أعلنت ما تسمى بـ”المقاومة الإسلامية” بالعراق في بيان لها يوم 10 أيار/ مايو الجاري مسؤوليتها عن ثماني عمليات عسكرية ضد إسرائيل، باستخدامها الطائرات المسيّرة وصاروخ الأرقب/ كروز مطور، وجاء هذا في بيانات عدة ومنها قالت فيه إن هذه العمليات “استمراراً بنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونُصرة لأهلنا في غزة، ورداً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق فجر يوم السبت قاعدة رامون الجوية بأراضينا المحتلة، بواسطة صاروخ الأرقب (كروز مطور)..”.

وجاءت البيانات الأخرى معلنة العمليات العسكرية التي قامت بها من 9 إلى 10 الشهر الجاري، حيث استهدفت العديد من المواقع الحيوية في إسرائيل؛ منها قصف قاعدة نيفاتيم في بئر السبع بالطائرات المسيرة، وهدفاً حيوياً في إيلات “أم الرشراش” بواسطة الطائرات المسيّرة كذلك. وضرب ميناء عسقلان بصاروخ الأرقب في صباح يوم الخميس 9 أيار/ مايو الجاري، واستهداف قاعدة اليفالط بواسطة الطيران المسير، ومنصة لوثيان الغازية بواسطة الطيران المسير أيضاً. والاستهداف الجوي بالطائرات المسيرة لقاعدة عوبدا الجوية، وكانت مجمل هذه العمليات في التاسع من أيار/ مايو الجاري.

وأعلنت عن عمليتين عسكريتين صباح الجمعة الموافق 10 أيار/ مايو الجاري، استهدفت كل عملية منهما هدفاً حيوياً في إيلات وأكدت في بيان لها على استمرارها في “دك معاقل الأعداء”، حيث أن فصائل المقاومة في العراق تتبنى بين الحين والآخر قصف مناطق في إسرائيل، وقواعد أميركية في سوريا والعراق ردّاً على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

“المقاومة الإسلامية” في العراق من هم؟

يُعد أول ظهور لاسم “المقاومة الإسلامية في العراق” عقب الحرب الأميركية على العراق عام 2003، وكان يعبّر عن مجموعة من الفصائل السّنية المسلحة التي تسعى لمقاومة الوجود الأميركي في العراق، وكان لها بيانات رسمية ووجود غير قليل، ولكنها اختفت ربما لغياب الدعم المادي مع التوغل للنفوذ الإيراني في المنطقة، أو لعدم قدرتها على الصمود أمام القوى الأميركية.

أعلنت “المقاومة الإسلامية في العراق” أنها استهدفت قاعدة “رامون” الجوية الإسرائيلية بصاروخ “كروز مطور”- موقع “المقاومة الإسلامية”

وتم إعادة طرح هذا المسمى مرة أخرى إثر عملية “طوفان الأقصى” في 21 من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، حيث عاد اسم “المقاومة الإسلامية في العراق” مرة أخرى إلى الساحات العراقية من خلال شنّ العديد من الهجمات على القواعد الأميركية بالعراق وسوريا، وإعلانها بوصفها رداً على القصف الإسرائيلي لغزة. وأعلنت مجموعة من الميليشيات اتحادها تحت اسم “المقاومة الإسلامية في العراق” وأعلنت مسؤوليتها عن هذه العمليات، وهدفت هذه الميليشيات من هذا التحالف عدم مسؤولية ميليشيا بعينها عن هذه العمليات، فضلاً عما يعنيه هذا التحالف من قوة أكبر بالنسبة لهم جميعاً.

وحسب تقارير إعلامية فقد أعلنت “كتائب حزب الله العراقي” في الـ 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2023 بعض الجماعات التي تعمل تحت اسم “المقاومة الإسلامية بالعراق” وكان أهمها “كتائب سيد الشهداء وكتائب النجباء وفصائل إقليمية أخرى مثل كتائب حزب الله وجماعة أنصار الله الأوفياء المنشقة عن التيار الصدري”، وتعمل جميعها تحت قيادة “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني”، مما يجعله أحد أذرع الضغط الإيرانية أكثر من أن يكون “جبهة تحرير وطنية” كما يقدم نفسه، فإيران تعد مؤسسة وراعية هذا التحالف.

وتعلن هذه الجماعات تضامنها الكامل مع حركة “حماس” الإسلاموية وتضع عملياتها العسكرية ضمن أفق ما يسمى بـ”المقاومة” ضد إسرائيل، وفي الأونة الأخيرة أضحت تنظم عمليات عسكرية داخل إسرائيل وتل أبيب، تضامناً مع حركة “حماس”، وتقع ضمن “محور المقاومة” الذي تقوده إيران ضد إسرائيل، ولا يخفي العالم تخوفه من نمو هذا التحالف خاصة من أن يكسب تعاطف الكثيرين والدعم لإعلانه تنفيذ العمليات العسكرية لـ”نصرة فلسطين”.

والواقع أن “المقاومة الإسلامية” في العراق تعبر عن الحضور الإيراني لضرب القواعد الأميركية في سوريا والعراق دون أن تحضر في الصورة، ومكّنتها عملية “طوفان الأقصى” من وجود مثل هذه التحالفات وتقديم عملياتها العسكرية تحت غطاء “المقاومة الفلسطينية”. ورغم الاختلاف المذهبي مع “حماس” إلا أنها تعلن تضامنها مع “حماس” ضد إسرائيل، ولا يحمل هذا التضامن غير التعاون المصلحي المحمل بمخططات أخرى لا تعبر عن أي اتحاد فعلي أو تعاون.

فقد مثّلت عملية “طوفان الأقصى” إحياءً جديداً لحركات الجهاد المسلحة وأهداف الإسلام السياسي على اختلاف مشاربه، وكانت دافعاً رئيسياً لاقتناص الفرصة وتنفيذ مآرب عديدة لسلطات مختلفة باسم القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الأقصى، ولعل أهم هذه السلطات السلطة الإيرانية والتركية، لما لهما من مطامع في بناء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو عودة الخلافة العثمانية، ويعد التحالف العراقي المزعوم باسم “المقاومة الإسلامية” أحد الأدوات التي يتم استغلالها للحضور الإيراني السياسي في المنطقة.

الخلفية الأيديولوجية

تحمل “المقاومة الإسلامية” في العراق خلفية أيديولوجية شيعية، تجعلها ضمن الإطار التبشيري الإيراني بالثورة الإيرانية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا ما أكده الكاتب الصحفي لشؤون الجماعات الجهادية هشام النجار في تصريح خص به “الحل نت” قائلاً: حركة المقاومة الإسلامية في العراق تتبع الإسلام السياسي الشيعي وتنضوي ضمن محور إيران، أو ما يعرف بمحور المقاومة الذي يتشكل من مركز بطهران، يعتبر هو مركز المشروع الذي يعرف بولاية الفقيه وفقاً لأدبيات المذهب الشيعي ومراجعه الفقهية.

حسب تقارير عدة فإن ما يعرف بـ”المقاومة الإسلامية” في العراق تدار كلياً من “فيلق القدس” ولا يملك أي فصيل فيها دور إداري، وهذا ما يجعلها الأذرع الإيرانية في المنطقة بشكل مباشرٍ وواضح، ووكيلها في تنفيذ العمليات العسكرية.

وأردف النجار أن المركز معني بتصدير الثورة وتأسيس إمبراطورية توسعية لاستعادة حكم الشيعة والهيمنة على مقاليد الأمور إقليمياً، وتعد هذه التشكيلات في العراق جزء وتفصيل ضمن إطار عام يتحرك ويمول وينشط ويحرز نفوذاً بنسب متفاوتة؛ بين لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، وأفغانستان، ودول إفريقية عديدة، وهي تتخذ قراراتها ومواقفها بناء على توجيهات المركز وأوامره مع هامش استقلالية ضيق ومحدود متعلق بالتفصيلات الإدارية والمالية اليومية، لكن بوجه عام تعمل تحت سقف المصلحة الإيرانية وحسابات طهران في الداخل العراقي وفي الإقليم.

وقوع “المقاومة الإسلامية” في العراق تحت قيادة “فيلق القدس” يثبت رؤية هشام النجار، حيث إن هذه المقاومة في الأخير تقع في قيادتها تحت أومر طهران والتصرف الإيراني، ومن ثم لا تعدو أن تكون أحد أذرع إيران السياسية التي تسعى من خلالها تنفيذ خططها السياسية والعسكرية، فمن خلالها تعمل على خلق ندية سياسية لأميركا تعجز عن تحقيقها في أراضيها.

وحسب تقارير عدة فإن ما يعرف بـ”المقاومة الإسلامية” في العراق تدار كلياً من “فيلق القدس” ولا يملك أي فصيل فيها دور إداري، وهذا ما يجعلها الأذرع الإيرانية في المنطقة بشكل مباشرٍ وواضح، ووكيلها في تنفيذ العمليات العسكرية، ويتضح هذا في عملياتها العسكرية حيث كان أبرزها هجومي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2023: الأول على قاعدة عين الأسد الجوية غربي العراق وتم بطائرات مسيرة، والثاني تم بطائرات مسيرة أيضاً على قاعدة حرير الجوية التي تضم قوات أميركية قرب مطار أربيل/ هولير في إقليم كردستان العراق، وغيرها من العمليات المشابهة.

تحمل “المقاومة الإسلامية” في العراق خلفية أيديولوجية شيعية، تجعلها ضمن الإطار التبشيري الإيراني بالثورة الإيرانية والجمهورية الإسلامية الإيرانية- “إنترنت”

وتوسّعت بعد ذلك بعمليات عسكرية في إسرائيل أعلنت أنها دعم لـ”حماس” ورد على قتل الأطفال الأبرياء في غزة، والواقع أن إيران لم تكن قادرة على المثول مباشرة في هذه الحرب لغياب الندية الفعلية لأميركا، ويظهر هذا في تخلي حسن نصر الله عن الحرب في غزة وإعلانه دخولها قبل ذلك، في حين أن عملياته العسكرية لم تكن غير عمليات بسيطة يحفظ بها ماء وجهه أمام الجموع، غير ذات قيمة فعلية، ومن ثم كان ما يسمى بـ”محور المقاومة” هو البديل له في هذه الحرب كي تحضر إيران من خلفه ويعمل على تنفيذ أهدافها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة