لا شك أن الوافد على دمشق كما أبناءها ممن لم يغادروها، سيلمس بعض التغيير وهو يتأمل في شوارعها والفضاء العام. فخلال السير في شوارعها، ستلاحظ على الفور مدى انتشار الرموز الساخرة من النظام السوري السابق، والتحول الكبير في المزاج العام السياسي خاصة من قبيل السخرية. 

عند مدخل حارة “القشلة” في دمشق القديمة، تعرض إحدى البسطات جوارب رُسمت عليها صورة حافظ الأسد بملابس داخلية والتي اشتهرت باسم “صورة الكلسون”، بينما تبيع بسطة أخرى جوارب، ولكن هذه المرة تحمل صور لـ”الأسد” الابن بطريقة كاريكاتورية ساخرة.

ملامح التغيير في المجال العام

هذه السخرية المتفشية تمثل ظاهرة لها جوانب عديدة، إذ تعكس رغبة في التحرر من المكبوتات المختلفة التي خلفها “نظام البعث” على مدار عقود، وإنهاء الخوف والذعر نتيجة القمع وسيرة الحرمان من تداول الآراء والأفكار وممارسة الحس النقدي وتطبيقه في الأمور السياسية أو الاجتماعية أو الفنية. في إحدى سهرات الدمشقية، قدم الممثل زياد دردر أداءً تمثيلياً لشخصية “أم فهمي”، وهي شخصية نسائية لعبت دوراً حُفر في الأذهان عبر تاريخ الدراما السورية، ترتدي الملابس الدمشقية التراثية، “الملاية”، وخلال العرض وأثناء تأديته لهذا الدور يمعن في السخرية من هروب بشار الأسد وشقيقه ماهر، في مشهد يحاكي لحظة “هروب ولاد أنيسة” حسب تعبيره. 

جوارب رُسمت عليها صورة حافظ الأسد بملابس داخلية والتي اشتهرت باسم “صورة الكلسون”، بينما تبيع بسطة أخرى جوارب، ولكن هذه المرة تحمل صور لـ”الأسد” الابن بطريقة كاريكاتورية ساخرة- “تواصل اجتماعي”

هذه المشاهد رغم عفويتها تحاول أن تطرح أسئلة عميقة حول مستقبل حرية التعبير والإعلام في سوريا. فهل بالفعل بإمكاننا اليوم كصحفيين وكتّاب ومفكرين وفنانين أن نتمتع بهذه الحريات التي حرمنا منها لسنوات؟! وهل ستتوفر الحماية القانونية التي ستضمن حرية التعبير في سوريا سيما الحريات الإعلامية والصحفية؟ وهل ستتوفر لنا ذات المساحة الممنوحة في حال وجهنا أي نقد الحكومة الحالية؟

خريطة الحريات الإعلامية التي لم تتضح بعد في ظل تشكيل الحكومة الحالية، وبالتالي، كيفية التعامل مع المخاطر المحتملة التي قد تواجه العمل الإعلامي في سوريا، تضاعف من صعوبة الإجابة عن تلك الأسئلة، والتوصل إلى تصور تام بشأنها، لتبقى هذه الأسئلة مفتوحة رغم محاولتنا البدء باستكشاف الطريق: كيف سيكون مصير الحريات الصحفية والإعلامية في سوريا؟

السخرية السياسية: انفجار مؤقت أم تحوّل دائم؟

بعد أكثر من 54 عاماً من القمع، استطعنا نحن السوريون والسوريات أن نضحك وأخيراً في وجه القهر، إذ لجأ السوريون إلى السخرية والنكتة السياسية كأداة للتنفيس والتشفي من النظام السابق، حيث تم استخدام منصات التواصل الاجتماعي، والفن والدراما والإعلانات لتجسيد هذا التغيير.

الممثل زياد دردر الذي قدم سكيتش “هروب ولاد أنيسة” يرى أن السخرية السياسية تساعد في إيصال الرسائل بطريقة بسيطة. ويقول: “هروب نظام فاسد أقل شي انو ساوي سكيتش يوضح للناس بطريقة كوميدية كيف هرب بشار بكفي كلمة هرب يلي كان سبب ورا كل شي صاير من إجرام وفساد عيلة الأسد”.

يحاول البعض اليوم وعبر منصات التواصل الاجتماعي إطلاق السخرية السياسية أو المزاح السياسي والنقد والتحليل لرموز جميع سلطات الأمر الواقع، بما في ذلك الحكومة الحالية في دمشق. هذا النقد يأخذ أشكالاً متعددةً، وبمناسبات مختلفة، ويبقى السؤال: “هل نحن حقاً في أمان عند التعرض للحكومة الانتقالية الحالية بما في ذلك توجيه السخرية السياسية ضد رموزها؟”.

تقول صديقة رفضت أن تذكر اسمها، خوفا من أي نوع من الهجوم: “في كل مرة أكتب أي بوست على الفيسبوك يتناول الحكومة الحالية بالنقد أعود لأمسحه مباشرة.. فاليوم أنا أقيم في دمشق وأتجول بين دمشق وحمص، وحتى الآن مازال مشهد الحريات الصحفية يبدو ضبابياً.. كما بت أخشى من التعرض للهجوم الجارح من قبل البعض”.

وفي هذا السياق، يقول الصحفي السوري ملاذ الزعبي المقيم في بريطانيا، إن دور السخرية السياسية في سوريا ما يزال هامشياً، فهي لا تغيّر الواقع بقدر ما تخفف من الهالة القدسية التي تُفرض حول بعض الشخصيات. أما عن رأيه حول الرقابة التي قد تمارس على مساحات الرأي والتعبير، فيشير الزعبي إلى أن الرقابة لا تقتصر على الدولة، بل تشمل أيضاً رقابة مجتمعية، ودينية، وأسرية، وأحياناً ذاتية. كما تختلف مساحة التعبير باختلاف مناطق السيطرة والانتماءات السياسية. فالنكتة السياسية التي تُضحك جمهوراً قد تُغضب جمهوراً آخر حسب وصفه.

ويقول الزعبي لـ”الحل نت“: “لا يوجد حتى الآن قانون محدد أو حالة واضحة تشير مثلاً إلى اعتقال شخص لأنه انتقد الرئيس الشرع أو تعرض للضرب لأنه انتقد شخصيات السلطة الحالية. ويلعب المكان دوراً في ذلك، تبعاً لطبيعة الرموز السياسية وتفاوت نفوذها مناطقياً. مع الأخذ في الاعتبار أن هذا مؤقت وقد يتبدل الحال. لكن الثابت أن سلطات الأمر الواقع جميعها تقف على الضد من النكتة السياسية، وإن كان بدرجات متفاوتة”.

القيمرية بالعاصمة دمشق بعدسة “الحل نت”

لجأ الكثيرون إلى السخرية السياسية، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة للتعبير عن الرأي، خاصة في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها سوريا، معبرين بعض الأحيان عن استيائهم من القرارات التي اتخذت سابقاً من قبل الحكومة الحالية، ووصفت على أنها “تصرفات فردية أو عشوائية”.

كما كان من الملاحظ أنه في بعض الأحيان -إن صح التعبير- قيام الحكومة الحالية بـ”جس النبض”، حيث تصدر قراراً معيناً ثم تتراجع عنه عند مواجهة موجة من الانتقادات، كما حدث عندما أصدرت الحكومة قراراً يقضي بتعديل المناهج التعليمية وحذف بعض البنود منها لتواجه حينها موجة رافضة كبيرة لهذا القرار، مما دفعها لتغيير قرارها. 

تتوفر اليوم مساحة للتعبير عن الآراء المختلفة والنقد، ولكن ما يحدث هو أننا قد نواجه في بعض الأحيان، رفض بعض المتشددين لسلطة معينة، أو فكر معين، وهجومهم الذي قد يصل لدرجة توجيه السب والشتم. ويعقّب على ذلك الصحفي السوري المقيم في بريطانيا ملاذ الزعبي بأنه “توجد مراقبة اجتماعية. على سبيل المثال، قد تكون السلطة الحالية منفتحة أو لديها قبول نسبي بالنقد لكن أنصار هذه السلطة هم أكثر تشددا وتقديسا لرموز أو شخصيات وتجعلها فوق المسائلة”.

وفي ظل غياب قانون يضبط الجرائم الإلكترونية، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة للهجوم والتنمر والنيل من العديد من الشخصيات السياسية والفكرية والإعلامية، وبالتالي فإن الجميع غير محمي ورأيه قد يكون مصادراً في أي لحظة.

اليوم، قد تخمد بعض الأصوات نتيجة لوجود أنصار فكر سياسي أو اجتماعي ما، فيبدأ الهجوم الإلكتروني بالتوالي مما يدفع البعض للصمت وعدم إبداء الرأي. كما قد تسكت الأصوات اليوم نتيجة “للذباب الإلكتروني” وفق ما يسميه البعض، حيث يكون جاهزاً في أية لحظة للانقضاض كوسيلة منظمة لقمع وإسكات الأصوات التي قد تنتقد أس السلطة الحالية، وبالطبع لا أقصد هنا الحسابات المعروفة ولأشخاص وهويات معروفة، بل هذا من حق الجميع أن يعرض رأيه ويخالف رأي من يقوم بتوجيه النقد، إنما القصد يتعلق بالحسابات الوهمية التي تتدفق وتنتشر لتشكل حالة معنية في بيئة وسائل التواصل الاجتماعي، لتعميم موقف أو توجيه انطباع وجذب تأييد أو معارضة بشكل زائف ومصنوع. 

تلك الحالة التي تكون مكثفة وسريعة ومنظمة، هدفها التأثير على النقاشات وتوجيهها عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يظهر وكأن هناك دعماً شعبياً واسعاً لفكرة أو قضية معينة أو لتشويه سمعة شخص ما.

وفي هذا الصدد، يرى ملاذ الزعبي، بأن ثمة حالة من التقديس ظهرت لدى البعض في سبيل خلق هالة حول بعض رموز الحكومة الحالية. ويتابع: “هناك حاجة لتغيير يوسع من هوامش الحريات الإعلامية، وخلق الوعي المجتمعي، بحيث تأتي بشكل تدريجي لترسيخ ثقافة الرأي والرأي الآخر.. وقبول النقد وعدم التقديس. وعادة ما يتم ذلك بشكل تدريجي وتضافر جهود سياسية ومجتمعية وإعلامية وتعليمية”.

وهنا لابد من التطرق لنظرية “دوامة الصمت”، وهي أحد أشهر النظريات الإعلامية التي تشير إلى لجوء البعض للسكوت أو الانسحاب خوفاً من التعرض للعزلة الاجتماعية والهجوم عليهم في حال عرضوا أفكار مغايرة لأفكار مجموعة ما.

وزارة الإعلام: أداة تنظيم أم تقييد؟

في أعقاب سقوط النظام السوري، أصدرت مؤسسات إعلامية مستقلة مثل “آرتا إف إم، وروزنة، وعنب بلدي، والجمهورية”، بياناً مشتركاً بتاريخ 16 كانون الثاني/يناير. جاء هذا البيان كخطوة استباقية لحماية الصحفيين والإعلاميين من أي ملاحقة محتملة، وللتأكيد على أهمية حرية الرأي والتعبير في المرحلة الانتقالية. البيان شدد على ضرورة توفير بيئة آمنة للعمل الإعلامي وضمان استقلالية الصحافة في سوريا الجديدة.

مبنى وزارة الإعلام بالعاصمة دمشق بعدسة “الحل نت”

كما عقدت “رابطة الصحفيين السوريين” اجتماعاً مع وزارة الإعلام السورية السابقة، بهدف تسليط الضوء على ضرورة صون حريات الصحفية وتوفير تسهيلات للصحفيين.

وفي هذا الخصوص أكدت مزن مرشد رئيسة “رابطة الصحفيين السوريين”، في حديثها لـ”الحل نت”، أن الرابطة تسعى لبناء جسور تواصل مع المؤسسات الرسمية. وتقول مزن:” أرى كصحفية ورئيسة للرابطة، أن الحكومة الانتقالية لابد لها أن تولي الصحافة والإعلام أهمية خاصة نظراً لأهميتهما في ترسيخ السلم الأهلي، والشفافية بين الحكومة والمواطن، وذلك من خلال إجراءات واضحة لضمان حرية التعبير، أبرزها: سن تشريعات تحمي الصحفيين وتجرّم الاعتداء عليهم، وإنشاء آليات محاسبة فعّالة للانتهاكات، واستقلالية النقابات الممثلة للإعلاميين والصحفيين، وضمان استقلالية المؤسسات الإعلامية، بالإضافة لدعم التعاون مع النقابات والمنظمات الإعلامية المستقلة”.

يذكر أن “رابطة الصحفيين السوريين” حصلت على عضوية “الاتحاد الدولي للصحفيين” عام 2017، كما أصدرت عشرات التقارير الحقوقية التي تضمنت توثيق للانتهاكات المتنوعة التي طالت الصحفيين والإعلاميين، ومن قبل كافة الجهات وسلطات الأمر الواقع، كان من أبرزها الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام السوري السابق.

وفي ظل إطلاق الإعلان الدستوري الذي كفل حرية الرأي والتعبير ضمن مادته رقم “13” فإنه نص صراحة: “تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة”، وبالتالي من الأهمية أن تتوافق القوانين التي ستصدرها الدولة مع النص الدستوري وألا تكون مخالفة لها.

رغم أهمية العلاقات الشخصية في تعزيز العمل الإعلامي، إلا أن وجود سياسات معلنة أو لوائح رسمية صادرة عن وزارة الإعلام ستكون خطوة أفضل. إذ يمكن لهذه السياسات أن تُسهل عمل الصحفيين والإعلاميين، وتضمن الابتعاد عن مزاجية العلاقات الشخصية.

وبالعودة للسؤال الأساسي: هل اليوم تعمل الحكومة الانتقالية على صون حرية الإعلام؟، فقد تم تشكيل الحكومة الانتقالية بتاريخ 30 آذار/مارس من هذا العام، متضمنة حقيبة وزارية للإعلام، وهنا استهجن البعض وجود وزارة للإعلام لارتباطها التاريخي بالأنظمة الشمولية.

اليوم، فإن العديد من الدول منها النرويج، وبريطانيا وكندا وأستراليا، والأردن ولبنان ودولة الإمارات، لم تعد تعتمد على وزارة خاصة للإعلام، وإنما تعتمد على هيئات ومجالس لتنظيم عمله. إذ تعتبر وزارة الإعلام في بعض الدول أداة لتقييد الحريات الصحفية بسبب عدة عوامل منها: فرض الرقابة على وسائل الإعلام وتحديد ما يمكن نشره وما لا يمكن نشره، كما تعمل في بعض الأحيان على إصدار قوانين تُجرّم أنواع معينة للمحتوى أو تُقيّد الصحفيين من تناول مواضيع معينة، مثل انتقاد الحكومة أو المسؤولين، والتحكم في التراخيص لوسائل الإعلام، مما يجعلها قادرة على إغلاق أو منع وسائل الإعلام التي لا تتماشى مع سياساتها، والتدخل في الخط التحريري الخاص بها.

من ناحية أخرى وعند تحليل البنية القانونية لبعض القوانين والتي قد تُشكّل تهديداً للحريات الإعلامية وسلامة الصحفيين والإعلاميين وصُنّاع المحتوى، سنجد ان بعض بنود قانون العقوبات السورية تتعارض مع الحريات الصحفية مما يجعل الصحفيين عرضة للاعتقال. هنا يستوجب التوقف قليلا لمعرفة أية قوانين اليوم بحاجة لتطوير لكي تتناسب مع الشرعة الدولية ومواثيق حقوق الإنسان في الرأي والتعبير. 

فيما تؤكد المحامية والمستشارة القانونية للكتابة الصحفية رهادة عبدوش، على أهمية إزالة المواد القانونية أو الكليشيهات التي أدت لاعتقال الصحفيين والإعلاميين التي تتعلق ببنود قانونية فضفاضة مثل: “وهن نفسية الأمة والمساس بأمن الدولة وما إلى ذلك…”.

وتقول عبدوش لـ”الحل نت”: “ضبط العمل الإعلامي يكون وفقا للمواثيق الدولية ومدونات الشرف الإعلامية، ويتم مراقبة العمل الإعلامي حسب نقابة الصحفيين أو من خلال الأجسام النقابية. نحن نطالب بوجود نقابة فعّالة تشرف على عمل الإعلاميين وتتولى المحاسبة في حال ارتكبوا أي جرم، دون أن يتم إحالتهم لقانون العقوبات”.

في هذا الخصوص يشير علي الرفاعي مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، إلى أن لدى وزارة الإعلام أكثر من ثلاثين دائرة إعلامية موزعة على المؤسسات والوزارات وتعمل على تزويد الإعلاميين بكافة المعلومات المتاحة للإعلام بالإضافة لمنحهم التصاريح المكتوبة الصادرة عن المؤسسات وتنسيق المقابلات المرئية والمداخلات.

وحول القوانين الناظمة للعمل الإعلامي يقول الرفاعي لـ”الحل نت“: “تعمل وزارة الإعلام على سن قوانين تتعلق بالعمل الصحفي بالإضافة لتوقيع مذكرات تفاهم مع الجهات الصحفية الموجودة في سوريا، الحكومة بدأت عملها منذ فترة وجيزة ولا يمكن للحكومة السابقة التي كانت حكومة تسيير أعمال سن القوانين. وبالنسبة للقوانين السابقة التي صدرت خلال سنوات الثورة والتي أثرت على العمل الصحفي بشكل مباشر مثل قانون الجرائم الإلكترونية تم تعطيلها ولا يتم العمل بها الآن”.

التحديات التي تواجه الإعلاميين في تداول المعلومات

إن الافتقار لتنظيم قانون واضح لتداول المعلومات يعد من أبرز التحديات التي تواجه الإعلاميين اليوم، حيث يتم الاعتماد أحياناً على العلاقات الشخصية للتواصل مع المكاتب الإعلامية في المؤسسات الحكومية. 

الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بالعاصمة دمشق بعدسة “الحل نت”

وعلى الرغم من أهمية العلاقات الشخصية في تعزيز العمل الإعلامي، إلا أن وجود سياسات معلنة أو لوائح رسمية صادرة عن وزارة الإعلام ستكون خطوة أفضل. إذ يمكن لهذه السياسات أن تُسهل عمل الصحفيين والإعلاميين، وتضمن الابتعاد عن مزاجية العلاقات الشخصية، كما أنها تُعزز الشفافية عبر تمكين الوصول إلى المعلومات الدقيقة والموثوقة.

فوفقاً للمادة رقم /4/ من قانون الإعلام الصادر عام 2012، يحق للإعلامي الحصول على المعلومات من جميع الجهات لاستخدامها في عمله الإعلامي، وفقاً لما يلي:

-معلومات متاحة وغير سرية: تُعتبر عاجلة وتشكل سبقاً إعلامياً، ويتم الحصول عليها بشكل فوري.

-معلومات تستلزم الإعداد: تحتاج إلى تقديم طلب وفقاً لما تنص عليه المادة (10) من القانون.

وفي هذا السياق، تشير المحامية رهادة إلى أنه “يحق للصحفي الطعن خلال 60 يوماً في حال عدم حصوله على المعلومات من الجهات المختصة”.

على الرغم من وجود إطار قانوني يُنظم الحصول على المعلومات، إلا أن بعض البنود، مثل تقديم الطلب وانتظار الرد، تشكل عائقاً أمام سرعة العمل الإعلامي، الذي يتطلب المرونة والوتيرة السريعة. بناءً على ذلك، فإن تعديل هذه القوانين يعد ضرورة لضمان الشفافية وتيسير العمل الإعلامي بما يتماشى مع متطلبات العصر.

المسؤولية والتغيير: بناء بيئة آمنة للتعبير عن الرأي

ومثلما هناك مؤيدين للحكومة الانتقالية، هناك أيضاً فئة معارضة لها، من بينهم صحفيون وإعلاميون، وهو أمر طبيعي يعكس أوجه الحياة الديمقراطية. وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم يتم تسجيل أي ملاحقة أمنية ضد أي صحفي أو سياسي معارض. ومن أجل ضمان استمرار التعددية السياسية والديمقراطية، هناك خطوات أساسية يجب العمل عليها، وتشمل:

مبنى وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بعدسة “الحل نت”

-إصلاح القوانين الحالية، وإلغاء القوانين التي تُجرّم التعبير عن الرأي أو النقد. 

-ضمان توافق التشريعات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

 -تعزيز العدالة الانتقالية من خلال محاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الصحفيين، بما في ذلك القتل والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.

 -إنشاء آليات لحماية الصحفيين والإعلاميين من التهديدات والمخاطر، مثل الخطوط الساخنة لتوثيق الانتهاكات، وضمان عدم تدخل الحكومة في عمل الإعلام.

وإذا تم تطبيق القوانين فعليا، فإن هذه الخطوات يمكن أن تسهم في بناء بيئة آمنة ومستقلة للصحفيين، مما يعزز دورهم في بناء مجتمع ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات