دون سابق إنذار اندلعت المواجهات بين “الفيلق الثالث” في “الجيش الوطني”، وفرقة “الحمزة” المعروفة محليا بـ”الحمزات” التابعة للفيلق الثاني، بعد أن أعلنت الإدارة الأمنية لـ”الفيلق الثالث” والذي تعتبر “الجبهة الشامية” المكون الرئيسي له، تورط عناصر من أمنيي “الحمزة”، باغتيال الناشط محمد عبد اللطيف أبو غنوم، وزوجته يوم الجمعة الفائت.

عفرين التي كانت في عين العاصفة في هذه المواجهات، شهدت قتالا بين تلك الأطراف، فقد وصلت قوات لـ “هيئة تحرير الشام” إلى ريف عفرين قادمة من إدلب، وسيطرت على نقاط في منطقة الباسوطة بريف عفرين، بعد انسحاب عناصر “فيلق الشام” منها، كما شهدت عفرين مساء أمس الثلاثاء، تطورات على الصعيد العسكري أطرافها “هيئة تحرير الشام” و”الفيلق الثالث”.

وجاء إرسال “هيئة تحرير الشام” أرتالا عسكرية إلى عفرين، على إثر الإعلان عن طرد “حركة نور الدين الزنكي” لـ “فرقة الحمزة” من عدة قرى وبلدات في المنطقة والسيطرة على مقارها.

ما مصير هذا الاقتتال؟

يوم أمس الثلاثاء قامت قوات “الزنكي” بطرد فرقة “الحمزة”، من قرى “جولقان وكوكان وكرزيته وفقيران وقوجمان وشيخ عبد الرحمن” بريف عفرين، بحسب ما تداول ناشطون صوراً أظهرت عناصر “الزنكي”، في النقاط المُسيطر عليها.

تحركات “الزنكي” بعد ساعات من سيطرة “الفيلق الثالث” على جميع المقار التابعة لـ “فرقة الحمزة” في مدينة الباب، بعد اعتراف عناصر يتبعون لـ “الفرقة” بتورطهم في عملية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف أبو غنوم.

عناصر من الفيلق الثالث “وكالات”

الصحفي عقيل حسين، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الصراع بين الفصائل في الشمال يتوقف على وعي هذه الفصائل بإمكانياتها وقدراتها، وخطورة المرحلة التي تمر بها المناطق الخارجية عن سيطرة دمشق والقضية السورية برمتها.

حتى الآن لا يبدو أن هناك وعي كافي لدى الفصائل الصغيرة كـ”الحمزات” و”العمشات” وغيرها، أما الوعي الموجود لدى الفصيلين الأكبر “الفيلق الثالث” و”هيئة تحرير الشام”، هو وعي ذاتي فقط وليس موضوعيا بمعنى أن كل جهة منهما تتعامل مع ما يجري على أنه فرصة لحسم الأرض والميدان والسيطرة لصالحه، لمن لا تقرأ كل منهما قوة وخطورة الطرف الآخر، حيث يخطئ “الفيلق الثالث”، إذا اعتقد أن الأمور ستكون ميسّرة له، كما تخطئ “الهيئة”، إذا اعتقدت ذلك لأنها تظن أن لديها أدوات تساعدها في الشمال.

لكن “الهيئة”، ليس لديها ما تخسره وما هو قادم مكاسب بالنسبة لها حيث أن “الفيلق الثالث” في وضع خطر لأنه في موقع دفاع، وهذا الصراع يتوقف على التدخل والقرار التركيين، بحسب حسين.

إقرأ:الفصائل السورية المدعومة أميركيا: هل تجهّز واشنطن مقاتلين في التنف لمواجهة إيران؟

مصلحة تركية في الاقتتال؟

اليوم الأربعاء، دخلت “الفرقة 32″، القطاع الشرقي في “حركة أحرار الشام” على خط المواجهة لمؤازرة فرقة “الحمزة” و”هيئة تحرير الشام”، في نقض لاتفاق حزيران/يونيو الماضي.

“الفرقة 32” وفرقة “الحمزة”، سيطرا على مقر لـ”لفيلق الثالث” في تل بطال بريف حلب الشرقي، وأسرت خمسة عناصر من “الفيلق”، كما توسعت الاشتباكات على هذه الجبهة الجديدة لتشمل عولان وسوسيان وعبلة إلى جانب تل بطال.

في هذه الأثناء لا تزال تركيا تقف على الحياد أمام ما يجري في مناطق تخضع عمليا لسيطرتها، وبين فصائل تخضع لها بشكل أو بآخر، ما يدفع للتساؤل حول هذا الصمت التركي.

عقيل حسين، يرى أن تركيا تراقب ما يجري حتى الآن ولم تتدخل، ومن الواضح أنه من صالحها إذا لم تنهِ هذه الفصائل بعضها، فعلى الأقل ستضعف نفسها وبالتالي يصبح فرض الحل بين المعارضة وحكومة دمشق أسهل، وهذا ما تريده تركيا وأعلنت عنه بكل وضوح مؤخرا بتصريحات مسؤوليها، وكان آخرها يوم أمس على لسان وزير خارجيتها، جاويش أوغلو.

إذا أن تكون فصائل المعارضة في أضعف حالاتها فهذا يعجل بالذهاب إلى طاولة الحوار بين المعارضة وحكومة دمشق، خارج إطار جنيف والقرار الدولي 2254.

من جهته، الصحفي مالك أبو عبيدة، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن تركيا تقوم بتجييش غير مباشر للفصائل التابعة لها لضرب الفصائل التي ترى أنها تتمرد عليها، مستخدمة في ذلك عصاها التأديبية “هيئة تحرير الشام”، والتي جاء تحركها للضغط على “الفيلق الثالث”، الذي هاجم مقرات “الحمزة” في الباسوطة ومناطق من ريف عفرين.

تأثير وتبعات الاقتتال

بالإضافة إلى النتائج على المستوى العسكري والمتمثلة بإضعاف الفصائل بشكل عام في الشمال، هناك آثار إنسانية بدأت بالظهور مع بداية الاقتتال بحسب مالك أبو عبيدة، حيث تحوي مناطق الاقتتال مخيمات نازحين ومناطق سكنية، فقد قُتلت سيدة خلال الاشتباكات بين “هيئة تحرير الشام” و”الفيلق الثالث” في محيط قرية برج عبدالو بمنطقة جنديرس جنوبي عفرين في ريف حلب، كما أصيب خمسة مدنيين بينهم ثلاث نساء، من جرّاء الاشتباكات بين الفصائل العسكرية قرب مخيمي دير بلوط والمحمدية بمنطقة جنديرس جنوبي غربي عفرين بريف حلب.

أيضا مخيمات أطمة شمالي إدلب، شهدت حركة نزوح على خلفية الاشتباكات المستمرة بين الفصائل العسكرية في المنطقة، وبحسب تقرير لـ فريق “منسقو استجابة سوريا”، فإنّ الاشتباكات بين الفصائل تسبّبت بوقوع إصابات بين المدنيين في مخيمات دير بلوط والمحمدية بمنطقة عفرين شمال غربي حلب، نتيجة سقوط مقذوفات داخل المخيمات المحاصرة بسبب الاشتباكات.

التقرير بيّن أن الأحداث لم تقتصر على الاشتباكات فقط، بل تجاوزت الجرائم إلى حصار المدنيين قرب أحد المعابر لاستخدامهم كدروع بشرية في عمليات الاقتتال، في خطوة تصنّف كجرائم حرب ضد المدنيين.

“فريق الاستجابة”، أشار إلى أن عمليات الاقتتال بين الفصائل ضمن المناطق السكنية وقرب مخيمات النازحين، هو انتهاك للقوانين الدولية الرامية لحماية السكان المدنيين في مناطق النزاعات.

أبرز التطورات الميدانية اليوم الأربعاء

الاشتباكات التي بدأت في مدينة الباب شرقي حلب، مساء أمس الثلاثاء، بين “الفيلق الثالث” و”فرقة الحمزة” التابعين لـ “لجيش الوطني”، لا تزال مستمرة ووصلت إلى منطقة عفرين شمال غربي حلب، بعد دخول “هيئة تحرير الشام” ضد “الفيلق”.

اشتباكات بين الفصائل قرب معبر دير بلوط “وكالات”

“الفيلق الثالث” قد سيطر، أمس، على جميع مقار “فرقة الحمزة” في مدينة الباب، إضافةً إلى سيطرته على مقار جدية في عدة بلدات وقرى شرقي حلب، وذلك بعد ثبوت تورّط “الحمزات” بعملية اغتيال الناشط محمد أبو غنوم.

كما دارت اشتباكات بين “الفيلق الثالث” و”الفرقة 32″ (القطاع الشرقي في حركة أحرار الشام) في عدّة مواقع شمال شرقي مدينة الباب، وأشارت مصادر محلية إلى أن اشتباكات بين الطرفين اندلعت في قريتي ثلثانة وعبلة، مرجّحة أن تكون ناجمة عن محاولات “الفيلق”، السيطرة على مقرات “الفرقة” في المنطقة.

أيضا “هيئة تحرير الشام”، سيطرت على قرية قرزيحل جنوبي عفرين شمال غربي حلب، وذلك عقِب اشتباكات دارت بينها وبين “الفيلق الثالث”، وأوضحت مصادر محلية، أن “الهيئة” دخلت إلى القرية بمساندة فرقة “الحمزة” مشيرة إلى وقوع عدد من القتلى بين صفوفها.

صباح اليوم أيضا، هاجمت “هيئة تحرير الشام” مواقع لـ”حركة التحرير والبناء” التابعة لـ”لجيش الوطني السوري”، في دير بلوط بمنطقة عفرين شمال غربي حلب، حيث ما تزال الاشتباكات مستمرة هناك، فيما أشارت مصادر محلية، إلى أن “الهيئة” نصبت أسلحة ثقيلة داخل مخيمات دير بلوط، وتحاول السيطرة على التلال المشرفة على المنطقة للتقدم في منطقة عفرين.

حدّة الاشتباكات تصاعدت صباح اليوم الأربعاء عند معبر” دير بلوط” الذي يصل بين مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” و”الجيش الوطني”، حيث أكدت مصادر محلية، أن الاشتباكات الحالية هي الأعنف منذ بداية هجوم “هيئة تحرير الشام” ليل أمس، وتشهد الاشتباكات الجارية عند معبر” دير بلوط”، استخداما للدبابات ورشاشات ثقيلة وقذائف الهاون.

في مقابل ذلك، سيطر “الفيلق الثالث” على مقرات فرقة “الحمزة” في كل من بلدة الغندورة وقرية ليلوة وقرية العلكانة في ريف حلب الشرقي، وتشير مصادر محلية، إلى أن “الفيلق الثالث” سيطر أيضاً على مقر لفرقة “السلطان سليمان شاه” في قرية الغندرية بريف مدينة جرابلس شرقي حلب.

بحسب مصادر محلية، فإن “الفرقة 32” (القطاع الشرقي في حركة أحرار الشام)، استغلت الأحداث الحالية لنقض اتفاق حزيران/يونيو الماضي، والاتفاق بين “الفرقة 32″ (القطاع الشرقي في حركة أحرار الشام) و”الفيلق الثالث” يعود إلى الـ 21 من حزيران/يونيو الماضي، عندما داهم الفيلق الثالث مقار “الفرقة 32″، والتي جاءت عقب انشقاق “الفرقة” عن مكونات الفيلق ورفضها قرارات لجنة الإصلاح.

في ذلك الوقت تدخلت “هيئة تحرير الشام” لإنقاذ “الفرقة”، ودخلت للمرة الأولى مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، لتنسحب منها لاحقا بعد اشتباكات مع “الفيلق الثالث”، وتوقيع اتفاق ينص على انسحاب “الفرقة 32” من جميع النقاط التي سيطرت عليها في منطقة جرابلس شمال شرقي حلب، مع بقائها في نقاطها السابقة بمنطقة عولان شمال غربي مدينة الباب، في حين يتسلم “الفيلق الثالث” نقاط “الفرقة” في منطقتي عبلة وتل بطال القربتين.

قد يهمك:اقتتال الفصائل في الشمال السوري يوقف العملية العسكرية التركية؟

من غير الواضح بعد متى يمكن أن تتوقف هذا الاشتباكات، فحتى الآن لا تزال مستمرة والأوضاع تزداد خطورة وهناك العديد من الاحتمالات لتبدل مناطق السيطرة خاصة لحساب “هيئة تحرير الشام”، وعلى الرغم من ذلك كله فإن المدنيين في تلك المناطق هم ضحية كل ما يجري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.