كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة الأميركية تعتزم البدء في سحب قواتها من سوريا بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة، على أن تبدأ المرحلة الأولى من الانسحاب خلال شهرين.
وبحسب الصحيفة العبرية، فقد أبلغ مسؤولون أمنيون أميركيون المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بهذا الانسحاب.
انسحاب أميركا من سوريا
الصحيفة العبرية لفتت في تقريرها إلى أن إسرائيل حاولت إقناع الإدارة الأميركية بعدم الانسحاب، إلا أن جهودها باءت بالفشل.

ورغم أن مسؤولا إسرائيليا كبيرا قال للصحيفة إن إسرائيل تعتقد أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انسحاب جزئي فقط، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تعتبر المعركة خاسرة بعد، بل وتواصل الضغط على الولايات المتحدة على أمل تغيير قرار الانسحاب.
وتنتشر القوات الأميركية حاليا في عدة مناطق بشمال وشرق سوريا، ما يشكل عامل استقرار.
وتعتقد إسرائيل أن انسحاب هذه القوات قد يزيد من “الشهية التركية” للسيطرة على أصول عسكرية أكثر استراتيجية في سوريا، وبالتالي ستزداد التوترات بين إسرائيل وتركيا، بحسب المسؤول ذاته.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية أيضا إن واشنطن بدأت الاستعداد فعليا للانتقال إلى المرحلة العملية من خطتها في سوريا، مع التأكيد على إبقاء حلفائها في إسرائيل على اطلاع دائم بالتطورات المرتبطة بـ”أمن إسرائيل القومي”.
ووفق”يديعوت أحرونوت”، أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلق بالغ من تداعيات الانسحاب الأميركي من سوريا، لا سيما في ظل تصاعد التوتر مع تركيا. وأشاروا إلى أن إعلان إدارة الرئيس ترامب استعدادها للعب دور الوسيط بين تل أبيب وأنقرة، لا يُعد كافيا لطمأنة الجانب الإسرائيلي.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الإسرائيليين قوله: “نقدّر أن الانسحاب الأميركي إذا تم، سيكون جزئيا، لكن حتى هذا السيناريو ترفضه إسرائيل، التي تخشى أن يؤدي إلى تصعيد إضافي مع الجانب التركي”.
وكانت “هيئة البث الإسرائيلية”، قد أفادت يوم الجمعة الماضي، بأن الجولة الأولى من المفاوضات بين تركيا وإسرائيل، والتي عقدت في أذربيجان، لم تُفضِ إلى أي اتفاق بشأن التنسيق الأمني في سوريا، وفشلت في التوصل إلى تفاهمات حول آلية الحدّ من التوتر بين الجانبين على الأراضي السورية.
وأضافت أن الطرفين لم يتمكنا من الاتفاق على تدابير مشتركة لمنع وقوع حوادث بين قوات البلدين في سوريا، وأنه من المتوقع استئناف المحادثات بعد انتهاء عطلة عيد الفصح اليهودي، التي تمتد من 12 حتى 19 نيسان/أبريل الجاري.
وتهدف هذه المفاوضات إلى تجنّب صدام عسكري محتمل، عبر إنشاء آلية تنسيق بين أنقرة وتل أبيب، تضمن تقليل فرص الاشتباك غير المقصود بين الجيشين في الساحة السورية، وفقا لمصادر الهيئة.
خطوة تخدم “داعش”
لا شك أن الانسحاب الأميركي من سوريا سيخلق فراغا استراتيجيا، ومن المرجح أن تستغله ميلشيا إيران وروسيا لتعزيز نفوذهما في الداخل السوري، وخاصة في المناطق الاستراتيجية مثل شرق نهر الفرات ومواقع الانتشار في التنف.
ويشكل الوجود الأميركي في سوريا عامل توازن في المعادلة الأمنية، خاصة في ما يتعلق بمراقبة تحركات الميلشيات الإيرانية، خاصة خلال عهد نظام بشار الأسد المخلوع، فضلا عن قطع الطريق أمام أي محاولات لتنظيم “داعش” الإرهابي لإعادة تشكيل نفسه.

كما أن تركيا ستكون لاعبا رئيسيا في ملء هذا الفراغ، سواء من خلال تمدد نفوذها العسكري المباشر أو عبر تنشيط حلفائها المحليين (فصائل الجيش الوطني) في شمال سوريا، مما قد يُعقّد الوضع الأمني بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الحليف الرئيسي لواشنطن في الحرب على “داعش”.
وبالتالي يمكن القول، إن الانسحاب الأميركي من سوريا ينذر بعودة شبح تنظيم “داعش” الإرهابي، ما لم يتم إيجاد ترتيبات أمنية محلية أو دولية تعوض هذا الانسحاب وتضمن بعدم إعادة “داعش” ترتيب صفوفه.
“داعش” قد يعيد تشكيل نفسه
وقد أظهر التنظيم الإرهابي نشاطا متجددا في سوريا، حيث استقطب مقاتلين جددا وزاد من وتيرة هجماته، وفقا لمسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وبحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، الأسبوع الماضي، فإن تنظيم “داعش” يحاول استغلال سقوط نظام الأسد لتحرير السجناء وإحياء قدرته على التخطيط وتنفيذ الهجمات، مما يزيد من خطر عدم الاستقرار في بلد يمر بمرحلة انتقالية.
وتثير هذه التطورات مخاطر كبيرة، خاصة مع تزامن هجمات التنظيم في سوريا والعراق مع بداية العام الجديد.
ورغم أن تنظيم “داعش” لا يزال بعيدا عن القوة التي كان عليها قبل عقد من الزمن، حين كان يسيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، إلا أن خبراء يحذرون من أن التنظيم قد يجد طريقة لتحرير آلاف من مقاتليه المتمرسين المحتجزين في سجون شمال وشرق سوريا تحت إشراف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن، بحسب تقرير الصحيفة الأميركية.
وبالنظر إلى أن واشنطن هي التي تقدم الدعم الاستخباراتي واللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية لمحاربة التنظيم الإرهابي، فإن انسحابها من شأنه أن يفقد “قسد” هذا الغطاء، ما يسمح للخلايا النائمة بإعادة التمركز والتحرك.
كما أن غياب الوجود الأميركي قد يؤدي إلى هجمات إرهابية بغية تهريب عناصر “داعش” من السجون، أو انهيارات أمنية تؤدي إلى هروب جماعي من هذه السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية، كما حدث في سجن الصناعة في الحسكة عام 2022.
- الخطر الذي يتسلل مجدداً.. عن احتمالات عودة “داعش” إلى سوريا
- هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟
- “الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟
- هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب
- وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

“التايمز”: الشرع قد يعرض على ترامب منطقة منزوعة السلاح قرب الجولان مقابل رفع العقوبات

إسرائيل تريد “علاقات جيدة” مع سوريا.. ما وراء ذلك؟

تركيا تكشف عن آلية لخفض التوتر مع إسرائيل في سوريا: لماذا تُظهر أنقرة فرض الوصاية؟

“إسرائيل ليست العدو”.. الهجري يثير الجدل مجددا
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول سياسة

هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟

وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟

“سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد

القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل

وزارة الداخلية تكشف عن خطة أمنية لإدارة سوريا.. تفاصيل

“العفو الدولية” تطالب دمشق بمنع وقوع المزيد من الانتهاكات ومحاسبة المتورطين بمجازر الساحل

المقاتلون الأجانب.. كيف ستتعامل دمشق مع هذا الملف الحسّاس؟
