رغم عدم إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في إسرائيل، إلا أن بنيامين نتنياهو هو الأوفر حظا في هذه الانتخابات، بحسب النتائج الأولية التي أشارت إلى حصوله على 65 مقعدا في “الكنسيت” من أصل 120 مقعد، حيث يحتاج إلى 60 مقعد لإمكانية تشكيل الحكومة القادمة.

إلا أن نتنياهو لم يكن الفائز الوحيد بهذه الانتخابات، فقد حصل على دفعة هائلة من زعيم تحالف “الصهيونية الدينية”، إيتمار بن غفير، الذي يصغره بـ 27 عاما، بعد أن زاد الحزب حصته من مقاعد “الكنيست” بأكثر من ضعف ما حصل عليه في الانتخابات الماضية، التي أجريت في آذار/مارس 2021. وبذلك أصبح “كابوس” اليمين المتطرف يهمن على الحياة السياسية الإسرائيلية.

الحركة الإرهابية ومطالب من نتنياهو

إيتمار بن غفير، يستعد وقائمته الصهيونية المتطرفة التي يُشار لها حتى من قِبل البعض في إسرائيل على أنها حركة إرهابية، لأن تكون ثالث أكبر حزب في البرلمان، بعد صعودها القوي في الحياة السياسية الإسرائيلية.

النتائج الأولية تشير إلى أن المقاعد الثمانية الإضافية لحركة “الصهيونية الدينية” لم تأتِ على حساب بقية أحزاب اليمين، الليكود وحزب “شاس” وحزب “يهدوت هتوراه”، التي حافظت جميعها على عدد المقاعد نفسه الذي حصلت عليه في الانتخابات السابقة.

بنيامين نتنياهو رئيس حزب الليكود “وكالات”

بن غفير تمكن من حشد ناخبين لم يشاركوا في الانتخابات من قبل، ما زاد نسبة الناخبين المشاركين عموما في هذه الانتخابات بنحو 6 بالمئة على نظيرتها في الانتخابات السابقة، التي لم يكد يمر عليها عام ونصف العام. واستطاع بن غفير أيضا اجتذاب عدد كبير من الناخبين الذين كانوا قد صوّتوا في الانتخابات السابقة لصالح حزبي اليمين المناهضين لنتنياهو، حزب “يمينا” الذي كان يقوده نفتالي بينيت، أما من صوت لحزب “أمل جديد”، فصوتوا للكتلة الموالية لنتنياهو هذه المرة.

النتائج تشير إلى أن 10 بالمئة من الإسرائيليين صوتوا لحزبٍ يجاهر بعدائه للعرب ومساجدهم ووجودهم، كما يثير ذلك مخاوف لدى بعض الإسرائيليين من أن “الديمقراطية الإسرائيلية” ضيقة الحدود، وهشة القواعد، مقبِلة على مرحلة عسيرة، كما تقول صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

نتنياهو حصل على ما يكفيه من مقاعد لتشكيل حكومة ائتلافية، مما يعني أن المنةَ عليه في ذلك ستكون لبن غفير ولحزبي اليمين المتطرف “شاس” و”يهدوت هتوراه”، وهذه الأحزاب سيكون لديها قائمة طويلة من المطالب، علاوة على أن الحزبين الأخيرين سيعودان من المعارضة إلى الحكم بعزم على الثأر من المعارضين.

“حزب الليكود” حصل هذه المرة أيضا على 32 مقعدا، ما يعني أن نتنياهو سيكون أقلية داخل حكومته (التي تحتاج إلى ما يزيد على 60 مقعدا لتشكيلها)، ومن ثم سيكون لنواب اليمين المتطرف والحريديم نفوذ لا يُنكر عليه، وهو تحالف لا يمكنه الفكاك منه. فحتى لو كان بيني غانتس على استعداد للتحالف مع نتنياهو مرة أخرى وهو أمر مستبعد كما فعل في عام 2020، فإن حزب “الوحدة الوطنية” الذي ينتمي إليه غانتس، ليس لديه ما يكفي من مقاعد (بين 11 إلى 13 مقعدا بحسب استطلاعات الرأي) ليحل محل الصهيونية الدينية في الائتلاف.

إقرأ:“حل الدولتين”.. الملف الأبرز في الانتخابات الإسرائيلية؟

تراجع عربي في الانتخابات

رئيس الحكومة الحالية، يائير لبيد، قال إنه سينتظر النتائج النهائية، غير أن حزبه “يش عتيد” وإن زاد مقاعده، فإنها زادت على حساب الأحزاب اليسارية الأخرى “العمل” و”ميرتس”، التي قد تتجاوز العتبة الانتخابية بالكاد. وإذا اضطر إلى ترك منصبه بعد 3 أشهر فقط في رئاسة الوزراء، فإنه سيجد صعوبة بالغة في حشد معارضة ساخطة على حكومة اليمين الديني الجديدة.

استطلاعات الرأي المباشرة بعد الانتخابات، تضمنت بعض الأمور التي لم تتضح بعد، ومنها المقدار المحدد لمشاركة “فلسطينيي 48″ في الانتخابات، فقد بلغت نسبة مشاركتهم في الانتخابات السابقة 44 بالمئة، وكانت تلك النسبة كافية لفوزهم بعشرة مقاعد في “الكنيست”، عن القائمة المشتركة و”القائمة العربية الموحدة”.

أيضا تشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض عدد مقاعد الكتلة العربية، على الرغم من ارتفاع نسبة المشاركة إلى نحو 55 بالمئة، وإذا كان الأمر كذلك، فإنه من الواضح أن تفكك القائمة المشتركة، هو ما أعطى نتنياهو الأغلبية، إلا أن ذلك قد يتغير إذا تمكن حزب “التجمع” العربي من تجاوز العتبة الانتخابية.

بالتالي ما تشير إليه النتائج الأولية، أن نتنياهو تمكَّن من الحفاظ على تماسك معسكره، وخاض السباق في أربع قوائم من المرشحين، أما أحزاب يسار الوسط والأحزاب العربية، فانقسمت إلى عدة قوائم، وهو ما قد يكلّفهم خسارة الانتخابات في نهاية المطاف.

إسرائيل على حافة الهاوية الدينية

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، علقت في افتتاحيتها صباح يوم أمس الأربعاء بالقول، إن “إسرائيل الآن على حافة ثورة يمينية ودينية وسلطوية، هدفها تدمير البنية التحتية الديمقراطية التي بُنيت عليها الدولة. قد يكون هذا يوما أسود في تاريخ إسرائيل”.

الصحيفة أضافت، لا شك أن “علينا انتظار صدور النتائج النهائية، لكن من الواضح أن أكبر الرابحين في هذه الانتخابات سيكون إيتمار بن غفير، بينما ستكون إسرائيل هي أكبر الخاسرين”.

أيضا ترى الصحيفة، أن “الصهيونية الدينية” بأنها قائمة “الكنيست” التي شوّهت المشروع الصهيوني وحوّلته من بناء وطن قومي لليهود إلى مشروعٍ تفوقٍ يهودي ديني يتسم بالمحافظة واليمينية والعنصرية ويحمل روح أستاذ بن غفير، الحاخام مائير كاهان. وأصبحت الصهيونية الدينية اليوم ثالث أكبر قوة سياسية في إسرائيل. وهنا تكمُن الأهمية الحقيقية والمرعبة لهذه الانتخابات.

ما يزال من المبكر معرفة الكيفية التي ستتشكل بها التكتلات السياسية حتى وقت كتابة التقرير، لكن “نتنياهو سيعود إلى الحكومة. وسيسمح له تحالفه الواضح بتنفيذ مؤامرة ضد الديمقراطية الإسرائيلية، وتوجيه ضربة مميتة إلى النظام القضائي”.

علاوة على أن تحالفه ربما يطالبه باتخاذ عدد من الخطوات التدميرية. وإليكم بعض الأمثلة: فصل النائب العام من منصبه، أو تقسيم مهام النائب العام، أو وضع بند لتجاوز القيود حتى يسمح لـ “الكنيست” بوضع التشريعات التي يريدها حتى وإن كانت مخالفةً للدستور، أو تقييد حرية التعبير، أو اضطهاد الصحفيين والعرب واليساريين، بحسب “هآرتس”.

إدارة بايدن ترفض التعامل مع بن غفير

موقع “أكسيوس” الأميركي، نقل يوم أمس الأربعاء عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم، إنه من غير المرجح أن تتعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع العضو المتطرف في “الكنيست” إيتمار بن غفير، الذي يتوقع أن يتولى منصبا وزاريا رفيعا في الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

الموقع ذكر أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان ألمحا إلى احتمال عدم العمل مع بن غفير وغيره من المتطرفين اليمينيين، وذلك خلال اجتماعهما مع الرئيس الإسرائيلي الأسبوع الماضي في واشنطن، كما قال الموقع إن الإدارة الأميركية قلقة من الخطاب العنصري لبن غفير وحزبه ومواقفه تجاه الفلسطينيين.

إيتمار بن غفير، رئيس حزب “القوة اليهودية”، خاض الانتخابات ضمن تحالف يميني متطرف حصل على 14 مقعدا، ليكون ثالث أكبر كتلة في “الكنيست” بعد حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو وحزب “هناك مستقبل” بقيادة رئيس الوزراء الحالي يائير لبيد.

بعد ظهور أولى المؤشرات على فوز معسكر اليمين المتطرف بالأغلبية في “الكنيست”، قال بن غفير، إنه سيسعى لتشكيل حكومة يمينية بالكامل بقيادة نتنياهو، وأضاف مخاطبا أنصاره أن الإسرائيليين صوتوا للهوية اليهودية، ودعا لإطلاق يد الجيش والشرطة الإسرائيليين، مكررا دعوته لاستخدام القوة، خصوصا ضد الفلسطينيين.

أهداف بن غفير الثلاثة

صحيفة “جيروزاليم بوست” نقلت اليوم الخميس، عن مصادر قولها إن “بن غفير سيولي أهمية أولى لمحاربة الإرهاب ضد اليهود. وسيحدد مناطق يحظر على اليهود السير والتجول فيها، وسيحاول تغيير الواقع”. ويعني ذلك أن بن غفير، وكما هو متوقع، سيصعد عدوان إسرائيل والمستوطنين على الفلسطينيين.

المصادر أضافت أن بن غفير سيركز على الجريمة في المجتمع العربي، وأنه عازم على إجراء تغييرات دراماتيكية في قوات الأمن الإسرائيلية، وسيحاول التوجه إلى الجمهور العربي مباشرة وليس من خلال حوار مع السياسيين العرب.

بحسب المصادر، فإن هدف بن غفير الثاني هو “الربط بين الدين والدولة والمواقف المحافظة”. وكان المرشح الثاني في “عوتسما يهوديت”، يتسحاق فاسرلاوف، قد قال مؤخرا إن اليهود من التيار الإصلاحي “تسببوا بدمار هائل ليهود الولايات المتحدة، والانصهار هو ضربة رهيبة. والإصلاحيون يهزؤون بالدين، ويقيمون احتفالات دينية للكلاب ويقيمون أعراسا بوجود حاخام وراهب في الوقت نفسه. وهم يفتعلون ضجة في إسرائيل كأنه يوجد تأييد لهم”.

أما هدف بن غفير الثالث هو محاربة “المتسللين”، أي طالبي اللجوء الأفارقة، والمواطنين الأجانب الذين يقيمون بشكل دائم في إسرائيل.

من هو بن غفير؟

إيتمار بن غفير، ولد في القدس يوم الخامس من مايو لعام 1976. وهو حاصل على بكالوريوس في الحقوق، وعمل كمحام ودافع عن عدد من القضايا البارزة.

يائير لبيد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي “وكالات”

كما ينتمي بن غفير لليمين المتطرف، الذي يؤيد أن تكون إسرائيل دولة يهودية قومية وصهيونية، ويناهض تأسيس دولة فلسطينية بالقرب من إسرائيل، بل أيضا يرفض وجود العرب الإسرائيليين في البلاد، ودعم في الماضي عنف مستوطنين إسرائيليين ضد الفلسطينيين، ودعا إلى الطرد القسري للمواطنين العرب “غير الموالين” من البلاد ما جعله يكتسب شهرته.

بن غفير وصف نفسه بأنه تلميذ للحاخام المتطرف وعضو “الكنيست” السابق، مائير كهانا (1932-1990)، الذي تم حظر حزبه “كاخ” وأعلن أنه منظمة إرهابية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وبسبب آراءه ضد العرب والفلسطينيين، سبق أن ذهب العام الماضي إلى حي الشيخ جراح ونصب خيمة هناك لدعم عائلة من المستوطنين من خلال تكرار عبارة “هذا المنزل لنا” بالعبرية، كما ترافع في قضايا قانونية لصالح مستوطنين إسرائيليين ضد فلسطينيين.

قد يهمك:هل يعود نتنياهو لرئاسة حكومة “إسرائيل” من جديد؟

تطرف يأتي في الوقت الذي تدعي إسرائيل بقيادة الحكومة الحالية برئاسة يائير لبيد، أنها تسعى لإنجاح عملية السلام، وإتمام عمليات التطبيع مع الدول العربية، ما يجعل جميع هذه المسائل في مهب الريح إذا ترك نتنياهو، الباب مفتوحا لبن غفير للتعامل وفق آرائه مع هذه القضايا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة