درعا لم تبتعد منذ تموز/يوليو 2018 عن واجهة الأحداث في سوريا، على الرغم من إجراء تسويتين لأبناء المحافظة خلال 4 سنوات، لكن ذلك لم يكن كافيا لاستعادة الهدوء والأمان، بل على العكس فقد ازدادت الفوضى الأمنية التي تنشرها الميليشيات الإيرانية وأذرعها سواء من الأجهزة الأمنية السورية، أو خلايا الاغتيال، وحتى من تنظيم “داعش” الذي ثبت من خلال عدد من الحوادث ارتباطه بالأجهزة الأمنية والميليشيات.

معارك جاسم

اليوم الخميس، هو اليوم السابع لحظر التجول في مدينة جاسم، التي تقع في منطقة “الجيدور” في ريف درعا الشمالي، والذي فرضه وجهاء المدينة مطالبين الأهالي الالتزام بالبقاء في منازلهم، ويأتي ذلك على خلفية الاشتباكات والمداهمات، التي ينفذها معارضون مسلحون من أبناء المدينة ومدن وبلدات أخرى لملاحقة قيادات وعناصر تنظيم “داعش”، في المدينة ومحيطها.

فيوم الإثنين الفائت، قُتل أحد أبرز قيادات التنظيم في الجنوب السوري، عبد الرحمن العراقي الملقب بـ”سيف العراقي”، وهو عراقي الجنسية، وقُتل معه عنصرين من التنظيم بعد مداهمة منزل كانوا يتحصنون فيه في المدينة، حيث تم تفجير المنزل من قِبل عناصر المعارضة بعد أن رفض العراقي ومن معه تسليم أنفسهم، لتتعرف زوجة العراقي على جثته بعد انتهاء العملية.

أحد المنازل التي كان يتواجد بها عناصر من داعش في جاسم “وكالات”

قبل مقتل العراقي بيومين، وقعت اشتباكات بين أبناء المدينة وعناصر من “داعش”، أسفرت عن مقتل 3 من قيادات التنظيم بينهم القيادي اللبناني المدعو “أبو حمزة اللبناني”، كما قُتل 10 عناصر آخرين، وتم أسر عدد آخر.

أيضا قُتل عدد من عناصر المعارضة خلال هذا الاشتباك، وهم الشقيقان إبراهيم خالد عميرة وأسامة خالد عميرة من جاسم، ومعتز تركي البردان من طفس، وباسل محمد شامان السعدي من مدينة إنخل وأصيب آخرون بجروح.

العمليات التي تنفذها المعارضة في جاسم، جاءت بعد أن اتخذ التنظيم من المدينة ومحيطها مسرحا لعمليات اغتيال وخطف، ليس في جاسم وحدها بل في مختلف أنحاء حوران، كما قام التنظيم بإنشاء محكمة شرعية في إحدى المزارع التي قام باستئجارها أحد عناصر بهوية مزورة، وبدأوا بمطالبة الأهالي بمراجعة هذه المحكمة فيما يشبه نشأة التنظيم في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي في أواخر العام 2014.

حسب المعلومات، فإن العملية لم تنته بعد حتى الآن، ولا تزال عمليات البحث عن عناصر وقيادات التنظيم مستمرة، والاشتباكات يمكن أن تندلع في أي لحظة، حيث أكدت مصادر أن الحملة ستستهدف منطقة “العالية” القريبة من جاسم والحي الغربي من المدينة، الذي لم تدخله المجموعات المعارضِة حتى الآن.

أيضا في سبيل محاربة التنظيم، أصدرت المجموعات المحلية في مدينة جاسم قبل أيام بيانا، يمنع تأجير المنازل داخل المدينة للغرباء دون التحقق من هوياتهم وشخصياتهم من مصادر مؤكدة، مضيفين أنه سيتم تحميل صاحب أي منزل يُقدم على تأجير الغرباء المسؤولية في حال كان المستأجر تابعا لـ”داعش”، كما سيُعامل المؤجر على أنه تابع للتنظيم وسيتم تفجير منزله، ويبرر قادة المجموعات هذا القرار بأنه يسمح بضبط المقيمين في المدينة ومعرفتهم، والحيلولة دون تمدد التنظيم فيها من خلال تسلل عناصره وقياداته.

إقرأ:استمرار الاغتيالات في درعا.. التأثيرات والأهداف الحقيقية منها

جاسم وكشف الحقائق

مع بداية الحملة الأمنية والعسكرية التي ينفذها عناصر المعارضة في جاسم، أعلنت وسائل إعلام تابعة لحكومة دمشق، أن القوات الحكومية تشارك في هذه العملية، إلا أن ذلك منفي بشكل قاطع من أبناء المدينة والمعارضين أنفسهم، واقتصرت المؤازرات لأبناء جاسم في اليومين الأول والثاني على مجموعات كانت سابقا تعمل مع اللجان المركزية في ريف درعا الغربي، ومجموعة من مقاتلي “اللواء الثامن” التابع إداريا لـ”شعبة الأمن العسكري”، وهم بحسب ما يقول عناصره بأن هذه التبعية إدارية فقط، وأن قتالهم إلى جانب أبناء جاسم هو بدافع “الفزعة” لأنهم جميعا أبناء حوران، وأيضا جاءت مساندة “اللواء الثامن” بطلب من أبناء جاسم ودون أي تنسيق مع حكومة دمشق بحسب تصريح خاص من قيادي في اللواء.

من جانب آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، يوم الثلاثاء الفائت، أن القوات الروسية والسورية حققت انتصارا في مدينة جاسم بريف درعا، من خلال القضاء على مجموعة من قيادات وعناصر تنظيم “داعش”، الذين قاموا باستهداف حافلة مبيت تابعة لـ”الفرقة الرابعة”، قرب بلدة الصبورة في ريف دمشق الأسبوع الماضي والتي أدت لمقتل 19 من عناصر الفرقة التابعة للقوات الحكومية، والمرتبطة فعليا بالميليشيات الإيرانية.

الإعلان الروسي جاء بمثابة تأكيد على المعلومات التي تشير إلى دور للأجهزة الأمنية السورية والميليشيات الإيرانية، بتسهيل تنقل عناصر “داعش” بين المحافظات وفي المحافظة الواحدة، فالمسافة بين الصبورة وجاسم لا تقل عن 70 كم، وفي الطريق هناك عشرات الحواجز الأمنية السورية، ما يدفع للتساؤل كيف استطاع عناصر وقيادات التنظيم اجتياز الحواجز والوصول إلى المدينة.

أيضا وبحسب معلومات مؤكدة فلم يكن عدد عناصر التنظيم يتجاوز 20 عنصرا قبل بدء العملية بشهرين، ولكن في الشهرين الأخيرين تجاوز العدد 100 عنصر وقيادي بينهم أجانب، جاء معظمهم من منطقة “تلول الصفا” في بادية السويداء، والطريق الطويل من “الصفا” إلى جاسم يمر بشكل حصري عبر مناطق تخضع أمنيا لحكومة دمشق، إضافة لمقرات تابعة لـ”حزب الله” اللبناني و”الحرس الثوري” الإيراني في بادية السويداء واللجاة.

 حسب المعلومات أيضا، فإن التنظيم أقام عددا من المقرات داخل المدينة والتي تواجد فيها القياديون الذين قتلوا، بمسافة لا تتجاوز 3 كم عن مقرات الأجهزة الحكومية، إضافة إلى أن عمليات الخطف والاغتيال التي نفذها التنظيم ازدادت ضراوتها بعد الاجتماع الأخير بين أبناء المدينة ورئيس فرع الأمن العسكري بدرعا، العميد لؤي العلي، في المركز الثقافي بالمدينة حيث رفض أبناء جاسم الانضمام للأمن العسكري.

مصدر خاص، أكد أن أحد عناصر “داعش” ممن تم اعتقالهم في العملية التي قُتل فيها العراقي، اعترف بشكل صريح بالتنسيق مع الأمن العسكري، مؤكدا أن مجموعته تلقت أوامر من العميد لؤي العلي شخصيا بتصفية عدد من قيادات المعارضة في جاسم ومناطق أخرى، مضيفا أن اعترافات العنصر تم تسجيلها في شريط فيديو مصور وسيتم بثها في الوقت المناسب.

في ردة فعل من قبل الأمن العسكري على اشتباكات جاسم، قام حاجز للأمن العسكري يوم أمس باعتقال 7 نساء وعدد من الأطفال من مدينة جاسم على حاجز بلدة المسمية شمال درعا، ما دفع بعناصر المعارضة في المدينة لإعطاء مهلة للعميد لؤي العلي، للإفراج عنهم خلال ساعتين أو ستطور الأمور للتصعيد ضد الأجهزة الأمنية، وبالفعل تم الإفراج عنهم خلال المدة التي حددها مقاتلو المعارضة.

تصعيد مستمر

يوم أمس الأربعاء، أقدم عناصر تابعين لـ”اللواء الثامن”، بقطع الأتستراد الدولي دمشق عمان، بالقرب من بلدة أم الميادن بريف درعا الشرقي، بعد حرق عدد من الإطارات قرب حاجز للأمن العسكري، وقام عناصر اللواء باحتجاز كافة عناصر الأمن العسكري المتواجدين على الحاجز، ردا على اعتقال الأمن العسكري لعنصرين تابعين لـ”الواء الثامن” على أحد الحواجز في درعا المحطة.

أيضا قام عناصر تابعين لـ”اللواء 112″ التابع لحكومة دمشق، يوم أمس الأربعاء بالاستيلاء على منزل لأحد المدنيين في بلدة الجبيلية بريف درعا الغربي، وطرد سكانه منه وتحويله لنقطة عسكرية، ويشتكي أبناء البلدة من مضايقات مستمرة من قِبل عناصر اللواء المتمركزين على حاجز “سرية الاستطلاع” بمدخل البلدة الشرقي، والذين قاموا أيضا باعتقال الشاب خالد الرويس، وهو مدني يوم أمس.

منطقة الجبيلية من المناطق التي تشهد تصعيدا متبادلا بين القوات الحكومية والمعارضة، حيث قُتل خلال الأسبوع الحالي عنصر من القوات الحكومية وأصيب اثنين بينهم ضابط برتبة “ملازم” جراء استهداف سيارة عسكرية بعبوة ناسفة على الطريق الواصلة بين نوى والجبيلية.

استهدافات لضباط وعناصر القوات الحكومية والأجهزة الأمنية لا تتوقف، فيوم أمس أيضا استهدف عدد من المسلحين المعارضين سيارة تقل ضابطا من العاملين في جمارك نصيب بالأسلحة الرشاشة بالقرب من بلدة النعيمة في ريف درعا الشرقي.

أيضا في العاشر من الشهر الحالي، قامت مجموعة تابعة لفرع الأمن العسكري، بقيادة القيادي المحلي، مصطفى الكسم المسالمة، بالاعتداء على السهول الزراعية والمزارع الواقعة بين ضاحية درعا وبلدة خراب الشحم، واعتقلت عددا من المزارعين، واشتبكت مع عدد من أبناء البلدة ما أدى لسقوط جرحى.

مجموعة الكسم، تتبع للأمن العسكري وترتبط بالقيادي في قوات العرين، وسيم المسالمة الذي يؤمن دعما ماليا وعسكريا للمجموعة بشكل مباشر من “حزب الله” اللبناني.

المعلومات تشير إلى أن التصعيد والتصعيد المتبادل في عموم المحافظة، سيؤدي إلى انفجار من جديد بين المعارضة والقوات الحكومية، التي لا ترغب أجهزتها الأمنية ومن خلفها الميليشيات الإيرانية باستقرار المحافظة وذلك لتمرير المخطط الإيراني الرامي للسيطرة على المحافظة، وتحويلها بالكامل لمنطلق لصناعة وتجارة المخدرات.

توزيع جديد للأجهزة الأمنية

مؤخرا قررت اللجنة الأمنية في المحافظة برئاسة العميد، لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري، تغيير التواجد الأمني على حواجز المحافظة، حيث استلم فرع الأمن العسكري كامل الحواجز في ريف درعا الشرقي، ونُقل عناصر فرع المخابرات الجوية إلى حواجز أخرى.

المخابرات الجوية، كانت تدير عددا من الحواجز الأمنية المهمة في الريف الشرقي أبرزها الحاجز الرباعي في بلدة المسيفرة، إضافة لحواجز أخرى في بلدات صيدا والغارية الشرقية وكحيل وغيرها، حيث نفذت حواجز الجوية عدة عمليات اغتيال لصالح إيران في الريف الشرقي، إضافة لتجنيد خلايا اغتيال أيضا.

عملية النقل جاءت على خلفية تصاعد الخلاف والعداء في الريف الشرقي خلال السنوات الماضية بين اللواء الثامن والمخابرات الجوية، فقد قام اللواء الثامن نتيجة لحوادث مختلفة، باقتحام حواجز الجوية وطرد عناصرها أكثر من مرة، لذلك تم تسليم الحواجز للأمن العسكري الذي يتبع اللواء الثامن إداريا لشعبة الاستخبارات العسكرية، ما يقلل من هذه الحوادث.

عمليات الاغتيال

منذ اتفاق التسوية في تموز/يوليو 2018 تشهد درعا عمليات اغتيال، لم تتوقف منذ ذلك الوقت، حيث ترك الاتفاق الباب مفتوحا لدخول الميليشيات الإيرانية، بقوة إلى المحافظة، كما شهدت عودة تنظيم “داعش”، بدعم إيراني من خلال إطلاق سراح العديد من عناصر وقادة التنظيم من سجون حكومة دمشق، بعد اعتقالهم قبيل التسوية، وذلك لتنفيذ عمليات أمنية على رأسها التصفيات في المحافظة.

فالاغتيالات عنوان ارتبط بدرعا بشكل كبير، حتى باتت هذه العمليات تؤرق الأهالي وتحرمهم من التحرك والحياة بأمان، وسط تساؤلات مستمرة حول من يقف خلفها وإلى متى سوف تستمر.

عمليات الاغتيال لها أشكال وتستهدف المعارضين وغير المعارضين، كما أن بعضها يستهدف تجار المخدرات والمتعاونين مع الأجهزة الأمنية الحكومية، ولكن المسؤول المباشر عنها والمستفيد الأول هما حكومة دمشق، وإيران بطبيعة الحال، لأن القاتل والمقتول من أبناء المنطقة وبالتالي هذا أمر إيجابي بالنسبة لإيران، وحكومة دمشق في منطقة جغرافية بالغة الأهمية بالنسبة لهما، خاصة أن هذه المنطقة هي من أشعل أهلها فتيل الاحتجاجات، والحراك الشعبي ضد دمشق.

استمرار عمليات الاغتيال مرهون أولا وآخرا بقدرة إيران، وحكومة دمشق على فرض السيطرة بشكل كامل على المحافظة، وهذا ما لم يتمكنوا من تحقيقه حتى الآن لعدم وجود رغبة شعبية بوجودهم، ووجود غيرهم من تنظيمات وعلى رأسها “داعش”، ففي حال تمكنتا من فرض السيطرة عندئذ ستنخفض العمليات تدريجيا حتى تنتهي وذلك بتحقيق إيران، ودمشق غرضهم من خلال القضاء على كل المعارضين.

بعد عملية التسوية في درعا، تم إنشاء ما بات يُعرف بمكتب أمن الفرقة الرابعة، بقيادة المقدم محمد العيسى، وهو ضابط في الفرقة الرابعة، ومتهم بارتكاب جرائم حرب في الغوطة الغربية لدمشق، ويعتبر مع العميد غياث دلا، قائد قوات الغيث أبرز رجال إيران.

العيسى، قام بتجنيد عدد من أبناء درعا من أجل عمل دراسات شاملة عن الشخصيات المعارضة، وقادة الفصائل الرافضين للتسوية، من أجل رفع هذه الدراسات لقيادة الفرقة الرابعة، وللأجهزة الأمنية لتقييمها، وتحديد الأشخاص الخطرين وفقها، مضيفا أن هذه الدراسات تسهم إلى حد كبير بتحديد الشخصيات المعارِضة التي يجب أن تتم تصفيتها.

مصير “اللواء الثامن”

مع مطلع الصيف الحالي، بدأت روسيا بإخلاء العديد من نقاط تواجدها في درعا، على خلفية استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع بالميليشيات الإيرانية للسيطرة على العديد من هذه النقاط، وهذا ما عزز مخاوف الروس أنفسهم نتيجة التعهدات التي قطعوها لدول الجوار حول إبعاد الميليشيات الإيرانية هذا من جهة، ومن جهة ثانية زادت مخاوف دول الجوار من هذا الانسحاب، ما دفع الملك الأردني عبد الله الثاني، في وقت سابق للإشارة بشكل صريح إلى انسحاب الروس وحلول الإيرانيين بدلا منهم.

الانسحاب الروسي كان النقطة الفارقة بمستقبل “اللواء الثامن”، والذي أصبح وجوده وبشكل متماسك ضرورة ملحة على المستويين الداخلي بالنسبة لمحافظة درعا، والإقليمي بالنسبة لدول الجوار.

عناصر من اللواء الثامن بعد اقتحام حاجز أمني حكومي بريف درعا “وكالات”

على المستوى الداخلي برزت مشكلة عودة شيعة بصرى الشام إلى المدينة، والتي تسعى حكومة دمشق بدفع إيراني إلى إثارتها منذ العام 2018 بعد اتفاق التسوية الأول، ولكن منذ ذلك الوقت يرفض أبناء بصرى الشام هذه العودة وبدعم علني من “اللواء الثامن”، وحاول الإيرانيون في العام 2020 تنفيذ عملية اختراق عسكرية في بصرى الشام بعد المعركة التي نشبت بين “اللواء الثامن” وميليشيا الدفاع الوطني وقوات فجر في السويداء، والتي شارك بها عناصر من حزب الله اللبناني، وجرت في بلدة القريا المحاذية لبصرى الشام، ولكن المعركة انتهت بهزيمة الميليشيات.

بعد معركة القريا أصبح “اللواء الثامن” صمام الأمان لكامل ريف درعا الشرقي، وحتى الروس يدركون هذا الأمر وهذا ما دفعهم للتدخل بعد معركة القريا لوقف القتال وإبداء الدعم للواء.

على المستوى الإقليمي، فقد زاد التأييد لـ”اللواء الثامن” من قبل دول الجوار وبعض الدول العربية، فهو الفصيل المتبقي في المحافظة من خلفية “معارضة” وهو الأكثر تنظيما من الناحية العسكرية والإدارية، وأثبت قدرته على الوقوف في وجه المد الإيراني في الجنوب.

المعلومات تشير إلى أن الدور الرئيسي الحالي لـ”اللواء الثامن” هو إبقاء المحافظة في حالة توازن أمني وعسكري في الوقت الحالي على الأقل، خاصة من التواجد الإيراني، والذي ازداد مؤخرا باستقدام مئات المقاتلين من ميليشيا “فاطميون” الأفغانية، حيث أن عدد عناصر اللواء وتسليحه تمكنه من الإبقاء على حالة التوازن هذه.

من ناحية ثانية لا يوجد أي مشاركة للواء في أي معارك أو اشتباكات في إدلب وريف حماة الشمالي، حيث اشترطت قيادة اللواء منذ تأسيسه في 2018 عدم المشاركة بأي عمليات قتالية تستهدف المعارضة أو حتى المقاتلين في إدلب، مبينة أن عناصر اللواء وقيادته لا يزالون يتمتعون بالخلفية المعارضة حتى اليوم، ومدللة أنه بعد عودة قائد اللواء أحمد العودة مؤخرا من الأردن كان العلم الموضوع في مكان الاجتماع مع الأهالي وعناصر اللواء في بصرى الشام هو علم “الثورة السورية”.

أما بالنسبة لمكافحة المخدرات، فتؤكد المصادر أن اللواء بشكل مستمر يطارد مهربي ومروجي المخدرات، وأنه تمكن في العديد من الأوقات من إيقاف شحنات مخدرات تابعة للميليشيات الإيرانية وجهات محسوبة على حكومة دمشق كانت بطريقها للتهريب إلى خارج سوريا، حيث ترى قيادة اللواء، أن هذه العمليات تأتي في سبيل حماية المجتمع في المحافظة قبل أي اعتبار آخر.

أيضا المعلومات تؤكد أن اللواء يعمل على إحباط عمليات الاغتيال التي تنفذها خلايا تابعة لأجهزة دمشق الأمنية والميليشيات الإيرانية، مشيرة إلى قيام “اللواء الثامن”، في أيار/مايو الماضي، بتفكيك خلية اغتيالات في بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي، ترتبط بالمخابرات الجوية، الذراع الأمني للميليشيات الإيرانية في درعا، وقد اعترف متزعم الخلية “بدر الشعابين” بصلته بالضابط في المخابرات الجوية “محمد حلوة”، والذي كلفه بمهام أمنية في ريف درعا الشرقي أي مناطق سيطرة “اللواء الثامن”، مقابل دعم الخلية بالسلاح والمال.

مختلف الوقائع على الأرض تؤكد انهيار اتفاق التسوية، ولـ”الواء الثامن” موقف واضح إزاء سقوط هذا الاتفاق، حيث تؤكد قيادة اللواء جزء لا يتجزأ من محافظة درعا، وفي حال عملت إيران على التمدد في المحافظة فسيكون اللواء هو ندها وخصمها في المواجهة على الأرض، مشيرا أنه لا خيار سوى ذلك، ولن يقبل اللواء بقيادته وعناصره أن يكونوا على الحياد.

قد يهمك:استهداف ممنهج لمروجي المخدرات في درعا.. من يقف وراءه؟

لا استقرار في درعا حتى الآن، ومن غير الواضح إلى أين تتجه الأمور في المحافظة التي باتت تشكل أحد أهم العُقَد في سوريا، فحكومة دمشق غير قادرة على بسط سيطرتها ومعها إيران، والمعارضة تحاول إعادة خلق توازن جديد مع خصومها والتصعيد لم يتوقف على الرغم من بعض الهدوء الظاهري، والوضع قابل للانفجار من جديد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة