مع تصاعد الأحداث في غزة إثر اندلاع هجمات “حماس” المباغتة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، كانت عدة مواقف إقليمية وخارجية في بؤرة الاهتمام والمتابعة، لكن موقف روسيا المتخم بعدة اعتبارات في قمتها دور موسكو المتزايد في المنطقة، كما هو الحال في ليبيا وسوريا، بدا مختلفا عن غيره، فلهذا الموقف الطابع المزدوج والبراغماتي بينما يعكس رؤية ثابتة واستراتيجية في سياسة موسكو الخارجية. 

رغم ما يبدو ظاهريا من اصطفاف روسي مع القضايا العربية (وأحيانا الإسلامية)، ومحاولة معاداة الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن الخفي والعملي هو عكس ذلك. بل هناك جملة مصالح وأهداف يتم التعمية عنها من خلال هذه الطبقة الناعمة وبوساطة خطاب موجه لجذب تعاطف شعبوي، وكذا ابتزاز ومناكفة خصوم روسيا، كما يحدث مع استقبالها قادة “الحشد الشعبي” أو حركة “حماس” المصنفين على قوائم الإرهاب.

يمكن القول إن روسيا لها تكتيكات تستعين بها في إدارة خطابها الإعلامي والسياسي، فتتبنى ضمن أهدافها الترويجية أن موسكو “صديق العرب” و”شعوب العالم الثالث” وذلك في مواجهة قوى الإمبريالية والدول الغربية التي لها ميراث استعماري، بينما يتم التركيز على هذه الثنائية وحصر العلاقة عند هذا المستوى، الأمر الذي يبدو مماثلا للتصنيف المؤدلج الذي تسعى له “الجمهورية الإسلامية” في إيران والتي تقسم العالم لفئة “المستضعفين” في مواجهة قوى “الاستكبار العالمي”. 

ورغم وجود محطات عديدة في التاريخ توثق غياب موسكو عن دعم حلفائها الاستراتيجيين كما حدث في ستينات القرن الماضي مع مصر، أثناء هزيمة حزيران/ يونيو 1967، وتلكؤها في تقديم الدعم المطلوب عسكريا، إلا أن الدعاية ولغة الشحن العاطفي والتعبوي تغطي على الحقائق. 

مواقف روسيا البراغماتية تجاه غزة

بمجرد اندلاع أحداث “الطوفان الأقصى” بفعل الهجمات التي شنتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، ذهبت وسائل الإعلام الروسية للتأكيد على أن ما تقوم به إسرائيل في غزة إنما هو “حرب إبادة”، وكان المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، قد طالب بضرورة وقف إراقة الدماء بالشرق الأوسط، وقال: “في البداية، من الضروري وقف إراقة الدماء ومنع الأزمة من اجتياح المنطقة بأكملها. وإلا فإن الصراع لن يتوقف أبدا”. وتابع نيبينزيا: “ندعو إلى السماح للوسطاء بالعمل على إيجاد حل دبلوماسي، بما في ذلك الإفراج السريع عن المحتجزين. عاجلا أم آجلا، سيتعين سلك هذا المسار (الحل دبلوماسي)، ولكن السؤال كم من الأبرياء سيموتون خلال هذا الوقت”.

لكن جملة بعينها كانت مثيرة للانتباه وربما الاستغراب عندما اعتبر فاسيلي نيبينزيا، أن “إسرائيل ليس لها الحق في الدفاع عن النفس في الصراع الحالي لأنها دولة احتلال”. ومثار السخرية هنا، أن التوصيف لا يبدو في لغة خطاب المندوب الروسي بالأمم المتحدة سوى إطار أخلاقي هش لتحريك مشاعر مؤقتة، من دون أن يكون خطابا سياسيا أو حتى أخلاقيا.

حيث إنه إذا كان يتبنى المعنى والمضمون الذي عبر عنه بما يترتب عليه أفق سياسي آخر، فذلك يعني إنهاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بل ومراجعة جملة السياسات الروسية تجاه تل أبيب والروابط المختلفة بينهما من النواحي الثقافية والدينية مرورا بالاقتصادية وصولا إلى الأمنية والاستراتيجية في الملفات الإقليمية. 

فالجالية اليهودية بروسيا لها وجود مؤثر بالبلاد. وما تزال الذاكرة التاريخية وبخاصة الوثائق السوفيتية تحفل بوقائع الدور الذي قام به جوزيف ستالين لدعم تأسيس دولة إسرائيل، مع الأخذ في الاعتبار أن موسكو في حقبة الحكم الشيوعي كانت أول دولة تعترف بإسرائيل، وشهدت الأخيرة موجات هجرة وتدفق اليهود الروسي بشكل كبير ومنتظم.

الاعتراف الروسي السوفييتي بإسرائيل سبق الاعتراف الأميركي

في كتابه: “موسكو تل أبيب: وثائق وأسرار”، يقول الكاتب المصري سامي عمارة الذي عمل مراسلا صحفيا في موسكو، إن مراجعة الوثائق السوفيتية تكشف عن دور هائل للقادة الروس لا يقل عن الدعم البريطاني (يقصد وعد بلفور)، بل إن الاعتراف الروسي السوفييتي سبق الاعتراف الأميركي القانوني، فى 18 أيار/ مايو عام 1948.

المفارقة أن ما قاله المندوب الروسي الراهن لا يصطدم فقط مع حقائق التاريخ التي تكشف عن روابط وطيدة ومصالح متينة وعلاقات متجذرة وأعمق من الاضطرابات والارتدادات التي تبدو عرضية، إنما كذلك مع موقف وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه شارييت، والذي قال عام 1949 أثناء تواجده بصحبة المندوب السوفيتي ياكوك ماليك بالأمم المتحدة، بأن “الاتحاد السوفييتي لا يعد مجرد حليف إنما هو الممثل الشخصي لإسرائيل”، حسبما يقول سامي عمارة في كتابه.

المفارقة الأخرى، أنه بالتزامن مع وصف المندوب الروسي الحالي إسرائيل بأنها دولة “احتلال”، أصدر الناطق بلسان “الكرملين”، ديميتري بيسكوف، بيانا قال فيه: “لدينا علاقات تاريخية طويلة الأمد مع الفلسطينيين، ونحن نواصل تعزيز الاتصالات، بما في ذلك على المستوى الرفيع. ولكن في الوقت نفسه، لدينا علاقات مع دولة إسرائيل، التي تجمعنا بها أيضا الكثير من القواسم المشتركة، وخاصة، العدد الكبير من مواطنينا المقيمين في هذه الدولة. لذلك، في هذه الحالة، نحافظ على علاقاتنا مع الطرفين”.

فلاديمير بوتين – (رويترز)

وبسؤال بيسكوف عن شكل الدعم الروسي للفلسطينيين، قال إن موسكو تهدف إلى إيجاد مساحة مشتركة يمكن من خلالها للدبلوماسية أن تجد من خلالها أطرا للحل وأفقا لإنهاء الصراع. وتابع: “نسعى إلى مواصلة بذل الجهود ولعب دور في المساعدة بالتوصل إلى طريقة للتسوية”.

يقول الباحث الروسي في جامعة الصداقة بين الشعوب ديمتري بريجع، إنه في العصر الحديث، تشهد سياسة الخارجية الروسية تحولا نحو تعزيز العلاقات مع العالم العربي، موضحا لـ “الحل نت”: “تعتبر روسيا نفسها جزءا لا يتجزأ من قضايا العرب والمسلمين. تبرز هذه المسألة في مواقفها الداعمة لحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم الخاصة وحل الدولتين، بالإضافة إلى دعوتها لوقف فوري لإطلاق النار، وهي مواقف تعكس تصميمها على العمل من أجل الاستقرار والسلام في المنطقة. مع الأخذ في الاعتبار أن حقبة الاتحاد السوفيتي شهدت تقاربا على أسس أيدولوجية واضحة، الأمر الذي ترتب عليه دعم سياسي في أوقات غير قليلة”.

ومع ذلك، يظل هناك تناقض بين الخطاب الإعلامي الداعم وبين المصالح الحقيقية لروسيا في المنطقة، فعلى الرغم من التأكيد على دعم القضايا العربية، إلا أن هناك مصالح جيوسياسية واقتصادية تحكم سلوك روسيا في المنطقة. على سبيل المثال، علاقتها مع إسرائيل تعكس هذا التناقض، حيث تحافظ روسيا على علاقات وثيقة مع إسرائيل، على الرغم من خلافاتها السياسية معها ودعمها العربي لقضايا فلسطينية، وفق بريجع.

خطاب داعم أم مصالح روسية؟

بالتالي، يبدو أن خطاب الدعم العربي الذي تتبناه روسيا يعكس بعض الجوانب من الواقع، لكنه يظل مرتبطا بمصالحها الحقيقية والتي لا تغفل عنها في تشكيل سياستها الخارجية. من خلال عقد الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي الروسي في مراكش في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أظهرت روسيا تجديد التزامها تجاه العلاقات العربية. 

استعرض وزراء الخارجية نتائج الدورة السابقة وأكدوا على أهمية الحوار والتعاون الثنائي والدولي، وتضافر الجهود لتعزيز الاستقرار العالمي والسلام. ومن بين القضايا التي تمت مناقشتها بجدية كبيرة هي القضية الفلسطينية، حيث تم التأكيد على إدانة الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني والتحذير من خطورة الأعمال العدوانية واستمرار الحصار على قطاع غزة.

بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد على ضرورة الالتزام بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان، وتحقيق العدالة والتوازن في المنطقة. ومن الملفت أن وزراء الخارجية أعربوا عن دعمهم لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

وربما، يفسر هذه الإدارة الإعلامية والسياسية لروسيا البوتينية التي تبدو مزدوجة وتلفيقية لأغراض براغماتية، أنه عندما استلم فلاديمير بوتين السلطة بشكلٍ رسمي في أيار/ مايو عام 2000، سعى إلى تعزيز دور روسيا في الشرق الأوسط بعد أن أهمل سلفه بوريس يلتسين هذه المنطقة إلى حد كبير من أجل التركيز على الشؤون الداخلية. 

كانت مقاربة الاتحاد السوفيتي تجاه الشرق الأوسط أيديولوجية، في حين كان بوتين يعتمد نهجا عمليا بحتا، فقد كان مستعدا للتعامل مع أي طرف في المنطقة طالما أن ذلك يخدم المصالح الروسية – كما وصفها بوتين – وتدريجيا سعى الرئيس الروسي إلى تحسين علاقات بلاده مع إسرائيل، وفق “معهد واشنطن” لسياسات الشرق الأدنى. 

ويردف: “فقد عمد بوتين مرارا وتكرارا إلى المقارنة بين نضال روسيا ضد التطرف الإسلامي السنّي ونضال إسرائيل ضد الإرهاب الذي يطالها. كما سعى إلى تحسين علاقات بلاده التجارية مع إسرائيل. فبين استلام بوتين سدة الرئاسة في عامي 2000 و 2014، تضاعفت التجارة الثنائية ثلاث مرات على الأقل، لتتخطى 3 مليارات دولار أميركي. بالإضافة إلى ذلك، هناك أكثر من مليون مهاجر روسي في إسرائيل الذين يعتبرون الدولة اليهودية موطنهم التاريخي”.

وغالبا ما يتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن “المواطنين” الروس في إسرائيل. وهناك اتفاقٌ سيدخل حيّز التنفيذ هذا العام تقوم بموجبه روسيا بدفع مبلغ 83 مليون دولار أميركي كرواتب تقاعدية لمواطني الاتحاد السوفيتي السابقين الذين يعيشون حاليا في إسرائيل، حتى وإن كانت روسيا عاجزة عن تعديل المعاشات التقاعدية للمواطنين الروس لكي تتناسب مع التضخم.

كما سعى بوتين، إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل منذ وصوله للحكم، كما وطدت الدولتان علاقاتهما بشكل ملحوظ على عدة جبهات، وفق المعهد الأميركي، مشيرا إلى أن “إسرائيل تضم أكثر من مليون مهاجر مما كان يُعرف سابقا بالاتحاد السوفيتي، الأمر الذي يعزز علاقات روسيا مع إسرائيل. 

كما أن اللغة الروسية هي اللغة الثالثة الأكثر تداولا في إسرائيل بعد العبرية والإنكليزية. وقد تحسنت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين بشكل لافت، لتتخطى قيمتها 3 مليارات دولار عام 2014، وهو رقم أعلى بقليل من قيمة التجارة بين روسيا ومصر في العام ذاته، كما شهدت العلاقات العسكرية تحسنا أيضا، ففي أواخر عام 2015، ووفقا لتقارير صحفية، باعت إسرائيل عشر طائرات استطلاع بدون طيار لروسيا، بالرغم من مخاوف إسرائيل بشأن العلاقات العسكرية والسياسية التي تجمع روسيا بإيران.

رمضان قديروف.. أحد أذرع بوتين

أحد أذرع بوتين في بعث صورة عن سياسته الخارجية الداعمة للعرب والمسلمين، هو هذا القائد الذي يقود أحلام بوتين ويحقق أهدافه في الشيشان والجمهوريات القوقازية، رمضان قديروف. نموذج إسلاموي بلحية ملونة وملامح شقراء وبنية جسدية قوية في بزة عسكرية. نموذج للتوظيف الديني الفج والانتهازي لتحقيق أهداف سلطوية بينما تقود حتما إلى أن يكون قديروف ذراع بوتين الأمني القوي للبطش بخصومه ومعارضيه ووقف أي حركات انفصالية بجنوب روسيا وبها يقطن قرابة مليون وأربعمئة ألف شخص، ينتمي غالبيتهم للإسلام. 

قديروف له تاريخ حافل وسجل مهم مع والده المفتي (أحمد قديروف) في الانخراط مع الجهاديين والجماعات الإسلاموية المسلحة والراديكالية ضد الحكومة الروسية والقوات الفيدرالية خاصة في فترة التسعينات. لكن الصراعات المريرة والانشقاقات التقليدية والخلافات بين الميليشيات التي تبعث الانقسامات داخلها كانت سببا في تغيير مساره والانعطافة نحو اتجاه آخر بالتحالف مع موسكو ضد الانفصاليين. كانت واحدة من الخلافات بين الميليشيات وقديروف الأب هي رفض وجود العرب ضمن المسلحين أو “المجاهدين” في الحرب الشيشانية. انتهى الحال بتمكين قديروف الابن سياسيا بالتزامن مع صعود مماثل لبوتين وقد ارتفعت أسهم الأول كثيرا وامتلأ رصيده وحاز الدعم الكامل من الأخير في حكم الشيشان.

مثلما يقود قديروف حملات عنيفة ضد خصوم بوتين ومعارضيه السياسيين، فإنه يواصل حروبه الشرسة ضد الحريات بصفة عامة ويرغم النساء على الحجاب، فضلا عن معسكرات قمعية بحق المثليين. وتقول “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها مطلع عام 2022، إنه وبينما تركز كل الأنظار على التوترات المتزايدة بين “الكرملين” و”الناتو”، يبدو أن السلطات الشيشانية أصبحت أكثر جرأة في استخدام الأساليب الخارجة عن القانون في حربها ضد المعارضة، فيما اقتحمت الشرطة الشيشانية شقة زاريما موسيفا البالغة من العمر 52 عاما في منطقة نيجني نوفغورود الروسية. وقاموا بدفع وركل أفراد أسرتها ومحاميها الذين كانوا في الشقة التي تتقاسمها مع زوجها سعيدي يانغولباييف، القاضي الفيدرالي. 

رمضان قديروف – (جيتتي)

وقال المحامي، إن موسايف أغمي عليها وقام الضباط “بجرها إلى أسفل السلم بملابسها الرقيقة ونعالها”. وأشارت إلى أن موسايف تتعاطى دواء مرض السكري “الأنسولين”، لكنها لم تتمكن بفعل هذا القمع والاعتداء الوحشي من الحصول على “أدويتها ووثائق هويتها”.، ولمحت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان، إلى أن هناك درجة من التواطؤ من قبل الشرطة للسماح بالخاطفين من نقل السيدة الخمسينية إلى الشيشان. 

وترجح “هيومن رايتس ووتش”، أن وراء هذه الحملة القمعية لاختطاف السيدة على هذا النحو، “هو ابنها، إبراهيم يانجولباييف، الذي يعيش في الخارج والذي تدعي السلطات الشيشانية أنه شخص رئيسي وراء قناة على منصة تيلجرام معارضة للحكومة”. تنقل المنظمة عن المتحدث باسم الكرملين نفيه حدوث الواقع، فضلا عن وقائع أخرى ووصفها بأنها “خيالية”. 

رمضان قديروف الذي ينفي غالبية الخروقات الحقوقية المتورط فيها نظامه، والموثقة من قبل المنظمات الأممية منها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”، لم يجد غضاضة في تأييد ابنه الذي ظهر بفيديو يوثق اعتداءه على شاب آخر موقوف وحريته مقيدة بدعوى حرق نسخة من المصحف، فيما علق قديروف على الفيديو الذي يحرض فيه على العنف خارج نطاق القانون: “بدون مبالغة، نعم أنا فخور بعمل آدم.. لقد مثل الشرف والكرامة والدفاع عن دينه.. لقد فعل الشيء الصحيح”. 

استراتيجية المناكفة مع الغرب

بالعودة للباحث الروسي في جامعة الصداقة بين الشعوب ديمتري بريجع، فيؤكد في حديث مع “الحل نت”، أن هناك حالة من التباين في روسيا بين التوجه السياسي والاقتصادي وبين التصريحات الإعلامية. فيما يتعلق بالعلاقات مع العرب ودعمها لهم في الإعلام، يجب النظر إلى السياق الدولي الحالي ومصالح روسيا الاقتصادية والسياسية. وعلى الرغم من التصريحات الإعلامية التي تبرز دعم روسيا للقضايا العربية والمسلمين، إلا أن هناك تناقضا واضحا في تعاملها مع القضية الفلسطينية.

تحافظ روسيا على علاقات جيدة مع إسرائيل وعدم فرض أي عقوبات ضد إسرائيل و استعمال أي أساليب الضغط الدبلوماسي من طرد دبلوماسيين او شيء من هذا القبيل، لذلك من الواضح أن روسيا تسعى للحفاظ على توازنها في المنطقة وتعزيز مصالحها السياسية والعسكرية. يمكن تفسير هذا التناقض بالتواجد الاستراتيجي لإسرائيل في الشرق الأوسط وأهمية تلك العلاقات لروسيا في سياق الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.

علاوة على ذلك، يبدو أن تصريحات الدعم للمسلمين تأتي في إطار مسعى روسيا لتعزيز موقعها الدولي ومواجهة تحدياتها الخارجية، وربما تكون جزءًا من استراتيجية المناكفة مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة. يمكن رؤية هذه السياسة كوسيلة لروسيا لزيادة تأثيرها في منطقة الشرق الأوسط والتأكيد على دورها كلاعب رئيسي في الشؤون الدولية والمؤثر الكبير على سياسات الشرق الأوسط.

على الرغم من هذه التناقضات، يجب أن نفهم أن السياسة الخارجية للدول تعتمد بشكل كبير على مصالحها الوطنية والإقليمية، وتتأثر بالتحولات الدولية والقوى الداخلية. لذلك، يبقى السؤال المطروح هو مدى استمرار هذه التصريحات الإعلامية في تمثيل السياسة الفعلية لروسيا في العالم العربي والإسلامي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة