التقنين الكهربائي، عبارة مؤلمة للسوريين لا تزال مستمرة منذ عدة سنوات وتختلف ساعات التقنين بين منطقة وأخرى، إذ يقول السوريون أن العدالة مختلة في سوريا حتى في التقنين، ففي حين تصل ساعات التقنين في ريف دمشق إلى 12 ساعة، تنخفض في درعا إلى 5 ساعات، وفي السويداء إلى 4 ساعات، وفي العاصمة إلى 7 أو 8 ساعات.

آثار التقنين لم تنعكس سلبا على السوريين في منازلهم فحسب، بل امتدت إلى أصحاب المحال التجارية، والصناعيين وأصحاب المصالح الأخرى التي لا يمكن أن يستمروا بعملهم على بطاريات كهربائية، أو ألواح للطاقة الشمسية، فكان التوجه نحو المولدات الخاصة والأمبيرات، رغم كلفتها المرتفعة.

معاناة صناعيي حلب بين الأمبيرات والتقنين

منذ شهر تموز/يوليو الماضي، انخفضت ساعات التقنين الكهربائي بشكل طفيف، بعد إصلاح المحطة الحرارية، لكن على الرغم من ذلك لم ينعكس ذلك الانخفاض بشكل إيجابي على أهالي المدينة وخاصة الصناعيين.

مولدة أمبير في حلب “وكالات”

أبو عبدو، يمتلك محل عدّة صناعية ومخرطة في المنطقة الصناعية في حلب، يعاني كما هو وضع الآخرين من الصناعيين وأصحاب المحال حتى التجارية من تقتين الكهرباء، واللجوء إلى الأمبيرات في الوقت نفسه.

ويروي أبو عبدو لـ”الحل نت”، قائلا: “معاناتنا مع التقنين مستمرة حتى الآن، قبل شهرين استبشرنا خيرا بعد أن تم الإعلان عن إصلاح محطة الكهرباء لكن ذلك لم يغير من الواقع كثيرا، حيث لم تنخفض ساعات التقنين أكثر من ساعة واحدة، ولكن نتيجة لهذا الانخفاض قمنا بالضغط على صاحب مولدة الأمبير، الذي يزودنا بالكهرباء، فقد كنت أدفع أسبوعيا نحو 30 ألف ليرة ثمنا للأمبير الواحد، وقام بتخفيض القيمة بنسبة 10 بالمئة لكل مستفيد، فأصبحت أدفع 27 ألف”.

يضيف أبو عبدو، “لكن هناك تخوف دائم لدي ولدى كل الصناعيين من أن تعود ساعات التقنين خلال الشتاء كما كانت في السابق، إذ أن أصحاب مولدات الأمبير، قاموا بالتخفيض بشكل مشروط ومرتبط بثبات ساعات التقنين، وفي حال عاد التقنين كما كان فسيقومون برفع الأسعار مرة أخرى، في الحقيقة جاء التقنين لصالحهم فتجارة الأمبيرات باتت أكثر ربحا من غيرها، ولكن لا يستطيع الجميع العمل بها لأنها مرتبطة بموافقات ومحسوبيات في مجلس المحافظة”.

إقرأ:سوريا.. لا تشريع لـ”الأمبيرات” حالياً أو في المستقبل

ريف دمشق ومعاناة دون حلول

الكهرباء في ريف دمشق، تدهورت بشكل غير مسبوق خلال الشتاء الماضي ولا تزال حتى الآن، ولا يرتبط تدهورها بساعات التقنين الطويلة فحسب، إنما أيضا بالأعطال الكبيرة في الشبكات والخطوط التي لم تجد لها وزارة الكهرباء حلولا على الرغم من الوعود الكثيرة، والشكاوى التي تقدم بها سكان المحافظة بشكل متكرر.

أبو سليمان، من بدة معربا في ريف دمشق، موظف حكومي، يتحدث لـ”الحل نت”، عن وضع الكهرباء في بلدته قائلا: “في الشتاء الماضي حصل عطل في الشبكة التي تغذي بلدتنا والبلدات المحيطة بها، ومنذ ذلك الوقت لم تقم مديرية الكهرباء بصيانتها على الرغم من أننا قمنا بتقديم عدة شكاوى، ونحن نعاني من ساعات طويلة في التقنين تصل في معظم الأوقات إلى 12 ساعة قطع، وساعة وصل للتيار الكهربائي”.

ويتابع أبو سليمان: “بعض الأهالي وخاصة من يملكون محال تجارية وخاصة تلك التي يجب أن تعمل فيها البرادات اضطروا للاشتراك في مولدات الأمبير، ولكن سعرها مرتفع وازداد منذ نحو شهرين نتيجة الارتفاع الكبير بسعر المازوت في السوق السوداء، حيث يُباع الليتر بنحو 6آلاف ليرة، وقاموا بدورهم برفع الأسعار على الناس حيث يتم دفع مبلغ يزيد عن 30 ألف أسبوعيا مقابل كل أمبير واحد، أما نحن وبالنسبة لمنازلنا فليس لدينا قدرة مادية للتعامل مع أصحاب الأمبيرات التي أصبحت لفئة معينة فقط”.

الأمبيرات تنتعش بريف دمشق

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأربعاء، نقل عن رئيس مجلس مدينة المليحة في ريف دمشق، عمر عسس، أن واقع التغذية في المدينة سيئ جدا وأن أهالي المدينة لا يرون التيار الكهربائي إلا كل 12 ساعة، ساعة واحدة فقط، موضحا أن ذلك انعكس على حاجة الأهالي لتعبئة المياه فالوقت المتاح أمامهم قليل وجميع الأهالي يشغلون مولداتهم في وقت واحد تقريبا.

ووفقا لعسس، فإن المدينة يوجد فيها أكثر من 16 محولة، لكنها تعاني الاستجرار العشوائي للتيار، مبينا أنه تم تمديد خط واحد فقط معفى من التقنين، وتم تشغيل بئر واحد عليه في حين أن عدد الآبار في المدينة يصل إلى 13 بئرا.

من جهة ثانية، كشف رئيس البلدية، أن سعر الكيلو واط الساعي يتراوح من ثلاثة إلى أربعة آلاف ليرة، لافتا إلى أنه ونتيجة التقنين الطويل، يلجأ المستهلكون إلى الأمبيرات لقضاء حوائجهم، مؤكدا أن السبب في ارتفاع سعر الكيلو واط الساعي إلى الصعوبة التي يعانيها مشغلو المولدات في تأمين مادة المازوت، يضاف لها ارتفاع سعر الليتر في السوق السوداء.

هل سينتهي نظام الأمبيرات؟

تقرير سابق لـ”الحل نت”، نقل عن وزير الكهرباء غسان الزامل، أن الوزارة لن تشرّع نظام “الأمبيرات” حاليا أو في المستقبل، وسينتهي أمرها تلقائيا عندما تعود كميات الكهرباء لما كانت عليه سابقا.

وبيّن الزامل، أن نظام “الأمبيرات” يشكل خسارة للاقتصاد الوطني ويؤدي إلى تلوث كبير في البيئة وتشوه بصري، وسيكون هناك إجراءٌ قانوني بشأنها في المستقبل عندما تصل الكهرباء إلى جميع منازل المواطنين بشكل كاف وتغطي احتياجات الناس.

أما بالنسبة للطاقات البديلة، أوضح الزامل، “ليس هناك أي رابط بين عدد ساعات التغذية ووجود ألواح الطاقة الشمسية في البلاد، ولكن الناس تعمل بشكل مستمر على إيجاد حلول، وهناك نوعيات غير جيدة في الأسواق، وتم سحب عينات واختبارها، وتعمل الوزارة على استكمال المخابر وتفعيلها في الأيام القادمة لضمان توافر نوعيات جيدة في الأسواق”، على حد قوله.

نظام الأمبيرات غير قانوني

في حديث سابق، اعتبر عضو المكتب التنفيذي لمحافظة ريف دمشق حسين العبد الله، أن وضع “الأمبيرات” غير قانوني، وهي حاليا موجودة في بعض المناطق بريف دمشق، مثل عربين ودوما وزملكا وغيرها، وهي خلاف عملية الاستجرار النظامي، لكون هناك شركة للكهرباء بريف دمشق، وهي تقوم بالأعمال الموكلة إليها بشكل أساسي وذلك حسب الإمكانات المتوفرة حاليا من المواد وتوزيع الطاقة، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

وأضاف عضو المكتب التنفيذي، أن نظام “الأمبيرات” غير قانوني وغير مقبول كونه غير مرخص، وهناك سعي مع شركة الكهرباء لتحسين واقع الشبكات فيها لإيصال الكهرباء إلى كافة أنحاء ريف دمشق بالسعر المدعوم”، وفق زعمه.

تعتيم كهرباء محتمل

في تموز/يوليو الماضي، تحدث وزير الكهرباء السورية، غسان الزامل، عن احتمالية تعرض سوريا لحالة “تعتيم عام”، يشابه ما حدث في شهر حزيران/يونيو الفائت بسبب عطل تعرضت له إحدى المحطات المركزية لتوليد الطاقة الكهربائية.

تقنين الكهرباء في السويداء “وكالات”

 وأضاف الزامل، أن “التعتيم” يُعدّ من أسوأ الحالات التي تتعرض لها المنظومة الكهربائية، مشيرا إلى أن ما حصل في المرة الأخيرة كان الأصعب كونه جاء نتيجة عطل، إلى جانب عدم وجود أي تجاوب من الجانب اللبناني للحصول على توتر مرجعي، وعدم القدرة على الحصول عليه من السدود.

وحول السبب المتوقع لحدوث “تعتيم” جديد، بيّن الزامل، أن ذلك بسبب العمل على الخط “الحرِج” في الطاقة الكهربائية وأي تفاقم في الأعطال يؤدي إلى ذلك.

قد يهمك:نظام “الأمبيرات” ينتعش تدريجيا في سوريا

لا حلول في الأفق لواقع الكهرباء في سوريا، فالتصريحات الحكومية مستمرة منذ أكثر من عام لكن لا تطبيق عملي لها، ومعاناة السوريين تَزيد سواء في الصيف أو الشتاء نتيجة لهذا الواقع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.