ميديا بارت: أوروبا تموّل المعدات العسكرية التركية لقمع دخول اللاجئين السوريين إلى تركيا

ميديا بارت: أوروبا تموّل المعدات العسكرية التركية لقمع دخول اللاجئين السوريين إلى تركيا

نشرت صحيفة ميديا بارت الفرنسية تقريراً مفصلاً يبين أن الدعم المالي الأوربي لتركيا قد سمح لهذه الأخيرة بتجهيز عربات مدرعة بهدف منع دخول اللاجئين السوريين، وأن من شأن هذه العملية أن تخلف الكثير من الضحايا السوريين الفارين من نار الحرب. وأن ما وصفته باحتلال الجيش التركي وفصائل سورية تابعة له لمنطقة #عفرين، سيدفع الآلاف مجدداً للسير على دروب المنفى.

وجاء في التقرير.. عندما فتح العساكر الأتراك النار، أمسك خالد إبراهيم بيد أمه وأخذا يركضان. لقد سمع صيحات اللاجئين المصابين بالرصاص الحي لكن خالد لم يلتفت للوراء، ويقول: “أحسست أنني إذا ما توقفت فإنني سُأقتل أو يتم اعتقالي”. لقد ركض خالد وأمه لساعات في الاتجاه الذي دلهم عليه المهرب عابرين حقول الزيتون حتى وصلوا إلى قرية تركية. ومن بين الستين لاجئ الذين انطلقوا من ريف إدلب لم يعبر الحدود سوى حفنة من بينهم خالد وأمه، ولا أحد يعلم ماذا حلّ بالبقية.

الحرب السورية التي دخلت عامها الثامن قد خلفت مئات آلاف القتلى وملايين اللاجئين والنازحين داخلياً. وبما أنه ما من سلام يلوح في الأفق، فقد قررت الدولة المجاورة لسوريا عدم استقبال المزيد من اللاجئين السوريين. وقد بنت #تركيا جداراً على حدودها مع #سوريا بارتفاع ثلاثة أمتار وبطول مئات الكيلومترات.

ويروي خالد بأن الجيش التركي قد فتح النار بشكل عشوائي على اللاجئين. هذه الرواية أكدها عشرات الشهود. كذلك كشفت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها عن حالات مماثلة منذ بداية شهر شباط الماضي أجبر فيها الجيش التركي لاجئين سوريين على العودة إلى سوريا مستخدماً الرصاص الحي دونما تمييز.

منذ عامين وبتاريخ 18 آذار من عام 2016 تحديداً، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقاً مع #أنقرة يقوم الأوربيون بموجبه بدفع مبلغ ثلاثة مليارات يورو لتركيا بمقابل احتفاظ تركيا باللاجئين على أراضيها بانتظار دفعة ثانية بقيمة ثلاثة مليارات يورو أخرى. وقد كان هدف الأوربيين من هذا الاتفاق هو احتواء أزمة اللاجئين. لكن ما حصل في الواقع هو تغيير مكان الأزمة بكل بساطة. ففي الوقت الحاضر انخفض عدد اللاجئين الغرقى في بحر إيجه كما انخفض عدد قوارب العبور إلى #اليونان بشكل كبير بمجرد تطبيق الاتفاق، لكن اللاجئين يموتون اليوم على الحدود السورية ـ التركية!

رسمياً، المليارات الأوربية المدفوعة هي فقط لمساعدة تركيا على إدارة شؤون اللاجئين على أراضيها ومنعهم من دخول أوربا. لكن التقرير الذي نشرته صحيفة ميديا بارت بالتعاون مع الشبكة الأوربية للتحقيق والتعاون يكشف بأن الاتحاد الأوربي قد دفع لتركيا 83 مليون يورو ثمناً لمركبات عسكرية ومعدات مراقبة بهدف تتبع وتعقب اللاجئين على الحدود السورية – التركية ومنعهم من اجتياز هذه الحدود. فقد كشفت التقرير المذكور عن مئات العقود الأوربية والتي تفضح قيام الاتحاد الأوربي بتمويل 75% من مشتريات تركية لـ82 عربة مدرعة نوع “كوبرا 2″، بلغت كلفتها الإجمالية 47.5 مليون يورو. حيث يمكن وبفضل هذه العربات المجهزة بالمناظير للدوريات على طول الجدار التركي تحديد مواقع اللاجئين الذين يقتربون من الجانب الآخر من الجدار. وقد تم تسليم هذه المركبات للجيش التركي في ربيع 2017. وهي اليوم جزء من البنية التحتية لمعدات مراقبة هذا الجدار والذي سيصبح قريباً ثالث أطول جدار في العالم بطول 900 كم من الاسمنت المسلح والمجهز بطائرات بدون طيار وكاميرات مراقبة وتصوير حرارية يصل مداها لعشرة كم وأبراج إطلاق آلية يتم التحكم بها عن بعد إضافة إلى الرسائل الصوتية باللغتين التركية والعربية التي تحذر من الاقتراب.

وبعبارة أخرى يشير التقرير إلى أن المعدات التي يموّلها الاتحاد الأوربي تساعد على تعقب اللاجئين السوريين الذين يحاولون عبور الحدود وقمعهم بطرق تصل إلى رميهم بالرصاص الحي وقتلهم. فالجدار الذي بنته تركيا يمنع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين العالقين في مناطق العمليات العسكرية من دخول الأراضي التركية. حيث تشير التقديرات إلى أكثر من 200000 قد نزحوا في شمال سوريا منذ منتصف شهر كانون الأول الماضي. كما أنه من المتوقع ازدياد هذا العدد دخول الجيش التركي إلى  عفرين.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه تركيا بأن حدودها مفتوحة لطالبي اللجوء، فإن كافة التقارير تؤكد العكس. فقد أكد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بتقرير له عام 2017 بأن تركيا قد جعلت من المستحيل عملياً دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنه ومنذ أيلول الماضي قد قُتل ما لا يقل عن 42 لاجئاً سورياً حاولوا العبور إلى تركيا. ومن جانبه أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنه أصبح من المستحيل تقريباً عبور الحدود التركية في الوقت الذي يزداد فيه عدد الفارين من الحرب السورية.

ووفقاً لتوماس هاتسن، مدير الأبحاث في المعهد الدانمركي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، فإن إطلاق رصاصة قاتلة على اللاجئين الذي يحاولون عبور الحدود هو انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان. كما أن وجود جدار يمنع إمكانية دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي التركية هو انتهاك آخر للقانون الدولي لاسيما مبدأ عدم الإعادة القسرية. وبالتالي فإن تمويل الاتحاد الأوروبي للمعدات العسكرية التركية يجعل من دول هذا الاتحاد شريكة في انتهاك حقوق الإنسان على الحدود السورية ـ التركية.

بعد استجوابها من قبل الشبكة الأوربية للتحقيق والتعاون، أجابت المفوضية الأوربية بأن الاتحاد الأوربي لا يوفر معدات عسكرية وقاتلة للاجئين وبأن عربة “كوبرا 2” هي عربة عسكرية وأن الاتفاق ينص على استخدام هذه العربات فقط لمراقبة الحدود، وبالتالي فإن أي استخدام آخر لهذه العربات من قبل تركيا يتطلب الحصول على إذن خطي من المفوضية.

إلا أن التقرير يشير إلى أن بروكسل لا تملك الوسائل للسيطرة على ما تفعله تركيا بالأسلحة على حد قول ميديا بارت. حيث يخشى العديد من خبراء حقوق الإنسان أن تستخدم تركيا المعدات التي يمولها الاتحاد الأوربي في العمليات العسكرية التي ينفذها حالياً الجيش التركي في المناطق الكردية في سوريا. وقد أظهرت صور دخول الجيش التركي لعفرين بأن مركبات “كوبرا 2” قد تم استخدامها ولكن تم استبدال المناظير الحرارية بأسلحة فتاكة وفق التقرير.

وتشير نهاية التقرير المذكور بأن هذه الإمدادات من معدات مراقبة الحدود لتركيا هي جزء من الاتجاه المتنامي في الاتحاد الأوربي والذي يدعو إلى الاستعانة ببلد من خارج الاتحاد لمراقبة الحدود وضبطها دون تورط الاتحاد الأوربي في أي خرق لحقوق الإنسان. وهي إستراتيجية تذكرنا بشكل غريب بما يحدث اليوم بين #إيطاليا و #ليبيا.

في الرابع عشر من شهر آذار الجاري، أعطى الاتحاد الأوربي الضوء الأخضر لتحويل دفعة ثانية من المساعدات الموعودة لتركيا بقيمة ثلاثة مليارات يورو.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.