بين المقاطعة والتعليق والممانعة: تداعيات اغتيال “الوزني” تطلق حراكاً سياسياً واسعاً بين قوى “تشرين” والأحزاب المدنية

بين المقاطعة والتعليق والممانعة: تداعيات اغتيال “الوزني” تطلق حراكاً سياسياً واسعاً بين قوى “تشرين” والأحزاب المدنية

مع اقتراب موعد #الانتخابات_المبكرة العراقية، المقرّر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل، انطلقت دعوات كثيرة لمقاطعتها وعدم المشاركة بها.

الدعوات انطلقت من قبل نشطاء ووجوه #انتفاضة_تشرين، وللمفارقة فإن الانتخابات المبكّرة ارتبطت بهذه الانتفاضة، واعتُبرت تحقيقاً لمطالب متظاهريها، بإصلاح النظام السياسي العراقي أو تغييره.

وحتى مطلع شهر أيار/مايو الحالي، تشكّلت عديد من الأحزاب المنبثقة من انتفاضة تشرين، لخوض الانتخابات، وتقديم بديل عن القوى السياسية التقليدية، لكنّ اغتيال الناشط العراقي البارز “إيهاب الوزني”، ليلة الثامن من الشهر نفسه، قبالة منزله في مدينة #كربلاء، غيّر قناعات قوى “تشرين” تجاه الانتخابات.

ويعدّ “الوزني” من أبرز وجوه انتفاضة تشرين، ومنسق تظاهرات كربلاء، منذ احتجاجات عام 2011، ضد رئيس #الحكومة_العراقية الأسبق نوري #المالكي. وعقب اغتياله خرجت مظاهرات غاضبة في كربلاء، اتهمت #إيران والميلشيات الموالية بالمسؤولية عن عملية الاغتيال، وأحرقت مقر القنصلية الإيرانية بالمدينة.

وكان “الوزني” من بين المرشحين المنبثقين من الحراك الشعبي لخوض الانتخابات المبكّرة، لكن اغتياله أحدث صدمة لدى نشطاء وأحزاب “تشرين”، فبعد ساعات من مقتله، أطلقوا حملة، عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحت وسم #مقاطعون، تفاعل معها معظم من تظاهر في “تشرين” وساندها.

كما نشرت قوى “تشرين” بيانات عديدة، تؤكد انسحابها من المشاركة بالعملية الانتخابية المقبلة، في ظل عدم توقف مسلسل الاغتيالات الممنهجة للنشطاء.

واغتيل خمسة وعشرون ناشطاً عراقياً، في حين تم اختطاف ثمانين آخرين، ما زال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم، منذ انطلاق الاحتجاجات في تشرين الأول/أكتوبر 2019، حسب بيان لمفوضية حقوق الإنسان العراقية.

 

“المقاطعة”: عدم إضفاء شرعية “تشرين” على الانتخابات

“محمد الخياط”، الناشط البارز في مظاهرات محافظة #ذي_قار، قال إن «حملة المقاطعة جاءت لاستمرار السلاح الميلشياوي المنفلت بهدر دم رفاقنا من النشطاء، دون تحرّك حكومي تجاهه».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «أردنا انتخابات حرة ونزيهة، بلا سلاح وترهيب، لكنّ الذي يحدث هو العكس، بالتالي فإن مشاركتنا ستكون إضفاءً لشرعية “تشرين” على انتخابات غير عادلة، ونحن لا نريد منح الأحزاب المتحكّمة بالبلاد وجماعاتها المسلّحة هذه الشرعية».

وبينما يرى عديد من المراقبين أن المقاطعة ستسهّل على الأحزاب التقليدية، المستحوذة على الحكم منذ عام 2003، الفوز بيسر في الانتخابات، يمتلك “خياط” رأياً مغايراً: «المقاطعة ستبيّن لمنظمة #الأمم_المتحدة والمجتمع الدولي حجم الجمهور، الذي يرفض إعطاء الشرعية للانتخابات، فالديمقراطية ليست بإجراء الانتخابات فقط، بل كذلك بنسبة المشاركة بها. وعلى المنظمات الدولية الأخذ بعين الاعتبار أن ضعف المشاركة بالانتخابات دليلٌ على رفض الشعب العراقي للنظام السياسي الحالي».

وليست قوى “تشرين” وحدها من تنوي مقاطعة الانتخابات، بل كذلك قوى مدنية ويسارية أخرى، فالنائب “فائق الشيخ”، أمين عام “حزب الشعب للإصلاح”، أعلن بدوره انسحابه من الانتخابات.

 

“تعليق المشاركة”: خيار مرهون بجدية الحكومة تجاه السلاح المنفلت

كذلك كان للحزب الشيوعي العراقي موقفه من مقتل “الوزني”، لكن من خلال تعليق مشاركته بالانتخابات، لا مقاطعتها، «وهذا التعليق سيستمر حتى اتخاذ خطوات جدية، من قبل الحكومة العراقية، تجاه السلاح المنفلت»، وفق سكرتير الحزب “رائد فهمي”.

ويردف “فهمي”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «موقف #الحزب_الشيوعي_العراقي ثابت تجاه رفض عملية انتخابية، نتائجها محسومة سلفاً، مع عجز الحكومة العراقية عن حماية الأحزاب المدنية ووجوهها من الاغتيال».

مُشيراً إلى أن: «الأحزاب السياسية الإسلامية المسلّحة بدأت تشتري البطاقات الانتخابية الإلكترونية بمبالغ طائلة، ولذا فإن المال السياسي الفاسد حسم نتائج الانتخابات مسبقاً».

لكنّ «الحزب الشيوعي يعوّل على بصيص من الأمل، بأن الحكومة العراقية قد تتحرّك لوقف كل ما يجري، من شراء بطاقات انتخابية واغتيالات منظمة»، يقول سكرتير الحزب، الذي أكد، في الوقت نفسه، أنه «في حال عدم رصد نوايا جدية من الحكومة العراقية بهذا الخصوص، فإن الحزب الشيوعي سيعلن مقاطعته التامة للانتخابات، إذ لا يمكنه خذلان الدماء التي أريقت، من خلال المشاركة مع الأحزاب الفاسدة في الانتخابات».

وحول إمكانية تحالف الحزب مجدداً مع #التيار_الصدري، كما حدث في انتخابات 2018، شدد “فهمي” على عدم وجود أي رابط مع التيار حالياً: «التحالف مع الصدريين انتهى، منذ انطلاق تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر 2019، ولا عودة إليه».

 

“الممانعة”: بديل أكثر جذرية من المقاطعة

إزاء حملة المقاطعة للانتخابات المقبلة، تساءل عديد من الناشطين عن الخيارات والبدائل والحلول، فالمقاطعة ستُعيد الأحزاب ذاتها للحكم، بحسب عديد منهم.

يبدو أن قوى تشرين لم تتجاهل عن هذه التساؤلات، فأطلقت بياناً، دعت فيه إلى التصعيد، عبر تجديد التظاهرات، وإعادة زخمها، كما كانت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، كما دعت إلى زحف المحافظات الجنوبية إلى #بغداد، لإقامة تظاهرات ضخمة فيها، في الخامس والعشرين من أيار/مايو الجاري.

المحامي “حسين الغرابي”، العضو المؤسس لحزب #البيت_الوطني، المنبثق من حراك “تشرين”، قال إن «هذا التصعيد جاء لإيماننا بأن المقاطعة وحدها لا تكفي، ولا بد من بدائل».

وعن ماهية هذه البدائل بيّن “الغرابي” لـ«الحل نت» أنه «تم الاتفاق على عودة الاحتجاج السلمي بزخم قوي، وستنطلق التظاهرات من جديد في المحافظات الجنوبية والوسطى، كما سينظّم منسّقو المحافظات تظاهرة كبيرة في بغداد، لن تكون في #ساحة_التحرير، بل في مكان آخر، سنعلن عنه قبل يوم من التظاهرات، وسيكون مفاجأة للأحزاب الموالية لإيران وميليشياتها».

وكشف عن توجه قوى تشرين لـ«مُمانعة إجراء الانتخابات، وليس مقاطعتها فقط، أي السعي لعرقلة إجرائها، وقد اتفقت على ذلك كل القوى التشرينية، بالتنسيق مع قيادات التظاهرات».

موضّحاً أن: «الانتخابات هي مطلب “تشرين”، ولن نسمح لها أن تتم دون تنفيذ شروط الانتفاضة، مثل كشف قتلة المتظاهرين، ومنع السلاح المنفلت، وتأمين بيئة انتخابية عادلة وآمنة، وحظر الأحزاب المسلّحة من المشاركة بالانتخابات، وكل هذا لم يتحقّق، لذا اتخذنا موقف الممانعة المطلقة لإجراء الانتخابات بموعدها. وعندما سيتم تنفيذ تلك المطالب سنسمح بإجراء الانتخابات».

 

ماذا سيكون رد الأحزاب التقليدية وميلشياتها المسلّحة؟

ونال خيار الممانعة ثناءً من قبل كثير من المراقبين والكتّاب والصحفيين والمحللين السياسيين، فهي «أفضل من المقاطعة»، بحسبهم. وعن ذلك علٍقت الصحفية “سُرى علي” بتدوينة على جداريتها بمنصة “فيسبوك” بالقول: «أدرك التشرينيون بأن مقاطعة الانتخابات ستكون نتائجها سلبية لا محالة (…) لذا اتجهوا للمُمانعة، وهنا، يجب أن نفهم أن انتفاضة تشرين حركة تُشكّل وتُطوّر وعيها بصيرورة متسارعة، وعلى نحو مفاجئ».

مُتابعةً أن: «شباب تشرين يودّون تغيير طبقة سياسية، يعتقدون أنها فشلت كل الفشل، بتوفير الأمن لهم، وحمايتهم من كواتم الميليشيات (…) ولا يمكن إجراء انتخابات، والثقة بمصداقيتها، بظل بيئة غير صحية تماماً لها، وإقصاء وجوه “تشرين” واغتيالهم وتهديدهم واختطافهم، لذا اختاروا الممانعة».

لكن المحلّل السياسي “علاء مصطفى”، وبالرغم من اتفاقه مع فكرة الممانعة، يتوقّع أن الأحزاب المسلِحة، والقوى المستحوذة على الحكم، ستمضي قدماً بإجراء الانتخابات في موعدها، فهي «قد تحضّرت لها جيداً بالمال السياسي، وبتحركها بين العشائر لكسب تأييدها».

بالتالي فإن محاولة عرقلة إجراء الانتخابات «ستؤثر بالسلب على الأحزاب الحالية، وستبدد الأموال الطائلة التي انفقتها، لذا لن تسمح بتأجيل أو إلغاء الانتخابات، فرأي الشارع آخر ما تهتم له»، بحسب ما قال “مصطفى” لموقع «الحل نت».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة