بعد 10 أشهر من اجتماعهما، اليوم حتى تم الإعلان عن ذلك الاجتماع الذي لم يعرف به أي أحد، قبل تصريح وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، فهل يمهد لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق و”المعارضة السورية”؟
تشاووش أوغلو كشف، الخميس، أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع “حركة عدم الانحياز”، الذي عقد في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بالعاصمة الصربية بلغراد.
وقال الوزير التركي: “أجريت محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري في اجتماع دول عدم الانحياز ببلغراد”.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده، مساء اليوم، على هامش اجتماعات المؤتمر الـ 13 للسفراء الأتراك المنعقد في العاصمة التركية أنقرة.
وشدد تشاووش أوغلو، على ضرورة وجوب تحقيق مصالحة بين “المعارضة السورية” وحكومة دمشق في سوريا بطريقة ما، مبينا أنه لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك.
واختتم: “يجب أن تكون هناك إرادة قوية لمنع انقسام سوريا، والإرادة التي يمكنها السيطرة على كل أراضي البلاد لا تقوم إلا من خلال وحدة الصف”، بحسبه.
الأسد وأردوغان يجتمعان؟
يأتي هذا بعد أن كشفت صحيفة “تركيا” التركية، مؤخرا عن حراك من دولة خليجية وأخرى أفريقية، لترتيب لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد. مشيرة إلى أن محادثات طهران وسوتشي دفعتا إلى اتخاذ قرارات مهمة ستنعكس على الملف السوري.
وبحسب ما اطلع عليه “الحل نت” فإن دولة خليجية، بالإضافة إلى دولة إسلامية أفريقية، دون الكشف عن اسمهما، تقومان بتحركات دبلوماسية لترتيب لقاء بين أردوغان والأسد.
وكشفت الصحيفة، أن السلطات التركية والسورية، وصلتا إلى مرحلة تشكيل “لجنة من الخبراء المثقفين” من الطرفين المختصين بالشأن السوري، وبهذا ينتقل التفاوض بين البلدين إلى مستوى جديد، يتجاوز التنسيق الأمني فقط، وفق ما أوردته تصريحات المسؤولين الأتراك والسوريين خلال الفترة الماضية.
ولم يعد من المفاجئ الحديث عن قرب تواصل بين أردوغان والأسد، وذلك في ظل كثرة التقارير التي أشارت إلى الانتقال من مستوى التنسيق الأمني بين الطرفين إلى ما هو أعلى من ذلك بفضل جهود تحركات بعض الدول.
لكن المثير للتساؤل هو عن الفائدة التي سيحققها أردوغان من التقارب مع الأسد بعد قطيعة وعداء استمر أكثر من 10 سنوات، شهدت فيها تلك المرحلة توتر كبير وعداء معلن بين الطرفين. فما الذي يريده أردوغان من الأسد، وكذلك ماذا سيتحقق للأخير من فائدة إذا ما تم هذا الاتصال وتبعه لقاء يجمع الطرفين، قد يكون برعاية خليجية أو أفريقية أو حتى روسية.
محاولات جدية؟
الصحفي والمحلل السياسي عقيل حسين وصف في حديث سابق مع “الحل نت”، هذه المحاولات بالـ “جديّة“، من أجل تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، حيث يعود السبب الرئيسي وراء ذلك وفق حسين إلى ضغط الرأي العام في تركيا.
وقال حسين إن: “الرأي العام التركي يضغط باتجاه عودة العلاقات مع دمشق، فهو يريد بأي شكل إنهاء الانخراط التركي في المشكلة السورية على النحو الذي يجري الآن“.
وأضاف: “يرى كثير من الأتراك أنهم تضرروا بهذا الانخراط ولم يجنوا أي مكاسب، رغم أن الحكومة التركية تقول إن تدخلها لحماية الأمن القومي التركي. بدأ الرأي العام بظل الأزمة الاقتصادية يضغط بهذا الاتجاه، بالتالي أحزاب المعارضة التقطت هذه النقطة وبدأت العمل عليها بشكل كبير، الأمر الذي جعل الحكومة التركية تفكر بأخذ هذه الورقة من المعارضة والاستفادة منها“.
وبحسب حسين، فإن مستشارين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نصحوه باستغلال هذه الورقة والبدء بعمليات إعادة العلاقات مع دمشق، وذلك “لأن هذه العلاقات بين أنقرة ودمشق ستعود في حال نجحت المعارضة، وبالتالي يمكن للحكومة أن تقوم بذلك بنفسها وتكسب الرأي العام“.
- حماة تدخل بوضع جديد.. وحراك سياسي دولي بعد التطورات في سوريا
- تبعات “ردع العدوان” تظهر في دمشق ودير الزور.. ماذا جرى؟
- وسط انهيار كامل للجيش السوري.. فصائل المعارضة تتقدم في ريف حماة
- دمشق تتواصل مع السعودية ومصر وهذه آخر التطورات الميدانية بحلب
- “ردع العدوان”.. ما هي الأسباب التي أدت إلى التقدم السريع للمعارضة؟
وبشأن مصلحة كل من أنقرة ودمشق في عودة العلاقات، فإن مصالح أنقرة تكمن في المصالح الانتخابية، إضافة لاحتمالية استفادة أنقرة من دمشق، في إطار صراعها مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سوريا، وفق عقيل حسين.
وأردف، أن فائدة النظام السوري تكمن في محاولاته التسويق على أن عودة علاقاته مع أنقرة يمكن أن تخدم محاولات تعويمه مجددا.
وعود روسية لأنقرة
كل الدلائل باتت تشير إلى أن المناخ الآن ملائم لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق، خاصة أن تركيا تلقت وعودا روسية بتحقيق مصالحها في سوريا، ومن جهة ثانية تريد حكومة “العدالة والتنمية” إغلاق باب إعادة العلاقات مع دمشق أمام المعارضة التركية؛ التي تلوح بها كورقة في الانتخابات التركية القادمة في وجه أردوغان، إضافة لملف إعادة اللاجئين السوريين.
بدأ هذا التحول من قبل أنقرة، بشكل أولي منذ دخول تركيا في شراكة مع روسيا وإيران عام 2017 ضمن اجتماعات “أستانا“، وفرضت هذه الشراكة على أنقرة تبني نهج جديد يقوم على التعاون التنافسي مع الفاعلين الرئيسيين في المشهد السوري، وهما موسكو وطهران.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال في تصريحات لمجموعة صحافيين رافقوه، خلال عودته من سوتشي، قبل أيام، إن بوتين أخبره بأن حل الأزمة السورية سيكون أفضل بالتعاون مع دمشق ، وأنه رد بأن جهاز المخابرات التركية يتعامل بالفعل مع هذه القضايا مع المخابرات السورية “لكن بيت القصيد هو الحصول على نتائج“.
وأوضح أردوغان بحسب ما نقلت وسائل إعلام أن “بوتين يحافظ على نهج عادل تجاه تركيا بشأن هذه القضية، ويذكر، على وجه التحديد، أنه سيكون معنا دائماً في الحرب ضد الإرهاب، وأنه ما دامت مخابراتنا تعمل على الأمر مع المخابرات السورية، فإننا نحتاج إلى دعم روسيا، وهناك اتفاقيات وتفاهمات بين البلدين في هذا الصدد“.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.