بعد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت إيران على خلفية وفاة مهسا أميني، بعد أيام من اعتقالها من قِبل شرطة “الآداب“، سلط تقرير لـ “الإندبندنت”، الضوء على ما بعد تلك الاحداث، وناقش شكل إيران في حال سقوط نظام الخامنئي.

التقرير الذي أعده مراسل الإندبندنت الدولي، بورزو داراغي، ونقله موقع “بي بي سي عربي“، يقول إنه وعلى الرغم من 43 عاما في السلطة “لتصحيح الأمور“، إلا أن الجمهورية الإسلامية فشلت في جميع أهدافها تقريبا. فالإيرانيون اليوم أقل ازدهارا وأقل حرية ويمكن القول إنهم أقل تدينا مما كانوا عليه قبل ثورة 1979، التي جلبت حكم رجال الدين إلى البلاد.

إذ أن النجاح الوحيد الذي حققته إيران ما بعد 1979، كان القتل أو إغلاق أو سجن أو نفي أي شخص، أو أي كيان شكّل تحديا لها، وهو ما جعل قلة قليلة سوى تخيل أي بديل للنظام الحالي، يشير داراغي في مقاله، ناقلاً عن أحد طلاب العلوم السياسية في طهران، قوله “حتى التفكير في سقوط الجمهورية الإسلامية أمر صعب“.

بحيث أن “الجمهورية الإسلامية هي بنية أيديولوجية مرتبطة بالدين، لا يمكن حتى التفكير في بديل لها، بل أن التفكير في سقوط هذا النظام هو أمر ليس فقط غير واقعي، بل سريالي“، يتحدث الطالب عن القبضة التي أحكمها النظام الإيراني، ويعتبر دراغي، من جانبه إن “الوقت ربما حان للبدء في التفكير في إيران ما بعد الملالي“.

وعن تلك التخيلات، تحدث دراغي لمجموعة من المختصين، حيث صرّح مهدي قدسي، خبير الشؤون الإيرانية في “معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية“، إن “هناك حاجة إلى أن يظهر القادة نوعا من القيادة“، مضيفا: “نحن بحاجة إلى أن يتدخل هؤلاء القادة في أسرع وقت ممكن“.

اقرأ/ي أيضا: “الاغتيالات القسرية”.. استراتيجية جديدة لبوتين للانتقام من الغرب؟

بديل ناجح

أثناء ذلك، يشير الكاتب إلى أنه وفي النقاش مع العديد من الخبراء، ظهر عدد من الأسماء لإيرانيين داخل وخارج البلاد، يتمتعون بالمصداقية والنزاهة وقواعد الدعم العام وربما المهارات اللازمة لقيادة، أو المشاركة في حكومة انتقالية.

وينقل عن أحد الخبراء في الشؤون الإيرانية قوله، إنه “لا أعتقد النشطاء يصنعون قادة جيدين في حد ذاتهم“، بل أن هناك حاجة “إلى أشخاص لديهم معرفة تكنوقراطية وأشخاص يفهمون البيروقراطية والتسويات الديمقراطية“.

بدوره قدسي، شدد على ضرورة أنه “يجب عليهم حشد أنفسهم في أسرع وقت ممكن، ليس فقط للتفاوض مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولكن للتفاوض مع روسيا والصين“، مبيّنا إنه “يجب أن يُقنعوا روسيا والصين بأنهم سيتعاونون معهم مرة أخرى، وليس مع الغرب فقط، فمثل هذه الضمانات من شأنها أن تسهّل عملية الانتقال“.

لكن الكاتب من جهته، اعتبر أن إحدى البطاقات الصعبة في إيران هي القوات المسلحة التي لم تظهر، في رأيه، سوى القليل من علامات الانفصال عن النظام حتى الآن، في حين يعتقد الخبير في الشؤون الإيرانية بـ “معهد دول الخليج العربي في واشنطن“، علي الفونة، أن “السيناريو الأكثر ترجيحا في أعقاب الجمهورية الإسلامية هو المجلس العسكري بقيادة شخصيات من الحرس الثوري“، مشيرا إلى أنهم “يتوقون لإثراء أنفسهم“.

فونة، قال للصحيفة البريطانية، إنه “إذا ضحى المجلس العسكري التابع للحرس الثوري الإيراني ببعض رجال الدين، ربما خامنئي، وألغى الحجاب وشرع نوادي الخمر والرقص، فإن ديكتاتورية الحرس الثوري الإيراني يمكن أن تستمر 10 سنوات على الأقل في السلطة“، لافتا إلى أن “الحرس الثوري هو المهرب الرئيسي للمشروبات الكحولية إلى إيران من كردستان العراق“، منوّها إلى أنهم “يؤمنون بالربح لا بالنبي“، على حد تعبيره.

اقرأ/ي أيضا: إسرائيل نحو انتخابات سادسة في أقل من 4 سنوات.. ما النتائج المتوقعة؟

إمكانية سقوط النظام الإيراني

في مقابل ذلك، وفي الوقت الذي يواصل فيه المتظاهرون الإيرانيون مواجهة النظام “الاستبدادي”، بهتافات “الموت للديكتاتور” وهو شعار يستهدف حكم القبضة الحديدية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، نقل موقع “الحرة“، توقعات خبراء غربيون وإيرانيون تحدثوا لشبكة “فوكس” الإخبارية الأميركية، حول مآلات الحراك الاحتجاجي في إيران، وما بعده.

ويرى الخبراء أن الاحتجاجات الواسعة التي وصلت لنحو 140 مدينة وقرية إيرانية، ربما تؤدي بالنهاية لسقوط نظام حكم رجال الدين الذي يسيطر على السلطة منذ 43 عاما.

غير أن “السؤال الأكثر إلحاحا الذي يطرحه الخبراء في الوقت الحالي هو هل ستنهي هذه الاحتجاجات النظام المتشدد الذي يحكم البلاد؟“، وفقا للشبكة، مبيّنة أن الإيرانيين تمكنوا من قلب الطاولة على خامنئي، من خلال دعواتهم لإسقاط النظام.

وفي إطار ذلك، تقول الخبيرة في الشؤون الإيرانية ورئيسة تحرير مؤسسة “ذي فورين ديسك” ليزا دفتري، إن “الطريقة التي سيتم بها الإطاحة بهذا النظام ستكون عبر الشعب، وهي ذات الطريقة التي وصلوا بها إلى السلطة“، مضيفة أنه “على الرغم من وحشية النظام في التعامل مع الاحتجاجات، إلا أننا نرى المتظاهرين متحمسين أكثر من أي وقت مضى“.

دفتري، كذلك بينت أن “الشعب الإيراني يوصل رسالة للعالم أنه قادر على تحمل عبء إسقاط النظام، لكنه بحاجة إلى المساعدة“، في حين ترى أن “الدعم يجب أن لا يقتصر على التصريحات بل من خلال عمل الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، على دعم مهمة إزالة النظام الإيراني عبر فرض عقوبات على القطاعات التي تتعامل بشكل مباشر مع النظام الإيراني“.

ضرورة الموقف الدولي في إسقاط النظام الإيراني

الخبيرة في الشؤون الإيرانية شددت أيضا، على أن “الغرب مُطالب بالتّخلي عن مفاوضات العودة للاتفاق النووي الذي سيمنح النظام الإيراني مليارات الدولارات“، وفي الوقت الذي يواصل فيه وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، التقليل من أهمية الاحتجاجات.

بدورها مريم معمار صادقي، الزميلة في “معهد ماكدونالد لوريير” بكندا، ترى أن “المحتجين أظهروا أنهم قادرون على الخروج إلى الشوارع في جميع المدن الكبيرة والصغيرة في وقت واحد واحتلال معظم أجزاء المدن الكبيرة في وقت واحد أيضا“، وتقول، إن “وحدة الشعب الإيراني غير مسبوقة منذ ثورة 1979، وكذلك غضبهم ضد النظام“.

معماري صادقي، وصلت قولها بأن “العديد من شعوب العالم تمكنت من إسقاط أنظمة شمولية من خلال العصيان المدني الشامل، والشعب الإيراني قادر على فعل الشيء نفس“، وحثّت “الديمقراطيات في العالم على التوقف عن إضفاء الشرعية على أولئك الذين يقمعون المتظاهرين الإيرانيين من خلال الاستمرار في التفاوض معهم“.

بالمقابل، فرضت وزارة الخزانة الأميركية، مؤخرا عقوبات على “شرطة الأخلاق” الإيرانية بسبب الإساءة والعنف ضد النساء وانتهاك حقوق المتظاهرين الإيرانيين السلميين.

ويقول الخبير في شؤون إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بهنام بن طالبلو، إن “الغرب مطالب اليوم بتوفير الأموال ودعم التكتيكات اللازمة لتنشيط حركة المحتجين“، ويجب أن تشمل هذه التكتيكات وفقا لبن طالبلو “إرسال وتأمين الأجهزة اللازمة في إيران لجعل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية حقيقة واقعة، وكذلك ضمان قدرة المحتجين على التواصل فيما بينهم، لا سيما عبر الهواتف المحمولة في حالة انقطاع الإنترنت“.

اقرأ/ي أيضا: انتخابات مبكرة في الدنمارك.. أزمة سياسية غير منتهية؟

تكثيف العقوبات

بن طالبلو، دعا واشنطن أيضا “لتكثيف العقوبات ضد نخب النظام والمسؤولين على المستوى الوطني وكذلك القادة المحليين والمسؤولين السياسيين الذين يقمعون المتظاهرين أو يدعون لقتلهم“، في حين تشدد معمار صادقي على أن “الديمقراطيات يجب أن تستثمر الآن في التخطيط الاستراتيجي لليوم التالي لسقوط النظام“.

بناء على ذلك، اختتم تقرير “فوكس“، بالقول إن “السؤال المطروح حاليا من قبل العديد من الخبراء الإيرانيين لم يعد يتعلق بإمكانية انهيار النظام، بل متى سيتم ذلك“.

وأطلقت وفاة مهسا أميني (22 عاما)، وهي من أكراد إيران، شرارة احتجاجات في أنحاء إيران شكلت أكبر تحدّ منذ سنوات لرجال الدين الذين يحكمون البلاد، وتخللت الاحتجاجات خلع نساء لحجابهن في تحد للمؤسسة الدينية، بينما دعت حشود غاضبة لإسقاط المرشد الأعلى علي خامنئي.

وتقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن أكثر من 185 شخصا لقوا حتفهم وأصيب المئات واعتقل الآلاف في حملة قمع شنتها قوات الأمن على الاحتجاجات، التي دخلت أسبوعها الرابع.

اقرأ/ي أيضا: انهيار الاسترليني كارثة عالمية.. حقبة اقتصادية جديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة