أزمة جديدة تتصدر “الترند” العراقي منذ ليلة البارحة، طرفها الأساسي زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الذي أشعل فتيلها مع سُنّة العراق، بالتزامن مع إحياء ذكرى عاشوراء، حيث مقتل الإمام الحسين في “واقعة الطف”، فكيف بدأت القصة؟ وكيف تطورت؟

بدأت القصة، بعدما دعا الصدر في كلمة له، إلى نبذ المحتفلين بيوم العاشر من شهر محرم، ونبذ المتّسمين باسم “يزيد”، في إشارة منه إلى يزيد بن معاوية، الخليفة الأموي، الذي أمر جيشه بقتل الإمام الحسين.

رسالة يزيد الحسون وردّ الصدر

لاحقا، بعث الناشط المدني  يزيد الحسون، رسالة إلى الصدر، حول مطالبته نبذ اسم “يزيد”، وعبّر عن خشيته من استغلال ما ورد في كلمة الصدر لإلحاق الأذى به على الصعيد الأمني والشخصي والنفسي.

وقال الحسون في تدوينة عبر صفحته بمنصة “فيسبوك”: “رسالة إلى سماحة السيد مقتدى الصدر حفظه الله ورعاه: أتقدم لكم وللمسلمين جميعاً بخالص التعازي باستشهاد جدكم أبا عبد الله الحسين وصحبه وعائلته”. 

وأضاف مُخاطبا الصدر: “كما تعلم إنني عراقي الجنسية واسمي يزيد الحسون، وأكتب رسالتي هذه بعد خطابك الأخير الذي (نبذت) فيه كل من اسمه يزيد، وهنا وددت أن أقول أنني لا اتسمى باسم أحد وإنما اتسمى باسم الكثير من أنصار الإمام الحسين (عليه السلام) الذين استشهدوا في كربلاء سنة 61 للهجرة وهم: يزيد بن ثبيت العبدي (رض)، يزيد بن حصين الهمداني المشرقي (رض)، يزيد بن مظاهر (رض)، يزيد بن مغفل الجعفي (رض)، الحجاج بن يزيد السعدي (رض)، الحر بن يزيد الرياحي (رض)، عبد الأعلى بن يزيد الكلبي (رض)، أبو الشعثاء يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي (رض)”.

الحسون أردف: “أكتب رسالتي لسماحتكم، وأنا أخ وصديق ولدي عائلة ولدي عمل ودراسة في بغداد، ويعلم الجميع أن هناك أشخاص غير منضبطين وجهات غير منضبطة يتصيدون بالماء العكر ويسعون لاستغلال أي حدث لإحداث شرخ بين الشعب والتيار الصدري أو إثارة أي فتنة طائفية، وهذا ما يمكن لهؤلاء من استغلال ما ورد في كلمة سماحتكم وهو ما يتسبب في أذيتي على الصعيد الأمني والشخصي والنفسي”. 

بعد ساعة من الرسالة، ردّ زعيم “التيار الصدري” عبر “وزير الصدر”، إذ حاول تهدئته وخاطبه بالأخوة في الوطن، ووصفه بالشخص المعتدل، لكنه اقترح أن يغير اسمه إلى “عمر الحسون”، وهنا اشتعل “الترند” في العراق.

ونقل صالح العراقي “وزير الصدر”، تعليق زعيم “التيار الوطني الشيعي” قائلاً: “السلام عليكم أيها العراقي، أنا أخوك بالوطن: مقتدى الصدر”. 

وأضاف: “أقول: حسن ظني بك وبكل المعتدلين.. أن لا يرضوا بأن يكون سميهم وشبيه اسمهم (يزيد بن معاوية)، فمهما كثُر عدد الصحابة تحت هذا المسمى، إلا أن جريمة بن معاوية سبب وجيه في تغيير هذا الاسم”، وتابع: “من هنا أُسَميك (عُمَر الحسون) تقديراً لظروفك”. 

تصاعد منسوب الطائفية!

عقب ردّ الصدر، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، معظمها من أبناء الطائفة السُنّية، معبّرين عن استيائهم الشديد من ربط أسماؤهم بأسماء شخصيات تاريخية ومطالبتهم بتغيير الأسماء، وهو تدخل صارخ في حياتهم وحريتهم الشخصية باختيار الاسم الذي يريدونه، هذا ناهيك عن تفاعل بقية العراقيين مع الحدث، لا سيما الناشطين المدنيين الشيعة. 

في هذا السياق، ذهب الناشط المدني علي عزيز إلى أبعد من ذلك، في “استقراء للمستقبل فيما لو استمر الوضع السياسي على ما هو عليه”، على حدّ قوله وذلك من خلال تدوينة على حسابه بمنصة “فيسبوك”.

وقال عزيز، إنه سيبدأ العراقيون في السنوات المقبلة بتجنّب أسماء معينة، والإكثار من أسماء معينة؛ كنوع من المجاملة وتجنّب المشكلات، إضافة إلى مشاركة الجميع في عزاء محرم، وظهور مواكب سنّية، ناهيك عن تشيّع عدد ليس بالقليل من أبناء الطوائف الأخرى، وحظر “تشرين” وتجنّب الإشارة إليها، وحظر النشاط الاحتجاجي وفرض قوانين جديدة لتقييد حرية التعبير، ناهيك عن حظر مناسبات الفرح في شهر محرم بعموم العراق.

وامتزج الغضب في بعض المنشورات بالسخرية أيضا، فالبعض قال، إنه قد يُطلب منهم مثلا تغيير اسم من يحمل اسم “عُمر” أو “سُفيان” لاحقا إلى أسماء أخرى، واصفين ما يحدث بأنه تضييق على أبسط الأمور التي يتمتعون بها، وأنه باب لإعلاء نبرة الطائفية وخطاب الكراهية مجدّداً بعد سنوات من مغادرة العراق للحرب الطائفية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من السنّة والشيعة.

الجدير بالذكر، أن منسوب الطائفية بدأ يتصاعد تدريجيا في هذا العام، تحديدا منذ 3 أشهر وحتى الآن، منذ أن طالب مقتدى الصدر، “البرلمان” العراقي، بإقرار قانون لجعل “عيد الغدير” المختلف عليه بين السنّة والشيعة، يوم عطلة رسمية، وصولاً إلى قضية نبذ اسم “يزيد” بالأمس، لكن الفارق أن الطائفية كانت على أرض الواقع سابقا، أما اليوم فهي مقتصرة على منصات التواصل الاجتماعي، والخشية من تحوّلها إلى الميدان هو ما يُقلق الجميع. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات