الوطن” المحلية، والذي نُشر في العاشر من الشهر الجاري، أي في ثاني أيام عيد الأضحى، حيث أقرت الوزارة بإيقاف العمل بالسماح للمخابز العامة ببيع كمية 3 بالمئة من خارج البطاقة الإلكترونية، الأمر الذي فرض بيع الربطة للحالات الخاصة، والتي لا تملك بطاقة ذكية، مثل الطلاب والعازبين والعسكريين، بالسعر الحر بدلا من المدعوم.

وأشار التقرير، إلى أنه في حلب اشترت دار الأيتام ودار رعاية العجزة ربطة الخبز بـ 1250 ليرة سورية اليوم الخميس الفائت، من الأفران، رغم تعليمات الوزارة باستثناء دور الأيتام، وجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة ومدارس الشريعة من قرارها السابق برفع الدعم، وإبقائها ضمن المؤسسات التي يحق لها الشراء بسعر مخفض حتى نهاية العام.

من جانبها، وبعد أن أثار حول رفع دعم الخبز عن الجمعيات الخيرية بما فيها الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية كذبت الخبر عبر نشر منشور للوزارة على صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك”.

إزاء ذلك، تواصلت صحيفة “الوطن” المحلية، مع العديد من مديري الجمعيات الخيرية بحلب، والذين اكدوا أنهم لم يسمعوا إطلاقا بما سمته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في منشورها بـ “بطاقة فعالية”، والتي بموجبها مراجعة الشركة المصدرة للبطاقة الذكية من قِبل الجمعيات لتفعيل البطاقة الخاصة بها والحصول على الخبز بالسعر المدعوم.

وأوضح هؤلاء أنهم فوجئوا بقرار إزالتهم من دعم الخبز أول أيام عيد الأضحى الفائت، بدون سابق إنذار أو كتاب موجه من الوزارات، أو المديريات التي يتبعون إليها في محافظة حلب، بخصوص ذلك.

يذكر أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي تتبعها الجمعيات الخيرية، وعدت بتعزيز واقع عمل الجمعيات، وتأمين متطلبات عملها باعتبارها مؤسسات تنموية. إلا أن استبعاد وزارة التجارة الداخلية للجمعيات من دعم الخبز يشير إلى عكس ذلك، بالإضافة إلى ذلك، لو أن الحكومة تريد حقا استمرار الدعم للجمعيات الخيرية ودور الأيتام ودور المسنين، لما أصدرت هذا القرار من أساسه، وإصدار ما يسمى بـ بطاقة فعالية”.

بدوره، أوضح مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وقت سابق، حول حرمان بعض الحالات من مخصصاتهم في الخبز ومنهم العازب والطلبة، زاعما أن كل من سيطلب الخبز سيحصل عليه، وسيتم إصدار بطاقات خاصة بكل حالة لأنه من غير العدل أن تُسحب حصته مرتين، مرة مع عائلته ومرة لوحده.

قبل أيام معدودة، وفي ظل الحديث المتداول عن أزمة الغذاء في سوريا، وسط فشل حكومة دمشق في إدارة الأزمات، إذ بدلا من أن تجد الجهات المعنية حلولا لهذه الأزمة، التي بدأت تلوح في الأفق تدريجيا، مصادر ذات صلة بتلك الجهات، أفادت لوسائل الإعلام المحلية، بأن وزارة التجارة الداخلية السورية تستعد لاتخاذ قرارات جديدة تتعلق بتموين الخبز، ومن المتوقع أن تقضي هذه القرارات، إما بتخفيض وزن الربطة الواحدة أو تقليل الكميات المخصصة للعائلات عبر البطاقة الإلكترونية، أو يتم زيادة سعر الربطة، وبالتالي سيواجه السوريون أزمة خبز جديدة خلال الفترة المقبلة.

ومن الواضح أن الجهات الحكومية قد بدأت في تنفيذ هذه القرارات بشكل تدريجي، ويبدو أن أول مَن طالهم هذه الإجراءات، هم طلبة الجامعات السورية والعازبين والعسكريين والجمعيات الخيرية ودار الأيتام والمشافي، وأن الأمر لن يقف عند هذه الشرائح فقط.

قد يهمك: بطاقة ذكية لدعم “الحالات الخاصة” في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.