في ظل الأوضاع المعيشية المتردية التي يعيشها السوريون، ارتفعت خلال السنوات الماضية معدلات الانفصال بين الأزواج، فضلا عن عزوف شريحة واسعة من الشباب عن الزواج، هربا من المسؤوليات الاقتصادية، فضلا عن أن معظم الشباب يبحثون عن أي فرصة للهجرة، أملا بالحصول على فرصة لمستقبل أفضل.

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، أشار إلى أن ارتفاع معدلات الفقر في سوريا وتراجع الحالة المعيشية للعائلات السورية، هي أبرز أسباب ظهور الخلافات بين الأزواج والتي بدورها تؤدي إلى حدوث الانفصال، فضلا عن عدم الانسجام والفكر وقلة التفاهم إضافة إلى أسباب أخرى.

كذلك فإن ارتفاع رغبة السوريين بالهجرة هي واحدة من أبرز أسباب الانفصال، حيث أكد التقرير توثيق حالات عديدة من الانفصال، بسبب رفض الزوجة للسفر، “وهناك أمثلة لرجال سبقوا زوجاتهم وتغيّرت أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية، ما دفع بهم إلى الطلاق والزواج مباشرة من أجنبية” بحسب ما ورد.

أزمة اجتماعية؟

سوريا من البلدان التي ارتفعت فيها معدلات الطلاق مؤخرا، لأسباب تتركز على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن ارتفاع معدلات الزواج الثاني بالنسبة للرجال، الأمر الذي يعزز الخلافات بين الرجل والزوجة الأولى.

ومن جهة أخرى، بيّنت تقارير اجتماعية مختصة، أنه نتيجة الوضع الاقتصادي المأزوم وعدم قدرة الرجل على تحمّل تكاليف معيشة أسرته، فإن هذا الحال ينعكس على الترابط الأُسري أيضا، لأن الثقافة السائدة تفرض على الرجل أن يتحمل مسؤولية تأمين المصاريف، ولأنه يعجز عن ذلك تشعر الزوجة في الغالب بعدم الرضى عن الحياة معه.

فضلا عن ارتفاع معدلات الانفصال في سوريا، فإن هناك انتشار لحالة العزوف عن الزواج بين الشباب في البلاد، إذ يهرب الشباب من مسألة الزواج، بسبب المسؤوليات المترتبة عنه، وبشكل خاص المسؤوليات الاقتصادية.

بحسب تقرير سابق لصحيفة “الوطن” المحلية، ونقلا عن خبراء في علم الاجتماع، فإن 60 بالمئة من الشباب السوريين عازفون عن الزواج، بسبب الخوف من المستقبل، بالإضافة إلى الدخل المتدني، فضلا عن عدم وضوح مستقبلهم، وعدة عوامل أخرى مثل، عدم وجود مهنة محددة، دخل مستقل، العمل، وهذا ما يؤجل الزواج لأجل غير محدد.

قد يهمك: توتر في الأردن تشعله السورية إنجي خوري.. من والد الطفل؟

التقرير أشار إلى أنه في تجمعات المدن الرئيسية تصل نسبة العزوف لـ 40 بالمئة، بينما تنخفض في التجمعات التي لا زالت تحافظ على الروابط المختلفة فيما بينها، والتي تخفف بدورها من الأعباء المترتبة على الزواج، حيث أن الضغوط المادية لها دور في العزوف، لكن العامل الأساسي، هو التفكك الاجتماعي وتحول الحياة إلى فردية، حيث يواجه الفرد المشاكل لوحده.

كما نقل التقرير عن خبراء، أن نسبة عزوف الإناث عن الزواج بلغت 70 بالمئة وأن هناك عزوف عن الزواج بسبب التكاليف، محذّرين من حدوث فجوة خطيرة بالهرم السكاني السوري، وعدم تجدد المواليد ليتحول بعدها المجتمع السوري إلى مجتمع كهل، نظرا لعدم الإقبال على الزواج وارتفاع حالات الطلاق، والتفكك الأُسري وحوادث الموت والفقدان والهجرة.

الخبراء، لفتوا كذلك إلى أن الزواج أصبح حلما نظرا لارتفاع التكاليف ما يؤدي إلى اتجاه الفرد لخيارات غير عقلانية، معتبرين أن أقل تكلفة زواج ضمن أقل التكاليف تصل لنحو 17 مليون ليرة، وضمن متوسط الأجور للشريحة الأكبر من السوريين فالأمر مستحيل.

المساكنة في سوريا

نتيجة لعزوف الشباب عن الزواج، فإن فئة واسعة منهم يتجهون إلى ما يسمى بـ”المساكنة”، وذلك تجنبا لأية مسؤوليات لا يقدرون على تحمّلها في ظل الظروف التي تعيشها البلاد خلال السنوات الماضية.

ووفق تقارير صحفية محلية سابقة، فقد بدأت ظاهرة “المساكنة” بالانتشار خلال السنوات الماضية في سوريا، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد، رغم أنها مازالت تعد “خطيئة وإثما ومخالفة للدين والعقيدة والتقاليد” بنظر كثيرين.

ارتفاع التكلفة المادية للزواج التقليدي والملل من العادات القديمة، والرغبة في اكتشاف الآخر والحرية الفردية، يضاف إليها تلبية الرغبات الجنسية؛ ساهم في إقبال العديد من الشباب على المساكنة لكنها ما زالت تُنفذ بشكل سري خوفا من المجتمع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات