السعودية وقطر تتكفلان بسداد ديون سوريا لدى “البنك الدولي”.. ما دلالات تلك الخطوة؟

فصلٌ جديد تشهده العلاقات السورية الخليجية، ترسم بخطى متسارعة لتعكس مدى التقارب وتجاوز الخلافات، وتتحول الصورة إلى عكس ما كانت عليه أثناء عهد الأسد البائد. 

في هذا السياق كشف حاكم “مصرف سوريا المركزي” عبد القادر حصرية أن السعودية وقطر تكفلتا بسداد ديون سوريا للبنك الدولي، البالغة قيمتها 15 مليون دولار. 

بداية لاندماج سوريا بالمجتمع الدولي 

أوضح حصرية على هامش مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأميركية واشنطن، أن المشاركة في الاجتماعات تمثل بداية اندماج سورية في النظام المالي العالمي، وبداية التحول الاقتصادي بالبلاد، وفق ما نقل عنه موقع “العربي الجديد“.

مصرف سوريا المركزي - الحل نت
مصرف سوريا المركزي – الحل نت

وأكد خلال تصريحاته أن بلاده بدأت في خطى جدّية لإصلاح المؤسسات المالية في سوريا لتتماشى مع المعايير المالية الدولية وتعزيز الشفافية ودعم التنمية المستدامة. 

وكانت وكالة “رويترز” للأنباء، ذكرت قبل أيام أن السعودية تدرس سداد ديون سورية للبنك الدولي البالغة قيمتها 15 مليون دولار، ما يمهد الطريق للموافقة على منح بملايين الدولارات لإعادة إعمار البلاد ودعم قطاعها العام المنهك. 

 ويرى مراقبون أن من شأن الدعم العربي الخليجي فتح باب إعادة إعمار البلاد، فيما لا تزال العقوبات الأميركية تعقد جهود تعافي الوضع السوري المالي. 

وبسداد الدين، ستتجاوز سوريا مخاطر التأخير في سداد الديون، وستتمكن البلاد التي أنهكتها حرب استمرت طيلة الأعوام الـ 14 الماضية، من المُضي قُدماً للدفع بعجلة إعادة الإعمار، بفضل التمويل الدولي والحصول على المساعدات المالية التي تساهم بدور فاعل في هذه العملية، إذ يعيش نحو 90 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة. 

مرحلة أكثر تقارب مع دول الخليج 

تعد تلك الخطوة أول حالة معروفة تقدم فيها دول خليجية تمويلاً لسوريا منذ أن أطاحت المعارضة السورية ممثلة في “هيئة تحرير الشام” بالرئيس السابق بشار الأسد.

الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع (يسار) وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (يمين) في قصر اليمامة بالرياض – انترنت

بعد سقوط نظام بشار الأسد، دخلت سوريا مرحلة جديدة تبدو أكثر تقاربًا فيها مع دول الخليج، واتضح ذلك من خلال التحركات الدبلوماسية للشرع، الذي آثر أن تكون الرياض أول وجهة خارجية له بعد تسلّمه السلطة، وكذلك زيارة أمير قطر دمشق، كأول زيارة لزعيم عربي بعد سقوط الأسد. 

فيما اضطلعت الدوحة والرياض مؤخرا بأدوار متزايدة في سوريا، لتجنب ما يدعوه محللون “ترك فراغ في سوريا” تملؤه أطراف إقليمية ومتطرفة تعتبر المنطقة أنها بغنى عنها، كما تستفيد السعودية بشكل مباشر من إرساء الاستقرار في سوريا الجديدة، بعد أن أصبحت إيران، الخصم التقليدي للسعودية، خارج المشهد في سوريا. 

بينما يراهن الشرع على الدور القطري والسعودي وما له من تأثير على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من مساع لرفع العزلة المفروضة على سوريا، ويعتبر الشرع أن الدوحة والرياض هما بوابته لدخول العالم العربي، لا سيما الغنية منها من أجل الدعم المالي والاقتصادي لبلاده. 

منح جديدة

لدى سوريا متأخرات للبنك الدولي تبلغ قيمتها حوالي 15 مليون دولار، ويشترط “البنك الدولي” للموافقة على إعطاء منح جديدة أن تسددها دمشق، في وقت تعاني دمشق من أجل الحصول على دعم خارجي وضخ السيولة في السوق، حيث إن هناك نقصًا شديدًا في العملات الأجنبية، ولم تنجح أي خطط سابقة لسداد الديون باستخدام الأصول المجمدة في الخارج.

وزير المالية السوري محمد برنية (يمين) رفقة رون فان رودن خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن – وسائل التواصل)

وفي السياق ذاته، كشف حصرية أنه اتفق مع المؤسسات الدولية والجهات المانحة خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، على تقديم منح بقيمة 150 مليون دولار، دعماً مباشراً لقطاع الطاقة بسوريا. 

 وأضاف أنه اتُّفِق أيضاً على برنامج عمل شامل خلال العامين المقبلين يشمل عدة محاور، منها برنامج مدعوم بمنح لإصلاح قطاع الطاقة خلال الأشهر القليلة المقبلة، وتعزيز الشفافية وإصلاح المؤسسات العامة والبنية التحتية لأسواق المال، وإصلاح القطاع المصرفي، مضيفاً أن التعاون مع الشركاء الدوليين يستهدف البدء بانتقال اقتصادي مدروس. 

أطراف فاعلة في النظام المالي الدولي دعت إلى رفع العقوبات الدولية الموقعة عن سوريا، بما يساهم في إعادة الإعمار، وبدء مساعدة الحكومة السورية والشعب السوري في تجاوز الأوضاع الصعبة الحالية، بحسب حصرية

ويشارك وفد رسمي من سوريا هذا الأسبوع برئاسة وزير المالية محمد يسر برنية، لأول مرة منذ أكثر من عقدين، في اجتماعات الربيع للصندوق والبنك الدوليين، في إطار خطة تستهدف عودة المشاركة والاندماج في النظام المالي العالمي، وبدء إعادة الإعمار وإعادة تأهيل المؤسسات، بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ يناير 2024.  

وعيّن صندوق النقد الدولي الاقتصادي البارز رون فان رودن رئيساً لبعثته إلى سوريا، في أول خطوة من نوعها منذ 14 عاماً، وفق وزير المالية السوري محمد يسر برنية، في بيان صدر عقب مشاركته في اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات