بعد شهرين من سقوط حكومة ماريو دراجي، في 21 تموز/يوليو الماضي، والتي تعد الحكومة الثالثة منذ عام 2018، وفوز جورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية نهاية الشهر الماضي في إيطاليا، حيث ستُتاح لحزب من الفاشيين الجدد فرصة حكم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1945.

حيث أحدثت الانتخابات التشريعية الإيطالية المبكرة، للبرلمان الإيطالي بمجلسيه النواب والشيوخ، زلزالا سياسيا جديدا في أوروبا، جاء على وقع تصاعد الجدل حول قضايا مثل الطاقة بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، وقبلها الهجرة، التي تصاعدت حدّتها بفعل الأزمات التي شهدتها، وما زالت منطقة الشرق الأوسط.

وقد أثبتت نتائج الانتخابات ما جاء في استطلاعات الرأي التي رجّحت فوز الائتلاف اليميني بقيادة جورجيا ميلوني، زعيمة حزب “أخوة إيطاليا”، بنسبة تتخطى 40بالمئة، وتمكنها من تشكيل حكومة إيطالية يفترض أنها ذات أجندة واحدة على عكس الحكومات السابقة التي كانت أقرب إلى حكومات توافقية بدون سند حزبي واضح.

ما الذي جرى في الانتخابات؟

نتائج الانتخابات أسفرت عن فوز الائتلاف اليميني بقيادة جورجيا ميلوني، بنسبة 43.8بالمئة من مقاعد مجلسي الشيوخ والنواب، في حين أن الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة تفرض الحصول على 40بالمئة من مقاعد المجلسين، وجاء تحالف اليسار في المرتبة الثانية وفاز بنسبة 26 بالمئة من المقاعد، يليه حركة خمس نجوم عند 15.4بالمئة.

ممثلو اليمين الإيطالي الذي فاز في انتخابات 2022 “وكالات”

وقد شهدت الانتخابات أيضا تراجعا في الإقبال على المشاركة، إذ بلغت نسبة التصويت 64بالمئة، مقارنة بـ 73بالمئة في الدورة السابقة عام 2018، ويرجح أن نسبة الانخفاض تعود لحالة من الإحباط التي تسود المشاركين من سياسات الأحزاب المتنافسة، والتي كانت أغلبها جزءا من الحكومات الثلاث التي مرت على إيطاليا منذ مارس 2018 وحتى سحب الثقة من حكومة ماريو دراجي، وحل البرلمان الإيطالي في 21 تموز/يوليو الماضي.

وبالتالي فيمكن تفسير ما جرى في الانتخابات التشريعية الإيطالية كما يلي، فقد تنافست في الانتخابات ثلاثة ائتلافات رئيسية، ائتلاف اليمين، وائتلاف اليسار، وائتلاف الوسط، ودخلت حركة خمس نجوم منفردة، مع مشاركة أحزاب صغيرة أخرى، وجرى التنافس في ضوء تقليص غرفتي التشريع الإيطالي، حيث أصبح مجلس النواب 400 مقعد والشيوخ 200 مقعد بدلا من 630 للأول، و300 للثاني، مع بقاء النظام الانتخابي المختلط الذي يجمع بين القوائم والفردي على ما هو عليه.

وفي نتائج الانتخابات، حاز الائتلاف اليميني على ما يقارب من 44بالمئة من المقاعد في غرفتي التشريع، وهي عبارة عن ارتفاع مقاعد حزب “إخوة إيطاليا” بنسبة 21.7بالمئة، وعلى النقيض من انتخابات 2018 تراجع حزبا “فورزا إيطاليا” و”الليغا “رابطة الشمال” بنسبة 5.14بالمئة و9.59بالمئة على التوالي، وهو ما يعنى أن برنامج وخطاب جورجيا ميلوني، استطاع أن يخصم من شعبية ونفوذ بقية الإئتلاف اليميني، فضلا عن فوزه أيضا في المناطق العمالية التي دعمت حركة “خمس نجوم” في 2018، والتي تراجعت شعبيتها تقريبا للنصف. وربما يعود سبب خسارة حركة نجوم إلى أنها شريك رئيسي في الحكومات الثلاث التي جاءت سواء بقيادة جوزيب كونتي أو ماريو دراجي، ومن ثم تتحمل الجزء الأكبر أمام الناخبين من استمرار تردى الأوضاع برفقة حزبي “فورزا إيطاليا” و”الليغا”، على عكس حزب “إخوة إيطاليا”، الذي لديه ميزة نسبية من بقائه خارج الحكومات كمعارض لها ومن ثم يمكن اعتباره حامل وجه التغيير، وهو ما اتضح في برنامج جورجيا ميلوني، الذي ارتكز على ثلاث محددات، لا للمثلية، لا للعولمة، لا للمهاجرين، مع تخفيف حدة الخطاب الموجه ضد الاتحاد الأوروبي، والتركيز على طرح سياسات إصلاحية.

كما خاضت الكتل اليسارية والاشتراكية الانتخابات الإيطالية، في ثلاثة تيارات، الأول بقيادة انريكو ليتا رئيس “الحزب الديمقراطي” مع أحزاب “الخضر” وأحزاب مؤيدة لأوروبا، وحصد 26بالمئة من المقاعد، نصيب الديمقراطي منها حوالي 19.1بالمئة، علما بأنه حصد في انتخابات 2018 حوالي 18.9بالمئة، بما يعنى أن خوضه الانتخابات مع ائتلاف صغير لم يكن مجديا، خاصة وأن بقية الائتلاف المشارك حصد فقط حوالي 5بالمئة، مثّل التيار الثاني كتلة الوسط، وهي عبارة عن مجموعة انفصلت عن الحزب الديمقراطي في 17 أيلول/سبتمبر 2019، بقيادة ماتيو رينزي رئيس وزراء إيطاليا الأسبق وزميله السابق في الحزب كارلو كاليندا.

هذه الكتلة لم تحصد سوى 7.8بالمئة من المقاعد، أما عن التيار الثالث فهو حركة “خمس نجوم” بقيادة جوزيبي كونتي رئيس وزراء إيطاليا الأسبق، والذي حل رئيسا للحركة، بعد دى مايو، الذي انفصل عنها مع مجموعة من النواب أيضا. وقد حصدت الحركة حوالي 15.4بالمئة من المقاعد بما يقل عن نصف مقاعدها في انتخابات 2018. وعلى الرغم من اشتراك حركة “خمس نجوم” و”الحزب الديمقراطي”، في بعض السياسات مثل الحد الأدنى للأجور وقضايا الهجرة، إلا أنه لم يحدث وفاق بينهما، وهذا ما أدى لعدم نجاح تشكيل حكومة يسارية أو بالحد الأدنى تحالف معارضة جيد.

قد يهمك:اليمين المتطرف يفوز بانتخابات إيطاليا.. ما الذي سيتغير في أوروبا؟

مؤشرات الانتخابات الإيطالية

الانتخابات التشريعية الإيطالية الأخيرة أدت إلى متغيرات عديدة أظهرتها النتائج الانتخابية، فبالنسبة لحزب “إخوة إيطاليا”، بعد حصوله على 2بالمئة أي 9 مقاعد فقط في انتخابات عام 2013، استطاع الحزب الذي يصنف من الأحزاب “الفاشية” الحصول على المركز الأول في الانتخابات الأخيرة بنسبة 29 بالمئة من المقاعد أي 119 مقعد وهذه تعد سابقة تاريخية لم تحصل منذ العام 1945.

واللافت أن هذا الحزب، الذي تتزعمه جورجيا ميلوني، استطاع زيادة عدد أصواته بمقدار ستة أضعاف خلال أربع سنوات. ويدرج البعض هذا الانتصار في إطار انحراف إيطاليا نحو اليمين، الذي بدأ مع نجاح حزب “الرابطة” اليمني المتطرف، في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2018 في الحصول على نسبة 17بالمئة من الأصوات، ومن ثم حصوله في الانتخابات الأوروبية عام 2019 على 33بالمئة.

وأيضا أدت الانتخابات الأخيرة إلى، حدوث تحولات في بنية ائتلاف اليمين، فحصول التحالف المؤلف من حزب “إخوة إيطاليا” بقيادة جورجيا ميلوني، وحزب “الرابطة” اليميني المتطرف بقيادة ماتيو سالفيني، وحزب “فورزا إيطاليا” المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني، على ما يُقارب 44بالمئة من أصوات الناخبين، قد أتاح له امتلاك أغلبية مطلقة مريحة تصل إلى حوالي 237 مقعدا من أصل 400 مقعد في البرلمان، ويُلاحظ أنه لأول مرة يتم تسجيل انتقال القيادة داخل تحالف موسّع لليمين من حزب يميني محافظ هو “فورزا إيطاليا” إلى حزب يميني متطرف هو “إخوة إيطاليا”، لكن بالرغم من انتقال القيادة داخل هذا التحالف، فإن برلسكوني، زعيم “فورزا إيطاليا”، قد يستغل مسألة، أن اليمين المتطرف لا يستطيع تشكيل أغلبية مطلقة من دونه للمقايضة من أجل الحصول على مكاسب مرتفعة. فقد يلوّح برلسكوني، بإمكانية الانسحاب من التحالف، والاتجاه نحو حكومة تكنوقراط أو وحدة وطنية، مما قد يجعل زعامة ميلوني، في خطر، وإن كانت الأخيرة قد أكدت صلابة تحالف اليمين وأنه سيستمر لخمس سنوات قادمة.

كما أسفرت الانتخابات، عن فقدان عدد من الأحزاب نصف تأييدها، فبالرغم من نجاح ائتلاف اليمين في الفوز بالانتخابات التشريعية الإيطالية الأخيرة، فقد تراجعت نسب تأييد حزب “الرابطة” الذي حصل في انتخابات 2022 على نصف النسبة تقريبا، والأمر نفس بالنسبة لحركة “الخمس نجوم”، ولكن على الرغم من هذا التراجع الكبير، استطاعت الحركة أن تحصد 52 مقعدا، كما أظهرت النتائج أنها ما زالت تحظى بالتعاطف في مناطق الجنوب الإيطالي.

وأخيرا أدت الانتخابات إلى قيادة “الحزب الديمقراطي” للمعارضة، فبحلوله في المركز الثاني بنسبة 19بالمئة من الأصوات أي 69 مقعد، أصبح “الحزب الديمقراطي”، القوة الرئيسية للمعارضة في إيطاليا. وقد دفعت هذه النتيجة المخيبة لآمال أنصار الحزب، زعيمه إنريكو ليتا إلى الاستقالة من منصب سكرتير الحزب. وكان “الحزب الديمقراطي”، قد نسج تحالفا تحت قيادته مع عدة أحزاب صغيرة (يسارية وبيئية ومؤيدة للاتحاد الأوروبي)، إلا أن هذا التحالف فشل في الترويج لمبدأ “التصويت المفيد” لعرقلة جورجيا ميلوني، جامعا ما نسبته 26.12بالمئة من الأصوات فقط، وهي بعيدة جدا عن نسبة 44بالمئة التي حققها ائتلاف اليمين.

لماذا فاز اليمين؟

من أهم أسباب نجاح تحالف اليمين في انتخابات إيطاليا، اتباع جورجيا ميلوني، استراتيجية مزجت فيها بين تطلعات الناخبين المحافظين وبين الاستياء العام من أداء حكومة ماريو دراغي السابقة، بالإضافة إلى عوامل مساعدة أخرى، من بينها الاستفادة من التصويت العقابي، فقد استفادت ميلوني، من عدم المشاركة في حكومة دراغي، الأمر الذي مكّنها من جذب أصوات شريحة من الناخبين الإيطاليين يصوتون بشكل تلقائي ضد الأحزاب التي كانت موجودة في الحكم أيّا كان توجهها، كما أنها استفادت من أن حكومة دراغي، كانت تضم جميع الأحزاب ما عدا حزبها، مما دفع بشريحة ثانية إلى اختيارها أملا في حصول تغيير حقيقي، علاوة على استفادة ميلوني، من استياء شريحة من ناخبي ماتيو سالفيني، من أدائه المخيب بعد وصوله إلى السلطة بقبوله المشاركة في حكومة واحدة مع اليسار. كذلك استطاعت ميلوني، استقطاب شخصيات يمينية كانت منتمية إلى حزب “فورزا إيطاليا”، وأقنعتها بالترشح ضمن قوائم حزبها.

وساهم في فوز اليمين أيضا، تحول في النظرة إلى الفاشية حيث نجح حزب ميلوني في اختراق العديد من الدوائر الانتخابية التي كانت تصوّت تاريخيا لمصلحة اليسار لاسيما في المعقل الشيوعي السابق في “سيستو سان جيوفاني”، وهي مدينة صناعية في لومبارديا، وذلك لعدة أسباب من أهمها عدم نجاح آليات إقناع الناخبين للتصويت بكثافة من أجل الحيلولة دون وصول اليمين المتطرف. وقد تجلى ذلك في ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت وتسجيلها رقما قياسيا بلغ 36بالمئة بزيادة 10 نقاط عن انتخابات 2018.

ومن الأسباب أيضا، النجاح في اللعب على مخاوف الإيطاليين، فقد تم اختيار شعارات ميلوني ومواقفها السياسية بعناية، مما جعلها تجذب جزءا كبيرا من الجمهور المحافظ في إيطاليا، فمثلا كان إعلان معارضتها للإجهاض يستند إلى خلفية عميقة، فإيطاليا تعتبر ثاني أكثر بلد من حيث نسبة المسنّين في العالم بعد اليابان، وتعتبر مسألة “الشتاء الديموغرافي” مسألة مقلقة بالنسبة للمجتمع الإيطالي، حيث تراجع عدد الولادات في السنة الواحدة بنسبة 30بالمئة خلال آخر عشر سنوات، وبالتالي فإن تبني شعار “الله والوطن والعائلة”، ومعارضة الحق في الإجهاض، يندرج ضمن محاولات إثارة عواطف الناخبين، واللعب على مخاوفهم من قدوم اللاجئين الأغراب في ظل تراجع أعداد الإيطاليين.

كما أن أحد الأسباب هو، الاستياء شعبي من ارتفاع أسعار الطاقة، فقد ذكر تقرير صادر عن جمعية الصناعيين في إيطاليا أن خيار وقف استيراد الغاز من روسيا سيؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2بالمئة في عام 2023، وذكر تقرير آخر أن 120 ألف مؤسسة مهددة بالإغلاق بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، كما تم تسجيل زيادة النفقات الخاصة بالطاقة في قطاع الخدمات وحده بمقدار ثلاثة أضعاف عما كان عليه في عام 2021. وترافق هذا مع تظاهرات في بعض المدن الإيطالية، معارضة لحكومة دراجي، التي لم تشعر بمعاناة المواطنين العاديين الذين ارتفعت فواتيرهم الخاصة بالطاقة بنسبة 450بالمئة. وقد حمّل ماتيو سالفيني، الاتحاد الأوروبي مسؤولية هذا الارتفاع، نظرا للعقوبات التي تم فرضها على روسيا، معتبرا أن هذه العقوبات أتت بنتائج عكسية وأدت إلى تضرر الشعوب الأوروبية من العقوبات أكثر من موسكو.

وأما السبب الأخير فهو، إخفاق مساعي التحالف بين اليسار والوسط، حيث يعطي النظام الانتخابي الإيطالي، الذي يمزج بين الاقتراع النسبي والأكثري، حيث يُنتخب حوالي 37,5بالمئة من أعضاء البرلمان على أساس أكثري، ويتم اختيار البقية عن طريق التمثيل النسبي وفق دورة واحدة الأفضلية للائتلافات الكبرى التي تتم بين عدة أحزاب، وهذا ما أخفقت في التوصل إليه الأحزاب التي كانت تَود قطع الطريق على وصول اليمين المتطرف.

التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة

العديد من التحديات التي تواجه حكومة جورجيا ميلوني، من بينها، العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، فعلى الرغم من إعلان ميلوني تأييدها بقاء إيطاليا في الاتحاد الأوروبي، فقد طالبت، مع حليفيها سالفيني وبرلسكوني، باتحاد أوروبي أكثر نشاطا على الصعيد السياسي، وأكثر سلاسة في التعامل على الصعيد البيروقراطي، وتم تضمين ذلك في البرنامج السياسي للتحالف الذي أعلنوا فيه دعمهم الكامل لعملية التكامل الأوروبي. كما أدلت ميلوني، ببيان أعلنت فيه الالتزام بالمشروع الأوروبي.

مهاجرون بالقرب من السواحل الإيطالية “وكالات”

غير أن كل هذه التطمينات لم تمنع من ظهور بعض الآراء التي تضع ذلك ضمن التغيير في تكتيكات المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي، ومنهم اليمين المتطرف الإيطالي، حيث إن معارضتهم لتدخل مؤسسات الاتحاد في سياسة الدول الداخلية ما زالت موجودة، لكنهم لم يعودوا يجاهرون بها، متجهين إلى محاولات تفريغ الاتحاد من الداخل عبر المطالبة بإصلاحات على صعيد مؤسسات الاتحاد تسلبها صلاحياتها.

ولكن ومن غير المرجح أن تتجه حكومة ميلوني، إلى صِدام سريع مع المفوضية الأوروبية، لأنها تحتاج إلى أموال خطة التعافي المرصودة لإيطاليا. لكن من المتوقع أن تظهر مساعي تفكيك الاتحاد من الداخل مع الوقت بالتحالف مع أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية الأخرى.

ومن التحديات، طرح تحويل نظام الحكم في إيطاليا إلى رئاسي، كان هناك تخوف من إمكانية حصول تحالف الأحزاب اليمينية الثلاثة على ثُلثي مقاعد البرلمان الإيطالي، الأمر الذي يمكّنهم من إجراء تعديلات دستورية مهمة، مثل جعل انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب وليس عبر البرلمان. ويبدو أن ميلوني، التي تقول إنها تريد استبدال “ديمقراطية الشعب” بـ “الديمقراطية البرلمانية”، لن تتنازل عن هذا المطلب بسهولة، مما يثير قلق قطاع من الإيطاليين المتخوفين من عودة الفاشية كما كانت موجودة من قبل في إيطاليا والتي تقدس “القائد الأوحد”، وتضع كل السلطات في يده ولا تتقبل وجود أي معارضة.

كما أن التقارب مع روسيا، من التحديات المهمة، حيث تُثار تساؤلات جوهرية حول إمكانية تغيير الحكومة الإيطالية الجديدة موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا، أي معارضة تزويد كييف بالسلاح، وفرض العقوبات على موسكو، والاتجاه بدلا من ذلك نحو التقارب مع روسيا، الأمر الذي من شأنه إضعاف الموقف الأوروبي الموحد تجاه موسكو.

 وتحاول ميلوني، إظهار التماهي مع الموقف الأوروبي في هذا الملف، فقد سبق أن أدانت التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، إلا أن سالفيني وبرلسكوني، معروف عنهما قربهما من الرئيس بوتين، ومعارضتهما الخطوات التي يتخذها الاتحاد الأوروبي في هذه الأزمة. ومما يزيد الشكوك حول طبيعة الموقف الحقيقي للحكومة الإيطالية المقبلة من روسيا، ما كشفته مصادر أميركية عن دعم مالي روسي، لمجموعة من الأحزاب في أوروبا، بهدف تسهيل وصولها إلى السلطة على أن تتبنى في المقابل مواقف مؤيدة لموسكو، ولا يُستبعد أن تكون أحزاب اليمين الإيطالي مستفيدة من هذا الدعم.

كما تواجه ميلوني، تحديات في ملف الهجرة، والتدبير الرئيسي الذي تتبناه ميلوني وتريد تطبيقه فيما يتعلق بسياسات الهجرة، هو إقامة حصار بحري في وجه المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط، وتقترح ميلوني ترتيب هذا الحصار البحري بشكل ثنائي مع السلطات الليبية، وبمساعدة الاتحاد الأوروبي.

وأيضا تواجه الحكومة الجديدة، التعامل مع الأزمة الاقتصادية حيث ستجد الحكومة الإيطالية الجديدة نفسها أمام مسؤولية معالجة الوضع الاقتصادي المتردي، عقِب أزمتين متتاليتين وهما انتشار وباء كورونا والحرب الأوكرانية، وسيكون عليها مهمة إجراء الإصلاحات الاقتصادية وفق الالتزامات والمواعيد المتفق عليها مع الاتحاد الأوروبي لضمان الحصول على المساعدات المالية المتبقية بموجب خطة التعافي الوطني والقدرة على الصمود، والتي يبلغ إجمالي قيمتها أكثر من 220 مليار يورو، منها 191 مليارا مقدمة من الاتحاد الأوروبي ويتم دفعها على 4 سنوات.

إقرأ:وصول اليمين المتطرف في أوروبا.. ما النتائج؟

تحديات مختلفة تواجه جورجيا ميلوني، بالتزامن مع العمل على تشكيل الحكومة الجديدة في بلد يعاني في الأصل من عدم استقرار سياسي، وأزمة اقتصادية كبيرة تعاني منها إيطاليا يبلغ الدَّين العام فيها إلى نسبة 150 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي، تحتاج في معالجتها إلى دعم الاتحاد الأوروبي الذي ينظر بحذر إلى حكومة يمينية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.