منذ أيام وإلى الآن، لا تفارق الشاعرة العراقية الكبيرة #لميعة_عباس_عمارة أذهان من أحبوها هي وشعرها من العراقيين وغيرهم، بعد تعرضها لوعكة صحية.

فقدت “عمارة” وعيها، لكنها استعادته بسرعة، غير أن هذا لم يمنع من أن تبقى حالتها حرجة، «فالوهن قد أصابها، والضعف العام»، حسب ابنها “زكي مبارك”.

محبو ومحبات “عمارة” يدعون لها بالصحة والشفاء، ويستذكرون شعرها الرومنسي الذي يدخل القلب بلا استئذان، كيف لا وهي “شاعرة الغزل”.

تعود جذورها لمدينة #العمارة مركز محافظة #ميسان جنوبي #العراق. وُلدت في #بغداد عام 1929، وتبلغ اليوم 92 عاماً من عمرها، و77 عاماً من عمر شعرها.

تعد “عمارة” من أهم رواد الشعر العراقي الحديث، إلى جانب “السياب” و”نازك الملائكة” و”عبد الوهاب البياتي’ وابن خالها “عبد الرزاق عبد الواحد”.

بدأت “لميعة” – المندائية – حياتها مع الشعر بعمر 15 ربيعاً، فكتبت أول قصيدة عام 1944، ليمتدحها الشاعر اللبناني “إيليا أبو ماضي” وتنبأ لها بمستقبل كبير.

غادرت “عمارة” التي ذاعت شهرتها عربياً، بلدها العراق عام 1978 وبعد اغترابها بعدة دول، حطّت الرحال في #كاليفورنيا لتعيش بها إلى اليوم.

ازدهر شعرها منذ الستينيات وبلغ قمته في السبعينيات، وبعد اغترابها لم تتوقف، استمرت بإبداعها، وكانت آخر قصيدة لها قبل سنتين فقط.

https://youtu.be/8-gDXLR46T4

تُعرف “لميعة” بأنها: «شيدت قصيدة الأنوثة بعذوبة إلقائها، وبالشاعرة الجريئة، ما جعلها تحتل مكانة كإحدى أهم الشخصيات الشعرية النسوية عربياً».

يقول عنها النقاد إنها: «أضاءت قصيدة الأنوثة بخريطة الشعر العربي الحديث، واحتفت بثنائية الجسد والروح، تثور وتبوح بالمسكوت»، بحسبهم.

من بين أبرز أبياتها التي اشتهرت “لميعة عباس عمارة” بها؛ لجمعها بين الرومانسية والجرأة في آن واحد، هي هذه الأبيات التالية:

“أحتاج إليك حبيبي الليلة
فالليلة روحي فرس وحشية
أوراقُ البردي
أضلاعي.. فَتِّتْها
أطلِقْ هذي اللغةَ المَنسيّة
جَسَدي لا يحتملُ الوَجْدَ
ولا أنوي أن أصبحَ رابعةَ العدوية”.

لم تغادر “عمارة” العراق برغبة منها، إنما فرض عليها، حسب قصيدة لها، فهي من عائلة يسارية، عايشت الحركات السياسية، التي رفضت الديكتاتورية.

لعل هذه الأبيات الآتية أبرز دليل على أنها غادرت إلى المهجر مرغمة، فمثل “عمارة” لا تستسلم للجبروت وللطغاة، كما هو حال عائلتها المناضلة مثلها:

” الهواهم ولالي عوض
فاركتهم بالرغم من فرض علي انفرض                وما صاحبي بعدهم غير التعب والمرض    والدمعتين التنام بشعري تالي الليل                  أكول خلصت وثاري الخلص بس الحيل            أدري جبيرة الأرض بس مالي بيها غرض”.

ليس هذا فقط، إنما قصيدتها الأخيرة التي كتبتها قبل عامين في (مايو 2019)، تصف فيها بشكل واضح البعد عن البلاد، وتتذكّر حالة النضال:

“أنا بنتُ النضالِ، أرضعني الجوعُ
‏وأوهى مفاصلي الحرمان
‏خُضتُهُ غَضَّةً، ففي كلّ فَجٍّ
‏من حياتي مجرى دَمٍ وسنان”.

كثيرة هي دواوينها الشعرية، لكن من أهمها: “الزاوية الخالية، وعودة الربيع، وأغاني عشتار، ويسمونه الحب، ولو أنبئني العراف، والبعد الأخير”.

بعيداً عن السياسة، قريباً من الحُب، أحَبَّ “لميعة” فائقة الجمال في شبابها الكثير، أبرزهم #بدر_شاكر_السياب الذي تصفه بأنه “رائد الشعر الحر”.

كانت “عمارة” زميلة “السياب” في “دار المعلّمين العالية” وذكرها بشعره مراراً، ومثال ذلك، قصيدته “أحبيني لأنّ جميع من أحببت قبلك ما أحبوني”.

“بدر شاكر السياب” – إنترنت

كانت تُجاهر بحب “السياب” لها، لكن لم تقل يوماً إنها أحبّته أيضاً، غير أنها قالت إنها: «كانت تقرأ له ويقرأ لها، ويتناقشان في كل شيء وأي شيء».

أهدته الكثير من قصائدها في حياته وبعد مماته، وهو الآخر أهداها العديد من قصائده، ومما أهدته إبّان حياته هي قصيدة “شهرزاد” فتقول:

“ستبقى شفاهي ظِماءْ
ويبقى بعينيَّ هذا النداء
ولن يبرح الصدرَ هذا الحنين
ولن يُخرس اليأسُ كلَّ الرجاء”

بعد مماته أهدته الكثير من شعرها، وآخرها قصيدة “لعنة التميّز” مطلع التسعينيات، بعد أكثر من عقدين ونصف على رحيله، ومما جاء فيها:

“يوم أحببتك أغمضت عيوني
لم تكن تعرف ديني
فعرفنا وافترقنا دمعتين
عاشقاً مُتَّ ولم تلمس الأربعين”.

مرّت 43 سنة على بعدها عن العراق و #بغداد ومدينتها العمارة، ويرجو أحبتها أن تتشافى وتعود – ولو مرة لبلدها – الذي أحبّته فأنهكها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة