لقاء ثلاثي جمع وزراء خارجية سوريا والأردن وتركيا اليوم الاثنين في العاصمة التركية أنقرة، وذلك بهدف بحث سبل تعزيز التعاون المشترك، وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية، خاصة ما يتعلق بالأمن والاستقرار في المنطقة.

ويأتي هذا الاجتماع في توقيت حساس تشهد فيه المنطقة تحولات متسارعة، خصوصا سوريا، وهو ما قد يُمهّد لتفاهمات إقليمية جديدة في المرحلة القادمة.

سوريا والأردن وتركيا في لقاء ثلاثي

نحو ذلك، أكد وزراء خارجية سوريا والأردن وتركيا على مواقفهم بشأن تطورات الأوضاع في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على سوريا وقطاع غزة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا“.

لقاء ثلاثي جمع وزراء خارجية سوريا والأردن وتركيا اليوم الاثنين في العاصمة التركية أنقرة- “أ أ”

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عُقد في العاصمة التركية أنقرة، جمع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بنظيريه الأردني أيمن الصفدي والسوري أسعد الشيباني، في ختام اللقاء الثلاثي الذي ناقش ملفات عدة في الخفاء.

وشدد الصفدي على أن الاجتماع الثلاثي ناقش “خطوات عملية لدعم الأشقاء في سوريا”، مشيرا إلى تنسيق جارٍ مع المجتمع الدولي لوقف التدخلات الإسرائيلية المتكررة في الأراضي السورية.

وأضاف الصفدي: “نقف مع سوريا في مواجهة كل ما يهدد أمنها واستقرارها”، موضحا أن “التدخلات الإسرائيلية لن تجلب الأمن لإسرائيل، ولا تملك حق الاعتداء على الأراضي السورية”.

وذكر الصفدي أن عمّان تواصل العمل الدبلوماسي لدفع إسرائيل إلى وقف اعتداءاتها واحترام السيادة السورية، مشيرا أيضا إلى الجهود الجارية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده تدعم سوريا على كل الأصعدة، مؤكدا أن “التوغل الإسرائيلي في سوريا يزعزع الأمن والاستقرار ويهدد مستقبل البلاد”.

أما وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، فقد وصف اللقاء الثلاثي بأنه “بناء ومثمر”، مشيرا إلى اتفاقه مع الصفدي على عقد قمة حكومية سورية أردنية في دمشق قريبا. 

كما دان الشيباني الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة، معتبرا أنها “تصعيد مدروس يزعزع استقرارنا ويجر المنطقة إلى صراع”، مطالبا إسرائيل الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية والانسحاب من الأراضي التي تحتلها في الجنوب.

من جانب آخر، طالب الشيباني خلال المؤتمر “بإعادة تقييم العقوبات المفروضة على سوريا”، مضيفا “وقد بدأنا حوارا جادا مع الاتحاد الأوروبي لرفعها”.

حول الاتفاق مع “قسد”

كما قال وزير الخارجية السوري، إن سلطات بلاده تتطلع لتعامل إيجابي من جانب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تجاه خطوات الاتفاق الموقع بين قائدها، مظلوم عبدي، والرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

وتابع الشيباني “نحن بصدد تنفيذ اتفاق وطني مع قسد ودمج جميع المناطق تحت سلطة الدولة المركزية، ووحدة الأراضي السورية غير قابلة للمساومة وحقوق مواطنينا الأكراد مكفولة ومضمونة”، وذلك خلال إجابته عن أسئلة الصحفيين.

كما هنأ الشيباني، تركيا على “الاتفاق” مع حزب العمال الكُردستاني، معتبرا أنه يشكل “لحظة فارقة” على صعيد استقرار المنطقة، بعد إعلان الحزب حلّ نفسه وإلقاء السلاح.

واعتبر الشيباني أن “هذه الخطوة تمثل لحظة فارقة ليس فقط لأمن تركيا الداخلي بل لاستقرار منطقتنا ككل”.

كذلك، قال الصفدي إن بلاده تدعم الأمن والاستقرار “وتهنئ الأشقاء في تركيا على قرار حزب العمال الكُردستاني حلّ نفسه”.

هذا وكانت وسائل إعلام تركية أفادت اليوم الاثنين بأن “حزب العمال الكُردستاني” قرر حلّ نفسه ووقف الكفاح المسلح في تركيا، في أعقاب انعقاد مؤتمر للحزب بين الخامس والسابع من أيار/مايو الجاري بناء على دعوة قائده عبد الله أوجلان المسجون منذ 26 عاما في تركيا.

ما وراء هذه التصريحات؟

وفي ما يتعلق بالأمن الإقليمي، قال الشيباني إن سوريا ملتزمة بمواصلة الحرب ضد تنظيم “داعش”، قائلا: “ماضون في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي حتى القضاء عليه بالكامل”.

تعكس التصريحات الصادرة عن وزراء الخارجية الثلاثة تقاربا سياسيا بين دمشق، أنقرة، وعمّان، في العديد من الملفات، ولعل أبرزها ضبط الحدود ومسألة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. لكن، هذا التوافق ضمن التصريحات لا يعني بالضرورة تحالفا كاملا.

ومن الواضح أن السلطات في دمشق، بدعم من تركيا، تحاول كسر عزلتها السياسية والاقتصادية من خلال التقارب أكثر مع دول الجوار، ولا سيما تلك التي تملك علاقات مع القوى المركزية في المنطقة، وذلك في سياق سعي متكرر لرفع العقوبات الغربية، عبر الإظهار بأن سوريا باتت دولة منضبطة حدوديا، ولن تشكل تهديدا لأمن الجوار. إلا أن ذلك يبقى مرهونا بمواقف الدول الغربية، التي ربطت إزالة العقوبات بجملة من الشروط يتوجب على السلطات في دمشق تحقيقها.

كما أن إدراج ملف العقوبات والحرب على “داعش” ضمن التصريحات الرسمية يهدف إلى تقديم سوريا كطرف “عقلاني متوازن” وشريك محتمل في محاربة الإرهاب، وهي لغة تتقاطع مع الخطاب الغربي. لكنه يتطلب الكثير لكشب ثقة الدول حول الأمر.

ومع ذلك، فإن الضغط على إسرائيل، رغم أهميته على المستوى الداخلي، يبقى محدود الفاعلية في غياب توافقات أوسع أو دعم دولي فعّال. لكن يبقى تساؤل مهم هنا، هل يُمهّد هذا اللقاء الثلاثي لتفاهمات إقليمية جديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة