ساعتان فقط، هي مدة تظاهرات “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران في العراق، أمس الاثنين، وانتهت مبكرا، فما سبب النهاية السريعة للتظاهرات التي أُريد منها مقابلة تظاهرات أنصار “التيار الصدري”؟

أمس، تظاهر أنصار “الإطار” عند الجسر المعلق وسط بغداد، قرب أسوار المنطقة الخضراء، معقل الحكومة العراقية والبرلمان والمؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية الدولية.

وخرج أنصار “الإطار” بتظاهراتهم، ردا على دعوة الصدر للشعب العراقي، أةل أنس الأحد، بالتطاهر مع إخوتهم الصدريين لتغيير النظام السياسي الحالي برمته وتغيير الدستور وقانون الانتخابات.

الإطار” قال في بيان له، الأحد المنصرم، إن دعوته لأنصاره للتظاهر، من أجل دعم الشرعية لمؤسسات الدولة وللحفاظ على النطام السياسي الحالي، ومنع تغيير الدستور العراقي، وأنه لن يسمح لأحد بالانقلاب على النظام.

“لحفظ ماء الوجه”

بعد ساعتين من تظاهرات “الإطار”، طالب القيادي في “التنسيقي”، زعيم ميليشيا “العصائب”، قيس الخزعلي، في بيان صوتي، أتباع “الإطار” بالانسحاب وإنهاء التظاهرات، قائلا ما مفاده إن “رسالتكم وصلت”، لكن ما سبب النهاية السريعة للتظاهرات؟

بحسب المحلل السياسي، عبد الله الركابي، فإن تظاهرات “الإطار” جاءت من أجل الرد على تظاهرات واعتصامات أنصار مقتدى الصدر، وإعلان وجود “الإطار” على الأرض عبر جمهور كبير يتبع له.

الركابي يضيف لـ “الحل نت”، أنه بعد انطلاق التظاهرات، تبين للجميع قلة جمهور “الإطار التنسيقي” مقارنة بالعدد الكبير لجمهور الصدر، ما وضع قادة “الإطار” في موقف حرج، فقرروا سحبهم، لحفظ ماء الوجه.

حسب مصادر “الحل نت” الخاصة، لم يبلغ عدد أنصار “الإطار التنسيقي” الذين تظاهروا قبالة المنطقة الخضراء، 3 آلاف شخص، في وقت يتظاهر عشرات الآلاف من أنصار الصدر داخل الخضراء وعند البرلمان منذ السبت الماضي.

ويشير الركابي، إلى أن قلة أعداد جمهور “الإطار” في تظاهرات الأمس، أعطى رسالة سلبية لقيادات “التنسيقي” من الجانب المعنوي، وأضعفهم أمام خصمهم الصدر، بالتالي فإن خطوة التظاهرات لم تكن موفقة بالمرّة.

ويختتم، أن ما قاله قادة “الإطار” عند أمرهم لأتباعهم بالانسحاب، بأن الرسالة وصلت، وهي أن “الإطار” يحترم الدستور ومؤسسات الدولة ولا يتجاوز عليها، جاءت كعذر تعكّزوا عليه لسحب أنصارهم، بعد الحرج الكبير الذي وقعوا به.

ضد شياع السوداني؟

السبت الماضي، اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخل وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، الأربعاء الماضي، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، السبت المنصرم، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

انسداد لا ينضب

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحاللف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.