يبدو أن روسيا بدأت بالفعل في تقليص وجودها العسكري في سوريا. ووفقا لتحليل “بي بي سي”، فقد سحبت موسكو جزءا من معداتها العسكرية، بما في ذلك المركبات والحاويات، من قاعدتها البحرية في طرطوس، وهو ميناء مهم على ساحل البحر الأبيض المتوسط في البلاد.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“، أمس الخميس، إن روسيا عززت انسحابها العسكري في سوريا، مشيرة إلى أن عملية سحب جزء من عتاد القاعدة البحرية في طرطوس (المركز اللوجستي البحري الروسي) بدأت بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الفائت، وتحركت أرتال من الآليات الروسية شمالا باتجاه المرفأ، بحسب صور تم التحقق منها.
روسيا تنسحب جزئيا من طرطوس
وأظهرت صور الأقمار الصناعية في وقت لاحق تخزين معدات عسكرية في ميناء طرطوس، لكن صورا جديدة نشرتها شركة Planet Labs، (بلانيت لابس)، يوم الأربعاء الماضي، أظهرت أن الكثير من المركبات والحاويات اختفت، وذلك بعد مغادرة سفينتين روسيتين الميناء.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أجرى فيه مسؤولون روس “مفاوضات صريحة” مع الحكام الجدد في دمشق، وفق ما ذكرته وكالة “رويترز” للأنباء يوم الأربعاء.
ووردت تقارير تفيد بأن الحكومة السورية الجديدة ألغت عقد استثمار مرفأ طرطوس، غير أن الدوائر الحكومية التي اتصلت بها “بي بي سي” لم تؤكد اتخاذ القرار النهائي.
كانت طرطوس قاعدة رئيسية لروسيا في السنوات الأخيرة، مما يسمح لها بإعادة تزويد السفن بالوقود والإمدادات وإصلاحها في البحر الأبيض المتوسط. لكن السفن الحربية التي كانت راسية في الميناء لم تظهر في صور الأقمار الصناعية منذ سقوط نظام الأسد، الذي دعمته موسكو طوال الحرب الأهلية السورية.
وقد أبدى “الكرملين” رغبته في الاحتفاظ بالسيطرة على القاعدة، وقال في كانون الأول/ديسمبر الماضي إنه يتحدث إلى السلطات الجديدة بشأن الحفاظ على وجود هناك.
ولكن، وبحسب الـ”بي بي سي”، فإن الأدلة تشير إلى أن موسكو قررت الآن نقل معدات قيمة بعيدا عن الميناء. كما أظهرت صور الأقمار الصناعية نقل معدات روسية من قاعدة “حميميم” الجوية القريبة لعدة أسابيع.
تأكيد مغادرة السفينتين
في 21 من كانون الثاني/يناير الجاري، رست سفينتا “سبارتا” و”سبارتا 2″ في القاعدة الروسية بطرطوس، بعد أسابيع من الانتظار في البحر الأبيض المتوسط.
ووفق ما قالته “بي بي سي” آنذاك، فإن أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بالسفينتين توقفت بعد دخول كلتا السفينتين إلى القاعدة الروسية البحرية.

“سبارتا” و”سبارتا 2″ مملوكتان لشركة “أوبورونلوجيستيكا المحدودة”، وهي شركة شحن تعمل كجزء من وزارة الدفاع الروسية، وتخضعان لعقوبات أميركية. كما ربطتهما أوكرانيا بنقل الأسلحة الروسية. وهما من السفن القادرة على حمل المركبات.
وغادرت “سبارتا 2” الميناء، في 27 من كانون الثاني/يناير الجاري، بينما غادرت “سبارتا”، في 29 من ذات الشهر، وأوقف كل منهما جهاز التتبع، وفق بيانات موقع تتبع السفن “مارين ترافيك”.
وبعد مغادرة السفينتين أظهرت صور الأقمار الصناعية إخلاء حاويات كانت بالقرب من مكان رسوهما.

وقال الخبير البحري فريدريك فان لوكيرن، وهو ملازم سابق في البحرية البلجيكية ومحلل، إنه “واثق جدا” من أن السفينة التي غادرت الميناء هي “سبارتا”، استنادا إلى صور الأقمار الصناعية.
وكانت الـ”بي بي سي” قد رصدت سفينة “سبارتا” في وقت سابق، وأصبحت المنطقة التي كانت ترسو فيها السفينة فارغة الآن.
هل اقترب نهاية الوجود الروسي بسوريا؟
لم يتضح بعد إلى أين تتجه السفن الروسية بالضبط. لكن فان لوكيرن رجح لـ”بي بي سي” إنها قد تكون في طريقها إلى ليبيا، حيث يتمتع “الكرملين” بالفعل بحضور عسكري كبير هناك.
وفي الأسبوع الماضي، أخبرت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية برنامج “فيريفاي” التابع لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن الرحلات الجوية الروسية نقلت أفرادا ومعدات عسكرية من القاعدة الروسية الأخرى في سوريا “حميميم” إلى قواعد جوية في ليبيا 10 مرات على الأقل منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر.

ورغم ذلك، أشار السيد فان لوكيرن أيضا إلى أن السفن قد تكون متجهة إلى روسيا، حيث قال إن هناك “احتمالا كبيرا بأن يتم نشر المعدات العسكرية على خط المواجهة ضد أوكرانيا”.
وفي هذا الصدد، قال ديمتري جورينبرج، الخبير في قضايا الأمن في “الاتحاد السوفييتي” السابق بجامعة “هارفارد”، لـ”بي بي سي فيريفاي”، إن هذه التحركات تشير إلى أن الوجود الروسي في طرطوس يقترب من نهايته.
وقال “لا أعلم ما إذا كانت هناك حاجة إلى سفن إضافية لإزالة كل شيء أم لا، ولكن في رأيي هذا غير مهم إلى حد كبير. إنها مجرد مسألة وقت قبل أن ينتهي الوجود العسكري الروسي في القاعدة. وسوف نرى ما سيحدث بعد ذلك”.
لكن بحسب تقرير سابق لـ”بي بي سي”، فإن مهمة سحب القواعد الروسية “ليست صغيرة”، إذ تحتوي القواعد على أنواع مختلفة من الأسلحة، خاصة في قاعدة “حميميم” الجوية، إلى جانب نحو 7500 جندي.
كما يتطلب نقل الدبابات الثقيلة والمعدات العسكرية طائرات من نوع “An-124” (أنتونوف 124) التي تعد من أكبر الطائرات في العالم، وطائرات “IL-76” (إليوشن 76) في فترة زمنية قصيرة.
وأشارت “بي بي سي” إلى أن استخدام المسار المائي من مرفأ طرطوس “ليس سهلا أيضا”، وهذا يعني أن سحب القواعد “سيكلف أموال كثيرة والمشروع سيكون ضخما”.
وبالتالي، فإن صعوبة سحب القواعد تضعف موقف روسيا أمام حكومة دمشق إذا أرادت روسيا الحفاظ على قواعدها. وعليه، قد تتم صفقات بين موسكو ودمشق، تشمل تسليم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أو مساعديه المقربين، فضلا عن المساهمة في إعادة إعمار سوريا، رغم أن ذلك مستبعد في الوقت الراهن.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

“قتل وحرق ودمار”.. شهادات جديدة توثق مجازر الساحل السوري

استمرار الاعتصام المفتوح لموظفي شركة كهرباء السويداء.. ما المطالب؟

التوافق الكردي-الكردي واتفاق إدماج قسد خطى نحو تسوية سورية؟

وزيرة الخارجية الألمانية في دمشق: بداية سياسية جديدة؟
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول سياسة

“قتل وحرق ودمار”.. شهادات جديدة توثق مجازر الساحل السوري

استمرار الاعتصام المفتوح لموظفي شركة كهرباء السويداء.. ما المطالب؟

وزيرة الخارجية الألمانية في دمشق: بداية سياسية جديدة؟

بعد موجة انتقادات.. وزارة الشؤون الاجتماعية توضح التعميم 28

انتشار سيارات “الدعوة” في شوارع دمشق يثير الجدل والتوترات

“لبحث تنفيذ الاتفاق”.. قائد “قسد” يجتمع مع لجنة من الإدارة السورية

“خطوة للتقارب مع دمشق”.. ناقلة نفط روسية متجهة إلى سوريا
