صرح مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية بأن واشنطن لا تزال متشككة تجاه الحكومة السورية الجديدة، مشيرا إلى أنها تفتقر إلى تمثيل حقيقي للأقليات.

وفي تصريحات أدلى بها لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، اليوم الخميس، أوضح المسؤول أن الولايات المتحدة تتبنى أولويات محددة داخل سوريا، مضيفا أنها لا تسعى بالضرورة إلى “إنقاذ سوريا” من أجل الشعب السوري، بل تركز أولا على منع عودة النفوذ الإيراني وتنظيم “داعش” الإرهابي، واصفا ذلك بأنه “المصلحة الأساسية للشعب الأميركي هناك”.

أولويات واشنطن بسوريا

المسؤول الذي وصفته الصحيفة الأميركية بـ”الكبير” قال أيضا، إن واشنطن لا تزال تتعامل مع سوريا بحذر شديد، حتى يثبت الشرع أنه نجح في تطهير حكومته من “المتشددين الإسلاميين الأجانب” وبقايا تنظيم “القاعدة”، إضافة إلى قدرته على توحيد مختلف مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك الأقليات.

قوات أميركية في شمال وشرق سوريا- “وكالات”

يقول الحلفاء والخبراء الإقليميون إن لديهم مخاوف كبيرة تجاه الحكومة السورية الجديدة. ويشكك الكثيرون في التزام الشرع وقدرته على بناء دولة مركزية شاملة وديمقراطية، ويدعون إلى اتباع نهج تدريجي لاختبار نوايا الحكومة الجديدة وقدرتها على الاستمرار. لكن بدون رفع تدريجي للعقوبات على الأقل، “لن يتمكن الشرع من تلبية احتياجات شعبه”، كما قال مروان المعشر، نائب رئيس مؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي ووزير خارجية الأردن الأسبق.

وقال المعشر: “الكهرباء متوفرة لبضع ساعات فقط يوميا.. والاقتصاد في حالة صعبة جدا. بدون رفع العقوبات، لن يتمكن الشرع من إحراز تقدم. وبالتالي فهو في ورطة”، طبقا لـ”واشنطن بوست”.

في حين أوضح المسؤول الأميركي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الولايات المتحدة تُقيّم الحكومة السورية الجديدة بناءً على أفعالها وليس أقوالها، لافتا إلى أن التركيبة الحالية للسلطة تفتقر إلى تمثيل فعلي للأقليات، بينما تضم ​​في مناصب بارزة مقاتلين أجانب متطرفين لعبوا أدوارا رئيسية في الإطاحة بالأسد، ما يثير شكوكا أميركية مستمرة بشأن جدّية المرحلة الانتقالية.

وفي انتقاد واضح، قال المسؤول الأميركي إن الإعلان الدستوري للحكومة المؤقتة ليس أكثر من “شريعة إسلامية بامتياز”، في إشارة إلى مخاوف واشنطن من التوجهات الأيديولوجية للنظام السياسي الجديد في دمشق.

فيما قال جيمس جيفري، الدبلوماسي الأميركي المتقاعد الذي شغل منصب المبعوث الخاص لترامب إلى سوريا في ولايته الأولى: “ستجد إيران طريقها للعودة إلى سوريا إذا لم تدعم دمشق شركاءها الدوليين”.

سيباستيان غوركا، المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، قال في مقابلة نشرتها “بريتبارت” الأسبوع الماضي: “لا أعتقد أن أحدا ذرف دمعة على سقوط نظام بشار الأسد”. لكنه أضاف: “ما لديكم في دمشق الآن ليس ديمقراطيا”.

شروط رفع العقوبات

ووفق المسؤول الأميركي، فإن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضعت قائمة من ثمانية مطالب أساسية على طاولة القيادة السورية الجديدة، كشرط لرفع العقوبات المفروضة جزئيا عن سوريا. 

وبحسب ما نقلته صحيفة “واشنطن بوست”، فقد سلّمت مساعدة وزير الخارجية الأميركي، ناتاشا فرانشيسكي، وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في اجتماع شخصي على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل، في 18 من آذار/مارس، قائمة المطالب الأميركية.

العاصمة دمشق- “وكالات”

وتتضمن القائمة، التي اطلعت “واشنطن بوست” على نسخة منها، السماح للحكومة الأميركية بتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديدا للأمن القومي.

كما يطلب القرار من الحكومة السورية “إصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع الميلشيات والأنشطة السياسية الفلسطينية” على الأراضي السورية وترحيل أعضاء هذه المجموعات “لتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.

وبينما تفكر الإدارة في إزالة الكثير من الوجود الأميركي في سوريا، طالبت القائمة أيضا دمشق بإصدار إعلان رسمي عن دعمها لعملية “العزم الصلب”، وهي مهمة نحو 2000 جندي أميركي متمركزين هناك ضد تنظيم “داعش”.

حول الانسحاب الأميركي من سوريا

منذ توليه منصبه، لم يُدلِ ترامب بتصريحات تُذكر بشأن سوريا. وعندما سُئل بعد تنصيبه بفترة وجيزة عما إذا كان سيسحب القوات الأميركية – وهو ما قيل إنه أمر به ثلاث مرات خلال ولايته الأولى قبل أن يُقنعه أحدٌ بالتراجع عنه – قال إنه “سيُقرر ذلك”.

وأضاف أن سوريا “في فوضى بحد ذاتها. لديهم ما يكفي من الفوضى هناك. لا يريدون أن نتدخل في كل واحدة منها”.

وبينما لا يُنظر حاليا في الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من سوريا، إلا أن التخطيط العسكري جارٍ لتقليص الوجود الأميركي وتعزيزه، وفقا لمسؤول دفاعي يوم الأربعاء.

لكن مسؤولا أميركيا متخصصا في المنطقة قال إن هناك توقعات بأن تُخفّض الإدارة عدد القوات “إلى الحد الأدنى… أعتقد أننا سنُقلّص عددنا إلى مكان واحد صغير جدا في الشمال الشرقي”.

لم يتضح بعد مدى تأثر خطط الانسحاب الأميركية بالأحداث الميدانية. ويزيد تنظيم “داعش” من هجماته في شرق سوريا، سعيا منه لاستغلال أي فراغ قد يخلفه تقليص الوجود الروسي واحتمال رحيل الولايات المتحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة