نشرت صحيفة لوديمانش الفرنسية يوم أمس تقريراً عن واقع المرأة السورية خلال سنوات الحرب السبعة التي شهدتها البلاد. حيث يبين التقرير كيف أن نتائج هذه الحرب كانت مضاعفة ومعقدة بالنسبة للنساء السوريات. فعلى الرغم من أنهن في معظم الأحيان ضحايا، إلا أنهن يمتلكن قدرة “لا تُصدق” على التدبير وحسن التصرف. لذلك لابد لتلك النساء من أن تكنّ محور الاستجابة الإنسانية وفي قلب أي عملية سلام وإعادة إعمار، وفقاً مطالبات العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية، وفق ما ورد.

تقول الصحيفة إنه في حالة الحرب عادةً، تدفع النساء ثمناً باهظاً لا بل مضاعفاً! وفي الحالة السورية، أدى الانهيار الاقتصادي وازدياد العنف إلى زيادة غير مسبوقة في عدد حالات الزواج القسري. كما أدى قصف المراكز الصحية وحصار العديد من المدن وما خلفه من مجاعات، إلى ازدياد عدد وفيات الأمهات والأطفال. يضاف إلى ذلك حقيقة أن المرأة غالباً ما تجد نفسها على رأس أسرتها، لأن الرجال إما مفقودون أو ميتون. وبالرغم من كل ذلك، فإن مكانة المرأة في المجتمع لا تزال على حالها ولم تشهد أي تطور، وما زالت النساء يواجهن الكثير من التمييز. فعلى سبيل المثل، من بين مئات الآلاف من السوريين الذين فرّوا إلى الأردن لم تصدر سوى 4% من تصاريح العمل للاجئات السوريات. فالأمر لا يقتصر على أن الوصول إلى العمل هو أكثر صعوبة بالنسبة للمرأة، لكن النساء بحاجة إلى المزيد من المرونة ليتمكنّ من رعاية أطفالهن. لذلك نادراً ما يرغب رب العمل بقبولهن. كما أن النساء أكثر عرضةً للاستغلال وسوء المعاملة.

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، فإن النساء السوريات تظهرن مرونة لا نظير لها. فهن يصارعن في حياتهن اليومية لكسب لقمة العيش والتواصل مع المجتمع والعمل على دعم أسرهن. ومع ذلك فقد بقين مستبعدات إلى حدٍ كبير من الاستجابة الإنسانية وعملية السلام. وهنا تصرّح جمعية “المرأة الآن” السورية لصحيفة لوديمانش: “نحن نود أن يتم سؤالنا عن قدراتنا ومهاراتنا وكيفية دعمنا في هذه المجالات بدلاً من سؤالنا عن حاجياتنا. نحن لا نريد أن يُنظر إلينا كأشخاص محتاجين وإنما كنساء فاعلات ومؤثرات في عملية التغيير!”.

ويكشف التقرير أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد اعتمدت في الآونة الأخيرة استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار بشكل أكبر وجهات نظر النساء السوريات. فيما تأملت الصحيفة الفرنسية أن يؤدي هذا التطور إلى تكرار المبادرات بهذا الخصوص كمبادرة “مجالس المرأة القيادية” التي أطلقتها منذ عدة سنوات منظمة CARE غير الحكومية، وهي منظمة دولية قدمت الكثير من المساعدات للسوريين في الداخل وفي الدول المجاورة. حيث أنشئت هذه المجالس في أربع مدن في الأردن، وكان الهدف الأساسي منها أن يتم إيصال صوت اللاجئات السوريات إلى السلطات المحلية والمنظمات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية.

وقد أجرت صحيفة لوديمانش لقاءً مع ياسمين وهي عضو في إحدى هذه المجموعات. حيث تبين ياسمين بأنهم يطرحون الكثير من المواضيع بما في ذلك العنف الجنسي والزواج الفسري وزواج القاصرات. وتضيف ياسمين: “لقد تم تزويجي في سن مبكرة جداً مما اضطرني إلى ترك المدرسة. لكنني لن أسمح أبداً بأن يتم تزويج ابنتي البكر التي بلغت الثامنة عشرة من العمر قبل أن تتم دراستها”. كما تبين ياسمين كيف أن المشاركة في هذه المجموعة قد غيّر حياتها وأنها استطاعت أن تستعيد ثقتها بنفسها، وكيف أن نظرة زوجها وأولادها نحوها قد تغيرت فهي تستطيع اليوم أن تشعر بأنهم فخورون بها.

وتختم صحيفة لوديمانش تقريرها بالتذكير بأنه، وعلى خطى ياسمين، يجب السماح للنساء السوريات بلعب دور مفصلي في الاستراتيجيات والبرامج التي تهدف إلى تلبية احتياجاتهن على المدى القصير والمدى المتوسط. كما يجب الاعتراف بالمسؤوليات التي تتحملها اليوم النساء السوريات في الحياة اليومية، وأن تكون هذه الاستقلالية هي البداية نحو مساواة أكبر بين النساء والرجال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.