في دراستها الميدانية “مهنة لا تشبه أية مهنة أخرى” (1995) عن عمل النساء في الغناء والرقص في مصر، تطلب الباحثة الهولندية كارين فان نيوكيرك ممن تلتقي بهم تصنيف المهن، التي سجّلتها على بطاقات صغيرة، وضمّت إليها عنصر النوع الاجتماعي (مثال: طبيب رجل- طبيبة امرأة)، من الأكثر إلى الأقل احتراما في نظرهم. جاءت المرأة المغنية تليها المرأة الراقصة في أسفل التصنيف في معظم العينات البحثية.

كانت هذه اللعبة مدخلها لمحاولة فهم أسباب الاختيار، ومن خلالها تبيّن علاقة المتلقين بالمرأة التي تقدم تلك الفنون في سياقات مختلفة، حرصت على تنوّعها الطبقي. وتخلص فان نيوكيرك في أحد فصول الدراسة إلى أنه بالرغم من الفكرة العامة التي سادت عن “مهن الأداء والتسلية والرقص سيئة السمعة”، وأنها “مهنة من يعرضون أجسادهم ليتكسّبوا من خلالها”، إلا أنها تجد الفكرة في السياق المصري تحتاج لتحديد أكبر، “إذ أن أقصى حالات الشعور بانتهاك الشرف أو العار، من وجهة النظر الاجتماعية، هي تلك التي يُعرض فيها جسد المرأة، الذي يثير الرجال جنسيا مباشرة، بينما يعرض جسد الرجل بشكل أداتي، وبهدف كسب العيش. في مهن الأداء، يمرّ عرض جسد الرجل بشكل حيادي، بينما يجلب عرض جسد المرأة العار لصاحبته، وبذلك فالراقصون والمؤدون الرجال يعملون لكسب عيشهم، بينما تجني النساء مكسبا مخزيا، بعد عرض أجسادهن المثيرة”.

عبر مزيد من المقابلات، تتبين الباحثة أن أهم أوجه التمييز بين المغنية والراقصة لدى المتلقين، أن الأولى “لا تحرّك جسدها”. وتظهر مشكلة الحركة في سؤال آخر حول الرقص الفلكلوري، الذي لا يتطلّب ملابس مكشوفة مثل بدلة الرقص البلدي، ليجيب أحد من سألتهم: “ولكنها تحرّك جسدها أيضا”. الرقص البلدي، وفق ذلك الاختزال، هو حركة الجسد المثير جنسيا، واستعراضه بهدف التكسّب، وهو منظور ينفي عنه الحرفة الأدائية والجمالية وغرض تسلية الجمهور، كما ينفي عن مؤدياته من النساء مشروعية كسبهن واستحقاقيته.

إلا أن النظرة إلى الراقصات، لم تبق ثابتة خلال العصور، ولعبت التغيرات السياسية والاجتماعي والثقافية دورا كبيرا في فهم هذا الفن الأدائي، والنظرة إلى النساء العاملات به. كما أن اختلاف تسمياتهن عبر التاريخ، من “الغوازي” إلى “الرقّاصات”، مرورا بالكلمة العربية الأكثر كلاسيكية “الراقصات”، يشير إلى تغير في الدور الاجتماعي للراقصة، والمفاهيم العامة عن الفن والمرأة والجسد. ما أهم تلك التغييرات؟ وكيف ساهم الفن في بناء تصوراتنا عموما عن الجسد الأنثوي، حضوره وحركاته وحُرماته وشرفه؟

“البلدي” بعيون أجنبية: من الغوازي إلى الراقصات 

بنيت النظرة الدونية للراقصات اجتماعيا عبر عدة سياقات ومسارات، تبدأ من ظهورهن من الطبقات الاجتماعية الأدنى، والتي تضطر نساؤها للعمل ضمن فرق لإحياء الأعراس أو على هامش الموالد، غالبا بدافع الاحتياج المادي. ولكن مهنة “الغازيّة”، التي انتظمت وفق قواعد منذ عهد المماليك (منها تحكّم شيخ البلد في نطاق حركة الغوازي، وترخيص عملهن، وتحصيل الضرائب منهن) طرأت عليها تطورات مع دخول الأوروبيين لمصر، مع الحملة الفرنسية ثم الاستعمار الانجليزي، شملت عدة مناح، أهمها تخصيص حانات للرقص، وفصله عن الموالد الدينية، ومنح الراقصات حرية أكبر في التجوّل وإدارة أعمالهن، وهو ما كان مستفزا لعلماء الدين، الذين رأوا في رقص النساء المسلمات للرجال الأجانب ما يستدعي استصدار فرمان من محمد علي، بطردهن من العاصمة وتوقيفهن عن العمل.

هذه العلاقة الشائكة بالأجانب الوافدين، بالإضافة لتوفّر الكحول بالحانات، واختلاط ممارسة الرقص بخدمات جنسية قد تقدّمها الراقصات، في ما سمّي عرفيا “الفَتح”، ظلت موجودة في المخيلة الاجتماعية، حتى بعد عقود طويلة من منع الممارسة رسميا.

المتغيّر الحداثي، الذي دخل على حياة الجماعة المهمّشة المتجوّلة، أنتج تدريجيا وعيها الذاتي بالتناقض الرئيسي الذي يحكم علاقتها بمجتمعها: إنها مطلوبة، ولكنها محتقرة في الوقت نفسه. وهذا الاحتقار يجعل النظرة الاجتماعية/الذكورية تتوجس من أجساد الراقصات، التي يَضعُف التحكّم في حركتها، سواء أثناء الرقص أو أثناء الارتحال من مكان لآخر لطبيعة المهنة. الراقصة هنا رمزيا تبدو أكثر النساء قدرة على السخرية من القواعد والتصورات الذهنية المتطلّعة للسيطرة على جسد النساء، ولكن بناء على طلب من يسنون هذه القواعد نفسها.

اكتشاف الرقص البلدي بعيون أجنبية أدخل عليه بالفعل تغيرات صنعت منه شكل الرقص الذي نعرفه اليوم، بداية من بدلة الرقص المكشوفة ذات القطعتين، وهي مختلفة جذريا عن الرداء الذي ارتدته الغوازي، والذي لا يكشف البطن أو الأكتاف أو الأرداف؛ وحتى حركاته، التي تنوّعت تدريجيا عما أسمته بديعة مصابني “رقص البطن“، لتدخل إليها تأثيرات هسبانية ولاتينية وتركية وأوروبية.

البدلة المزركشة ذات القطعتين ظهرت قرب العقد الثاني من القرن العشرين، وبعد فترة من عودة الوفود المصرية من الراقصات من زيارات المعارض العالمية في لندن وباريس وشيكاغو، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وهي معارض تحتفي سنويا بالتطورات الصناعية الكبرى، كما بالامتداد الاستعماري في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وحضاراتها. تلك الزيارات لخارج البلاد كانت مربحة ماديا، كما كانت فرصة للاطلاع على العالم الأدائي والاستعراضي، الذي يُقدّم فيه الرقص ذي الطابع الإيروتيكي داخل الكباريهات الغربية. وهناك اصطنعت الراقصات البدلة المستوحاة من الصور عن “الشرق”، ومنها انتقلت لأفلام هوليوود، مستعينات بأشكال من الزخرفة لبيكيني لامع في القسم العلوي، وتنورة منخفضة متدلّية، من حزام من الشاش، تترك البطن مكشوفا، ولها فتحات جانبية.

هنا دخلت لعروض الرقص فكرة الأدائية Performativity، التي تفصل المؤدية عن جمهورها بمسافة مكانية وتخيّلية، تسمح بتصورات موازية عن عروض الرقص، لا تحصرها في المكان الضيق لعروض الخدمات الجنسية. إضافةً لعناصر فنية، تعمل على تخصيص النوع الفني وأدواته، ومن ثم الاستعدادات والمواهب المؤهلة لممارسته، مثل المقطوعات الموسيقية المخصصة للرقص، والملابس التي لا ترتديها المؤدية في حياتها العادية، وتنويع الحركات بما يتطلّب تدريبا خاصا ومهارة لأداء الخطوات المحسوبة، وجسدا رياضيا مرنا، وعلاقة بالزمن الموسيقي والإيقاعات. على خلاف النظرة للخدمات الجنسية، التي تجنح المخيلة الذكورية/الاجتماعية لتصورها مهنة سهلة، يمكن أن تقوم بها جميع النساء، ما يسهّل استباحة الغوازي على النمط التقليدي، واعتبار “رقص البطن” تمهيدا لما بعده من أفعال جنسية، وليس عرضا له توقيت بداية ونهاية، وأدوات لتذوّقه، وتمايزات بين مؤدياته.

فجر الأداء: رقّاصة “الطبقة الوسطى”

خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، مع توسّع المسارح والكازينوهات والصالات التي تقدم الرقص ضمن برنامج متنوع، التقطت الفنانة الشاملة بديعة مصابني هذا العمق للفنون الأدائية، بعد انفصالها عن نجيب الريحاني، واتجاهها لتأسيس صالتها الخاصة، التي أشرفت عبرها على تقديم الرقص ضمن تابلوهات استعراضية متكاملة، موسيقيا وحركيا وإنتاجيا، تأثرا بالميوزيك هول الأوروبية. ساعدتها الخلفية التي اكتسبتها عبر إقامتها بالأرجنتين ومدارسها الإسبانية، واتساع مداركها ومعرفتها باللغات المتعددة، لتجتذب لمشروعها خليطا واسعا من الجنسيات والتخصصات الفنية، من الرقص ومدربيه والموسيقى وملحنيها والتمثيل والتأليف المسرحي، ليتحوّل مشروعها لورشة فنية كبرى، عمّدت المسار الأدائي للرقص البلدي بشكله الجديد، لتتخرّج على يديها كبار الراقصات، اللاتي اكتسبن صفة “الفنانة”، منتقّلات من صالتها للأفلام السينمائية، التي صرن من كبار نجومها، وعلى رأسهن تحية كاريوكا وسامية جمال.

بديعة مصابني

لم تغب تلك المتغيرات عن السوق التحتي للرقص البلدي، في الأفراح والاحتفالات الشعبية، في مقره التاريخي في شارع محمد علي، إذ بدأت فرقه وراقصاته على التوازي في خلق التراتبية و”كود الشرف” الخاص بهن، والذي يرتب على الراقصات، تحت إدارة “الأسطى”، أن تلتزمن بتوقيت عروضهن، وتمتنعن عن الاستجابة لمداخلات وتحرّشات الحضور من الرجال، ليتحوّل سلوك الراقصة لمعبّر عن الفرقة التي تنتمي لها وسمعتها، كما تقع على رجال المجموعة مسؤولية حماية نسائها من التدخلات غير المرغوب فيها. وتتواصل المجموعة في ما بينها عبر لغة عامية مخترعة، عُرفت بـ”سيم العوالم”، الذي يلعب دورا دفاعيا أثناء التواصل في وجود غرباء، وكذلك في خلق شعور بالتضامن بين أفراد الفرقة.

التحوّل لإدراك فكرة الأدائية سمح للراقصات الأكثر شهرة بالتعبير عن حبّهن لمهنتهن واعتزازهن بموهبتهن، والتمييز بين من يعتبروهن موهوبات وصاحبات أسلوب، وبين من اعتبرن “دخيلات” على المهنة بغرض التكسّب منها.

هذه الفكرة ليست عفوية ولا من طبائع الأمور، بل تسير عكس ما تبوح به غالبية الراقصات، خصوصا في الفئات الأقل حظا، حول رغبتهن في “التوبة” عن مهنة الشقاء والمهانة التي تجرّ عليهن تحديات عصيبة، وتجعلهن عرضة للتعديات والعنف والاستباحة المستمرة، والتي تدلّ عليها أعداد المغنيات والراقصات، من الدرجة الثانية، اللاتي يعتزلن مهنتهن فور زواجهن وحسب شروط الزوج، الذي يقدم بديلا عن هذا العناء المتواصل. لكن الأداء في الملاهي الليلية داخل الفنادق الكبرى وخارجها، والظهور السينمائي أو التليفزيوني أحيانا، وتطوّر التنظيم الاقتصادي للمجال، خلق سوقه الخاص، الذي انضمت الأسر لجمهوره، نساءَ ورجالا، حتى بتنا نرى الراقصة ضيفةً مرحّبا بها في أفراح الطبقات المتوسطة المصرية المحافظة حتى نهاية السبعينيات تقريبا، وهذا في حد ذاته نوع من التماهي الطبقي مع الطبقات الميسورة، له دلالة على نظرة أرحب لفنانات الأداء.

“الصحوة” ضد الرقّاصات: انبعاث المخيّلة الحَرفية

استهدفت الصحوة الإسلامية، في انبعاثها السبعيناتي، هذه النظرة للراقصة المؤدية، لتعيدها مجددا لمربع الالتباس بين الراقصة والعاهرة، واستهدفت أماكن تقديم الكحول والرقص، ونجحت في تقليص أعداد الملاهي الليلية بوضوح، بعد اعتداءات متكرّرة عليها، وبعد أن حوّلت العاملين بها، من موسيقيين وراقصات وموظفين ومديرين، لأهل “جاهلية”، يحملون شعورا عميقا بالذنب، ونفورا دفينا تجاه مهنهم. كذلك طال الانكماش شارع محمد علي وفنانيه، حتى اندثرت فرقه وأغلقت مقاهيه، التي استضافت كبار الفنانين في بدايات طريقهم. وأصبح جسد المؤدية هو الجسد المكشوف للمرأة التي “تستعرضه لأغراض مخزية”، دون أي مسافات تخيّلية، تماما كما أصبح زواج الممثلين في الأفلام واقعا وشرعيا، عليهم أن ينهوه بالطلاق الرسمي وإلا صاروا زناة (في الفيلم وفي الحقيقة!).

تغييب الأدائية وفعلها الفني هو المفتاح الرئيسي للمخيّلة الحَرفية التي فرضها الإسلاميون ودعاتهم على الجمهور المضطرب. فالشيخ كشك يسخر من عبد الحليم حافظ، الذي يمسك الهواء بيديه ويتنفّس تحت الماء، فتغيب عن الجمهور تدريجيا مهارات التذوّق، مثل التقاط الاستعارات والانغماس في سياق لغوي وشعوري طويل. ألغى هؤلاء المسافة التي تقوم عليها لعبة الأداء والإيهام، والتي يتواطأ عليها الفنان والجمهور، وتبدأ باختراع سياق ونظام متخيل، تنتظم داخله المعاني والحركات والحوادث الدرامية والإغواء ونظام القيم خيرها وشرها، ثم تنتهي بنهاية الفرجة وطقوسها، داخل قاعة المسرح والسينما، أو في قاعات التسلية وملاهي الرقص. لو فقد الجمهور تصديقه وتواطؤه مع الفنان المؤدي، فقدت اللعبة أحد طرفيها، وأصبحت بلا قواعد تخيّلية، وتنتمي بالكامل لعالم “الحقيقة”، الذي تختلط فيه الشخصية الدرامية بشخصية الممثلة والمغنية، ويُنظر لجسد الراقصة المثير المتحرّك بوصفه بضاعة مكشوفة ومستباحة، عبر نظرة قاض أو داعية، فقد موقعه بين الجمهور في الصالة، واستراح على منصة التحكيم. 

كذلك أصبحت جماليات الرقص البلدي، التي استثمرت الراقصات ومدربيهن في بناء تفاصيلها، أصعب على الإدراك، إذ تتسع المسافة كثيرا بين الراقصة وجمهور النساء اللاتي يُنظر لأجسادهن وأصواتهن كعورة مشينة متحرّكة. ففُرضت على بدلة الرقص المكشوفة تعديلات كثيرة، أهمها أن تلبس الراقصة “مايوه” يغطي ما ينكشف من جسمها، وهو ما اعتبرته سامية جمال دعوة لأن تدخل إلى المهنة راقصات لا يحبن هذا الفن، وتنظرن إليه فقط طريقا للكسب: “أنا بارجو من اللي اخترع المايوه، علشان يغطي أو علشان دا عيب، لأ أبدا، أرجوه اللي اخترعها يشيلها، أول ما هيقول بدل الرقص رجعت زي ما كانت، تأكد إن كل واحدة تيجي ترقص من الجداد، هتفكر ميت مرة قبلها”.

سامية جمال

في سبيل استعادة التمييز بين الراقصة الفنانة وغيرها من الدخيلات، تذهب سامية جمال لما رأته فاصلا بين حب المهنة والاسترزاق منها، وتقترح تحية كاريوكا أن يُدرّس الرقص البلدي في معهد الباليه.

الفضائي والافتراضي: هل ما يزال يمكن تخويف النساء من الرقص؟

في بداية الألفية الثالثة، سمح ظهور القنوات الفضائية المتخصصة في إذاعة الفيديو كليب باستعادة الأدائية الراقصة بعد انقطاع، على يد فنانات مثل نانسي عجرم وهيفاء وهبي وروبي وغيرهن. عبر منصات متلفزة توفّر المسافة المطلوبة بين المؤدية وجمهورها، وتبث الأغاني بوصفها عرضا بصريا مؤقتا.

ابتعدت فنانات الفضائيات تلقائيا عن يد السيطرة المباشرة، التي قبضت على سوق العروض الحية للراقصات، وابتكرن قالبا تقدّم فيه المغنية الاستعراض الراقص، مضافا إليه خط درامي مستوحى في معظم الأحيان من موتيفات بصرية، ظهرت في الأفلام السينمائية القديمة، مثل صورة بنت الحارة الشعبية أو لاعبة السيرك أو نموذج الإغراء على غرار هند رستم.

منح الانتشار الواسع للفضائيات والنجاح الكبير لتلك الأغنيات المصوّرة مساحة واسعة لتلك الفنانات، وجعلهن غير عابئات بالدفاع عن أنفسهن طويلا أمام هجوم جهات المنع والتحريم، مثل نقابات الموسيقيين في مصر وسوريا، أو الجهات الدينية في البحرين. كما ظهر الرقص البلدي على الشاشات بشكل متكرر إلى جانب المطربين في عدد من الأغاني المصورة.

ولكن الأمر لم يتوقف عند القنوات الفضائية، إذ وفّرت منصات التواصل الاجتماعي فيما بعد ما يتجاوز أدائية الفنان المحترف، نحو أدائية المؤثّرين المنتجين للترند، وأشكال العرض المتنافسة، ومنها الرقص البلدي النسائي، الذي تقدمه نساء غير محترفات، والذي راجت فيديوهاته على منصات تيك توك وانستغرام وفيسبوك لتلاقي معجبيها بالآلاف.

ربما تعتبر الهجمات الإلكترونية والرسمية على من عرفن بـ”فتيات التيك توك” أحدث ردود الفعل التي يتبنّاها الخائفون من الجسد النسائي الراقص، أو الجسد النسائي المتحرّك، أو الجسد النسائي الذي يحضر دون خوف في أشكال التواصل الاجتماعي، من صالة البيت والمطبخ وأي مكان آخر. وقد نجحت تلك الهجمات بالفعل في تخويف كثير من صاحبات الحسابات، التي تقدّم محتوى راقصا على المنصة، لدرجة اضطرارهن لحجب حساباتهن الشخصية خوفا من الملاحقة.

تبدو تلك الحملات محاولات يائسة لاستعادة زمن كان يمكن فيه إقناع غالبية النساء بأنه لا مسافة بين الإثارة والعهر، وبين فنون الأداء والتلويح بالجنس؛ وكذلك بالنفور من أجسادهن ومواراتها في كل تواصل. محاولة تحتاج لكثير من السذاجة لتبنيها في عالم نكاد نتحول فيه جميعا لمؤدين على مسرح شبكات التواصل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.