بعد أن توقفت عمليات تهريب المخدرات برعاية إيرانية للأردن بشكل “مؤقت” في تموز/يوليو الماضي، عادت هذه العمليات مؤخرا بزخم كبير.
شبكة “سي إن إن” الأميركية، قالت في تقرير يوم الجمعة الفائت، إن السعودية تحولت إلى “عاصمة الشرق الأوسط للمخدرات”، وأصبحت الوجهة الرئيسية للمهربين من سوريا ولبنان.
وبحسب التقرير، فإن السعودية، هي واحدة من أكبر الوجهات الإقليمية وأكثرها ربحا للمخدرات، وهذا الوضع يزداد حدة.
موقع “الحرة” نقل عن المحلل السعودي، مبارك العاتي، اتهامه لـ”حزب الله” اللبناني و”الفرقة الرابعة” في سوريا، التي ترعى زراعة الحشيش وتصديره، باستهداف السعودية، مشيرا إلى أن الكميات المضبوطة وخاصة الشحنة الأخيرة تؤكد أن هذه الحرب مستمرة.
هذا الاستهداف الإيراني للأردن والخليج بتهريب المخدرات يدفع للتساؤل حول قيام تحالف خليجي أردني لمحاربة إيران في سوريا من خلال استهداف عمليات إنتاج المخدرات بشكل استباقي؟.
المخدرات أمر واقع
ظاهرة تصنيع وتهريب المخدرات لن تتوقف، وهي تشهد تغيرات حسب معطيات السوق، ومن الطبيعي أن تعود حركة التهريب للأردن والسعودية والخليج في هذه الفترة بسبب الكثير من المتغيرات في المنطقة، ولكن بلا شك أصبحت أمرا واقعا وتصنيعها وتجارتها مستوطِنة في المنطقة ولا بد من التعامل معها بشكل جديد، لا يمكن أن يكون منفردا من قبل الأردن وحده.
الخبير في الشؤون الإيرانية، نبيل العتوم، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الأردن لم يعد اليوم على ما يبدو يستطيع التعامل مع الوضع في سوريا كما كان في السابق، وخاصة بعد التغير في خارطة المشهد على الحدود بينهما، حيث لم يكن قبل مدة آخذا بالحسبان ما ستؤول إليه الأمور كما هي عليه الآن، خاصة مع تغول الميليشيات الإيرانية وغياب أي دور روسي رادع على أقل تقدير.
ولذلك خرج الملك عبدالله الثاني، وحذر من تصعيد عسكري محتمل على الشريط الحدودي مع سوريا، واصفا أن الأردن تواجه المزيد من التحديات مع الميليشيات الشيعية، وتتمثل بتهريب المخدرات والأسلحة، رادا الأمر إلى تراجع نفوذ روسيا في سوريا بسبب انشغالها بالحرب الأوكرانية، بحسب العتوم الذي لفت إل أن الأردن أدرك أنه بات مستهدفا بشكل مباشر من هذه الميليشيات.
ولفت العتوم، إلى أن الأردن كان ينظر إلى الوجود الروسي كعامل استقرار وتهدئة في الجنوب السوري، ولكن بعد الانسحاب الروسي وجد الأردن نفسه أمام واقع جديد يهدد أمنه بشكل كبير.
إقرأ:الجنوب السوري.. وفد روسي في السويداء والميليشيات الإيرانية تحاصر درعا
تحالف أردني خليجي
بحسب مختصين لـ”الحل نت”، فإن التحالف بين الخليج يتطلب تنسيقا أمنيا عالي المستوى واستراتيجية استخباراتية أكثر من استراتيجية أمنية، ويجب أن تكون مبنية على شكل هذه المخدرات ومرورها وطرق تصنيعها وأهدافها وقنواتها في الداخل السوري، لأنها إذا أُرسلت شحنات بهذا الحجم فهذا يعني أنها كانت مؤمنة، وهناك طرق مؤمنة بالفعل، فبالتالي هذا واقع جديد يجب التعامل معه من رؤية جديدة، ويجب رفع أنواع التنسيق على الأقل في شكل استباقي.
وفي هذا السياق، يوضح العتوم، أن الأردن سيسعى لمجموعة من السيناريوهات عبر إيجاد مظلة إقليمية لمواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد، خاصة أن إيران بصدد إنشاء أكبر قاعدة عسكرية في الجنوب السوري “مالك الأشتر”، والتي سيتم رفدها بعناصر من ميليشيات فاطميون والحرس الثوري، إضافة لمقاتلين أفغان ممن هربوا من أفغانستان لإيران بعد سيطرة طالبان على الحكم وهم من الهزارة الشيعة.
وأمام هذه المعطيات ليس أمام الأردن سوى إيجاد تحالف مع السعودية بشكل خاص ومع الإمارات، إضافة لدعم مجموعات سورية معارضة في الداخل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، إضافة لتسليح العشائر في درعا والقنيطرة لمواجهة النفوذ الإيراني وهو أحد الخيارات الأميركية.
قد يهمك:“منطقة آمنة” في الجنوب السوري.. ما الاحتمالات؟
خطوات لا بد منها
المحلل السعودي، مبارك العاتي يوضح أن “السعودية اتخذت خطوات حازمة للتصدي لهذه الحرب الشرسة عبر تقوية الأجهزة الأمنية المتخصصة ومن خلال تحديث الأجهزة وتدريب الطواقم البشرية عليها”، مبينا أن “أجهزة الاستخبارات السعودية تتبادل المعلومات مع الأجهزة النظيرة لدرء أخطار المخدرات”.
وبحسب العديد من الدراسات والتقارير التي اطلع عليها “الحل نت”، فإن أهم مصدر للمخدرات وأكبرها في مناطق جنوبي سوريا وغربيها، وهي في معظمها تحت سيطرة القوات الإيرانية وقوات حزب الله التي جاءت لدعم حكومة دمشق.
ووفق مختصين، فإن الأردن والخليج، إن لم يكونوا قادرين اليوم على القيام بعمليات في جنوب سوريا لاستهداف مصادر هذه المخدرات، فعلى الأقل يجب رفع مستوى العمل الاستخباراتي وبالتالي الإحباط المستمر لهذه المحاولات ورفع كلفة التفكير في نقل المخدرات إلى هذه الدول.
وبحسب العتوم، فإن إيران فتحت جبهة كبيرة على الأردن ودول المنطقة ليس فقط من خلال تهريب المخدرات، بل أيضا بتهريب نحو 3 آلاف نوع من الذخيرة واستخدام تقنيات حديثة للتهريب من خلال الطائرات المسيرة وحفر الأنفاق، لذلك لا بد من إنشاء هذا التحالف والتعاون مع قوى محلية سورية، فالمواجهة باتت أمرا لا بد منه.
إقرأ:الاغتيالات وسيلة مناسبة لتحجيم النفوذ الإيراني في الجنوب السوري؟
من المهم معرفة أن المخدرات أصبحت بالنسبة للميليشيات الإيرانية اقتصادا مستقلا بذاته، وهي مصدر للسيولة لإيران ولحكومة دمشق، ولا يمكن اليوم العمل على إحباط عمليات التهريب فقط، بل لا بد من الانتقال للعمل على تجفيف مصادرها وإنهائها قبل مواجهتها على الحدود، أو في داخل الدول التي يتم تهريبها إليها
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.