في خضم التصعيد العنيف بين إسرائيل و”حزب الله” على الجبهة اللبنانية، لا سيما الاستهداف الإسرائيلي المستمر على العديد من المناطق في لبنان، والتوترات غير المسبوقة بين تل أبيب وطهران، بما يوحي بأن المنطقة باتت على شفا حرب إقليمية، زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القاهرة مساء أمس الثلاثاء.

وبحسب العديد من الخبراء، فإن هذه الزيارة تأتي في وقت حساس وهام، وفي ظل المتغيرات التي تفرض نفسها على المنطقة، ولذلك جاءت زيارة ولي العهد لمصر، ومن المرجح أن يتم التوصل إلى رؤى مشتركة حول العديد من القضايا في المنطقة، خاصة في لبنان وقطاع غزة.

ويرى مراقبون أنه لا شك أن الدولتين الإقليميتين اللتين تتمتعان بنفوذ في المنطقة ستعملان مع الشركاء الدوليين، مثل الولايات المتحدة، على إيجاد تسوية أو تهدئة ما فيما يتعلق بالوضع المأزوم في لبنان وغزة، بحيث يتم احتواء هذه التوترات وعدم انفلات الوضع لمستويات أسوأ مما هو عليه.

بن سلمان في مصر

نحو ذلك، وصل الأمير محمد بن سلمان في زيارة رسمية إلى مصر، مساء أمس الثلاثاء، حيث كان في مقدمة مستقبليه الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي.

وكشفت الرئاسة المصرية تفاصيل محادثات الرئيس السيسي مع الأمير محمد بن سلمان، التي أكدت التوافق حول ملفات غزة ولبنان وقضايا المنطقة.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي- “موقع الرئاسة المصرية”

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية عبر صفحة الرئاسة الرسمية على منصة “فيسبوك“، إن الزعيمين أجريا لقاءً ثنائيا، أعقبته جلسة مباحثات موسعة بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء ووفدي البلدين، حيث شدد السيسي على عمق ومحورية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والسعودية، لاسيما في ظل التهديدات التي تواجه المنطقة، مؤكدا “أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك لتجاوز المرحلة الدقيقة الحالية التي تمر بها منطقتنا”.

من جانبه، أكد الأمير محمد بن سلمان “أهمية تعزيز العلاقات الثنائية… لتحقيق المصلحة المشتركة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والتنموية”.

كما شهدت المباحثات تناول التطورات الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، حيث تم التوافق على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة وقف التصعيد.

تأتي زيارة ولي العهد السعودي لمصر في وقت حساس وهام، وفي ظل المتغيرات التي تفرض نفسها على المنطقة، ومن المرجح أن يتم التوصل إلى رؤى مشتركة حول العديد من القضايا في المنطقة.

وشدد الزعيمان على أن إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، هي السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام، منوهين بأن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب في استمرار حالة الصراع بالمنطقة.

وطالب الزعيمان في ذلك السياق ببدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفي لبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن سياسات حافة الهاوية بما يوقف دائرة الصراع الآخذة في الاتساع.

كما وتم تأكيد ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه، كما تباحث الزعيمان حول عدد من القضايا الإقليمية، على رأسها أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع في السودان وليبيا وسوريا.

اضطرابات جيوسياسية

وحول زيارة ولي العهد السعودي لمصر، قال الكاتب والباحث السياسي الدكتور بشير عبد الفتاح، إن ثمة اضطرابات جيوسياسية مهمة تحيط بالمنطقة نتيجة الحرب المستمرة في قطاع غزة ثم الضفة الغربية، ثم لبنان، إضافة إلى الارتباكات الجيوسياسية في البحر الأحمر، والأزمة الإثيوبية في منطقة القرن الإفريقي، ولذلك كانت هذه الزيارة مهمة وضرورية.

وأضاف الكاتب والباحث السياسي خلال مداخلة على قناة “القاهرة الإخبارية” المصرية، أن هذه الزيارة تستهدف أيضا الجانب الاقتصادي، من حيث توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية، ومباحثات موسعة بشأن الاستثمارات السعودية الحالية والمرتقبة في مصر.

وبحسب تقدير الكاتب والباحث السياسي، فإن “مصر والسعودية معنيتان بأمن البحر الأحمر وأمن الملاحة، وهناك فعاليات تربط البلدين في هذا المضمار، لذلك ربما تضع زيارة بن سلمان لمصر، أسس لتحركات مصرية- سعودية على مختلف الصعد، لإعادة بناء العمل العربي المشترك وهيكلية النظام الإقليمي العربي، حتى يستطيع التصدي لكل المخططات التي تحاك من قبل أطراف دولية وإقليمية لإعادة هندسة المنطقة”.

لتعزيز آفاق التعاون الاستراتيجي والاقتصادي

في السياق ذاته، قال السفير عبدالعزيز المطر، مندوب السعودية الدائم لدى “جامعة الدول العربية”، أن زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة، تأتي في توقيت هام.

وأضاف السفير المطر لقناتي “العربية/الحدث“، أن الزيارة ستعزز آفاق التعاون الاستراتيجي والاقتصادي، فضلا عن أنها فرصة للتطرق للملفات المشتركة وتوحيد الرؤى بشأنها، مؤكدا أن الزيارة تمثل أهمية قصوى في بحث سبل الحفاظ على الأمن القومي العربي والقضايا الإقليمية والدولية المشتركة ومدى أثرها على المنطقة، وتعزيز العلاقات للشراكة بين البلدين في كافة مجالات التعاون الثنائي.

قيمة الاستثمارات السعودية تتجاوز نحو 26 مليار دولار بعدد يتجاوز 8 آلاف شركة، فيما تبلغ قيمة الاستثمارات المصرية بالسعودية 4 مليارات دولار- “موقع الرئاسة المصرية”

من جانبها، رأت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة حنان رمسيس، أن الزيارة ستعزز الاستثمارات السعودية في مصر، كاشفة عن ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 8 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري.

وقالت لقناتي “العربية/الحدث” إن قيمة الاستثمارات السعودية تتجاوز نحو 26 مليار دولار بعدد يتجاوز 8 آلاف شركة، فيما تبلغ قيمة الاستثمارات المصرية في السعودية 4 مليارات دولار، وعدد شركات 3 آلاف شركة.

هذا وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن الدولتين تسعيان لنمو حجم الاستثمارات البينية والتطرق إلى الفرص الاستثمارية الجديدة، عن طريق تشكيل مجلس تنسيقي أعلى للبلدين، يبحث فرص الاستثمار الواعدة والتطرق لمجالات جديدة مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، موضحة أن هناك تعاونا بالفعل بينهما في مجال التنقيب عن الغاز مع أكبر شركات الطاقة، وهي عملاق الطاقة العالمي “أرامكو”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات