رغم عديد الحوادث التي تجري بالمنطقة وفي سوريا على وجه الخصوص وكذلك على مستوى المنظومة الدولية (الغزو الروسي لأوكرانيا)، فإن سياسات الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا وسط كل ما يحدث تبدو مثيرة حتى مع فقدانها أي زخم وعدم خروجها عن النطاق المحلي. فمع حرب غزة وتداعياتها على دمشق، خاصة ممانعة “الأسد” فتح جبهة ضد إسرائيل تكون على أراضيه بعد تلقي تهديدات مباشرة وصريحة باستهداف يطاوله مع نظامه، والتحركات الاحتجاجية الشعبية بالسويداء والانتفاضة ضد حكم أبو محمد الجولاني بإدلب، وانشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا، كانت التغييرات في القيادة المركزية لـ”حزب البعث” تتزامن مع تغييرات أمنية، حيث أسفرت الأولى عن إعادة انتخاب أو بالأحرى مبايعة الأسد بولاية جديدة أو “أميناً عاماً” بـ”الإجماع”. 

التغييرات الأمنية وفق ما رصده كثيرون جاءت لتكشف عن موازين قوى تميل نحو موسكو، وتخفيف المساحات التي تحتلها طهران في المؤسسات الأمنية، وهذا التموضع لحساب حليف ضد آخر، لا يبدو جديداً، إنما متكرر في الآونة الأخيرة، ويؤكده فتور العلاقة بين الأسد و”الولي الفقيه”، فتأخّرَ الأول عن تقديم العزاء نحو أسبوع كامل، ولم يكن بين الصفوف الأولى التي ذهبت وقدّمت “الواجب” واعتباراته السياسية، كما أن ملالي طهران لم تعد تكفّ عن التصريح باتهام الحكومة في دمشق بتعرية ورفع الغطاء الأمني عن قياداتها، كما تتبرع بالمعلومة عن أماكن تواجدهم وانتشارهم.

الأسد يسعى لكسب الشرعية

يتعين النظر إلى أن بشار الأسد وبخلاف كل السنوات الماضية من الحرب الشرسة التي قادها ضد مواطنيه والمدنيين، وهي حرب تدميرية لا تبقي ولا تذر، طالت البشر والعمران، يسعى إلى كسب أي شرعية لفك العزلة عن نظامه المنبوذ بينما يحاول أن يبعث العوامل الممكنة لجعله أبعد قليلاً من الحافة قبل سقوطه الحتمي و الوشيك لولا جحافل الميلشيات والقوات الأجنبية التي احتلت الجغرافيا السورية. 

بالإجماع، انتخاب بشار الأسد أمينا عاما لـ”حزب البعث العربي الاشتراكي”- “صفحة الحزب على الفيسبوك”

فمنذ التطبيع الذي سرعان ما فشل، لم يسعَ الأسد سوى إلى اعتلاء منصة “جامعة الدول العربية” بالقمة التي حضرها، وتدشين خطاب شعبوي مؤدلج يعمد فيه إلى المزايدة السياسية، وكان الخطاب مفاده أنه لم يخسر شيئاً، بل هذه “الجامعة” هي التي خسرت خروجه. 

فيما جاءت عودته من دون تحقيق الأفق المطلوبة، حيث ظلت إدارة المخدرات/ الكبتاغون، وتهريب السلاح، يجري على قدم وساق، ويهدد الأمن القومي لعدة أطراف إقليمية، منها السعودية والأردن.

ولهذا، يمكن القول إن السياق ذاته هو ما جاءت فيه انتخابات “البعث” السوري، وهي الانتخابات التي وصفها “الأسد” بأنها “تاريخية” و”مفصلية”، بل “قيمة مضافة” لعملية الحُكم منذ الستينات. فالوصف ورغم ما فيه من مبالغة إلا أنه يبطّن رسالة مقصودة وتعني رغبته بالتأكيد على صلابة الحزب في قطره الذي يعاني ويلات الحرب والشتات، كما يهدف التأكيد كذلك على صلابة ومتانة الأصول السياسية والاجتماعية التي تجعل بمقدوره مواجهة المتغيرات وعشرية الحرب، بينما يواصل عمليته الانتخابية لإدارة الحكم وبناء سياساته!

فلم يعد الأسد في ظل عبثية تلك الانتخابات البعثية معنياً بجدوى أو مضمون وأفق تلك الانتخابات التي لا تستند لأي شرعية، خاصة مع غياب القواعد الاجتماعية للحزب وتآكله بفعل عوامل الحرب وتنامي الصراع وغياهب السجون القمعية وأقبية المعتقلات، وتحوله إلى كانتونات انتفاعية وقادة انتهازيين تراكم الثروة والنفوذ والسلطة بالمعنى الأوليغارشي، حتى أن الشعارات القديمة والتاريخية التقليدية التي مهّد لها ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار في ما عُرف بـ”حركة الإحياء العربي” فقدت صلاحيتها التاريخية، عملياً ونظرياً.

وعلى هذا المستوى، فإن القومية العربية كصيغة سياسية لم تعد ملائمة للواقع والوقائع المستجدة، لا سيما بعد المرحلة الكولونيالية والدول التي تشكّلت لاحقاً، والحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، يساهم فيه المواطنون من كافة القوميات والمرجعيات الدينية، بما يعني ضرورة بناء تصوّر سياسي بعيداً عن التصنيفات الضيقة وتعميم قيم هوياتها بأبعادها السياسية بشكل قسري، ومن ثم، اعتبار المطالبة بالحقوق التاريخية والديمقراطية لكتلة اجتماعية معينة “انحراف” أو “تبعية” للاستعمار” الذي لم يعد موجوداً إنما يتم إنتاجه كـ”بعبع” للتخويف وإدامة العقل القديم بخياله. 

وعصرنة هذا الخوف إنما للوقوف ضد أي مطالبة بتفعيل القيم المدنية والحقوقية المواطنية وعلمنة الدستور والتشريعات التي لا تحول بين المواطن وحقوقه على أساس التماهي السياسي ودرجة الانتماء الحزبي ونقاءه القومي المتخيل. 

“البعث” في نسخته السورية أو العراقية، ارتبطت به مجازر وحوادث عنف بل وإبادة (حلبجة/ العراق)، واعتبر نموذجاً للقمع الفاشي الذي وصل لدرجات لم يسبقه لها سوى دول أوروبا الشرقية في مرحلتها الشيوعية مع الاتحاد السوفييتي، ورغم ذلك تشير المصادر الرسمية أن نحو مليوني ونصف المليون كان منضماً لـ “البعث السوري” حتى تاريخ اندلاع الانتفاضة، وقد تبدل الأمر تماماً وانحرف إلى مسار آخر وقد انحسر الحزب من قواعد إلى قمته مع التعاطي الانتحاري لحكومة دمشق ضد احتجاجات آذار/ مارس 2011. ولم يبقَ سوى المنتفعون والانتهازيون.

هذه التغييرات الأمنية والحزبية لا تعدو كونها أكثر من مجرد وسيلة للتضحية بأشخاص من مركب النظام باعتبارهم ضمن “التجربة السلبية” التي يجري “إصلاحها” وعدم الالتفات للإصلاح الذي يطالب به السوريون، وتلحُّ عليه القرارات الدولية والأطراف الإقليمية.

وعلى هذا الأساس، يمكن النظر إلى الحزب الذي تزامنت انتخاباته مع التغييرات الأمنية، بأنّها لم تكن عفويةً إنما تفضح المتلازمة الأمنية للنظام في دمشق الذي يجعل الأمن أولوية على السياسة. وقد ذكر الأسد في اجتماع لقادة الأجهزة الأمنية في الجيش مطلع العام أن التغييرات إنما “تركز حول الأثر المرتقب لإعادة الهيكلة التي تجري في المجال الأمني وتطوير التنسيق بين الأجهزة بما يعزز أداء القوات الأمنية في المرحلة المقبلة”. فضلاً عن “تطوير أدوات مكافحة الإرهاب بعد النتائج المهمة التي تحققت خلال السنوات الماضية”، ووضع “خارطة طريق أمنية تحاكي التحديات والمخاطر الدولية والإقليمية والداخلية بما ينعكس على أمن الوطن والمواطن وأمن القوات المسلحة أيضاً”. 

استبق الأسد اجتماعه بالأجهزة الأمنية بعنان تصريحاتٍ حول لقاءاته بقادة القيادة القطرية لـ”البعث”، وإشارته إلى إعادة الهيكلة الحزبية، وكأن في الأمر انعطافة إصلاحية، لدرجة أنه عبّر عن رغبته في تخطّي “سلبيات التجربة الماضية”. 

التقرب من واشنطن

لا يخفى على أي مراقب أن الأسد حاول في خضم كل هذا، الحديث عن اتصالات تجري بينه وبين الولايات المتحدة، ليترافق دوره الإصلاحي المزعوم، وقدرته على التعويم السياسي والاستجابة لعمليات التطبيع عربياً مع نظامه، مع تلميحات بقبوله لدى الولايات المتحدة وليس عربياً فقط، غير أن واشنطن سرعان ما نفت ذلك، في حين تظل تغييراته الأمنية والحزبية في حدودها المحلية من دون أي أثر خارجي وإقليمي مع استمرار الإحباطات الإقليمية وتحديداً الأردن صاحب مبادرة: “خطوة مقابل خطوة” على تعديل سلوك النظام المعادي لـ”الأمن القومي” لعدد من البلدان بإغراقها بالسلاح ونشاط الميلشيات المشبوه على حدودها. 

تظل تغييراته الأمنية والحزبية في حدودها المحلية من دون أي أثر خارجي وإقليمي-“صورة من الإنترنت لبشار الأسد على أحد جدران المدن بسوريا”

فيما زعم الأسد أنه يتم اللقاء مع واشنطن، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، إثر لقاء جمعه بوزير الخارجية الأبخازي إينال أردزينبا، أن “أميركا حالياً بشكل غير شرعي تحتل جزءاً من أراضينا وتموّل الإرهاب وتدعم إسرائيل التي أيضاً تحتل أراضينا”. وتابع: “لكن نلتقي معهم بين الحين والآخر مع أن هذه اللقاءات لا توصلنا إلى أي شيء، ولكن كل شيء سيتغير”. 

ولفت بخصوص إعادة الاتصال مع الغرب أن “الأمل موجود دوماً، حتى عندما نعرف بأنه لن يكون هناك نتيجة علينا أن نحاول”، موضحاً: “علينا أن نعمل معهم بغض النظر عن رأينا السيئ بهم ونشرح لهم أننا لن نتنازل عن حقوقنا، و سنتعاون معهم فقط على أسس المساواة”. 

بالتالي، فإن هذه التغييرات الأمنية والحزبية لا تعدو كونها أكثر من مجرد وسيلة للتضحية بأشخاص من مركب النظام باعتبارهم ضمن “التجربة السلبية” التي يجري “إصلاحها” وعدم الالتفات للإصلاح الذي يطالب به السوريون، وتلحُّ عليه القرارات الدولية والأطراف الإقليمية، بأن تكون في سوريا عملية إصلاح سياسي شاملة تصل إلى عقد اجتماعي جديد، يتجاوز الإطار المغلق والانسداد السياسي الذي بلغه في ظل نظام البعث وحكم “الأسد”، أي نهاية تلك المرحلة، وبدء مرحلة مغايرة بأسس وشروط جديدة.

السعي لتحقيق رؤى وأهداف “البعثيين التاريخيين”

حزب “البعث” وفق أدبياته هو حزب “انقلابي” أي أنه يسعى إلى تغيير أنظمة الحكم في المنطقة التي لا تتبنى صيغته “البعثية”، ولهذا للحزب “قيادة قومية” كما هناك “قيادة قطرية”، والأولى تقوم بإدارة الحزبيين البعثيين في البلدان العربية، لجهة تحقيق شعاراتها الثلاثة “الوحدة والحرية والاشتراكية”، لكن اللافت أن “البعث” السوري غيّر قبل سنوات قليلة هيكليته ولم يعد له قيادة قومية، وكأنما تنازل طوعاً أو كرهاً عن مخططه “الانقلابي” أو سعيه لتحقيق رؤى وأهداف “البعثيين التاريخيين؟!”. كما أمست القيادة القطرية تُعرف بـ”القيادة المركزية” ولها أمين عام (الرفيق “للأبد” بشار الأسد) وآخر مساعد بدلاً من الأمين القطري.

وبحسب الأسد، هذا التغيير استجابة لـ”حاجة حسّية ووطنية وطبيعية”، فـ”سياسات الحكومة يجب أن تنبثق من رؤية الحزب، من دون أن يلغي أحدهما الآخر”. غير أنه لم يشر إلى أي إصلاح ممكن في ظل الشتات السوري، والتهجير الذي يجري بعدة مناطق من قبل ميلشيات تابعة للحكومة والقوات الروسية والإيرانية، ناهيك عن قوى أخرى، وذلك جنباً إلى جنب مع النزوح المستمر، ويضاف لذلك الفقر الذي تتسع رقعته ليصل إلى نسب غير مسبوقة، حيث ذكرت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، منتصف العام الفائت أن نحو 90 بالمئة من السوريين يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وأكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية. كما أن الدخل الشهري للمواطن في مناطق حكومة دمشق منخفض بشكل كبير، إذ يقارب متوسط سلّم الرواتب نحو 20 دولاراً شهرياً.

إلى ذلك، وصف “مركز أبحاث المجلس الأطلسي” مقره واشنطن، التغييرات الأمنية للأسد بأنها توطئة لاستمرار الإفلات من العقوبات نتيجة الخروقات الحقوقية المتورط فيها نظامه، وقال في تقريره إن الأسد سعى إلى “التهرّب من جرائمه عبر اعتماد قانون التقادم” وإسناد المناصب الجديدة لشخصيات عسكرية وأمنية جديدة تتعهد بالولاء المطلق مع دخول الصراع عامه الثاني عشر”. 

وأشار التقرير إلى أن من بين ثلاثين شخصية قيادية كانت تتولى مناصب في الجيش والأمن التابع لحكومة دمشق، برز اثنان على قوائم العقوبات الغربية وهما قائد الفرقة “25 مهام خاصة” سهيل الحسن وقائد الفرقة 30 في الحرس الجمهوري صالح العبد الله.

اللافت والمثير للسخرية والامتعاض في آن معاً، هو تقدم مجموعة من المقربين من الحكومة السورية وعدد من الضباط السابقين أو بالأحرى “المتقاعدين” في الجيش السوري، بالترشح لعضوية “مجلس الشعب” في فصله التشريعي الرابع (2024).

وعاود التقرير التذكير بممارسات مشابهة، من خلال تعديلٍ أجراه الأسد نهاية نيسان/ أبريل قبل عامين، من خلال تعيين اللواء علي عبد الكريم إبراهيم في منصب رئيس هيئة الأركان العامة، ووضع اللواء علي محمود عباس وزيراً للدفاع، ولم يكن أي منهما على قوائم العقوبات. 

وشدّد التقرير على معلومةٍ مفادها أن الدول الغربية تتمهل أو بالأحرى تأخذ مسافة زمنية بين وقوع الجرائم والانتهاكات الحقوقية من جهة وإصدار عقوباتها من جهة أخرى، الأمر الذي حدث مع المتورطين في هجوم الغوطة عام 2013، وقد صدرت العقوبات الأميركية في تشرين الثاني/ أكتوبر عام 2022.

أمننة “مجلس الشعب”

إضافة إلى التغييرات التي يحاول بشار الأسد إيهام العالم بإحداثها في سوريا، فإنه أصدر مرسوماً يقضي بتحديد تاريخ الـ15 من شهر تموز/ يوليو القادم موعداً لانتخابات أعضاء “مجلس الشعب” للدور التشريعي الرابع.

وبحسب “سانا”، فقد نص المرسوم على أن يحدّد عدد أعضاء “مجلس الشعب” المخصص لكل من قطاع العمال والفلاحين وقطاع باقي فئات الشعب في كل الدوائر الانتخابية التي توزعت على مختلف المحافظات السورية.

وحدّد المرسوم إجمالي عدد الأعضاء في الدوائر الانتخابية لكافة المحافظات بـ250 عضواً، والعدد المخصص لقطاع العمال والفلاحين بـ127 عضواً مقابل 123 عضواً لقطاع باقي فئات الشعب في مختلف الدوائر الانتخابية.

صور المرشحين لانتخابات “مجلس الشعب السوري” في دمشق يوم 15 تموز/ يوليو 2020 . تصوير أ ف ب / لؤي بشارة

اللافت والمثير للسخرية والامتعاض في آن معاً بهذه الخطوة، هو تقدم مجموعة من المقربين من الحكومة السورية وعدد من الضباط السابقين أو بالأحرى “المتقاعدين” في الجيش السوري، بالترشح لعضوية هذا المجلس في فصله التشريعي الرابع (2024).

ومن بين المرشحين، اللواء محمد كنجو حسن (دمشق. مدير إدارة القضاء العسكري سابقاً. وحكم على الألوف بالإعدام والسجن لسنوات طويلة خلال فترة الثورة)، والعميد صايل أسعد داوود (حمص. ضابط سابق في المخابرات الجوية. شارك في قمع الاحتجاجات بريف دمشق منذ عام 2011 ثم أصبح رئيس فرع المنطقة الوسطى في المخابرات الجوية بحمص)، بحسب العديد من الناشطين السياسيين السوريين.

ترشح مجموعة من الضباط السابقين ومقربين من الحكومة السورية لـ”مجلس الشعب” لا يدل إلا على أن الأسد الابن يحاول أن يثبت للعالم الغربي والإقليمي أنه يحدث تغييرات سياسية في البلاد، وأنه بدا يغير من سلوكه السياسي، وذلك كله بغية كسب الشرعية منهم، وخاصة الغرب، بعد أن أعيد إلى محيطه العربي ظاهرياً. لكن هذه التغييرات لن تؤدي إلا إلى مزيد من القمع في البلاد وزيادة الطوق الأمني “البعثي” حول سوريا ورقاب السوريين ككل، وفي النهاية جلب المزيد من الأزمات للبلاد، وبالتالي استعصاء الحل السياسي السوري أكثر فأكثر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات