اتفاق سوتشي يحرم “هيئة تحرير الشام” من أهم مواردها المالية

اتفاق سوتشي يحرم “هيئة تحرير الشام” من أهم مواردها المالية

حسام صالح

منذ أن تم الإعلان عن “اتفاق إدلب” أو “اتفاق سوتشي” في 17 من الشهر الماضي الذي جمع بين الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) والرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، لتجنيب شمال سوريا عملية عسكرية، واتفاقهما على خارطة طريق لإخلاء #إدلب من “هيئة تحرير الشام” وإقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كم بين النظام والمعارضة ابتداءً من 15 تشرين الأول القادم، ولايزال محور الحديث يدور حول وجود #تحرير_الشام في المنطقة، وكيف ستستطيع الهيئة الاستمرار على هذا النحو، وبقاء مصادر تمويلها بعد حزمة الإجراءات التي اتخذتها #تركيا تجاه الهيئة، إضافة إلى بنود الاتفاق التي أشارت إلى تجفيف مصادر تمويلها.

تمويل من المعابر والطرق

مع تبلور اتفاق إدلب لتجنيبها العمل العسكري، سعت تركيا لحرمان هيئة تحرير الشام من أهم مواردها المالية، بعد أن أضافتها مؤخراً على قوائمها (كمنظمة إرهابية) بالاتفاق مع الجانب الروسي، فكان ضمن بنود الاتفاق أنه “ستجري استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب – اللاذقية) وإم 5 (حلب – حماة) بحلول نهاية عام 2018”.

هذا البند يدل على أن تركيا تحاول تجفيف منابع تمويل هيئة تحرير الشام، والتي تعتمد بشكل كبير على هذه الطرق من خلال الرسوم التي تفرض على البضائع والسيارات والمنظمات التي تمر منها، سواء كانت من تركيا إلى مناطق المعارضة، أو تلك التي تذهب إلى مناطق النظام ومناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية “قسد”.

وللدلالة على حجم الأموال التي تدر على الهيئة من خلال الطرق والمعابر، كان لموقع الحل دراسة مفصلة عن هذا الموضوع، حيث تبيّن أن معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه الهيئة يدر عليها شهرياً حوالي 4 مليون #دولار، والمعابر غير الشرعية المخصصة للتهريب سواء كانت بضائع أو بشر بمبلغ شهري يصل لـ350 ألف دولار، إضافة إلى مكتب تنظيم الدور المخصص لتنظيم عمل شاحنات وبضائع الإغاثة بحوالي 75 ألف دولار شهرياً، ومعبر مورك الاستراتيجي الذي يفرض رسوماً على #السيارات بمعدل 100 دولار لكل سيارة.

حكومة الإنقاذ لجني الأموال

ومنذ أن تشكلت “حكومة الإنقاذ” بمدينة إدلب في تشرين الثاني 2017، تم اتهامها بأنها الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام في المناطق التي تسيطر عليها، وكانت كل المعطيات تشير إلى ذلك، فطالبت المجالس #المحلية بالرجوع إليها بالتنسيق مع المنظمات الإغاثية والإنسانية لاقتطاع جزء من دعمها، وتدخلها في إدارة والدعم المقدم للمخيمات.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، إذ أنشأت “حكومة الإنقاذ” مؤسسة لاستيراد المحروقات (وتد)، حيث كانت تتحكم في سوق المحروقات بالمناطق التي تسيطر عليها.

وتحدث مصدر لموقع “الحل” من مدينة أطمة الحدودية، عن قيام إدارة شؤون المهجرين التابعة لحكومة الإنقاذ بالاستيلاء على تجمع “عطاء” السكني الثاني في بلدة أطمة، وخلع أبواب المنازل حيث أسكنت الحكومة عائلات موالية للهيئة من بينهم عناصر مع عائلاتهم قدموا من #درعا والقنيطرة بعد اتفاق التهجير الأخير.

وتستمر “حكومة الإنقاذ” بحسب المصدر بجني #الأموال بكل الطرق المتاحة، حيث بدأت قبل أيام بتسجيل وإصدار تراخيص للسيارات والمركبات التابعة للمنظمات الإنسانية والإغاثية والطبية، مهددة المتخلفين عن تطبيق القرار بحجز مركباتهم وفرض عقوبات مالية عليهم، على أن تشمل الخطوة الثانية السيارات العامة والخاصة على حد سواء، حيث تتراوح الرسوم التي تفرضها “الانقاذ” لتسجيل وترخيص السيارات ما بين 75-150 دولاراً، وتختلف تبعاً لتاريخ صنع المركبة، كما تختلف الرسوم بحسب مقاسات السيارة.

استنزاف للموارد

تتبع هيئة تحرير الشام في إدارة القسم المالي طريقة “الاقتصاد الذاتي” أو “المركزي”، وتتركز الأموال في يد عدد من القيادات والأمراء بمختلف المراتب، حيث كشفت العديد من الدراسات أن واردات الهيئة الشهرية لا تقل عن 30 مليون دولار.

واستفادت تحرير الشام من انخفاض العمليات العسكرية بالمناطق التي تسيطر عليها، مع اتساع نفوذها وابتلاعها العديد من الفصائل والسيطرة على مقراتها وأسلحتها، وبذلك ضمنت مورد مالي مستقر، وأظهرت للرأي العام أنها تعمل على مشروع مدني يقدم خدمات شبيهة بالدولة، وبالتالي توفير التمويل اللازم لبقائها، بعيداً عن التمويل الخارجي، وهو ما تلعب عليه الهيئة مؤخراً في رفضها “اتفاق إدلب”.

ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن (نيكولاس هيراس) إن نفوذ الهيئة ذاتها “يعود بشكل كبير إلى كونها تسيطر على الحركة #التجارية من وإلى إدلب، التي تساهم في تمويلها وتمنحها سلطة أكبر من حجمها”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.