منذ عدة سنوات يعاني لبنان من جملة من الأزمات الاقتصادية، وبرزت أزمة الطحين خلال الآونة الأخيرة لتفاقم معاناة اللبنانيين أكثر فأكثر، نتيجة أزمة الغذاء العالمية، على إثر الغزو الروسي لأوكرانيا وللتصدي لهذه الأزمات إلى حد ما، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عزمها تقديم مساعدات للبنان بمبلغ 29.5 مليون دولار في إطار دعمها للشعب اللبناني في مواجهة أزمة الغذاء.

استجابة لأزمة الغذاء العالمية

ضمن السياق، أعلنت واشنطن، يوم أمس الثلاثاء، اعتزامها تقديم مساعدة للبنان بقيمة 29.5 مليون دولار في مواجهة أزمة الغذاء العالمية، وفق بيان رسمي للسفارة الأميركية في بيروت.

وقالت السفارة الأميركية في بيروت، إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ستقدم للبنان مبلغ 29.5 مليون دولار، مقسما على 15 مليون دولار كمساعدات إنسانية و 14.5 مليون دولار لتمويل الدعم الاقتصادي.

وبيّنت السفارة الأميركية، عبر بيان رسمي أن المساعدات الإنسانية (15 مليون دولار) سيستفيد منها نحو 300 ألف لبناني من الفئات الضعيفة من السكان تجاه تزايد انعدام الأمن الغذائي في البلاد، حيث سيحصلون شهريا على طرود (غذائية)، منزلية تُوزّع خلال الأشهر المقبلة.

وأردفت، بأن 14.5 مليون دولار ستقدم كدعم اقتصادي لمزارعي الخضار والحبوب، كما وستدعم منتجي الألبان الصغار بالأعلاف والخدمات البيطرية، والأدوات اللازمة لضمان جودة إنتاج الحليب، ولم تحدد السفارة الأميركية، تاريخا محددا لتقديم هذه المساعدات الإنسانية.

وأشارت السفارة في بيانه، إلى أنه وأمام استمرار الأزمة الاقتصادية، تستمرّ القوة الشرائية للفئات الضعيفة في لبنان في الانخفاض، بينما تستمر أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود في الارتفاع.

وتأتي هذه المساعدات كجزء من مبلغ 2.76 مليار دولار الذي أعلنت عنه الحكومة الأميركية مؤخرا للمساعدة في معالجة أزمة الأمن الغذائي العالمية.

السنة المالية لواشنطن لـ2022

في المقابل، لفتت السفارة الأميركية في بيناتها، إلى أنه وحتى تاريخ اليوم 17 آب/أغسطس، ومن ضمن السنة المالية 2022 وحدها، قدّمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حوالي 125 مليون دولار من التمويل الإنساني لبرنامج الأغذية العالمي، والمنظمات غير الحكومية في لبنان، بما في ذلك ما يقارب 119 مليون دولار للأمن الغذائي.

هذا وتضرر قطاع الغذاء على مستوى العالم بشدة من جراء الغزو الروسي، على جارتها الغربية أوكرانيا، منذ 24 شباط/فبراير الماضي.

قد يهمك: أزمة الطحين تتفاقم في لبنان.. ضحايا في طوابير الخبز

أزمة الطحين

جاءت أزمة الطحين لتفاقم معاناة اللبنانيين، الذين يعانون منذ أشهر في الحصول على رغيف الخبز أمام الأفران التي تشهد طوابير طويلة، يتخللها مشاجرات، وحوادث إطلاق نار بسبب قلة الخبز.

موقع “العربية نت”، أفاد بوقوع أول الضحايا بسبب أزمة الخبز الأخيرة في لبنان، حيث قضى شربل الحزوري، مؤخرا بعدما صدمته سيارة على أوتوستراد حالات في جبل لبنان، عندما كان يحاول تجاوزه عائدا من “رحلة عذاب” أمام فرن يصطف أمامه طابور طويل للحصول على ربطة خبز.

ونقل الموقع الإخباري في وقت سابق عن شربل غصن، ابن عمّة الضحية، قوله إن: ” قريبه البالغ من العمر 44 عاما كان يمر كل يوم على الفرن للحصول على ربطة خبز قبل عودته إلى منزله في بلدة كوسبا شمالي لبنان، إلا أنه وبسبب الزحمة التي تشهدها الأفران هذه الأيام نتيجة تفاقم أزمة الرغيف، قرر أن يمر على الفرن باكرا قبل أن يتوجه إلى عمله، لكن للأسف عاجله الموت وهو يجتاز الأوتوستراد ليسجل اسمه كأول ضحية على لائحة ضحايا الخبز“.

إن أزمة الطحين في لبنان، ارتفعت حدتها منذ بدء روسيا، غزوها الأراضي الأوكرانية، ما عطل إمدادات القمح من مورد الحبوب الرئيسي في لبنان، كما ارتبط تفاقم الأزمة بمضاعفات الأزمة المالية اللبنانية، التي أفقدت العملة المحلية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها خلال ثلاث سنوات.

من جانبه، عزا وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، أزمة الإمدادات الأخيرة إلى سرقة تجار قمح للدقيق الشهر الماضي.

ومنذ أكثر من عامين يعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مع تدهور مالي ومعيشي وانهيار للعملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في السلع الغذائية والأدوية والوقود.

شح المياه

في سياق انهيار البنية التحتية داخل لبنان، أشارت التقارير الأممية، إلى أن قطاع المستشفيات والمراكز الصحية بالإضافة إلى المدارس في البلاد، تأثرت بشكل مباشر وكبير بمشكلة المياه.

وفي دراسة حديثة بعنوان “صعوبة الحصول على المياه”، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، من أن وجود أزمة الطاقة لفترة طويلة يجعل من الصعب ضخ ما يكفي من المياه، ويؤدي في بعض الحالات إلى توقف الضخ تماما.

وأوضحت المنظمة، أن آفاق التوصل إلى حل ستظل قاتمة بينما تستمر أزمة الطاقة، لاسيما أن شبكة المياه على وشك الانهيار بسبب إهمالها منذ أكثر من عام.

أزمة الوقود

وفضلا عن أزمة الخبز، يعيش لبنان أزمة نقص في المواد النفطية، حيث أعلنت وزارة الطاقة اللبنانية، في شهر أيار/مايو الماضي، توقف إنتاج الكهرباء بشكل كامل في البلاد، بعد توقف المحطتين الأخيرتين عن العمل نتيجة نفاد الوقود.

وأشارت شركة كهرباء لبنان، إلى توقف محطتي دير عمار في الشمال، و“الزهراني”، عن العمل بسبب نفاد الوقود، وهما المحطتان الوحيدتان اللتان كانتا تعملان في الآونة الأخيرة.

الجدير ذكره، أنه مرت ثلاث سنوات تقريبا منذ أن بدأ لبنان، الذي كان يُطلق عليه سابقا “سويسرا الشرق الأوسط“، في الغرق ببطء في الفقر. وكما جاء في تقرير “الإسكوا“، يعيش 82 بالمئة، من اللبنانيين وغير اللبنانيين في فقر، بينما يعيش 40 بالمئة منهم في فقر مدقع. وهذه الأرقام ناتجة عن أزمة اقتصادية غير مسبوقة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، واستمرت في التفاقم مع تفشي وباء “كورونا“، وانفجار ميناء بيروت، والفساد المستمر داخل الدولة، وأخيرا الغزو الروسي لأوكرانيا.

قد يهمك: آفاق الحل معدومة.. لبنان يعيش ثلاثة أزمات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.