تزامنا مع تراجع مستوى القطاع التعليمي في سوريا وضعف الخدمات المقدمة من الحكومة السورية للمنشآت التعليمية، يواجه حضور الطلبة في المدارس الحكومية تهديدا واضحا، حيث يرى الطلبة وأهاليهم عدم جدوى من حضور الطالب في المدارس الحكومية بسبب تردي الخدمات في المنشآت التعليمية المدعومة من الحكومة.

إحدى الظواهر التي بدأت تهدد حضور الطلبة في المدارس الحكومية، هي اعتماد الطلاب على الدروس الخصوصية خارج المدرسة، من أجل التحضير لامتحانات آخر العام، لا سيما فيما يتعلق بطلاب شهادة التعليم الأساسي وشهادة التعليم الثانوي، الذين يستطيعون التقدم للامتحانات بدون دوام إلزامي في المدارس.

صحيفة “تشرين” المحلية، أفادت في تقرير نشرته الأحد، أن “عاملين في مديريات التربية يشاركون في الترويج لظاهرة المعاهد الخاصة، أو إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل، مستغلّين احتكاكهم مع الطلاب في المؤسسات التعليمية التابعة للحكومة”.

توجه مكثف نحو المعاهد الخاصة

تقرير الصحيفة أشار إلى أن “التوجه للتعليم الخاص، ناجم بالدرجة الأولى عن ضعف الكادر التدريسي والخدمات المقدمة في المدارس الحكومية، في ظل فشل المنظومة التعليمية بسوريا، وذلك رغم التكاليف المرتفعة لهذه المعاهد في البلاد”.

عدد من الدكاترة وأصحاب الشأن التعليمي شاركوا في تقرير الصحيفة المحلية، معتبرين أن خطورة ظاهرة “المعاهد الخاصة” تكمن، في “ترسيخ فكرة الإخفاق في تأمين خدمة التعليم المجانية، وبمستوى لائق ومتساوٍ لجميع أبناء المجتمع، والمؤسف أن المؤسسات التعليمية الخاصة في معظمها، تحولت من مؤسسات هدفها بناء الإنسان علميا وأخلاقيا، إلى دكاكين هدفها الربح والتجارة بالعلم”.

“توقفت عن إرسال ابني للمدرسة منذ منتصف العام الدراسي”، قالت رولا خشان وهي أم لطالب في الصف التاسع، مؤكدة أنها عمدت إلى تسجيل ابنها في معهد دراسي بجميع المواد الدراسية، وذلك حرصا منها على حصول ابنها على مستوى تعليمي جيد من أجل تحضير أفضل للامتحانات النهائية.

خشان قالت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “للأسف في المدرسة لا يحصلون الأولاد على خدمات كافية تؤهلهم لدخول امتحانات شهادة التعليم الأساسي في الصف التاسع، لذلك نضطر لإدخالهم المعاهد الخاصة، أو الدروس الخصوصية في المنزل، وذلك رغم الأقساط المرتفعة التي تتقاضاها هذه المعاهد، لكن لا حل آخر، الدوام في المدرسة لم يعد مهما خاصة في آخر أسابيع الفصل الثاني”.

بحسب تقرير لموقع “بزنس 2 بزنس” الموالي، فإن أقل معهد  في أحد أحياء دمشق الشعبية، يتقاضى في الشهور العادية خلال العام الدراسي على المادة الواحدة 25 ألف ل.س، وقد تصل إلى 40 ألفا في الشهر، وأما في شهر المراجعة تصبح الحسابات مختلفة تحت عنوان، “دورات مكثفة، لتصل أجور التسجيل لثلاث مواد إلى 230 ألف ليرة، ولكلّ المواد 270 ألف ليرة في أحد المعاهد.

المشوار التعليمي للأطفال في سوريا، أصبح يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية بشكل سنوي من أجل حصول الأطفال على حقهم بالتعليم في البلد التي لطالما تغنّت حكومتها بمجّانية التعليم على مدار العقود الماضية.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، نقل شكاوى العديد من مدراء المدارس في ريف دمشق، تتعلق بعجزهم عن تأمين المستلزمات الضرورية لتجهيز قاعات الامتحانات النهائية من ورق وأقلام ومستلزمات أخرى، حيث اضطرت بعض المدارس إلى الاستعانة بتبرعات أهالي الطلاب من أجل شراء أوراق للامتحانات.

التعليم في سوريا يواجه العديد من العوائق، فقد أكد مركز “حقوق الطفل العالمي“، في نهاية عام 2021، أن النزاع أثّر سلبا على جميع جوانب حياة الأطفال السوريين. بما في ذلك تعليمهم. حيث أُصيب التعليم في سوريا بالشلل بسبب تضرر المدارس أو تدميرها، وقتل أو جرح أطفال، ومعلمون أُجبر البعض منهم على الفرار، فضلا عن تغيير المناهج الدراسية لملايين الأطفال.

تراجع مستوى التعليم

كما تعاني التدخلات الإنسانية التي تستجيب لأزمة التعليم من نقص التمويل، ولا تقترب بدرجة كافية من التخفيف من وطأة الصراع على حقّ الأطفال السوريين في التعليم في جميع أنحاء البلاد.

بحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سن الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل “1989”.

“الزلزال أوقف زيادة الرواتب“.. تبريرات الحكومة السورية تثير استياء الشارع

وهناك 1.6 مليون طفل آخر في سنّ الدراسة معرضين لخطر الحرمان من هذا الحق. إذ تشير هذه الأرقام إلى أن جيلا ينشأ محروما من المدرسة في سوريا. وهؤلاء الأطفال هم أيضا أكثر عرضة للمعاناة والانتهاكات، بما في ذلك الوقوع ضحية للعنف، وزواج الأطفال، والانخراط في أسوأ أشكال عمالة الأطفال.

المؤسسة العامة للمطبوعات، رفعت أسعار الكتب المدرسية للمرحلة التعليمية الأولى (الابتدائي)، وبحسب نشرة الأسعار الجديدة، وصل سعر نسخة صف الأولى إلى 34800 ليرة سورية، إذ ارتفع سعر كتاب اللغة العربية من 1000 ليرة إلى 4600 ليرة، ونسخة الصف الثاني وصل سعرها إلى 35300 ليرة، ونسخة الصف الثالث 36300 ليرة، ونسخة الصف الرابع 31400 ليرة، ونسخة الصف الخامس 38500 ليرة، ونسخة الصف السادس 41800 ليرة.

بلغ سعر نسخة الكتب للصف السابع 52 ألف وللصف الثامن تتجاوز الـ 55500 ل.س، وللصف التاسع 57300 ليرة سورية، فيما بيّنت المؤسسة وفق لائحة الأسعار الموقعة من مدير عام المؤسسة أن هذه الأسعار يُعمل بها منذ منتصف الشهر الجاري.

مؤخرا دراسة الأطفال أصبحت تشكل عبئا ماديا ثقيلا على الأهالي، فعلى الرغم من استمرار مجانية التعليم رسميا في سوريا، إلا أن التعليم أصبحت تكلفته متعبة على الأهل. بالمقابل، أقساط المدارس الخاصة هي الأخرى شهدت خلال الفترة الماضية، ارتفاعات كبيرة حيث ارتفعت الأقساط من 2 إلى 5 ملايين ليرة سورية وسطيا، وقسط رياض الأطفال، من 600 ألف إلى أكثر من 1.5 مليون ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات