تنفس المستهلكون السوريون الصعداء مؤخراً، بعد أشهر طويلة من المعاناة جراء الارتفاعات الجنونية في أسعار الأغذية؛ فقد شهدت هذه الأسعار استقرارًا متواضعًا في الآونة الأخيرة، بعد موجة تضخم لم تشهدها البلاد على مدار عقود.

إلا أن هذا الاستقرار النسبي لا يُخفي حقيقة أن أسعار السلع الغذائية في سوريا لا تزال أعلى بنحو 87 بالمئة عما كانت عليه قبل عام. وهو ما يُلقي بظلال من الشك على مدى استدامة هذا الهدوء، وما إذا كان بمثابة بداية حقيقية لتحسن الوضع الاقتصادي للمواطنين.

ففي الوقت الذي تنفس فيه السوريون الصعداء لعودة الفروج إلى موائدهم بأسعار أقل نسبيًا، يبقى السؤال حول مدى قدرتهم على تحمل أعباء المعيشة في ظل ارتفاع أسعار السلع الأخرى بنسب مماثلة. وهو ما قد يُفقد هذا الاستقرار الهش المزيد من بريقه في المرحلة المقبلة.

مؤشر جديد

كشف تقرير صادر عن “برنامج الأغذية العالمي”، الجمعة الفائت، عن حقيقة مرّة تكشف عن تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين بشكل مأساوي. فعلى الرغم من استقرار أسعار المواد الغذائية خلال الشهر الماضي، إلّا أنها لا تزال مرتفعة بنسبة تصل إلى 87 بالمئة مقارنة بالعام السابق.

في سوريا الأغنياء يحولون أموالهم إلى ذهب والفقراء يحركون الأسواق! (2)
سوريون يتسوقون الفواكه والخضروات في سوق في دمشق، يعمل العديد من السوريين في وظيفتين من أجل تغطية نفقاتهم. (تصوير لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)

وما يزيد الأمر سوءًا هو أن الأسر التي تحصل على الحد الأدنى للأجور لا تستطيع سوى شراء 29 بالمئة من احتياجاتها الغذائية الأساسية، في مؤشر على تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

في المقابل، نجح برنامج الأغذية العالمي في تقديم المساعدات الغذائية لنحو 740,800 شخص خلال شهر نيسان/أبريل الماضي. لكن يبقى السؤال حول مدى كفاية هذه المساعدات في ظل واقع مأساوي يفيد بأن 12.9 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 3.1 مليون في حالة شديدة. 

“البنك الدولي”، كشف عن أرقام مروعة تعكس مدى تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد جراء 13 عاما من النزاع المدمر.

ووفقًا للتقرير الصادر عن البنك، فإن أكثر من ربع السكان السوريين، بمعنى نحو 5.7 ملايين نسمة، باتوا يعيشون تحت خط الفقر المدقع، أي غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية. وكانت تقديرات سابقة للأمم المتحدة أفادت بأن مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع بعد عقد من الحرب، في حين يرزح غالبية السوريين تحت خط الفقر.

عودة الفروج

في إشارة إيجابية وسط واقع اقتصادي سيئ، شهدت أسعار الفروج في سوريا انخفاضًا ملموسًا، وهو ما أعاد البسمة إلى وجوه الأسر السورية التي كانت قد ابتعدت عن إدراج هذا المنتج الأساسي على موائدها بسبب الارتفاعات الكبيرة التي طالته في الفترة السابقة.

ووفقًا لمؤشر أسعار الفروج في العاصمة دمشق، اليوم الاثنين، فقد وصلت الأسعار إلى مستويات مشجعة للمواطنين، حيث بلغ سعر كيلو الفروج 31 ألف ليرة، وكيلو الوردة 45 ألف ليرة، وكيلو الشرحات 68 ألف ليرة، فيما سجلت سودة الفروج 55 ألف ليرة.

بلغ سعر كيلو هبرة الخروف 280 ألف ليرة، في حين وصل سعر الغنم المسوف إلى 180 ألف ليرة، وسجلت شرحات لحم الغنم 300 ألف ليرة.

أما بالنسبة لأسعار لحوم البقر، فقد تراوح سعر كيلو لحم بعظم 160 ألف ليرة، بينما بلغ سعر هبرة العجل 180 ألف ليرة، والعجل المسوف 150 ألف ليرة، وسجلت شرحات لحم العجل 195 ألف ليرة.

في ظل أزمة اقتصادية مدمرة، ما تزال أسعار اللحوم في سوريا تشكل عبئًا ثقيلًا على كاهل المواطنين، مما يجعل الكثيرين منهم بعيدين عن إدراج هذه السلع الأساسية على موائدهم، ولا سيما الشهر الفائت حيث وصلت أسعارها إلى أرقام خيالية.

ارتفاع أسعار المواد التموينية

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا، باتت الأسر السورية تعتمد بشكل متزايد على الخضروات الصيفية الأرخص تكلفة بدلاً من المواد التموينية الأساسية مثل الأرز والبرغل والمعكرونة وعدس الشوربة.

كساد في بيع الخضراوات والفواكة السورية - إنترنت
كساد في بيع الخضراوات والفواكة السورية – إنترنت

إلا أن هذا التحول لم يُنِج المواطنين من ثقل أسعار هذه السلع، والتي تواصل ارتفاعها المتواصل بشكل مقلق. فلم يُسهم موسم الفريكة في خفض سعرها، حيث وصل إلى 50 ألف ليرة للكيلو الواحد.

كما ارتفع سعر القمح المقشور إلى 11 ألف ليرة، وكيلو البرغل إلى 13,500 ليرة. وبالرغم من تراجع استهلاك عدس الشوربة بعد شهر رمضان، إلا أن سعره ظل مستقرًا عند 24,800 ليرة للكيلو.

ورغم أن البقوليات باتت تشكل البديل الأبرز لدى المواطنين عن اللحوم الباهظة الثمن. ولكن حتى هذه السلع الأساسية لم تسلم من موجة الغلاء المتصاعدة.

ففي سوق البقوليات، تُعد الفاصولياء الحب الاختيار الأكثر شيوعًا بين المواطنين، إلا أن سعر الكيلو من النوع العريض وصل إلى 59 ألف ليرة، فيما يُباع النوع العادي بـ 40 ألف ليرة.

أما الحمص الحب، فهو شبه مفقود في الأسواق بسبب الندرة، حيث يُباع الكيلو بـ 35 ألف ليرة، رغم وصول كميات منه عبر المساعدات.

شهدت أسعار الأرز ارتفاعات مذهلة، إذ يُباع أقل كيلو من النوع الفرط بـ 16 ألف ليرة، بينما وصل سعر الأرز البسمتي إلى 40 ألف ليرة للكيلو الواحد، مع تباين التسعير بين الشركات المختلفة.

وكذلك سجل سعر كيلو الطحين 10 آلاف ليرة، فيما شهدت أسعار السمنة والزيت ارتفاعات خيالية، حيث وصل سعر كيلو السمنة الشعبية إلى 36 ألف ليرة، فيما بلغ سعر السمنة الحيوانية الفاخرة 120 ألف ليرة للكيلو الواحد.

وارتفع سعر كيلو زيت الزيتون إلى 110 آلاف ليرة، بينما بلغ سعر ليتر زيت دوار الشمس 25 ألف ليرة. وأصبح من الصعب على الكثير من العائلات شراء هذه السلع بكميات كبيرة، مما دفعهم إلى التقنين في استهلاكها.

وعلى الجانب الآخر، حافظت أسعار الأغذية في سوريا كالمعكرونة والشعيرية والأندومي على استقرارها النسبي، إذ بلغ سعر كيلو الشعيرية 13,200 ليرة، وعلبة الأندومي 4,000 ليرة، وكيلو المعكرونة 14 ألف ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات