خلال الآونة الأخيرة، تداولت تقارير تفيد بأن إيران تسعى للتوسط في محادثات سرية جارية بين روسيا وجماعة “الحوثيين” لنقل صواريخ مضادة للسفن إلى الجماعة اليمنية المسلحة الموالية لإيران، وهو تطور يسلط الضوء على العلاقات المتنامية بين طهران وموسكو.

ولم تمض أيام على هذه الأنباء، حتى عاد اسم فيكتور بوت، تاجر الأسلحة الروسي المعروف باسم “تاجر الموت”، ليتصدر ثانية وسائل الإعلام الأميركية.

وعاد تاجر السلاح الروسي إلى نشاطه بعد نحو عامين من خروجه من السجون الأميركية ضمن صفقة تبادل، ويعمل حاليا على “إتمام صفقة أسلحة للحوثيين في اليمن”، بحسب تقرير خاص لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

بوت يسعى لصفقة أسلحة مع “الحوثيين”

وتقول الصحيفة إن بوت “يحاول التوسط في صفقة أسلحة خفيفة” إلى جماعة “الحوثيين” في اليمن المدعومين من إيران، والتي تنفذ هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر.

فيكتور بوت أمضى عقودا من الزمن في بيع الأسلحة السوفيتية الصنع في إفريقيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط- “وكالات”

وتم إطلاق سراح بوت من السجن في ديسمبر 2022، ضمن صفقة تبادل أسرى، تم بموجبها أيضا إطلاق سراح نجمة كرة السلة الأمريكية، بريتني غراينر، بعد أن أمضت 10 أشهر خلف القضبان في روسيا، عقب اعتقالها في فبراير 2022، وإدانتها لاحقا بتهريب المخدرات، وحكم عليها بالسجن 9 سنوات، بحسب ما نقله موقع “الحرة” عن الصحيفة.

وبوت البالغ من العمر 57 عاما، والذي يقال إن حياته ألهمت فيلم هوليوود “سيد الحرب” عام 2005، بطولة نيكولاس كيج، أمضى عقودا من الزمن في بيع الأسلحة السوفيتية الصنع في إفريقيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط قبل أن يتم القبض عليه عام 2008 في تايلاند، وإدانته عام 2011، باتهامات تشمل التآمر لقتل أميركيين، ودعم منظمة إرهابية، وفق ما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال“.

وبعد خروج بوت من السجن، انضم بوت إلى حزب يميني متطرف موال للكرملين وفاز بمقعد في مجلس محلي في 2023، ما بدا حينها وكأنه طوى صفحة عمله كوسيط أسلحة.

“الحوثيون” زاروا موسكو

وبحسب ما أكده مسؤول أمني أوروبي ومطلعون للصحيفة الأميركية، فإنه خلال زيارة مبعوثي الحوثي إلى موسكو في أغسطس/آب الماضي للتفاوض على شراء أسلحة آلية بقيمة 10 ملايين دولار، التقوا بـ”بوت”.

كما أشاروا إلى أن بوت ناقش صفقة الأسلحة الصغيرة مع اثنين من ممثلي “الحوثيين” الذين سافروا إلى موسكو تحت غطاء شراء مبيدات ومركبات وقاموا بزيارة مصنع لادا.

لكن الأشخاص المطلعين على الأمر لم يوضحوا ما إذا كان التفاوض بشأن صفقة الأسلحة تم بناء على طلب الكرملين أم لمجرد موافقته الضمنية.

ولم تتم عملية تسليم الأسلحة إلى “الحوثي” بعد، وجاءت بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مخاوفها من بيع صواريخ روسية مضادة للسفن أو الطائرات “للحوثيين”، مما يشكل تهديدا كبيرا لجهود الجيش الأميركي في حماية عمليات الشحن الدولي في البحر الأحمر من هجمات الجماعة المدعومة من إيران.

وكانت واشنطن تخشى تسليم روسيا تلك الأسلحة المتقدمة “للحوثيين”، كرد على دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، لكن لا دليل على إرسال الصواريخ حتى الآن، أو أن بوت متورط في تلك الصفقة.

فيما رفض ستيف زيسو، محامي بوت الأميركي، مناقشة ما إذا كان موكله قد التقى بـ”الحوثيين” أم لا. وقال: “لم يعمل فيكتور بوت في مجال نقل الأسلحة منذ أكثر من عشرين عاما”.

رد بوت والكرملين

في المقابل، قال الكرملين، أمس الاثنين، تعليقا على التقرير، إنه “يبدو مزيفا”. فيما رفض متحدث باسم “الحوثيين” التعليق للصحيفة الأميركية.

يُتهم بوت بأنه “استغل الفوضى المنتشرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، ليشتري كميات من الأسلحة بأسعار متدنية من قواعد عسكرية غابت عنها السيطرة.

من جانبه، نفى بوت تلك المعلومات جملة وتفصيلا. واعتبر في تصريحات لصحيفة “آر.بي.سي” أمس الاثنين أن معلومات “وول ستريت جورنال” حول بيع أسلحة للحوثيين “مزيفة”.

كما اعتبر بوت ساخرا أن المقال نُشر على ما يبدو ليتزامن مع عيد ميلاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الاثنين. واللافت أن بوت أشاد بما وصفها بالإنجازات العسكرية “للحوثيين” المتحالفين مع إيران.

وبالعودة إلى تقرير الصحيفة الأميركية، فإنها أوضحت أن أول شحنتين في الغالب ستكونان عبارة عن بنادق “AK-74″، وهي نسخة مطورة من بندقية “AK-47” الهجومية.

لكن خلال رحلتهم إلى موسكو، ناقش ممثلو “الحوثيين” أيضا أسلحة أخرى مع الجانب الروسي، بما في ذلك صواريخ “كورنيت” المضادة للدبابات، وأسلحة مضادة للطائرات، وفقا لمسؤول أوروبي وآخرين مطلعين على الأمر.

أول شحنتين في الغالب ستكونان عبارة عن بنادق “AK-74″، وهي نسخة مطورة من بندقية “AK-47” الهجومية- “وكالات”

وقالوا إن عمليات التسليم “قد تبدأ في هذا الشهر.. إذ ستصل إلى ميناء الحديدة تحت غطاء الإمدادات الغذائية، حيث تنفذ روسيا بالفعل عدة عمليات تسليم للحبوب”.

وفيكتور بوت، تاجر أسلحة الأكثر شهرة وتأثيرا في العالم. عُرف ببيعه للأسلحة للدول التي تخضع لحظر من منظمة الأمم المتحدة. لقبته بعض وسائل الإعلام بـ”ملك الموت” أو “تاجر الموت”. 

ويُتهم بوت بأنه “استغل الفوضى المنتشرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، ليشتري كميات من الأسلحة بأسعار متدنية من قواعد عسكرية غابت عنها السيطرة، قبل أن يقوم بتشكيل أسطوله الخاص من طائرات الشحن، لتسليم حمولاته عبر العالم”.

صواريخ لـ”الحوثيين”

في وقت سابق، قالت ثلاثة مصادر غربية وإقليمية إن إيران تتوسط في المحادثات السرية الجارية بين روسيا وجماعة “الحوثيين” اليمنية لنقل صواريخ مضادة للسفن إلى الجماعة المسلحة.

وبحسب وكالة “رويترز“، قبل نحو أسبوعين، فإن سبعة مصادر قالت إن روسيا لم تقرر بعد نقل صواريخ “ياخونت”، المعروفة أيضا باسم “بي-800 أونيكس”، والتي قال خبراء إنها ستسمح للجماعة المسلحة بضرب السفن التجارية في البحر الأحمر بدقة أكبر وزيادة التهديد للسفن الحربية الأميركية والأوروبية التي توفر الحماية لحركة الملاحة الدولية.

وشنت جماعة “الحوثيين” هجمات عديدة بطائرات مسيّرة وصواريخ على السفن في مسارات الشحن المهمة في البحر الأحمر منذ تشرين الثاني/نوفمبر دعما للفلسطينيين في الحرب التي تخوضها إسرائيل بقطاع غزة، وفق “رويترز”.

وبحسب ما قاله مسؤولان إقليميان مطلعان على المحادثات لـ”رويترز”، فإن “الحوثيين” والروس التقوا في طهران مرتين على الأقل هذا العام، وإن المحادثات جارية لتوفير العشرات من الصواريخ، التي يقارب مداها 300 كيلومتر، ويتوقع عقد اجتماعات أخرى في طهران في الأسابيع المقبلة. هذا وسبق أن زودت روسيا جماعة “حزب الله”  اللبنانية الموالية لإيران أيضا، بصواريخ “ياخونت”.

صاروخ “ياخونت” الروسي- “وكالات”

وعندما زار رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين طهران نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، أشرنا في تقرير سابق إلى أنه من غير المستبعد أن تكون هذه الزيارة وسط كل التوترات غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة، وخاصة في لبنان، جاءت بغرض حدوث تعاون أو اتفاق ما بين روسيا وإيران وحلفائها ووكلائها، سواء الدعم أو صفقة السلاح لـ”حزب الله” أو جماعة “الحوثيين” اليمنية، ويبدو أن ذلك يحدث، والأيام المقبلة ستوضح كل شيء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات