بعد أن ذكرت صحيفة إسرائيلية أن الإدارة الأميركية تنوي البدء بانسحاب تدريجي من سوريا خلال شهرين، كشف مسؤولان أميركيان عن معلومات جديدة بشأن خطة واشنطن لإعادة انتشار قواتها في سوريا، ما يشير إلى تحوّل محتمل في شكل الوجود الأميركي دون انسحاب كامل.

وقد أفاد مسؤولان أميركيان لوكالة “رويترز“، يوم الثلاثاء، أن الجيش الأميركي يستعد لدمج قواته في سوريا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، في خطوة قد تؤدي إلى تقليص عدد القوات الأميركية إلى النصف، مع الإبقاء على وجود عسكري فعّال في مناطق استراتيجية.

القوات الأميركية بسوريا

نحوذلك، قال أحد المسؤولين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن هذا الدمج قد يقلل عدد القوات الأميركية إلى ألف تقريبا.

القوات الأميركية في شمال وشرق سوريا- “وكالات”

بينما أوضح مسؤول أميركي آخر أنه لا يوجد يقين بشأن العدد، على الرغم من تأكيده الخطة. وأعرب عن شكوكه حيال تخفيض بهذا الحجم في وقت تتفاوض فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إيران وتعمل على تعزيز وجودها العسكري في المنطقة.

وقد أرسلت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة طائرات، تشمل قاذفات بي-2، وسفنا حربية وأنظمة دفاع جوي لتعزيز قواتها في الشرق الأوسط.

وقال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الاثنين إنه يعتقد أن إيران تؤخر عمدا التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وأنها يجب أن تتخلى عن أي سعي لامتلاك سلاح نووي أو تواجه ضربة عسكرية محتملة على المنشآت النووية في طهران.

في الأثناء، يجري وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث مراجعة عالمية للقوات العسكرية الأميركية حول العالم.

ويبدو جليا أن هذه التحركات تأتي ضمن خطة تهدف إلى إعادة تموضع القوات، وليس انسحابا كاملا، حيث من المتوقع أن تشمل تعزيزات محددة لعدد من المواقع، بالتوازي مع خفض إجمالي عدد الجنود المنتشرين.

ويمتلك الجيش الأميركي حاليا ما يقرب من ألفي جندي في سوريا، يتمركزون في قواعد متعددة، أبرزها في الشمال الشرقي من البلاد، حيث يعملون إلى جانب قوات محلية، وعلى رأسها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في مهام محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي ومنعه من إعادة تشكيل نفسه، حيث سيطر التنظيم عام 2014 على مناطق واسعة من العراق وسوريا قبل أن يتم دحره عام 2019.

تحوّل في الاستراتيجية الأميركية

يوم أمس الثلاثاء، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن الولايات المتحدة الأميركية تعتزم البدء في سحب قواتها من سوريا بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة، على أن تبدأ المرحلة الأولى من الانسحاب خلال شهرين.

وبحسب الصحيفة العبرية، فقد أبلغ مسؤولون أمنيون أميركيون المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بهذا الانسحاب، لافتة إلى أن إسرائيل حاولت إقناع الإدارة الأميركية بعدم الانسحاب، إلا أن جهودها باءت بالفشل.

وقال مسؤولا إسرائيليا كبيرا للصحيفة إن إسرائيل تعتقد أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انسحاب جزئي فقط، إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تعتبر المعركة خاسرة بعد، بل وتواصل الضغط على الولايات المتحدة على أمل تغيير قرار الانسحاب.

وتنتشر القوات الأميركية حاليا في عدة مناطق بشمال وشرق سوريا، ما يشكل عامل استقرار. وتعتقد إسرائيل أن انسحاب هذه القوات قد يزيد من “الشهية التركية” للسيطرة على أصول عسكرية أكثر استراتيجية في سوريا، وبالتالي ستزداد التوترات بين إسرائيل وتركيا، بحسب المسؤول ذاته.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية أيضا إن واشنطن بدأت الاستعداد فعليا للانتقال إلى المرحلة العملية من خطتها في سوريا، مع التأكيد على إبقاء حلفائها في إسرائيل على اطلاع دائم بالتطورات المرتبطة بـ”أمن إسرائيل القومي”.

ووفق”يديعوت أحرونوت“، أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلق بالغ من تداعيات الانسحاب الأميركي من سوريا، لا سيما في ظل تصاعد التوتر مع تركيا. وأشاروا إلى أن إعلان إدارة الرئيس ترامب استعدادها للعب دور الوسيط بين تل أبيب وأنقرة، لا يُعد كافيا لطمأنة الجانب الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الإسرائيليين قوله: “نقدّر أن الانسحاب الأميركي إذا تم، سيكون جزئيا، لكن حتى هذا السيناريو ترفضه إسرائيل، التي تخشى أن يؤدي إلى تصعيد إضافي مع الجانب التركي”.

في العموم، إذا أجرت الإدارة الأميركية بالفعل هذه التغييرات على وجودها العسكري في سوريا، كما يقول المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون، فإن هذه التطورات تُشير إلى تحوّل في الاستراتيجية الأميركية تجاه سوريا، وهي استراتيجية تركز على خفض التكاليف الميدانية مع الحفاظ على نفوذ عملياتي محدود، وسط تعقيدات إقليمية وتحديات أمنية مستمرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة