أسعار السلع والمنتجات في السوق السورية مستمرة في الارتفاع بشكل عام، ويرى الخبراء أن السبب في ذلك يعود إلى قرارات حكومية غير مدروسة، خاصة القرار الأخير، عندما تم رفع سعر البنزين المدعوم بنحو 130 بالمئة، مما أثر بدوره على جميع مفاصل الحياة اليومية المتعلقة بالناحية الاقتصادية في البلاد. ووسط غياب أي دور حكومي أو رقابي، ما حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار واحتكارهم للمستهلكين. رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، قبل أيام سعر كيلو السكر في السوق بنحو 4000 ليرة سورية، لكن السكر اختفى بشكل شبه كامل من الأسواق خلال الفترة الماضية وحتى الآن، ولكن اليوم عاد للظهور في بعض المحال بعد القرار الوزاري ولكن بسعر آخر مرتفع بلغ ستة آلاف ليرة سورية.

احتكار واستغلال

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حددت قبل أيام، سعر بيع كيلو السكر في السوق بـ 3700 ليرة (دوكما) و 3900 ليرة للمعبأ، وذلك بناءً على مراجعة سعر السكر في البورصات العالمية، وحساب أجور الشحن والتأمين والتخليص والرسوم الجمركية وغيرها من المصاريف.

وبدلا من أن يساهم القرار الحكومي في خفض سعر المادة في السوق، ارتفع مبيع الكيلو نحو 20 بالمئة إضافة لفقدان المادة من معظم المحال، وضمن هذا السياق أفاد رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي، أن الجمعية لاحظت خلال جولة لها في أسواق دمشق، فقدان مادة السكر من معظم محال المفرق وارتفاع سعر الكيلو بما لا يقل عن ألف ليرة خلال الأيام القليلة الماضية، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء.

من جانبهم عبّر عدد من المواطنين عن استغرابهم من بيع كيلو سكر في بعض “صالات السورية للتجارة” بنحو 6 آلاف ليرة، بعد أن كان مبيع كيلو السكر قبل قرار الوزارة، يباع في السوق بنحو 5 آلاف ليرة.

ويخيّم على الشارع السوري حالة من الاستغراب والاستفهام مما يحدث في السوق مع ترجيح فكرة الاحتكار، أو نقص المعروض في السوق.

قد يهمك: أزمة في تمويل المستوردات إلى سوريا.. ما علاقة ارتفاع السكر والزيوت؟

الحكومة لا تملك إجابة

في سياق سبب ما حدث، أكد المعقالي، للصحيفة المحلية أنه لا يملك إجابات مقنعة لكنه يقدّر أن هناك حالة تلاعب في السوق وامتناع عن البيع وعرض المادة وإخفائها، وأنه لا يجوز أن يتخذ قرار بتخفيض سعر مادة في السوق بناء على حسابات الكلفة ومنح هامش ربح مجد للمستوردين وباعة الجملة والمفرق، ثم تختفي المادة من السوق أو يتم احتكارها ورفع سعرها.

أما الجهات الرسمية، والتي أصدرت قرار رفع تسعيرة مادة السكر، امتنعت التجارة الداخلية وحماية المستهلك وأيضا السورية للتجارة عن تقديم إجابات، أو تفسيرات عن سبب ذلك للصحيفة المحلية.

بدوره، معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، بسام حيدر، نفى وجود أي حالة احتكار في استيراد مادة السكر وأن إجازات الاستيراد متاحة أمام كل من يرغب في توريد المادة، مبينا أنه عدد الموردين لمادة السكر التجاري يزيد على 20 مستوردا وأن معدل توريد مادة السكر لم يسجل أي انخفاض.

وأوضح حيدر، أنه منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية تموز/ يوليو الفائت تم توريد 201 ألف طن من مادة السكر التجاري، وبمقارنة هذه الكميات المستوردة مع الكميات التي تم توريدها لنفس الفترة من العام الماضي 2021 نجدها متشابهة حيث تم توريد نحو 204 ألف طن.

واعتبر حيدر، أن توريد مادة السكر شبه ثابت ولم يتغير منذ سنوات حيث يصل حجم توريد مادة السكر التجاري سنويا لحدود 350 ألف طن، وزعم أنه تم منح الكثير من التسهيلات لتوريد المواد الأساسية وخاصة الغذائية، حيث تم تمديد مدة إجازة الاستيراد لـ6 أشهر بدلا من 3 أشهر وفتح مدة السماح لإدخال المستوردات بعد شحنها رغم انتهاء مدة إجازة الاستيراد.

قد يهمك: لهذه الأسباب توقف إنتاج ربع الألبان والأجبان.. ارتفاع أسعار جديد؟

حيتان جديدة لـ”السكر”

منذ نحو شهر ونصف الشهر، ارتفع سعر السكر الذي يباع عبر البطاقة التموينية “الذكية” بنسبة 100 بالمئة وبلغ حوالي 4500 ليرة سورية، ومنذ نحو أسبوعين عاد ارتفاع سعر السكر مرة أخرى إلى حوالي 5000 ليرة سورية، واليوم ارتفع إلى نحو 6 آلاف ليرة.

وحتى اليوم ينفي المسؤولون في الحكومة السورية، حدوث حالة من الاستغلال والتلاعب أو نقص في مادة السكر، إذ أفاد مدير السورية للتجارة، زياد هزاع، في وقت سابق لوسائل الإعلام المحلية، أن المادة متوفرة، و موجودة و ترتبط بالعملية الإنتاجية والتوريدات إلى المؤسسة، ومن المعمل إلى المنتَج المحلي.

وأشار هزاع، في وقت سابق إلى أن توزيع السكر المباشر لم يتوقف مؤقتا أو نهائيا، وأن الصالات مستمرة في توزيعه وموجود بشكل جيد، ولكن عندما ينخفض الإنتاج والتوريد يكون التركيز والأولوية على السكر المقنن، وفي حالة زيادة الإنتاج، يتم التوجه لتزويد المواطنين بالسكر المباشر.

لم تتخذ الحكومة السورية أي خطوات في الأشهر الأخيرة لمعالجة التأثير المحتمل لغزو روسيا لأوكرانيا، والذي أدى إلى وقف إمدادات السلال العالمية، وضمان امتلاك البلاد لمخزونات كافية من محصول السكر وغيره من السلع الأساسية، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السكر.

بعد انتشار زراعة نبات جديد يدعى نبات “ستيفيا” السكري في سوريا، وجّهت وزارة الزراعة أنظارها نحوه، حيث بدأت مؤخرا بإصدار موافقات للسماح بزراعته واستخدامه.

وبحسب ما قاله، رئيس اللجنة الرئيسية للنباتات الطبية والعطرية في اتحاد غرف الزراعة، محمد الشبعاني، لموقع “هاشتاغ” المحلي، مؤخرا، فإن المزارعين والمنتجين لهذه النبتة ينتظرون الشركات المتخصصة لتصنيعها وتحويلها من مادة أولية سكرية إلى مادة مصنّعة تدخل في صناعات عديدة.

ووصف الشبعاني في وقت سابق، المنتج بـ”الواعد” سواء كان دواء أو مكملات غذائية أو المعجنات المخصصة للريجيم، وذلك لانخفاض كلفة إنتاجه بالمقارنة مع ارتفاع غلة الدونم الواحد، حيث يعادل إنتاج دونم نبات “الستيفيا” 300 ضعف من سكر القصب والشمندر السكري.

وبالتالي، قد يبيع المحصول ما بين 40 إلى 50 ألف ليرة للكيلو الواحد حسب حاجة السوق، فضلا عن التوفير من حيث المساحة والزمن ونسبة الحلاوة، فطبقا لحديث الشبعاني، قد تتمكن بعض شركات الأدوية من استجرار المنتج بسبب أهميته واستخدامه في المكملات الغذائية.

وعلاوة على ذلك، بيّن الشبعاني، أن بعض الشركات الوطنية والاستثمارية حاليا تقوم بإجراء بحوث تكنولوجية لاستخراجه، وصناعة سكر خالي من السكريات التي تسبب الأمراض، ولا سيما لمرضى السكري، أو استخدامه في المنتجات الغذائية المخبوزة الخاصة بالريجيم، لكن حتى الآن لا يوجد أي تطبيق فعلي على أرض الواقع.

يشار إلى أن الإحصائيات في عام 2021، بلغ إنتاج الشمندر السكري في سوريا صفر طن، إذ تذبذب إنتاجه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث سجل أعلى فترة زيادة خلال الفترة 1971، ثم بدأت المؤشرات في الهبوط حتى عام 2021 منتهيا عند صفر طن.

قد يهمك: استمرار ارتفاع أسعار البيض والسكر في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.