رفضت طهران ما وصفته بـ”الاتهامات” الأميركية والإسرائيلية حول تورطها في الصراع الدموي الذي بدأ عام 2011 في سوريا.
وزعم مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، أن الدور الإيراني في سوريا كان لدعم الاستقرار، والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها وسيادتها الوطنية.
الدور الإيراني في سوريا
نحو ذلك، قال إيرواني خلال جلسة مجلس الأمن، أمس الاثنين، إن “إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تنتهج قط سياسة زعزعة الاستقرار في سوريا، ودعمت دائما وحدة أراضي هذا البلد وسيادته الوطنية”، وفق ما ونقلته وكالات إيرانية منها “إرنا“.

وأردف كبير الدبلوماسيين الإيرانيين لدى الأمم المتحدة أن “ما زعزع استقرار سوريا هو السياسات التدخلية والاحتلالية للولايات المتحدة التي قامت تحت غطاء مكافحة الإرهاب بتجهيز ودعم الجماعات الإرهابية ودعم الاحتلال الصهيوني”.
ورفض إيرواني أيضا “اتهام إسرائيل لإيران بإرسال أسلحة وموارد مالية إلى (حزب الله) في لبنان”، ووصفه بأنه “مجرد ذريعة لتبرير استمرار انتهاكها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وتخريب ترتيبات وقف إطلاق النار مع لبنان”.
وفي جزء آخر من رسالته أمام مجلس الأمن، أدان إيرواني ما وصفه “العدوان الإسرائيلي المستمر على سيادة سوريا”، داعيا مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات “فورية وحاسمة لوقف هذه الأعمال”.
التصريحات الأميركية
جاءت تصريحات إيرواني اليوم ردا على تصريحات أدلت بها السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، خلال جلسة مجلس الأمن في 10 نيسان/أبريل الجاري بشأن الوضع في سوريا.
وذكرت شيا أن “حزب الله” وميلشيات أخرى مدعومة من إيران تسعى لاستعادة موطئ قدم لها في سوريا لتهديد إسرائيل ودول إقليمية أخرى.
وكانت إيران من أبرز حلفاء النظام السوري السابق برئاسة بشار الأسد، حيث قدمت له دعما سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
ودعت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة إيران إلى “وقف تسليح الجماعات الإرهابية ودعمها”، في إشارة إلى “حزب الله” والأذرع المرتبطة بها.
كما وحثّت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة الدول الإقليمية على “كبح الجهات العاملة بالوكالة والتي تهدد السلام والأمن الإقليميين”.
هل انتهت الوصائية الإيرانية؟
أواخر آذار/مارس الفائت وردت على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بأن سياسات بلاده هي “عدم التدخل بما يجري في سوريا” وقال: “ستقدم المساعدة عند طلبها لكن دون تدخل مباشر”، وهو ما يكشف عن تناقضات جمّة ومغالطات فجّة.

فسوريا ما تزال رغم سقوط نظام الأسد، تعاني من الاحتلالات العديدة التي استدعاها الأخير لجهة عسكرة الحراك الثوري، سواء روسيا أو إيران، والوصول إلى حرب طائفية دموية.
هذه الحرب، التي امتدت لنحو 14 عاما، لعبت فيها الميلشيات المدعومة من “الحرس الثوري الإيراني” أدوارا مختلفة، وتوافرت لها نفقات لامست حدود 30 مليار دولار بحسب حشمت الله فلاح بيشه بالبرلمان الإيراني في تصريح منسوب له عام 2020.
وبعيدا عن نفقات الحرب، التي تتباين حولها الأرقام ويحاوطها الغموض وغياب الشفافية، فعمليا، هناك نتائج انعكست، على المستويين السياسي والميداني، بداية من التغيير الديمغرافي، مرورا بتحويل سوريا إلى نقطة تمركز جيوستراتيجية في إطار دعم وإسناد ما يعرف بـ”محور المقاومة”، وتهريب السلاح كما “الكبتاغون” ونقل المقاتلين إلى لبنان والعراق، وحتى فرض هيمنة وتبعية على أجهزة ومؤسسات الدولة الأمنية والدفاعية.
إذاً، يمكن القول إن التناقضات والمغالطات المقصودة والمتعمدة التي رددها وزير الخارجية الإيراني، تكشف عن الارتباك الشديد في السياسة الإيرانية سواء في ما يخص الوضع السوري بعد سقوط حليفها الأسد، أو الوضع في المنطقة.
إذ إن نظام الملالي يقع تحت وطأة صدمة مدوية جراء خروجه القسري من المعادلات كافة السياسية والأمنية والإقليمية التي سعى إلى تحقيقها في عشرية ما بعد “الربيع العربي”، من خلال وكلائه في سوريا والعراق ولبنان، وتقوية نفوذهم بالمال والسلاح، وذلك ضمن التداعيات المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، حيث باشرت إسرائيل في تقويض وإضعاف، بل تفكيك التحالف المشبوه الذي يقف وراء حرب غزة التي هندستها طهران بواسطة القوى الإسلاموية المسلحة.
رغبة محمومة للحفاظ على بعض الامتيازات
وإلى جانب تصفية قادة هذا المحور، السني والشيعي، كـ”حزب الله” في لبنان و”حماس” في غزة، فالضربات التي طاولت التنظيمات المسلحة الوظيفية لإيران بالمنطقة، وخروج بشار الأسد من دمشق أو بالأحرى تغييبه عمدا عن معادلات الحل السوري، كانت عنوانا لبداية مرحلة جديدة ليس لإيران فيها أي مقعد، بل تخسر حتما كل ما راكمته من نفوذ.
ومع سقوط نظام الأسد، جاء بيان للخارجية الإيراني ألمح إلى نقطة لا يمكن بحال تفويتها أو غض الطرف عنها، تتمثل في مقولة “الحفاظ على الأماكن المقدسة”، وهي العبارة التي يحتمي بها ملالي طهران، لإدارة مصالحهم وسياساتهم الخارجية، الخفية والعلانية، كما كانت الذريعة المباشرة للتدخل العسكري في سوريا.

وقد رجح البيان، أن تبقى العلاقات الثنائية بين البلدين “على أساس المصالح المشتركة”. بما يعكس بوضوح الرغبة المحمومة لدى قادة إيران للإبقاء أو الحفاظ على بعض امتيازاتهم أو ما تبقى منها أطول وقت ممكن، وتعويض ما يمكن في ظل الخسائر الهائلة.
في المحصلة، لا يعدو الارتباك في الخطاب السياسي الإيراني تحديدا منذ انهيار نظام الأسد، أمرا طارئا أو عرضيا، بل إن له سوابق عديدة، ويكاد أن يكون الخط العام الذي يحكم مقارباتهم.
- الخطر الذي يتسلل مجدداً.. عن احتمالات عودة “داعش” إلى سوريا
- هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟
- “الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟
- هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب
- وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

تحت عين «الحرس الثوري» وابتزاز العقوبات: «الكبتاغون» يزدهر في سوريا الجديدة

إيران في قلب معركة حصر سلاح “حزب الله”

الفصائل الفلسطينية في سوريا: من توظيف القضية تاريخيا للانفكاك عنها مستقبلا

كيف تتواطؤ بكين مع “الحوثيين” عبر الأقمار الصناعية؟
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول سياسة

هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟

وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟

“سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد

القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل

وزارة الداخلية تكشف عن خطة أمنية لإدارة سوريا.. تفاصيل

“العفو الدولية” تطالب دمشق بمنع وقوع المزيد من الانتهاكات ومحاسبة المتورطين بمجازر الساحل

المقاتلون الأجانب.. كيف ستتعامل دمشق مع هذا الملف الحسّاس؟
