يبدو أن الصين تواجه مخاطر اقتصادية جمة، عكس الصورة التي تصر على تصديرها بأنها قوة اقتصادية كبرى وأنها ستكون الأولى اقتصاديا في المستقبل القريب، وهذا ما أظهرته التقارير الأخيرة التي توضح عزلة العالم عن الاستثمار في بكين. 

الاستثمار المباشر للشركات الأجنبية في الصين تراجع العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 3 عقود، وهو الأمر الذي يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها بكين، خاصة وأنها تسعى إلى المزيد من الاستثمارات الخارجية لمساعدة اقتصادها.

هذا التراجع يتزامن مع ارتفاع التزامات الاستثمار المباشر للصين في ميزان مدفوعاتها بمقدار 33 مليار دولار العام الماضي، بانخفاض 82 بالمئة عن عام 2022، وفق لبيانات إدارة الدولة للنقد الأجنبي “SAFE” الصادرة أول أمس الأحد. 

وانخفض هذا المقياس للاستثمار الأجنبي الجديد في البلاد – الذي يسجل التدفقات النقدية المرتبطة بالكيانات المملوكة للأجانب في الصين – إلى أدنى مستوى له منذ عام 1993.

تبدد حلم الصين؟

البيانات تظهر تأثير عمليات إغلاق “كوفيد – 19” والتعافي الضعيف في العام الماضي، إذ انخفض الاستثمار في الربع الثالث من عام 2023 للمرة الأولى منذ عام 1998. 

طبعا هذا الانخفاض ليس الأول من نوعه، إذ سبقه تراجع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجي للصين بشكل ملحوظ -بما في ذلك 15 بالمئة عام 2022- خلال الأربع سنوات الأخيرة.

حي لوجياتسوي المالي في منطقة بوندونغ، شنغهاي – (بلومبرغ)

وبحسب تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنترست” في وقت سابق، يبدو أن حلم الصين العالمي وقوتها الاقتصادية وجاذبيتها السياسية ومكانتها الدولية كلها تتبدد، إذ تكشف العديد من المؤشرات الرئيسية أن الصراع الملحمي مع الولايات المتحدة والغرب جعل الصين أضعف من أي وقت مضى خلال السنوات العشر الماضية.

على الرغم من تعافيه قليلا وعودته إلى النمو في الربع الأخير من العام المنصرم، إلا أن الأموال الجديدة البالغة 17.5 مليار دولار في تلك الفترة لا تزال أقل بمقدار الثلث عن نفس الفترة من عام 2022.

بكين تخفّض أسعار الفائدة

أرباح الشركات الصناعية الأجنبية في الصين، انخفضت بنسبة 6.7 بالمئة العام الماضي مقارنة بالعام السابق، وفقا لبيانات المكتب الوطني للإحصاء.

فيما أظهرت أرقام سابقة صادرة عن وزارة التجارة الصينية، أن الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد في الصين انخفض العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات. 

بحسب وكالة “بلومبرغ”، يسلط الضعف المستمر، الضوء على كيفية قيام الشركات الأجنبية بسحب الأموال من الصين بسبب التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الفائدة في أماكن أخرى.

وفق موقع “العربية نت”، هناك جاذبية متزايدة للشركات متعددة الجنسيات للاحتفاظ بالنقود في الخارج بدلا من الصين، لأن الاقتصادات المتقدمة كانت ترفع أسعار الفائدة، في حين كانت بكين تخفضها لتحفيز الاقتصاد. 

أسباب تراجع الاستثمار المباشر للشركات الأجنبية في الصين

وأظهر استطلاع حديث للشركات اليابانية في الصين، أن معظم هذه الشركات خفضت استثماراتها أو أبقتها ثابتة في العام الماضي، وليس لدى الأغلبية توقعات إيجابية لعام 2024.

ولطالما كان الاستثمار الأجنبي الأداة الرئيسية لنفوذ الصين اقتصاديا، وقد سجل الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجي الصيني نموا مطردا من 10 مليارات دولار في 2005 إلى أكثر من 170 مليارا بحلول عام 2017، مدفوعا بسياسة “الخروج” لعام 2001 ثم مبادرة “الحزام والطريق” لعام 2013.

التراجع في الاستثمار المباشر للشركات الأجنبية في الصين، من بين أهم أسبابه أن شركاء الصين مثل ألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي عززوا آليات فحص الاستثمار مع عرقلة عمليات الاستحواذ الصينية الرئيسية لأسباب أمنية.

ومنذ أكثر من عام ونصف،  بات تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين أصبح مركزا، لدرجة أن نحو 90 بالمئة من الاستثمار الأجنبي المباشر الأوروبي في الصين مصدره 4 بلدان فقط، بحسب أرقام مجموعة “روديوم” للأبحاث، لذا ونتيجة لكل المعطيات الآنفة الذكر، فإن الصين باتت في مأزق اقتصادي كبير.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات