في حين حث الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، مساء أمس الثلاثاء، المجتمع الدولي، على الضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من جنوب سوريا، قال الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، إنه لا يطالب بالانفصال عن سوريا، مؤكدا أنه لا يسعى للتقسيم أو الانقسام.

يأتي ذلك بعد أن شنت إسرائيل عدة ضربات على سوريا، الأسبوع الماضي، عقب مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجعل جنوب سوريا “منزوع السلاح بالكامل”، مؤكدا أن تل أبيب لن تسمح لقوات الإدارة الجديدة بالانتشار جنوب العاصمة دمشق.

إلى جانب إعلان إسرائيل عن استعدادها لحماية دروز سوريا، وما أعقب تلك التصريحات حالة الجدل بشأن مساعٍ انفصالية بمحافظة السويداء جنوب سوريا.

الشرع يدعو لانسحاب إسرائيل من سوريا

وقال الشرع خلال كلمة ألقاها في القمة العربية الطارئة حول غزة في القاهرة: “نحث المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية في دعم حقوق سوريا للضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من الجنوب السوري”، بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”.

واعتبر الشرع أن “هذا التوسع العدواني ليس فقط انتهاكا للسيادة السورية، بل تهديد مباشر للأمن والسلام في المنطقة بأسرها”.

وأشار الشرع إلى أن “العدوان الإسرائيلي المتواصل إلى جانب الهجمات العسكرية التي تستهدف أمن سوريا واستقرارها يتطلب منا جميعا الوقوف صفا واحدا ضد هذا التصعيد”.

وبعد أن أطاح تحالف فصائل “المعارضة السورية” بقيادة “هيئة تحرير الشام”، في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بنظام بشار الأسد، شنت إسرائيل مئات الغارات على منشآت عسكرية وقواعد بحرية وجوية تابعة لجيش النظام البائد في عموم سوريا. وبررت ذلك بالقول إن هدفها هو منع وقوع ترسانة الجيش السوري السابق في أيدي قوات الإدارة الجديدة. وبالتوازي، توغلت قواتها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، الواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله إسرائيل.

كما وطالب نتنياهو “بنزع السلاح الكامل في الجنوب السوري”، مضيفا بالقول: “لن نتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا”، مشيرا إلى أن “قواته في سوريا ستبقى في منطقة جبل الشيخ وفي المنطقة العازلة لفترة زمنية غير محدودة، لحماية بلداتنا وإحباط أي تهديد”.

من جانبه، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الحكومة السورية الجديدة، بأنها “جماعة إرهابية إسلامية جهادية من إدلب، استولت على دمشق بالقوة”، مطالبا بتحويل سوريا إلى “دولة فيدرالية تضم مناطق حكم ذاتي”.

ورغم ذلك، لم تصدر السلطة الجديدة في دمشق بيانات رسمية صارمة ضد إسرائيل. بل إن الشرع كرر مرارا أن بلاده التي تواجه تحديات عدة بعد نحو 13 عاما من الحرب الدموية، لا تريد الدخول في أي صراعات جديدة مع دول الجوار.

ويشير مراقبون إلى أن السلطة السورية تريد بوضوح تجنب استفزاز إسرائيل، فهي تدرك هشاشة وضعها الداخلي والدولي في ظل خلفيتها الجهادية، وتخشى أن تكلفها أي دفعة “الكثير”.

الهجري: لا نسعى للانفصال

في الأثناء، أكد الشيخ حكمت الهجري أن مشروعهم “وطني سوري بامتياز”، داعيا خلال استقباله، أمس الثلاثاء، وفدا من مدينة جرمانا بريف دمشق، إلى عدم السعي إلى تقسيم البلاد.

كلمة الهجري جاءت ضمن مقطع فيديو وهو يقول للمتجمعين حوله: “مشروعنا مشروع وطني سوري بامتياز؛ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ولن نناقش أفكارا أبعد من ذلك، ولا نسعى لا سمح الله إلى التقسيم أو الانقسام. نريد الحفاظ على جذورنا”، مبينا أن الطائفة تعرف مصلحتها جيدا.

ويأتي حديث الهجري بعد اتهامات لأهالي محافظة السويداء جنوبي البلاد بمحاولة الانفصال عن سوريا، خاصة أن الفصائل الدرزية المسلحة لم تندمج بعد في وزارة الدفاع السورية الجديدة، إضافة إلى مطالبة الهجري بمشاركة الدول المؤثرة في الملف السوري بغية الوصول إلى دولة مدنية.

وما عمق هذه المسألة هو التوترات الأخيرة التي شهدتها مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية جنوب دمشق، على خلفية مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية على يد جماعة “درع جرمانا” المسلحة، ليصرح بعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أنهما “وجها الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لحماية منطقة جرمانا وجميع الدروز”.

وتعتبر محافظة السويداء، ذات خصوصية من حيث التركيبة الديمغرافية ومن حيث السيطرة العسكرية حتى قبل سقوط نظام الأسد وبعده، وذلك بسبب وجود فصائل محلية تسلمت إدارة المنطقة، أبرزها “لواء الجبل” و”رجال الكرامة”.

ورغم إعلان “القيادة العامة” في دمشق حل الفصائل ودمجها في وزارة الدفاع أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن حالة الفصائلية لا تزال تهيمن على المشهد الأمني ​​والعسكري هناك. وتحدث توترات من وقت لآخر بين الجماعات المسلحة المحلية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة