لا شك أن روسيا تسعى إلى إعادة العلاقات مع الحكام الجدد في سوريا، من أجل الحفاظ على موطئ قدم لها في مياه البحر الأبيض المتوسط ​​الدافئة، وأكد “الكرملين” أمس الاثنين أن موسكو ستواصل الحوار مع السلطات السورية الجديدة بشأن كافة القضايا، بما في ذلك الاتفاقيات حول قواعدها العسكرية في سوريا.

كما تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الثلاثاء أيضا عن “مشاكل مع السلطات الجديدة في سوريا”، وقال إن إسرائيل تخطط للبقاء في لبنان وسوريا بعد توغلها هناك.

تصريحات لافروف جاءت خلال مؤتمر في موسكو أكد خلاله أن الحوار الداخلي في سوريا “لا يسير بشكل جيد”.

روسيا ومواصلة الحوار مع دمشق

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم “الكرملين” في مؤتمر صحفي أمس الاثنين، ردا على سؤال حول ما إذا كانت ستكون هناك محادثات بين الجانبين الروسي والسوري في المستقبل القريب: “كما تعلمون، أجرى وفدنا محادثات مؤخرا في دمشق، ونحن اتفقنا على مواصلة الاتصالات، وسنواصل الحوار حول كافة القضايا، بما في ذلك الاتفاقيات المتعلقة باستخدام روسيا لقاعدتها البحرية في طرطوس”.

جانب من لقاء بوغدانوف والشرع في دمشق، 28 كانون ثاني/يناير 2025 -(منصة إكس)

هذا وزار وفد روسي للمرة الأولى إلى دمشق منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، شمل نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف.

وبالعودة إلى حديث لافروف، انتقد ما وصفه بـ”محاولة استبعاد روسيا والصين وإيران من التسوية السورية”، واعتبر أن ذلك يكشف “خطط الغرب لإبعاد المنافسين من المشهد السوري” وتحويلهم لمشاركين من الدرجة الثانية، وفق موقع “روسيا اليوم“.

وأكد لافروف خلال المؤتمر الرابع عشر لنادي “فالداي” الذي يحمل عنوان “الشرق الأوسط 2025: التعلم من الماضي وعدم الضياع في الحاضر والتخطيط للمستقبل”، الذي يشارك فيه سياسيون من سوريا ولبنان والعراق وفلسطين ودول أخرى من المنطقة، أن وجود “مساعدة نشطة وبناءة للحوار الوطني في سوريا أمر ضروري بما في ذلك المساعدة من قبل اللاعبين الخارجيين”.

وقال لافروف إن الشرق الأوسط “ليس ساحة للعب”، ولا يجب التعامل معه على هذا النحو.

أفق المباحثات

في وقت سابق، قال وكالة “تاس” الروسية إن موسكو تجري محادثات مع السلطات السورية الجديدة بشأن مستقبل قواعدها العسكرية، لافتة إلى أن الطرفين لم يتوصلا بعد إلى اتفاق بشأن هذا الملف.

ونقلت “تاس” عن مصدر دبلوماسي أن موسكو تسعى إلى الحفاظ على الوضع القانوني لقواعدها في حميميم وطرطوس في سوريا.

كما ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات سابقة أن موسكو لم تتلق أي طلبات من دمشق بشأن مراجعة الاتفاقيات بشأن القواعد العسكرية الروسية بسوريا.

وبالتالي يمكن القول إن المفاوضات بين دمشق وموسكو ما تزال في بداياتها، وربما يمكن وصفها حاليا بـ”السلبية”، وذلك بناءً على تصريحات “الكرملين”، وسيرغي لافروف.

طائرة عسكرية روسية على مدرج بقاعدة حميميم بسوريا- “أرشيفية من رويترز”

ولا يخفى أن هذه المفاوضات تتسم بـ”التعقيد” أيضا، نظرا لتداخل العديد من القضايا والمصالح الإقليمية والدولية في المشهد السوري، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد، الحليف الرئيسي لروسيا، ولذلك فإن علاقة دمشق مع موسكو سترسم من جديد.

دمشق وبحسب تصريح سابق للرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، قال إن “روسيا هي ثاني أقوى دولة في العالم ولها أهمية كبيرة”، ولا يريد أن تخرج روسيا بشكل لا يليق بعلاقتها مع سوريا.

وعليه فإن دمشق ستسعى إلى إقامة علاقات تضمن توازنها الجيوسياسي بين الدول الإقليمية والدولية، أي أنها ستعمل على تحقيق مصالحها، خاصة وأن الوضع السوري معقد، وبها تداخل في مصالح العديد من الأطراف الإقليمية والدولية.

لكن يبقى التساؤل الأبرز، “هل سيقبل الشعب السوري أن تقيم سلطات بلاده علاقات طبيعية مع روسيا، من دون تحقيق مطالبهم المحقة؟ (تسليم بشار الأسد للمحاكمة الدولية وإعادة الأموال المنهوبة والاعتذار للشعب السوري ودفع تعويضات له)، وهل تستطيع دمشق أن تفتح علاقات متوازنة مع روسيا والمحور الغربي المتمثل بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في الوقت ذاته، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يشترط أن تغادر روسيا من سوريا وإخلاء قاعدتيها العسكريتين في طرطوس وحميميم من أجل رفع العقوبات عن دمشق.

حتما، هذه تساؤلات وملفات تحتاج إلى حسم، والأمر لن يكون سهلا أو سريعا بأي حال من الأحوال، وسط الضغوط التركية على دمشق، الأمر الذي يتطلب إرادة سياسية لاتخاذ موقف كامل ونهائي بصدده.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات