في مشهد دبلوماسي مفاجئ، تحولت ثلاث جزر متواضعة في الخليج العربي إلى بؤرة توتر دولي، واضعة الصين في موقف حرج بين حليفين استراتيجيين: إيران والإمارات. فقد استدعت طهران، في خطوة غير معتادة، السفير الصيني لديها، معربة عن استيائها من بيان صيني-إماراتي يشكك في سيادتها على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. هذا التحرك يكشف عن تصدع محتمل في العلاقات الصينية-الإيرانية، رغم الاتفاقية طويلة الأمد بين البلدين.

لكن ما يثير الدهشة حقًا هو الموقف الصيني المتحول. فبكين، التي طالما اعتُبرت حليفًا وثيقًا لطهران، تبدو الآن منحازة لــ صفّ أبوظبي في هذا النزاع. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل يعكس براغماتية صينية تضع المصالح الاقتصادية فوق كل اعتبار. فعلى الرغم من الشراكة مع إيران، ترى الصين في الإمارات شريكًا أكثر جاذبية وثباتاً في ظل اقتصاد إيراني يعاني من العقوبات وعدم الاستقرار.

يبدو أن بكين، في ظل تباطؤ اقتصادها، تُعيد ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط. فالعلاقة مع الإمارات، بما تمثله من ثقل اقتصادي واستقرار سياسي، باتت أكثر أهمية من الروابط التاريخية مع إيران. هذا النهج البراغماتي، الذي يعتمد على المصالح الاقتصادية كبوصلة للعلاقات الدولية، قد يكون مفهوماً في أروقة بكين، لكنه يصطدم بثقافة سياسية مختلفة في طهران. فهل ستكون هذه الجزر الثلاث شرارة تشعل توتراً أكبر بين الصين وإيران، أم أنها ستكون درساً في فن الموازنة الدبلوماسية؟ 

تحوّل التنين: تفكك التحالف الصيني الإيراني

لطالما كانت ثلاث جزر صغيرة – أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى – موضوع نزاع إقليمي بين إيران والإمارات العربية المتحدة. واليوم، تجد هذه البُقع من الأرض، التي لا تزيد مساحتها مجتمعة عن 26 كيلومتراً مربعاً، نفسها في قلب زلزال جيوسياسي. تحوّل مفاجئ وكبير في موقف الصين، وانحيازها إلى جانب الإمارات العربية المتحدة على حساب شريكتها القديمة إيران.

الإمارات الصين إيران الاقتصاد الصيني الإماراتي الإيراني الجزر الإماراتية الإمارات الصين إيران الاقتصاد يتحدث: هل تكون الجزر الإماراتية شرارة توتر صيني-إيراني؟
الرئيس الصيني شي جين بينغ (يسار) يصافح رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قبل حفل افتتاح الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في دار ضيافة دياويوتاي في بكين في 30 مايو.

يكشف التحليل الذي أجريناه بالاعتماد على البرقيات الدبلوماسية والبيانات الاقتصادية والمقابلات مع خبراء إقليميين، كيف يمكن أن يكون هذا النزاع على الجزر الثلاث الشرارة التي تُشعل التوترات بين بكين وطهران. 

تدور هذه القصة في جوهرها حول ما هو أكثر من مجرد مطالبات إقليمية؛ إنها شهادة على كيفية إعادة تشكيل الحقائق الاقتصادية للتحالفات العالمية، وتقدم درساً حيويّاً لفهم لغة المصالح المتبادلة في عالم تحكمه الاقتصادات لا الأيديولوجيات.

القنبلة الدبلوماسية انفجرت في الأول من حزيران/يونيو الجاري، عندما أكدت الصين دعمها بالنسبة للإمارات فيما يتعلق بنزاعها مع إيران بشأن الجزر الثلاث في الخليج، خلال استضافت الصين القادة العرب، بما في ذلك رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، في بكين الأسبوع الماضي لحضور منتدى التعاون الصيني العربي. 

بعد ساعات من البيان الصيني – الإماراتي، ضجّت أروقة وزارة الخارجية الإيرانية في طهران بتوتر غير عادي. وفي صباح الأحد الفائت، استدعى القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني السفير الصيني  كونغ بيوو، في اجتماع وصفه الدبلوماسيون فيما بعد بأنه اجتماع ”فاتر“. والسبب؟ بيان الصين والإمارات المشترك الذي أُصدر خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس محمد بن زايد إلى بكين.

وقد تضمن البيان، بصيغته العادية والمألوفة للعين غير المتمرسة، هذه العبارة المحورية: ”تدعم الصين سعي الإمارات العربية المتحدة إلى حلٍّ سلمي لقضية الجزر الثلاث – أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى – وفقاً للقانون الدولي“. بالنسبة لطهران، لم يكن ذلك أقل من خيانة.

مصدر دبلوماسي كشف لـ”الحل نت”، أن المسؤول بوزارة الخارجية الإيرانية محمد علي بيك، قال للسفير الصيني: “أنتم تتحدثون عن القانون الدولي، لكنكم تتجاهلون معاهدات عام 1971 التي تؤكد سيادتنا. هذه الجزر إيرانية مثل السور العظيم صيني“.

كما أكد علي بيك في اجتماعه أن “الجزر الإيرانية الثلاث في الخليج الفارسي تابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن إيران ترفض أي ادعاء من أي جانب في هذا الصدد”.

إلا أن عدم رد السفير الصيني على وزارة الخارجية الإيرانية، تمثّل بتكرار وزارة الخارجية الصينية للبيان بعد استدعاء سفيرها، يُفسر بأنه حديث بحد ذاته، وكأن بكين تقول: “تحترم الصين الروايات التاريخية الإيرانية. ومع ذلك، في عصر التجارة العالمية، سياستنا الخارجية تتكيف مع الحقائق الحالية“.

الجزر الثلاث: تاريخ معقّد

لفهم ثقل البيان الصيني، يجب على المرء أن يفهم ماضي الجزر المتنازع عليه. أجرينا مقابلة مع الدكتور ناصر الخليفة، المؤرخ في جامعة “الإمارات”، عبر مكالمة فيديو. وأوضح أن ”النزاع يسبق وجود الإمارات العربية المتحدة“. ”كانت هذه الجزر تحت سيطرة قبيلة القواسم، التي أصبحت فيما بعد جزءاً من الإمارات المتصالحة، التي أصبحت الإمارات العربية المتحدة في عام 1971“.

الاقتصاد يتحدث هل تكون الجزر الإماراتية شرارة توتر صيني-إيراني؟ الإمارات الصين إيران الاقتصاد الصيني الإماراتي الإيراني الجزر الإماراتية
زوارق إيرانية في مضيق هرمز (أرشيفية – فرانس برس)

وتعود مطالبة إيران بالجزر إلى الإمبراطورية الفارسية، بحجة السيادة المستمرة باستثناء فترة النفوذ الاستعماري البريطاني. في تشرين الثاني/نوفمبر 1971، أي قبل أيام فقط من قيام دولة الإمارات، احتلت القوات الإيرانية الجزر. وأضاف الدكتور آل خليفة: ”كانت خطوة استراتيجية، فمع انسحاب بريطانيا من الخليج، رأت إيران فرصة سانحة“.

منذ ذلك الحين، استمر الوضع الراهن. تدير إيران الجزر، بينما تتمسك الإمارات بمطالبتها بالجزر، وتثير القضية بشكل دوري في المحافل الدولية. وكلاهما يستغلان المشاعر القومية العميقة؛ فتلاميذ المدارس في طهران وأبوظبي على حد سواء يكبرون وهم يتعلمون أن هذه الجزر جزء لا يتجزأ من وطنهم.

وبعيداً عن المشاعر، هناك قيمة استراتيجية. إذ تطل الجزيرتان على مضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس النفط العالمي، وتوفر الجزر السيطرة على هذه النقطة الحيوية. في المقابلة التي أجريناها مع اللواء اليمني المتقاعد يحيى الروني، أشار إلى أن ”من يسيطر على تلك الجزر يضع إصبعه على نبض الاقتصاد العالمي. وفي حالة حدوث أزمة، يمكنهم تعطيل تدفقات الطاقة العالمية”.

في المياه المحيطة بجزيرتي أبو موسى وطنب، هناك ما هو أكثر من السيادة على المحك. فهنا، في التفاعل بين المطالبات الصينية والإيرانية والإماراتية، نشهد الترجمة الآنية للقوة العالمية – من تلاشي صياغة الروابط الأيديولوجية إلى تصاعد نثر الواقعية الاقتصادية. 

حسابات الصين الاقتصادية

لماذا تدعم الصين الآن، بعد سنوات من الحياد، موقف الإمارات العربية المتحدة؟ يشير التحليل الذي أجريناه إلى إدراك كبير في بكين: إن علاقتها الاقتصادية مع الإمارات تفوق بكثير علاقاتها مع إيران التي تعاني من العقوبات والمتقلبة سياسياً.

الإمارات الصين إيران الاقتصاد الصيني الإماراتي الإيراني الجزر الإماراتية
الأعلام الوطنية للصين وإيران ترفرف في ميدان تيانانمن خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين، الصين، 14 فبراير/شباط 2023. رويترز/توماس بيتر

وفقا لحديث الأكاديمي والخبير في الشؤون السياسية العربية، أشرف الزعبي، فإن الشراكة الصينية مع إيران تضمن الوصول التفضيلي. لكن الواقع: أقل من التوقعات، إذ تقدّم الإمارات فوائد فورية وملموسة.

بتفكيك حسابات الصين المكونة من أربعة أجزاء، نجد أن:

1. تلاشي الوعد الإيراني: 

في آذار/مارس 2021، وقّعت الصين وإيران ”شراكة استراتيجية شاملة“ لمدة 25 عاماً. وقد وعدت هذه الشراكة، التي وُصفت بأنها ستغير قواعد اللعبة، الصين بأدوار مهيمنة في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية الإيرانية مقابل استثمارات بقيمة 400 مليار دولار.

وقال أشرف الزعبي، الذي أجرينا معه مقابلة عبر الهاتف: “على الورق، كانت هذه الصفقة بمثابة ضربة معلم لبكين. الوصول إلى النفط المخفّض، وعقود البناء، وحتى المنشآت العسكرية؛ لكن ما كان على الورق لم يترجم على الواقع”.

يكشف تحليلُنا لبيانات التجارة من الإدارة العامة للجمارك الصينية عن الفجوة بين الوعود والواقع. فقد بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في إيران في الفترة من 2021 إلى 2023 ما مجموعه 23 مليار دولار فقط، وهو مجرد جزء بسيط من المبلغ المتعهّد به. أما واردات النفط، التي كان من المتوقع أن ترتفع، فقد انخفضت في الواقع بنسبة 10% في عام 2022، حيث أدت العقوبات الأميركية الثانوية إلى ردع شركات التكرير الصينية.

هنا يشير الزعبي، إلى أن الشراكة التي كانت شريان حياة لطهران انتهت، لأن الصين حذرة. فمع استمرار العقوبات الأميركية وبقاء البرنامج النووي الإيراني دون حل، تردد الصينيون في الالتزام الكامل.

2. التباطؤ الاقتصادي الصيني: 

في الوقت الذي تواجه فيه إيران تباطؤاً اقتصادياً، تواجه الصين نفسها رياحاً اقتصادية معاكسة. كان انتعاش الصين بعد “كوفيد-19” أقصر مما كان متوقعاً. فقد أدت مشاكل القطاع العقاري والمشاكل الديموغرافية ولوائح قطاع التكنولوجيا إلى إضعاف النمو. لذا تحتاج بكين إلى شركاء موثوقين وخاليين من المشاكل.

الاقتصاد يتحدث هل تكون الجزر الإماراتية شرارة توتر صيني-إيراني؟ الإمارات الصين إيران الاقتصاد الصيني الإماراتي الإيراني الجزر الإماراتية
مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد اجتمع مع نظيره الإيراني، علي شمخاني – إنترنت

البيانات الأخيرة تدعم هذا التحليل:

– نمو الناتج المحلي الإجمالي: تباطأ إلى 4.3 بالمئة في الربع الأول من عام 2024، وهو أدنى مستوى له منذ التسعينيات (باستثناء كوفيد-19).

– بطالة الشباب: بلغت 20 بالمئة في المناطق الحضرية.

– الاستثمار الأجنبي المباشر: بدأت العديد من الشركات في الخروج من السوق الصينية والتوجه نحن دول أخرى في شرق آسيا.

في هذا المناخ بحسب الزعبي، لا تستطيع الصين تحمّل تكاليف التجارب الجيوسياسية. 

3. جاذبية الإمارات الاقتصادية: 

ندخل إلى الإمارات، وخاصة دبي وأبوظبي، التي تعمّق تكافلها الاقتصادي مع الصين بشكل ملحوظ. وهو ما يكشف لنا غوصنا في قاعدة بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في الإمارات عن:

– حجم التجارة: بلغ حجم التجارة غير النفطية بين الصين والإمارات 95 مليار دولار أميركي في العام 2023، ومن المستهدف أن يصل إلى 200 مليار دولار في عام 2030، مما يجعل الإمارات العربية المتحدة أكبر شريك للصين في الشرق الأوسط.

الاقتصاد يتحدث هل تكون الجزر الإماراتية شرارة توتر صيني-إيراني؟ الإمارات الصين إيران الاقتصاد الصيني الإماراتي الإيراني الجزر الإماراتية
رئيس الاتحاد الإيراني للتصدير، محمد لاهوتي، أن الامارات أزاحت الصين من صدارة مصدري السلع إلى إيران – إنترنت

– تدفقات الاستثمار: بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في الإمارات العربية المتحدة 7 مليارات دولار، مع التركيز على الموانئ وشبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي، تعد الصين ثالث أكبر مستثمر عالمي في الإمارات.

– التكامل المالي: تعمل أكثر من 6.000 شركة صينية في الإمارات العربية المتحدة. في عام 2022، أطلقت الدولتان غرفة مقاصة الرنمينبي في دبي، مما يسهّل المعاملات القائمة على اليوان.

والأمر الأكثر دلالة هو دور الإمارات العربية المتحدة في مبادرة “الحزام والطريق الصينية” (BRI). وفي حديثه مع “الحل نت” من مركز دبي المالي العالمي، أوضح المصرفي الإماراتي سعيد القمزي قائلاً: “نحن لسنا مجرد دولة أخرى في مبادرة الحزام والطريق. إن جبل علي في دبي وميناء خليفة في أبوظبي هما المحرّكان التوأم اللذان يقودان طريق الحرير البحري الصيني. ما يقرب من 60 بالمئة من صادرات الصين المتجهة إلى الشرق الأوسط تمرّ عبرنا”.

علاوة على ذلك، يتناقض الاستقرار السياسي في الإمارات تناقضاً كبيرا مع الاضطرابات التي تشهدها إيران. فمنذ الاحتجاجات الواسعة النطاق في عام 2022، شهدت إيران اضطرابات متفرقة واضطرابات جامعية. وأضاف القمزي: ”بالنسبة لبكين، فإن الخيار واضح“. ”دولة قد تواجه أصولك فيها ثورة، أو دولة توفر لك الأمن المحكم والرعاية؟”.

4. الدبلوماسية الصينية الجديدة:

يكمن وراء هذه العوامل الاقتصادية تحوّل أساسي في السياسة الخارجية الصينية – وهو تحوّلٌ تشير تحليلاتنا إلى أن إيران أساءت قراءته بشكل خطير. وقد تحدث “الحل نت”، مع المحلل السياسي والدبلوماسي الصيني السابق، وو يي، ولفت إلى أن بعض الدول تنظر إلى الصين من خلال عدسة قديمة. ”فهم يرون روابطنا التاريخية، و شكوكنا المشتركة في الهيمنة الغربية، و يفترضون وجود رابطة تتجاوز الاقتصاد. وهذا تفسير خاطئ في الوقت الراهن”.

الاقتصاد يتحدث هل تكون الجزر الإماراتية شرارة توتر صيني-إيراني؟ الإمارات الصين إيران الاقتصاد الصيني الإماراتي الإيراني الجزر الإماراتية
وزير الخارجية الصيني وانغ يي. (رويترز)

وأوضح يي: ”الدبلوماسية الصينية اليوم هي دبلوماسية معاملات وليست أيديولوجية. نحن نحترم موقف إيران المناهض للإمبريالية، لكنه لا يطغى على احتياجاتنا التنموية. عندما تهدد تصرفات إيران – سواء كانت طموحات نووية أو نزاعات إقليمية – الاستقرار الإقليمي، فإنها تعرض بيئة الأعمال للخطر. وهنا يكمن الخط الفاصل”.

كشف يي عن رؤى صادرة عن مجلس الدولة الصيني في عام 2023، والتي تعبر بشكل كبير عن هذه الروح: ”العلاقات الخارجية هي امتداد للضرورات الاقتصادية المحلية. الشركاء الذين يعززون ازدهارنا هم أصدقاء، أما أولئك الذين يعرضون ازدهارنا للخطر، بغض النظر عن الصلات التاريخية، فلا يمكن أن يتوقعوا دعمنا الثابت“.

ويبدو أن إيران لم تنتبه إلى هذه الاستراتيجية. في طهران، يبيّن الزعبي، أن قادة النظام الإيراني الغارقون في الأيديولوجية الثورية، يعتقدون أن معاداة أميركا المشتركة ستربطهم إلى الأبد بالصين. لكن لم يستوعبوا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة لبكين اليوم يتفوق على التضامن الماركسي اللينيني. لقد أدركت الإمارات ذلك، لذلك لم يقدموا للصين خطابات ووعود بل عوائد.

إن حكاية تحول ثلاث جزر خليجية صغيرة إلى نقطة ارتكاز للتوترات الصينية الإيرانية، تعكس انحياز الصين إلى جانب الإمارات العربية المتحدة على حساب إيران في هذا النزاع الإقليمي أكثر من مجرد سياسة إقليمية. إنه يجسّد لغة دولية جديدة، لغة تترجم فيها البراغماتية الاقتصادية بطلاقة عبر الحدود، وغالباً ما تطغى على اللهجات القديمة للأيديولوجيا أو القرابة التاريخية.

بالنسبة لإيران، هذا درس مكلف. فقد فشلت قيادتها، التي تتقن خطاب الثورة والمقاومة، في فهم معجم الصين المتطور – حيث تتحدث توقعات الناتج المحلي الإجمالي واستقرار الاستثمار بصوت أعلى من المشاعر المشتركة المعادية للغرب. وعلى النقيض من ذلك، فإن الإمارات تتحدث بلغتين في هذا اللسان الجديد، فهي لا تقدم للصين روايات تاريخية فحسب، بل تقدم للصين ثوابت اقتصادية صلبة: المراكز التجارية، والتكامل المالي، والقدرة على التنبؤ السياسي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة