في تصريح حديث لوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية، علي كدة، قال إن التعاون مع روسيا يخدم سوريا، وهو ما يطرح التساؤل الملح لدى غالبية السوريين، وهو “كيف لدمشق مصلحة مع موسكو التي قتلت ودمرت وشردت الآلاف على مدار عشر سنوات”.

ليس ذلك فحسب، بل أن روسيا عمدت إلى تأزيم الوضع في سوريا، وعسكرة الصراع الذي تسبب في إطالة أمده، وكل ذلك من أجل إنقاذ النظام الأسدي المخلوع، وإنشاء موطئ قدم لها في مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة، بجانب أهداف استراتيجية أخرى.

التفاوض مستمر بين سوريا وروسيا

نحو ذلك، قال وزير الداخلية، علي كدة، إن “التعاون مع روسيا يخدم المصلحة السورية”، مشيرا إلى أنه “جزء من جهود الحكومة الجديدة لبناء العلاقات مع الدول الأخرى”.

جانب من لقاء بوغدانوف والشرع في دمشق، 28 كانون ثاني/يناير 2025 -(منصة إكس)

وأردف كدة في مقابلة مع وكالة “ريا نوفوستي” الروسية، الثلاثاء الفائت، أن “التعاون مع روسيا يصب في مصلحة سوريا ويندرج في إطار جهود الحكومة لبناء علاقات استراتيجية مع الدول الأخرى من شأنها أن تساعد في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي”.

ولفت كده إلى أن العلاقة بين سوريا وروسيا تختلف عما كانت عليه في عهد نظام بشار الأسد المخلوع، حيث تتعامل دمشق مع موسكو كدولة مستقلة ذات سيادة، والعلاقة تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

أما عن المفاوضات بشأن وجود قاعدتين روسيتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في سوريا، فقال الوزير السوري إنها لا تزال مستمرة وسيتم الإعلان عن نتائجها “قريبا” بعد إتمام المفاوضات.

هذا وزار وفد روسي للمرة الأولى إلى دمشق منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، شمل نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف.

“انسحاب جزئي”

واللافت أن حساب لأحد النشطاء الأجانب على منصة “إكس”، كتب صباح اليوم الخميس، “طائرة روسية من طراز AN-124 تقضي الصباح في التحليق حول قاعدة حميميم الجوية في سوريا لسبب ما”.

وقبلها نشر تغريدة أخرى، قال فيها: “يبدو أن رحلات طائرات AN-124 الروسية من وإلى حميميم قد تزايدت مرة أخرى بعد مغادرة الوفد الروسي لسوريا الأسبوع الماضي. وقد حدث هذا بالصدفة أيضا عندما قرر الأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسط ​​المغادرة إلى بحر البلطيق”.

هذا وبدأت موسكو بإعادة تقييم أهدافها الاستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط ​​وإفريقيا، مع تحول تركيزها إلى ليبيا كقاعدة عمليات جديدة محتملة، بحسب موقع Military Africa “ميليتاري أفريكا” المتخصص في مراقبة الأنشطة العسكرية في القارة الإفريقية، استنادا إلى معطيات دقيقة.

وبحسب ما أشار الخبراء لـ”ميليتاري أفريكا“، يوم الأحد الماضي، فإن المصدر يراقب منذ أسابيع طائرات شحن عسكرية روسية من طراز “أنتونوف” AN-124 في قاعدة حميميم الجوية بسوريا، وهي تقوم بتحميل المعدات العسكرية تمهيدا لنقلها إلى ليبيا.

وفي حين لم تتكشف بعد نتائج المفاوضات بين دمشق وموسكو بشأن مصير القاعدتين الروسيتين في الساحل السوري، فإن هذه التحركات الروسية تشير إلى أن ثمة اتفاقا قريبا بشأن هذا الأمر، لكن لا يمكن التكهن بتفاصيله، إلا أنه يمكن القول إنه قد يتم حل القاعدتين الروسيتين، مع وجود العلاقات السياسية مع الجانب الروسي.

لكن إذا أردنا أن نأخذ رأي الشارع السوري، فهو مغاير تماما عن رأي السلطات في دمشق، إذ يرفض السوريون تماما إعادة العلاقات مع موسكو، للأسباب التي ذكرناها أعلاه، إضافة إلى أن روسيا ساعدت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على الفرار، ومنحته حق اللجوء، واستقبلت مليارات الدولارات التي نهبها الأسد من أموال الشعب السوري، ولذلك يعتقدون أن روسيا يجب أن تصحح كل ما فعلت ونكلت بالسوريين ومن ثم يمكن التفكير في إعادة العلاقات.

“مشاكل مع السلطات الجديدة”

وقد تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم الثلاثاء أيضا عن “مشاكل مع السلطات الجديدة في سوريا”، وقال إن إسرائيل تخطط للبقاء في لبنان وسوريا بعد توغلها هناك.

تصريحات لافروف جاءت خلال مؤتمر في موسكو أكد خلاله أن الحوار الداخلي في سوريا “لا يسير بشكل جيد”.

وأشار لافروف إلى أن الحوار والتفاهم لم ينجحا بشكل جيد، مشددا على ضرورة تعزيز الحوار الوطني بشكل فعّال وبناء في سوريا، وعدم “محاولة تسجيل نقاط جيوسياسية، بل التفكير في مستقبل الشعب السوري. ولهذا السبب من الضروري توحيد جهود جميع الأطراف الخارجية”.

كما انتقد لافروف ما وصفه بـ”محاولة استبعاد روسيا والصين وإيران من التسوية السورية”، واعتبر أن ذلك يكشف “خطط الغرب لإبعاد المنافسين من المشهد السوري” وتحويلهم لمشاركين من الدرجة الثانية، وفق موقع “روسيا اليوم“.

وأكد لافروف خلال المؤتمر الرابع عشر لنادي “فالداي” الذي يحمل عنوان “الشرق الأوسط 2025: التعلم من الماضي وعدم الضياع في الحاضر والتخطيط للمستقبل”، الذي يشارك فيه سياسيون من سوريا ولبنان والعراق وفلسطين ودول أخرى من المنطقة، أن وجود “مساعدة نشطة وبناءة للحوار الوطني في سوريا أمر ضروري بما في ذلك المساعدة من قبل اللاعبين الخارجيين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات