إذا كتبنا عنها فنانة من الزمن الجميل أو نجمة قديرة أو ملكة المسرح وسيدة الدراما وأيقونتها ستكون حتما عبارات مكررة، فاسمها وحده والذي تعبت عليه نحو 60 عاما، كفيل بالتعريف عنها، لا تشارك بأي عمل درامي إلا وتترك بصمتها عليه لدى كل الأجيال.

موقع “الحل نت” التقى بالفنانة السورية القديرة منى واصف، التي قلما تعطي أحاديث صحفية، وفي حوار خاص معها، تقول “السنديانة الدمشقية” السيدة منى واصف، أنا من جيل المسرح المعروف بأبو الفنون، وهذا ليس رأيي وحدي بل يجمع عليه كبار المخرجين والممثلين في العالم. الممثل الجيد هو من يأتي من خشبة المسرح، ورغم كل النجاحات التي حققتها على الشاشتين الذهبية والفضية، إلا أني أعتبر أن أجمل سنوات حياتي الفنية كانت على المسرح.

قد يهمك: منى واصف تغني لأم كلثوم.. وتعليقات مُفاجِئة من صفحات التواصل الاجتماعي

رغم سنوات الحرب التي شهدتها سوريا وما نتج عنها حاليا من تردي في الأوضاع الاقتصادية، غير أن الفنانة منى واصف هي من النجوم القلائل الذين لم يغادروا سوريا. عن ذلك تقول، لا يمكن أن أعيش خارج سوريا إطلاقا مهما كانت الظروف، ليست وطنية بقدر ما هو انتماء للأرض الذي عشت فيها 81 سنة، أتحدث عن حقبة كاملة لا يمكن اختزالها بسهولة، أسافر إلى عدد من الدول وأبقى فيها شهر لكن أكثر من ذلك لا يمكن، أشتاق لبيتي والشوارع التي أمشي فيها، حين أمشي في شوارع دمشق ويستوقفني الأطفال والشباب ومن أكبر منهم ويسألوني “ماما أو تيتا منى أنتي بعدك بالشام، أجيبهم نعم أنا هنا، هذا الحب والحنين لن أجده في أي دولة خارج موطني”.

تضيف الفنانة القديرة، حصلت على الإقامة الذهبية في الإمارات، ورغم كل التكريمات في كافة الدول العربية لكن دمشق حالة وجدانية خاصة، لم أتركها وأنا شابة ولن أتركها اليوم. الفنانة منى واصف حازت على عدة تكريمات وجوائز رسمية من جهات حكومية ومن مهرجانات فنية في لبنان وسوريا ومصر والجزائر أبرزه “درع الثقافة” الجزائرية، وفي هذا السياق كشفت لـ “الحل نت” أنها بصدد التوجه إلى تونس قريبا، بعد التواصل معها لحضور تكريم خاص بها في مهرجان “قرطاج”، وكذلك تسليمها “درع الثقافة” التونسية وهو أعلى درع في مجال الفنون.

غالبية كبرى من الجمهور المتابع لها يعرف قصة ابنها عمار الذي ترك سوريا منذ سنوات طويلة بسبب آرائه السياسية، وهي لا تخفي هذا الموضوع كذلك لا تخوض فيه كثيرا، لكنها لا تخفي مدى اشتياقها إلى وحيدها فقالت لـ “الحل نت”، في الفترات الماضية بقيت 10 سنوات لا أرى ابني بسبب الأوضاع السياسية ولأنه لا يمكنه الدخول إلى سوريا، وبالتالي لا يمكنني الذهاب إليه إلى أميركا، وآخر مرة التقيت به كانت منذ سنتين، وربما سألتقي به قريبا في بلد ما.

في هذا المحور تروي حادثة حصلت معها خلال تصويرها إحدى مشاهدها مع الفنان تيم حسن في مسلسل “الهيبة” إذ كان من المفترض عليها أن تنادي على ابنها باسمه “جبل” لكنها دون انتباه نطقت باسم “عمار” وتقول لـ “الحل نت” مفسرة أن ذلك نتيجة المخزون العاطفي الذي بداخلها، “هذا المخزون هو الذي يستدعيه الممثل أثناء تأدية دور قريب من الحالات العاطفية الإنسانية التي عاشها على مدار السنوات”.

في سؤالها عن تاريخها الكبير وتعاملها مع كبار المخرجين والكتاب والنجوم منذ بدايتها الفنية العام 1961 واليوم تتعامل مع كوادر جديدة ربما لا تملك الخبرة الكافية ولا حتى التواضع والحماس ذاته، تجيب من المؤكد تماما أنه يمكنني الانسجام معهم. يوجد ممثلون وممثلات من هذا الجيل على مستوى عال من الثقافة، وبالنسبة إلى الكتاب والمخرجين فالمثقفون بينهم موجودون أيضا، وطالما أن الحياة مستمرة، لا يمكن توقف الإبداع ولكل زمن وعصر أبطاله فلا يمكن أن ينتهي أي شيء.

وحول أن معظم النجمات بشكل خاص اللواتي عملن معها يشدن بأخلاقها والتزامها، لكن في الواقع معظمهن لا يتعاملن مع محيطهن بالتلقائية والتواضع الذي تتصرف به وهي نجمة مخضرمة استحقت لقب سنديانة سوريا عن جدارة، فتجيب، لا أريد الحديث في هذا الموضوع كي لا يقال عني أني أمدح نفسي، واترك هذا الجواب للقارئ والمشاهد الذي يتمتع بذكاء يستطيع فيه كشف الممثل الحقيقي من الممثل المصطنع أو المدّعي.

السيدة منى واصف وخلال زيارتها الحالية لمدينة دبي الإماراتية، تقوم بدورها كمحاورة في ورشة عمل تدريب ممثلين، حيث شرحت واصف سبب مشاركتها في هذه الورشة قائلة، هذه المرة الأولى التي أشارك فيها بتلك النوعية من الورش التدريبية والتي باتت منتشرة في الآونة الأخيرة في لبنان وسوريا ومصر وبعض دول الخليج، وأعتقد أنها ظاهرة إيجابية لأنها تفتح المجال لأشخاص كانوا يرغبون بالدخول إلى المعهد العالي للمسرح أو السينما لكن الحظ لم يحالفهم، كذلك هناك أشخاص سّنهم الحالي، لا يخولهم الدخول إلى المعهد الذي يشترط أعمار محددة، فكانت هذه الورش بابا لهم. لكن ولنكن واقعيين فإن أسبوع أو اثنين من التدريب ضمن هذه الورش، لا يكفي لتطوير الشخصية الفنية ولا تصقل الموهبة.

تنصح الفنانة القديرة، سواء الشباب والشابات الذين ينخرطون في الورش التدريبية، أو حتى الذين يدرسون في المعاهد ويشاركون في الأعمال بأدوار ربما قد تلقى نجاح، بأن لا تأخذهم نشوة النجاح، ويدركوا أن عليهم المتابعة والمثابرة، وأهم ركيزة في نجاح الفنان هي التواضع جدا مع المعجبين والعاملين معه.

 الممثلة السورية القديرة منى واصف، واسمها الكامل منى جلميران مصطفى واصف، ولدت في دمشق عام 1942. قدمت الكثير من الأعمال الفنية المميزة، وحصلت على العديد من الجوائز الفنية والأوسمة خلال مسيرتها. كانت بدايتها عارضة أزياء في سوريا، بعد ذلك انتقلت إلى المسرح لتبدأ حياتها المهنية كممثلة مسرحية، حيث شاركت في العديد من المسرحيات لكبار الكتّاب العرب والعالميين، ثمَّ عملت في السينما والتلفزيون، وكان أبرز أعمالها السينمائية ظهورها بدور رئيسي في فيلم “الرسالة” بشخصية “هند بنت عتبة”، بالإضافة إلى الكثير من الأدوار المهمة والمميزة التي قدمتها في الدراما التلفزيونية.

شاركت في أول عمل مسرحي لها بعنوان “العطر الأخضر” بعد انضمامها إلى مسرح القوات المسلحة عام 1960، ثم تابعت نشاطها المسرحي وشاركت في مجموعة من العروض المسرحية الأخرى التي شكّلت بداية فن المسرح الفعلي في سوريا.  في عام 1961 شاركت في أول عمل تلفزيوني بعنوان “ميلاد ظل” وانضمت في نفس العام إلى فرقة أمية التابعة لوزارة الثقافة. وفي عام 1964 عملت في فرقة الفنون الدرامية التابعة لوزارة الإعلام حيث تميزت في العام نفسه بمسلسل “أسود وأبيض”، وعام 1966 بمسرحية “طرطوف”، وفي عام 1968 أصبحت عضوا في نقابة الفنانين السوريين. لاقت نجاحا كبيرا في دورها الملكة جليلة في مسلسل “الزير سالم” عام 1971، وفي عام 1973 شاركت في فيلم “ذكرى ليلة حب”.

اقرأ أيضا: منى واصف: قَصري كان على جبل قاسيون

شاركت بعدد من الأعمال في دول الخليج والسينما المصرية، وقدمت العشرات من الأعمال الكوميدية والدرامية في التلفزيون من بينها مسلسل “الخنساء” في عام 1977 بالإضافة إلى فيلم “غابة الذئاب” الذي أُنتج في العام نفسه.

السيدة منى واصف تعد من المساهمين في صناعة الدراما السورية العريقة، وذلك من خلال مسيرتها الممتدة على مدار ستة عقود متتالية، حيث قدمت ما يزيد عن 200 عمل بين السينما والتلفزيون، بالإضافة إلى حصولها على العديد من الأوسمة وفوزها بالكثير من الجوائز الفنية، وتم تعيينها في منصب سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة في عام 2002، كما يعتبرها الجيل الجديد من الممثلين قدوة له في الفن الراقي والصادق.

منى هي الشقيقة الكبرى لإخوتها. تزوجت عام 1963 من المخرج الراحل محمد شاهين الذي توفي عام 2004، ولهما ابن وحيد اسمه عمار ويُعرف باسم عمار عبد الحميد.

تم تكريمها في الكثير من المهرجانات بالإضافة إلى فوزها بالعديد من الجوائز والأوسمة، من المهرجانات، مهرجان دمشق السينمائي الرابع عشر، مهرجان الإسكندرية السينمائي في مصر، مهرجان جميلة بعلبك في لبنان، مهرجان وهران السينمائي في الجزائر.

من الجوائز التي نالتها، جائزة غسان وجائزة اتحاد المرأة عن دورها في فيلم “شيء ما يحترق”، وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2009، جائزة أفضل ممثلة عربية في لبنان في عام 2010، جائزة تكريمية من حفل “الموريكس” دور عن مجمل مسيرتها الفنية عام 2018 في لبنان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.