حالة من الامتعاض والتمرد طالت أبناء مدينة عفرين شمال سوريا على خلفية الاعتداءات العنصرية في تركيا ضد أبناء جلدتهم، حيث تعرض سوريون في ولاية قيصري، الأحد الفائت، لاعتداءات وهدم محالهم كما سبق وتعرض آخرون لنهب ممتلكاتهم ناهيك عن الضرب والاعتداء.

وجاءت الأحداث الأخيرة لتفاقم الأوضاع مرة أخرى نتيجة الخطاب المعادي للاجئين في سوريا وجعلهم سبباً في تدني أحوالهم المجتمعية والاقتصادية والسياسية. وفي ظل هذه الحالة المشحونة بالغضب سادت التوترات لدرجة أن الصدامات العنيفة في المدينة مع القوات التركية تسببت في مضاعفة أعداد الضحايا المدنيين في عفرين إلى ما يتجاوز 25 قتيلاً وجريحاً.

وعلى ما يبدو أن سجل الخروقات الحقوقية بحق المدنيين السوريين سواء في عفرين أو غيرها يرتفع ويبدو ثقيلاً حيث تواصل القوات التركية جرائمها التي سبق ووصفتها المنظمات الحقوقية الأممية بأنها “جرائم حرب”، بينما تتسبب الجرائم الأخرى العنصرية التي يحرض عليها الخطاب السياسي التركي ضد اللاجئين السوريين بتركيا، في عمليات عنف واضطهاد تبدو ممنهجة، بما ينعكس في المناطق التي تستحوذ عليها أنقرة باتساع دائرة التوتر والعنف وحدوث صدامات عنيفة.

وقد نقل مراسل “العربية” أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 4 أشخاص بعد وفاة 3 متأثرين بجراحهم، فضلاً عن إصابة ما يتجاوز 20 منهم امرأة وطفل نتيجة المواجهات التي فجرتها الاحتجاجات الشعبية ضد القوات التركية، وقال إن الاشتباكات المتواصلة من دون توقف حتى اللحظة وسط محاولة الجيش التركي دخول مبنى السرايا الذي يحاصره المتظاهرون منذ ظهر اليوم الاثنين، قد يجعل الأحداث مرشحة للزيادة.

سوريا.. احتجاجات ضد تركيا

خرج اليوم الاثنين آلاف من أهالي شمال وغرب سوريا في مظاهرات كبيرة أمام النقاط العسكرية التركية في الأتارب وكفرنوان غرب حلب وعفرين واعزاز إضافة  لقرية المسطومة وعدد من المناطق بريف إدلب، رداً على تعرض اللاجئين السوريين في ولاية قيصري، ليلة الأحد، لاعتداءات وتكسير لمحالهم في أحدث مظاهر التوتر بين السوريين والأتراك.

وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، اشتبك المتظاهرون مع القوات التركية عبر إطلاق الرصاص أمام النقطة العسكرية في منطقة الأتارب بريف حلب الغربي. كما ووقعت اشتباكات مسلحة بين متظاهرين هاجموا مقر الوالي التركي في مدينة عفرين، وعناصر الشرطة العسكرية، ما أدى لوقوع إصابات.

وتناقل الناشطون مقاطع الفيديو والصور التي تبين ردود فعل السوريين في مدن وبلدات ريف حلب، من قطع الطرق أمام السيارات والشاحنات التركية في مارع وسجو والباب، إلى تمزيق الأعلام التركية وإنزالها عن معبر “باب السلامة” الحدودي في أعزاز، ما دفع موظفين أتراكاً إلى مغادرة الدوائر التي يعملون فيها في المنطقة.

بالإضافة إلى انتشار الدعوات للمظاهرات في مناطق متعددة من ريف حلب وأمام النقاط التركية في إدلب، تنديداً بالتعامل العنصري ضد اللاجئين السوريين في تركيا وترحيلهم القسري ومحاولات التطبيع وفتح “معبر أبو الزندين” مع الحكومة السورية.

هذا وتسيطر القوات التركية مع فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة، على ريف حلب الشمالي، وتتحكم بالإدارات المحلية التي يديرها مستشارون أتراك وترفع العلم التركي إلى جانب علم المعارضة السورية فوق مؤسساتها.

وفي حين تنتشر عبارة “التآخي ليس له حدود” عند الحواجز العسكرية التي تملأ المنطقة، نشر الناشطون عبارة “التآخي ليس له وجود”؛ تعبيراً عن غضبهم من تحول الموقف التركي الأخير، وفق ما نقلته “الشرق الأوسط”.

ردود خجولة!

بحسب تقارير محلية، فقد استنفرت قوات “هيئة تحرير الشام”، (جبهة النصرة سابقاً)، اليوم الاثنين، لحماية قواعد ونقاط عسكرية تتمركز بها القوات التركية شمال غربي سوريا.

فيما دعت “الحكومة السورية المؤقتة” التابعة لـ”الائتلاف الوطني السوري”، والموالية لتركيا، اليوم الاثنين، سكان شمال وغرب سوريا إلى المحافظة على “الأخوة مع تركيا وعدم استهدافها وتخفيض التوتر والتصعيد ضد تركيا”.

كما وأدانت جميع الحملات العنصرية الموجهة ضد اللاجئين السوريين في تركيا، بما فيها “التصرفات المتطرفة التي تعرض لها بعض اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية من قبل بعض الأشخاص المتطرفين”.

وأكدت على ضرورة حماية السوريين في تركيا وفي كل دول اللجوء، مشيدة بالإجراءات القانونية التي اتخذتها وزارة الداخلية التركية بحق المعتدين.

وحثت “الحكومة السورية المؤقتة” السوريين في مناطق الشمال السوري على “عدم الانجرار وراء الدعوات التصعيدية التي تهدف إلى ضرب التحالف القائم بين الشعبين السوري والتركي، والاعتداء على الممتلكات والمؤسسات التي بنيت بتضحيات الجيشين التركي والوطني السوري”، وشددت على خطورة استغلال هذه الأحداث من خلال الإضرار بالعلاقات التركية السورية.

كذلك، أصدرت عدة فصائل في “الجيش الوطني” المدعوم تركياً، بيانا استنكرت من خلاله الأحداث التي وقعت بحق اللاجئين السوريين في ولاية قيصري، وطالبوا الحكومة التركية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المعتدين على ممتلكات السوريين، وطالبت الفصائل المحتجين شمال سوريا بضرورة ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الهجمات التي طالت المؤسسات والقوات التركية المتواجدة في المنطقة، علينا أن نكون حذرين ومتيقظين وألا نعالج الخطأ بخطأ مثله.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات