“ابتداع” المراقد وشركات الحراسة الأمنية.. أبرز وسائل إيران لجذب آلاف الزوار لسوريا

“ابتداع” المراقد وشركات الحراسة الأمنية.. أبرز وسائل إيران لجذب آلاف الزوار لسوريا

حسام صالح

لم تكن ظاهرة توجه الزوار الإيرانيين إلى سوريا بالجديدة على المجتمع السوري، كنوع من السياحة الدينية، طالما كانت تأخذ من ناحية تنشيط الوضع الاقتصادي ومرتبطة بفترات معينة من السنة، وبأماكن معروفة ومحددة، كانت غالباً في العاصمة دمشق “السيدة رقية” أو ريفها “السيدة زينب”، لكن هذه الصورة تغيرت تدريجياً بعد العام 2011، وأعطت هذه المراقد ذريعة للتدخل في سوريا بحجة “حمايتها”، قابله حملة توسع غير مسبوقة في تشييد وترميم أو حتى “ابتداع” لمراقد لم تكن موجودة في الأصل، في عدد من المناطق والمحافظات السورية، والتي بدأت تشكل نواة التدخل والتمدد الإيراني في سوريا.

اليوم من الطبيعي أن تشاهد “لطميات” و “أناشيد” ذات طابع طائفي و رايات وأعلام في قلب العاصمة دمشق، ودير الزور وحمص وحلب وحتى حماة، وحملات بناء وتشييد لـ”مراقد جديدة”، التي باتت تندرج جميعها تحت مسمى “السياحة الدينية”، والتي لا يمانع النظام بوجودها، في حين يرى مراقبون أن “الرحلات الدينية” من إيران إلى سوريا هي نوع من “الربط العقائدي” للزوار الإيرانيين تجاه سوريا، تحقق من خلالها عدة مكاسب سواء كانت عسكرية للتحشيد دفاعاً عن تلك المقدسات، وسياسياً تبرير التدخل الإيراني، وديموغرافياً محاولة تغيير في طبيعة المكونات السورية، وهو مايجري بصورة واضحة خصوصاً في محافظة “دير الزور”.

أعداد متزايدة
في آخر إحصائية لها، قدرت وزارة السياحة أعداد الزوار إلى سوريا بهدف السياحة الدينية منذ بداية العام الحالي حوالي 125 ألف زائر، متوقعة ان يصل العدد في العام المقبل إلى المليون، كما لفتت إلى “وجود مناسبات دينية قادمة ستزيد نسبة القدوم”، حيث لم تحدد طبيعة تلك المناسبات، إضافة إلى نية إيران استئناف الرحلات البرية إلى سوريا بعد توقفها لأعوام نتيجة الأوضاع الأمنية، مما يزيد هذه الأعداد أضعافاً، مقابل قيام حكومة النظام بخطة لإعادة تأهيل وتوسيع الفنادق المحيطة بتلك المزارات لاستيعاب أكبر عدد منهم.
إيران بدورها، لم تترك المقامات على حالها، فقامت بترميم المراقد والمآذن والواجهات والأبواب وغيروا حجارة الجدران وطلاءها، ويهتم الإيرانيون بتذهيب قباب المقامات بتكلفة مرتفعة للغاية، ووصل الأمر إلى تذهيب الحيطان والأبواب والمداخل، لإعطاء الإنطباع لدى الزوار بأهميتها وقدمها.

في حديثنا مع صاحب أحد المحلات القريبة من مقام “السيدة رقية” في منطقة دمشق القديمة عن طبيعة الزوار الإيرانيين إليها أكد أن “تأتي الرحلات غالباً من مطار دمشق الدولي، ومن ثم يوضعون في باصات تنقلهم إلى الفنادق القريبة من المنطقة، ثم يدخلون على شكل مجموعات قرب الحاجز الحديدي قرب تمثال صلاح الدين وصولاً للمسجد الأموي، ومقام يحيى ومن ثم مقام السيدة رقية ومقبرة آل البيت في منطقة (باب الصغير)، ومنها يتم الانطلاق إلى باقي المناطق القريبة من العاصمة دمشق، داريا والسيدة زينب”.
وأضاف المصدر أن “الإيرانيون نجحوا بشراء عقارات المنطقة بمبالغ كبيرة، وأصبحت في ملكيتها الآن المناطق المحيطة بالمسجد الأموي، والقيمرية، ومقابل مقام السيدة رقية، وفي حيي باب توما وباب شرقي، و تملك أيضًا السفارة الإيرانية فنادق ساحة المرجة وسط دمشق، (كالدة والإيوان وآسيا ودمشق الدولي وفينيسيا والبتراء)، وهي الآن بصدد تنفيذ مخطط لشراء محلات سوق العصرونية”.

استحداث المزارات والمراقد
اتبعت إيران سياسة استحداث عشرات المزارات والمقامات الأخرى بعد تحويل المساجد والمزارات الصغيرة إلى مراكز دعوية ضخمة، حيث عكف الإيرانيون على التنقيب في المقابر والأماكن القديمة عن قبور تخص الطائفة الشيعية، وفي حال وجد هذا الضريح يتم تبنيه من قبل طهران وقم، وترصد له ميزانية خاصة لإعماره كي يصبح مزارًا دينيًا.
ولايتوقف الأمر على ذلك، فيقول الكاتب والصحفي السوري أحمد موفق زيدان أن “بعد إنشاء المرقد أو المزار، تكون هناك عدة مهام منها متابعة شراء الأراضي المحيطة به، ليتم إنشاء (حسينية) على القبر، وإقامة مؤسسات ولجان خدمية حوله”.
أما عن أبرز الحسينيات الجديدة ، فقد أنشأت إيران حسينية في ريف دير الزور الشرقي في بادية (القورية)، مستغلة وجود نبع ماء يسمى «عين علي» لتصوير المكان على أنه أثر شيعي مقدس، وخلال في هذا الشهر نيسان 2018، افتتح مدير أوقاف النظام السوري في مدينة حمص حسينية لأتباع المذهب الشيعي في حي البياضة، أشهر أحياء “الثورة السورية”.

شركات أمنية للحراسة
في حديثنا عن المظاهر المرافقة للزوار القادمين من إيران والعراق، انتشرت أغاني “اللطميات” ذات التحريض المذهبي والطائفي بشكل كبير خلال الفترة الماضية، بل تعداها الأمر لأن بدأت تنتشر في الحفلات والمطاعم بدمشق القديمة، وتم تسريب مقطع فيديو في شهر نيسان من العام الجاري في أحد مطاعم العاصمة لأغنية تحمل عنوان “يازينب لبيك”، في حين أصبحت المناطق المحاذية للمراقد أماكن لتجمع “مواكب اللطم”، يتم فيها ترديد عبارات طائفية.
وتحدث مصدر، يعمل في شركة سياحية داخل العاصمة دمشق، عن ملاحظته وجود “شركات أمنية سياحية” وذلك لحماية زوار المقامات، وهم عبارة عن عناصر يرتدون زي عسكري ويحملون أسلحة، وبحوزتهم سيارات صغيرة للتنقل”، مضيفاً أن “هذه الشركات الأمنية، يتواجدون بشكل دائم، ويتعاونون مع العناصر المسلحة المتواجدة في المنطقة، والذين تم تجنيدهم لهذا الغرض”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.